54 - مقابلة ملك مملكة السيوف التسعة

" في مملكةٍ بعيدةٍ و مسالمة ، كان هناك قصرٌ كبيرٌ و شاهق ، كان هذا القصر مملوك لملك هذه المملكة "

" في هذا اليوم ، كان الملكُ جالساً على عرشه بينما يستمع إلى عالمٍ يتحدث معه ، كانا يتناقشان في أمور الدولة المهمة "

" عندها دخل على الملك بضعة جنود بينما يحملون بين أيديهم رجلاً بائس المنظر ، كان ذو لحيةٍ طويلة و شعرٍ منفوش ، و حتى ملابسه كانت ممزقةً و بالية "

" عندها تحدث أحد الحراس "

– سيدي الملك! ، هذا المجنون كان يعيش بين الناس لفترةٍ طويلة ، و كان الناس منزعجين منه و من جنونه لذلك طالبوا بأعدامه ، يرجى إعطاء حكمك

" فأجابه الملك بلا مبالاة "

– أنتظر حتى انهي نقاشي مع العالم ، الآن ، أكمل ما كنت تقوله أيها العالم

" فرد عليه العالم بصوتٍ واثقٍ و صائب "

– كما كنت أقول يا سيدي ، إذا كنا لا نستطيع رؤية شيءٍ و لا نستطيع لمسه ، فهو غير موجود ، مثل الكلام الذي في التاريخ و الأساطير عن وجود آله ، نحن لم نره أو نلمسه ، لذلك هو غير موجود

" عند إنتهاء العالم من حديثه ، تحرك الرجل المجنون الذي ظل ساكناً طوال الوقت و خلع نعله بسرعةٍ و رماه على العالم ليصيبه في عينه "

– آآآآه!!

" تفاجئ العالم بهذا و تألم بشدة ، في النهاية هو مجرد بشري و ركز كل وقته على الدراسة و العلم ، لذلك كان هذا النعل الذي أصاب عينه مؤلماً جداً "

" أستشاط الملك غضباً و أستدار نحو المجنون و صرخ "

– مالذي تفعله أيها المجنون! هل تريد أن يتم أعدامك بسرعة؟!

" لم يخف المجنون أو يتوتر ، لقد ظل تعبيره غير مبالي بينما تحدث "

– كان هذا العالمُ مخطئاً في كلامه ، لذلك رميت نعلي عليه

" تفاجئ الملك من كلام المجنون ، ثم أجابه بصوتٍ مشكوك "

– هل تقول انت الشخص المجنون ، أن هذا العالم الفاهم و الذي ثقف نفسه ، مخطئ؟ ، ما دليلك؟

" أجابه المجنون بنفس الهدوء "

– سأثبت خطئه إذا سمحت لي بمناقشته يا سيدي الملك

" فأجابه الملك بينما أشار للحراس لتركه "

– حسناً ، أسمح لك بمناقشة العالم

" كان هناك بعض الحراس الذين ساعدوا العالم في النهوض و لفوا عينه المصابة ببعض الضمادات ، ثم سمحوا له بالوقوف مواجهاً للمجنون ، عندها تقدم المجنون خطوةً إلى الأمام و سأل "

– أيها العالم ، هل تألمك هذه الضربة؟

" فأجابه العالم بشراسة "

– بالطبع تألمني! ألا ترى عيني الملفوفة بالضماد!

" و رد عليه المجنون "

– إذاً ، أرني الألم

" فأجابه العالم بغضبٍ أكبر بينما يشير إلى عينه "

– أن الألم في عيني هنا!

" لكن رد المجنون التالي جعل غضب العالم يصل لمستوى جديد "

– لا ، أنا أقصد أرني شعور الألم

" ألتفت العالم إلى الملك بوجهٍ بائس و تحدث كما لو تم ظلمه "

– و كيف يُرى شعور الألم يا سيدي ، من الواضح ان جنون هذا الرجل قد سيطر عليه!

