53 - قصة العالم و الملك مع المجنون

كانت القلعة غارقةً في ظلام الليل بينما تنتشر مشاعل الزو لتضيء أروقتها المظلمة ، كان هناك بعض الجنود يحرسون ، و البعض الآخر نائمون و هناك من كانوا يتدربون

في غرفةٍ متوسطة الحجم و مضاءةٍ بنور المصباح الخفيف ، كان شين نو مستلقياً على سريره بينما يحدق في السقف ، على الجهة الأخرى من الغرفة كان آزار و هولزين جالسين بينما يتدربان و يمتصان الزو من أحجار الزو

كانت نظرة شين نو مثبتةً على السقف لكن عقله كان مركزاً في مكانٍ آخر

' لقد شككت بالأمر لبعض الوقت ، لكنني متأكدٌ من أن هناك خائناً في العاصمة ، و يبدو أنه شخصيةٌ مؤثرة و قوية... '

' في البداية ، كيف أستطاع الأعداء معرفة أن القائدان الأعلى قد ذهبا إلى العاصمة في أجتماعٍ طارئ؟ ، لا يوجد شيء يسمى بالصدفة ، خاصةً في الحرب ، لذلك هذا يعني أنهم كانوا يعرفون ان القائدان الأعلى و معظم جنودهم قد عادوا للعاصمة ، و هم قد أستغلوا هذه الأيام القليلة لغزو القلعة '

' و أيضاً ، بالنسبة لمعركة اليوم ، كان جانب العدو متكافئاً بالضبط لعدد جيشنا ، و بسبب أنهم يدافعون كان يفترض ان نخسر لولا تدخلي ، إذاً هل ستقول لي أنهم قد أعدوا جيشاً بنفس عدد جيشنا بالضبط ، بالصدفة؟ '

' هراء '

' و معلوماتٌ كأجتماعٍ طارئ لقادةٍ أعلى و عدد التعزيزات التي سيتم أرسالها للحرب لا يمكن الوصول لها بسهولة ، أنها تعتبر معلوماتٍ حساسة لأن لها تأثيراً كبيراً في الحرب ، لذلك الشخص الذي سرب هذه المعلومات يجب ان يكون شخصاً مهماً في العاصمة... '

' أفترض أن القادة الأعلى قد فكروا في هذا الآن ، لكن لن أتفاجئ إذا كان هناك بعض الخونة بينهم أيضاً '

' سنعود للعاصمة بعد شهر أو أكثر عندما تصل القوات التي ستأخذ مكاننا ، يجب أن أخترق لسيد الزو المستوى الرابع قبل أن أصل للعاصمة '

تنهد شين نو عند وصول أفكاره هنا ، رغم انه يملك التأمل الذي يجعل سرعة زراعته صاروخية ، إلا أنه يعلم أنه لم يخترق إلى الآن لأن موهبة هذا الجسد ضعيفة ، أنه يعتمد في أختراقه على التأمل كثيراً

' يجب أن أزيد موهبة هذا الجسد في المستقبل ، لأنه سيكون عائقاً لي في المستقبل حتى مع وجود التأمل... '

بينما كان شين نو يفكر ، شعر فجأة بأضطرابٍ في حركة الزو في الجو ، ألتفت لزاويةٍ في الغرفة ، بالتحديد نحو المكان الذي كان فيه هولزين يتدرب ، كان جسده حالياً يرسل تقلباتٍ قوية و شرسة

لقد أخترق لسيد الزو المستوى السابع

" هاهاهاهاها!!!! "

بعد أن عدل هولزين حالته ، وقف و بدأ بالضحك بأعلى صوته ، لم يستغرب شين نو من ذلك فوصوله لسيد الزو المستوى السابع يضعه ضمن قمة هذا المستوى ، أنها قفزةٌ نوعية في القوة ، لكن شين نو تفاجئ بموهبة هولزين في الزراعة ، كان في عمر ال19 عاماً ، صحيح أنه يقترب من العشرين ، لكنه ما زال لم يصل له

و كونه سيد زو في القمة قبل العشرين تعتبر بالفعل عبقرية

أستيقظ آزار القريب من تدريبه عندما سمع ضحك هولزين الهستيري ، ثم بعد شعوره بالتقلبات التي في الهواء صدم ، لقد فهم أن هولزين قد أخترق

" هاهاها!! ، هذه المناسبة تستدعي أحتفالاً! ، هيا أيها الصغيران ، أتبعا هذا السيد العبقري و لنأكل و نشرب حتى الصباح!! "

