كانت الفتاة مرتبكةً من منظر الثلاثي أمامها ، عندما كانوا يشقون طريقهم في المعركة كانت نية قتلهم ترعب القلوب ، كانوا وحشيين و لم يترددوا في القتل ، لقد أستحموا في الدماء حرفياً ، ما زالت أجسادهم مغطاةً بالدماء في كل مكان حتى الآن

لكن الآن ، كانت ترى أمامها الفتى الأشقر خجلاً لأنه تحدث عن جمالها و الفتى صاحب الشعر الأحمر كان يضحك بسخافة عليه ، بينما الفتى صاحب الشعر الأسود الأخير كان يتنهد كالرجل العجوز

لكنها هزت رأسها بسرعة و تحدثت

" مرحباً ، أنا دانا شيرو ، قائدة الفرقة السادسة في الوحدة السادسة و الثمانين من جيش المملكة "

وقفت دانا مستقيمة الظهر و أعطت إبتسامةً خفيفة على وجهها أثناء تعريف نفسها ، في الجهة الأخرى توقف آزار أخيراً عن الضحك و رفع هولزين رأسه نحوها ، أختفى أثر الخجل بالفعل من وجهه

على عكس إبتسامة دانا الخفيفة و الترحيبية أعطاها آزار و هولزين وجهاً بارداً ، لقد تم أستبدال موقفهما المرح قبل قليل بتعابير باردة بلا مشاعر ، عندها تحدث شين نو الذي كان جالساً بأبتسامةٍ مشابهةٍ لأبتسامة دانا

" مرحباً ، كيف يمكننا مساعدتكِ؟ "

تفاجئت دانا مرةً أخرى ، هذه المرة تفاجئت من برودة هذا الثلاثي نحوها ، حتى أن شين نو لم يعرف بنفسه أو وحدته و سألها مباشرةً عن ماذا تريد ، لكنها أبقت الإبتسامة على وجهها و لم تنزعج حقاً ، في النهاية لا أحد يعرف الآخر لذلك ليسوا مجبرين على أن يكونوا مهذبين مع بعض

" كنت الآحظ سير المعركة قبل قليل ، كان من الواضح اننا كنا في فوضى حقيقة ، لكن عندها رأيتكم يا رفاق و أنتم تقودون ثلاثة آلاف جنديٍ و تخترقون جيش العدو من خلال تشكيلٍ ما ، بصراحة أريد شكركم لأنه لولا هذا التشكيل لما كنا أستطعنا الفوز ، و قد توقعت أنكم من أخترعه لأنكم انتم كنتم قادة الفرق الوحيدين الذين يقودون الجنود لأختراق الجناح الشرقي "

" لم نفعل شيئاً ، كنتي أنتي و باقي قادة الفرق الآخرين من قادوا الجيش بأكمله بهذا التشكيل و قتلتم جيش العدو "

رد شين نو عليها بنفس الإبتسامة ، لكن الفتاة هزت رأسه و قالت

" هذا غير صحيح ، كنتم أنتم من أعطانا هذا التشكيل ، الأمر مثل وجود بابٍ حديديٍ مغلقٍ أمامنا ، و مهما حاولنا فتح لم نستطع ، ثم أتيتم أنتم و سلمتمونا المفتاح لفتح الباب ، صحيحٌ اننا من فتح الباب ، لكن أنتم من جعلنا نفتحه "

لمعت أعين الثلاثة ببريقٍ حاد و أجابها شين نو

" هوه؟ ، يبدو أنكِ كنتي حقاً مركزة على سير المعركة أثناء القتال "

عندما رأت البريق الحاد في أعين الثلاثي الذي أمامها و لاحظت أنهم أصبحوا أكثر حذراً منها ، رفعت يديها و لوحت بهما بينما تتحدث

" لا تقلقوا ، لم أقصد أن أراقبكم حقاً ، كنت فقط أرى سير المعركة و شاهدتكم بالصدفة ، ليس لدي أي نيةٍ سيئة! "