" لكن المجنون تجاهله و أستمر في سؤاله "

– إذاً ، أعطني شعور الألم لكي ألمسه

" شعر العالم بمزيدٍ من الظلم و أخذ يشكو للملك "

– و كيف يمكن لمس شعور الألم يا سيدي! لقد ضاقت بي الحال لأطلب منك أعدامه يا سيدي!

" لكن الملك حافظ على صمته و نظر نحو المجنون بصبر ، لم يتأخر المجنون و تحدث بنفس النبرة الهادئة التي بدأ بها "

– حسب كلامك أيها العالم ، إذا كنا لا نرى الشيء و لا نلمسه ، إذاً هو غير موجود ، هذا يعني أن شعور الألم غير موجود ، هذا إذا أفترضنا أن كلامك صحيح

" توقف العالم عن التوسل للملك و صدم في مكانه ، لم يكن الملك أفضل حالاً ، حيث كانت عيناه التان توسعتا توضح مقدار تفاجئه في هذه اللحظة ، أكمل المجنون رغم هذا و تحدث "

– هل رأيت؟ كلامك غير صحيح لأن شعور الألم موجود ، إذا كنا لا نستطيع رؤية الشيء أو لمسه ، هذا لا يعني أنه غير موجود

" كان العالم مصدوماً و لم يعرف كيف يدافع عن نفسه ، مهما فكر و فكر ، سيجد أن منطق المجنون صحيحٌ و حقيقي ، بالنسبة للملك فقد توقف عن الأهتمام بالعالم و تحدث مع المجنون بأستغراب "

– لقد أستطعت أن تناقش هذا العالم المثقف و حتى أنك أوضحت أنه كان مخطئاً و انك كنت المحق ، كيف يمكن لشخصٍ مثلك أن تناديه الناس بالمجنون؟

" عندما سمع المجنون سؤال الملك ، تشكلت إبتسامةٌ خفيفةٌ على وجهه و أجابه بهدوء "

– سيدي الملك ، ناداني الناس بالمجنون لأنني كنت مختلفاً عنهم فقط ، لقد كانت رؤيتي و كلامي شيئاً لا يفهموه ، لذلك أعطوا لقب المجنون لي ، دعني أخبرك شيئاً مؤسفاً في هذه الحياة يا جلالة الملك ، إذا كنت مختلفاً عن بقية الناس لكن بلا خلفية ستلقب بالمجنون ، لكن عندما تكون مختلفاً عن بقية الناس و تمتلك خلفيةً قوية...

– ستلقب بالعبقري

" و ماذا بعدها؟ ماذا حصل للمجنون؟ "

سألت شيمون بعيونٍ لامعة ، كانت القصة تجذبها جداً و كانت متشوقةً لمعرفة ماذا سيحصل للمجنون ، لكن بردارك صمت و لم يكمل ، ثم وقف و نظر لشيمون بحزم

" حان وقت التدريب الآن ، أنتهت الأستراحة ، تحتاجين إلى المزيد من التدريب "

" آآآه! ، هذا غير عادل ، أريد معرفة نهاية القصة! "

" سأخبركِ بها لاحقاً ، الآن عودي للتدريب "

أصدرت شيمون أصوات الأستياء بينما كانت تقف و تتجه لداخل الغابة ، يبدو أن تدريبها كان هناك ، بالنسبة لبردارك ، كان يقف و يحدق في البحيرة الساكنة التي أمامه ، بينما يفكر في نفسه

' كان مصير الرجل المجنون هو الموت ، مات إعداماً لأنه رفض أن يركع للملك و يخدمه ، لم يهتم سواء كان الملك سيعدمه ام لا ، لم يكن يهتم حتى بهذه الحياة ، لأن قلبه كان ميتاً بالفعل منذ زمنٍ طويل '

' في آخر لحظات حياته ، قبل أن يتم إعدامه ، تحدث بمقولةٍ توضح كم كانت روحه ميتة ، لقد قال... '

' لم يقتلني الملك ، كل ما فعله هو فصل رأسي عن جسدي الفارغ '