" اللعنة هولزين! ، سيفجر رأسك السقف!! " ( بمعنى أنه مغرورٌ و متفاخرٌ جداً )

لعن آزار بينما وقف و أبعد نفسه عن هذا المجنون ، لكنه ما زال يخرج و يتوجه نحو قاعة الطعام للأحتفال ، و بالنسبة لشين نو ، فقد أخبرهم أنه ليس في مزاجٍ للطعام

لم يهتم هولزين و ذهب مع آزار لقاعة الطعام بينما يتردد صدى ضحكه في الممرات

وجدوا بالصدفة دانا هناك في قاعة الطعام و رغم أن آزار و هولزين قد قالا أنهما لا يريدانها أن تزعجهما ، إلا أنها ما زالت تشارك بالحفل معهما

رغم أنه كان وقتاً متأخراً من الليل ، إلا أن هناك بعض الجنود في قاعة الطعام يتناولون طعامهم ، بعد أن رأوا الضحك و الصخب من مجموعة هولزين قرروا الأنضمام لهم ، في النهاية تناول الطعام وحيداً ليس أمراً ممتعاً مثل تناوله مع الآخرين

هكذا شيئاً فشيئاً بدأ عدد الأشخاص الذين يشربون و يضحكون يزداد ، إلى أن وصل الأمر لتصبح حفلةً حتى الصباح...

هكذا مرت الأيام في القلعة ، كان الجميع يعلم أن المملكة سترسل جيشاً ليحل محلهم هنا في القلعة بعد شهرٍ تقريباً ، لذلك لم يملك الكثير من الأشخاص شيئاً غير أنتظار ذلك اليوم

بالطبع كان هناك بعض الأشخاص الذين أستغلوا كل ثانيةٍ من وقتهم للتدريب ، مثل آزار و شين نو و بعض القادة

...

كان شين نو حالياً يقف في ساحة القلعة و يحدق في بضعة شخصياتٍ تتحرك أمامه ، كان آزار حالياً يقاتل بلود ، أو من الأفضل القول أن آزار كان يدرب بلود على القتال ، كان هذا الأمر بطلبٍ من بلود نفسه ، قال أنه يريد القتال مع آزار بأستعمال السيوف و لقد مر بالفعل شهرٌ منذ بدأ القتال معه كل يوم

لقد أخترق بلود بالفعل للمستوى الخامس من تحضير الجسد ، لقد كان يدرب نفسه بكامل القوته ، في المعركة الأخيرة ، لم يستطع فعل شيء بسبب ضعفه و في النهاية أنتهى به الأمر بأن تتم حمايته في وسط فرقة شين نو ، لقد كره أن يكون عبئاً ، لذلك أصبح يدرب نفسه بأقصى قوته كل يوم

" تسسسك! "

" تسسسك! "

...

كانت أصوات تلاحم سيوفهما واضحة ، رغم ذلك من الواضح ان آزار كان يدافع فقط و كان يتساهل مع بلود ، في الجهة الأخرى كان بلود منقوعاً بالعرق ، كان يلهث بأستمرارٍ و يداه التان تحملان السيف ترتجفان بشدة ، لقد وصل لحدوده

فهم آزار هذا و تقدم خطوةً واحدة للأمام و دفعه على الأرض بخفة ، لم يستطع بلود بذل أي قوةٍ للمقاومة و سقط على الأرض يلهث من أجل الهواء

" لقد تحسنت قليلاً ، أستمر بالعمل الجاد و ستصبح أقوى "

وضع آزار سيفه في غمده و تحدث بلا مبالاة ، بالنسبة لبلود ، لم يملك القوة الكافية حتى للرد عليه

كان شين نو يشاهد القتال منذ بدايته إلى الآن ، لم يتحرك حتى ليرى حال بلود و وقف ليغادر المكان ، لكنه سمع صوت آزار خلفه

" شين نو ، لابد انك قد أخترقت لسيد الزو المستوى الرابع الآن ، أليس كذلك؟ "

توقف شين نو و أستدار نحو آزار و أجابه

" هذا صحيح ، أستطعت الوصول للمستوى الرابع قبل بضعة أيام ، كنت متأخراً عنك انت و هولزين ، فكلاكما قد اخترق قبلي ، و الآن انت بالفعل في المستوى السادس من سيد الزو "

" ما رأيك؟ ، هل نتقاتل قليلاً؟ "

إبتسم آزار و نظر في عيني شين نو بتحدي ، في الجهة الأخرى كان شين نو ينظر أيضاً في عينيه ، إبتسم شين نو أيضاً و تحدث