' الناس هي من قتلتني عندما قطعت أحلامي و طموحاتي ، و بقي جسدي يحوم بلا هدفٍ أو إتجاه في هذه الحياة '

تنهد بردارك عندما فكر في تكملة قصة المجنون ، بعد أن لقبه الناس بهذا اللقب ، رفض الجميع توضيفه للعمل أو الشراء منه أو حتى التعامل معه ، لقد نبذ بالكامل ، لم يستطع تحقيق أحلامه أو أهدافه ، هو لم يستطع حتى أكل الطعام كل يوم بسبب عدم إمتلاكه للمال لأن لا أحد يوضفه!

' توجد الكثير من المعاني و العبر في هذه القصة ، كل شخصٍ يسمع القصة لأول مرة سيفهم معنى مختلف عن الشخص الآخر ، و عندما يسمعها مجدداً ، سيفهم معنى مختلف عن السابق '

عندما تذكر بردارك هذه القصة ، تذكر معها ذكرياته عن موطنه ، أظهرت عيناه الكثير من الذكريات التي تمر خلال عقله ، في النهاية تنهد و إتجه للجبل القريب ليكمل تدريبه

...

مرت الأيام بسرعةٍ و مر بالفعل شهرٌ منذ أنطلاق الجيش الذي سيعود للعاصمة ، بالطبع كان شين نو معهم ، كانوا الآن أمام بوابة العاصمة الضخمة ، لقد وصلوا للعاصمة لتوهم

دخل الجيش من البوابة مباشرةً و ساروا في وسط الطريق المؤدي للمنطقة العسكرية ، كان الطريق واسعاً و مرصوفاً بالحجارة الرمادية مع إنتشار الزغرفة عليه

كانت المتاجر و الأسواق منتشرةً على جانبي الطريق ، بالطبع لم تكن متاجر رخيصةً و عشوائية ، في العاصمة ستجد أفضل الأشياء ، كان عدد المشاة على الطريق ضخماً ، لكنهم أفسحوا الطريق للجيش بهدوء

سار الجيش عبر طرق العاصمة و بعد السير لساعةٍ واحدة ، وصلوا أخيراً للمنطقة العسكرية ، سيتم حساب إنجازات الجنود و إرسالها لهم في المخيم

أقترب القادة الأعلى من شين نو و آزار و هولزين و أخبروهم بأن يتبعوهم إلى القصر الملكي ، تبعهم الثلاثة دون أعتراض ، ترك شين نو بلود مع الفرقة الرابعة

بعد السير لبعض الوقت ، وصلوا أمام درجٍ يؤدي إلى قصرٍ أبيض و ذهبي ، كان القصر عملاقاً و كانت تماثيل النمور منتشرةً في كل بضعة أمتار ، كان الدرج يؤدي لساحةٍ أمام القصر

كانت الساحة تحتوي على نافورةٍ على شكل أسدٍ فخورٍ و ذهبي ، بالطبع لا حاجة لذكر أن المنطقة بأكملها كانت مشبعةً بالزو

دخل القادة الأعلى للقصر و كان آزار و شين نو و هولزين يتبعونهم ، ساروا في ممرات القصر الضخمة و وصلوا لبابٍ ذهبيٍ ضخم ، دفع القادة الأعلى الباب لينفتح و يظهر منظر غرفة عرشٍ بيضاء و ذهبية ، كان العرش نفسه من الذهب ، على العرش ، كان هناك رجلٌ عجوزٌ طويل اللحية و التجاعيد تملئ وجهه ، و كانت لحيته ناصعة البياض

أنحنى القادة الأعلى الثلاثة و ركعوا بسرعة بينما تحدثوا

" نحيي الملك العظيم! "

لم يتأخر شين نو و آزار و هولزين و ركعوا أيضاً بينما يقولون

" نحيي الملك العظيم! "

2021/07/31 · 758 مشاهدة · 1436 كلمة
Szx
نادي الروايات - 2024