" هوه؟ حسناً لم لا؟ ، ليس لدي شيءٌ أفعله حالياً "

بمجرد ان أنتهى شين نو من حديثه ، تم سماع صوت صراخ الجنود من الأعلى

" الجيش من العاصمة قد وصل!! "

بعد سماع صراخ الجنود ، ترك كل الأشخاص في القلعة ما يفعلونه و خرجوا إلى خارج القلعة لأستقبال الجيش ، تنهد آزار بسخرية و تحدث

" يبدو أنه علينا تأجيل القتال "

" سأكون متواجداً في أي وقت "

أجابه شين نو ثم ذهب ثلاثتهم مع بقية الجنود ليخرجوا من القلعة

في الخارج ، رأوا جيشاً كبيراً يقترب منهم ، كانوا تقريباً عشرين ألف جندي ، من الواضح أن قادة هذا الجيش كانوا أثنين من القادة الأعلى ، بعد وصولهم تحدثوا مع القادة الأعلى الأربعة الآخرين ، ثم في النهاية تقرر أن يبقى ثلاثة قادةٍ أعلى هنا مع ثلاثين ألف جندي و يرجع الثلاثة الآخرون مع من تبقى من الجيش إلى العاصمة ، و كان شين نو و آزار و هولزين مع من سيرجعون للعاصمة

بالطبع ، الرحلة ستسغرق شهراً بسبب مسيرة الجيش

...

بينما كان شين نو قد أنطلق ليعود للعاصمة ، في مكانٍ آخر و بعيد ، بعيدٍ جداً ، كانت هناك غابةٌ ساكنة ، لم يتم سماع عواء الوحوش أو حتى صوت البشر في هذا الجزء من الغابة ، في الحقيقة كانت الأصوات موجودةً في الغابة ، لكنها لم تصل إلى هذا الجزء من الغابة أبداً

في أعماق الغابة ، كانت هناك بحيرةٌ جميلة و خلابة ، منظر إنعكاس صور الأشجار على سطح البحيرة يكفي لتهدئة نفس المرء و إراحته ، على حافة البحيرة كانت هناك شجرةٌ عملاقة و جميلة ، كانت أوراق الشجرة مخضرةً و زاهية ، من الواضح أنها مليئةٌ بالحياة

تحت الشجرة ، يمكن رؤية فتاةٍ صغيرة تبدو في عمر التسعة سنوات ، كانت الفتاة تملك وجهاً طفولياً و حساساً ، يمكن رؤية بعض البرائة في عينيها ، كان هناك شخصٌ مستلقي بجانب الفتاة ، كان يملك شعراً أرجوانياً قصيراً و يلبس ملابساً سوداء تغطي جسده بالكامل عدا رأسه ، كانا بردارك و شيمون

حالياً كان بردارك يستلقي على العشب بينما يغلق عينيه ، في الجهة الأخرى كانت شيمون جالسةً و تداعب سنجاباً صغيراً في يدها بينما تغني

" سأطير سأطير ، زقزقي يا عصافير~ "

" بجناحي سأعلوا و أعلوا و أطير~ "

" سأنام سأنام ، أفرحي يا أحلام~ "

" فطيف حلمي وصل للمنام~ "

عندها أبتسمت شيمون و تحدثت بصوتٍ مرح

" أخي بردارك ، هل يمكنك أن تخبرني بقصةٍ من وطنك؟ ، أنت دائماً لا تجيب عندما أسئلك عن وطنك ، لذلك على الأقل أخبرني بقصةٍ مشهورةٍ لديكم هناك "

بردارك الذي كان يستمتع بوقت راحته ، تنهد ثم رفع ظهره و جلس مواجهاً لشيمون بينما تحدث

" حسناً ، سأخبركِ بقصةٍ مشهورةٍ لدينا هناك ، رغم أنني لا أعرف الكثير من القصص لكن هذه معروفة حتى للأطفال لدينا ، لكن لا أريدكِ أن تسألني عن وطني مرةً أخرى ، أنه موضوعٌ حساسٌ بالنسبة لي ، حسناً؟ "

" إتفقنا! "

أجابة شيمون بسعادة و وجهها مغطى بالأبتسامة

" حسناً ، سأحكي لكي قصةً قديمةً قليلاً ، أنها تسمى... "

" قصة الملك و العالم مع المجنون "

( هنا عالم بمعنى كثير العلم ، مثل عالم الرياضيات أو بروفيسور مثلاً أو شخصٌ درس كثيراً)

2021/07/31 · 755 مشاهدة · 1610 كلمة
Szx
نادي الروايات - 2024