رغم أن البريق الحاد في أعين الثلاثي قد خف ، لكن مازالوا يأخذون حذرهم من هذه الفتاة ، حتى لو لم تحمل أي نيةٍ سيئةٍ نحوهم ، فأن مجرد تحليلها السريع للموقف قد جعلهم يحذرون منها

بالطبع أكتشفت دانا حذر الثلاثي و تنهدت

" أنا حقاً ليست لدي أي نيةٍ سيئةٍ إتجاهكم ، كل ما في الأمر أنني أردت التعرف عليكم لأنكم كنتم مؤثرين في سبب فوزنا اليوم "

هذه المرة كان هولزين من أجابها و قال

" حسناً يا دانا شيرو ، كما ترين في الوقت الحالي نحن حالياً لا نستطيع حتى رفع أجسادنا المليئة بالدماء و الجراح عن الأرض ، لذلك الوقت الحالي ليس مناسباً للتعارف ، بالطبع أظن انكِ تحتاجين أيضاً إلى الراحة بعد هذه المعركة "

لم تملك دانا غير التنهد و توديع هؤلاء الثلاثة ، في النهاية كلامه صحيح ، فهم غاصوا حرفياً في عمق العدو و أصاباتهم ليست قليلة أو خفيفة

بعد أبتعاد دانا حرك هولزين عينيه نحو آزار و سأل

" الوحدة السادسة و الثمانون ، أليست الوحدات فوق الثمانين لا تقبل في الغالب غير الشخصيات أصحاب الخلفيات الكبيرة و المؤثرة في المملكة "

" هذا صحيح ، أنهم يفعلون ذلك لأن الوحدات فوق الثمانين تبقى في الأيام العادية داخل العاصمة بالتحديد داخل القصر الملكي لحماية الملك ، فقط في بعض الحالات الخاصة يتم إرسالهم إلى المعركة "

أجابه آزار بينما يحدق في دانا المبتعدة عنهم ، كان هناك أربعة قادةٍ أعلى مع كل واحدٍ فيهم يملك عشرة الآف جندي يتمركزون داخل العاصمة دائماً لحمايتها أو تعزيز بقية القادة الأعلى على الحدود

كان إثنان من القادة الأعلى يحرسان البوابتان الشمالية و الجنوبية للعاصمة دائماً مع عشرين ألف جندي ، هؤلاء تكونوا من الوحدة واحدٍ و ستين حتى الثمانين

و في داخل القصر الملكي يتمركز قائدان أعلى و عشرين ألف جنديٍ تكونوا من الوحدة الواحدة و الثمانين حتى المئة ، بالطبع كان الجنرال أيضاً هناك

كانت الوحدات فوق الثمانين مميزةً لأنهم كانوا يحرسون الملك شخصياً داخل القصر الملكي ، لذلك لا يمكن أن يكون أي احدٍ فيها ، يجب أن تملك خلفيةً قوية و مؤثرة في المملكة لضمان ولائك للملك و عدم هربك في الأوقات المهمة ، لأنه عند سقوط الملك ستسقط معه بقية القوى المؤثرة الموالية للملك لذلك سيضمن هذا ولائهم

و يبدو أنه تم إرسال إحدى القادة الأعلى المسؤولين عن حماية القصر الملكي مع جيشه في هذه المهمة لغزو قلعة العدو

" هذه الفتاة لا تملك خلفيةً عادية لتدخل هذه الوحدة و تكون قائدة فرقةٍ فيها "

تمتم هولزين بينما كان آزار يومأ برأسه هو الآخر ، و بالنسبة لشين نو كان صامتاً بينما يفكر في شيءٍ ما...

هبط القادة الأعلى الأربعة مع بقية قادة الوحدات في ساحة القلعة التي حدثت فيها المعركة

كانت الجثث منتشرةً في كل مكان و رائحة الدماء اللاذعة جعلت التنفس مزعجاً هنا ، أمر القادة الأعلى بأن يتم جمع الجثث و حرقها ثم معالجة الجرحى و المصابين ، ثم بعدها أستفسروا من بعض قادة الفرق عن الذي حدث في ساحة المعركة ، كيف ربحوا رغم أن الطرفين كانا متساويين في الأرقام تقريباً؟

" أمم؟ ، أنت تقول أنكم اتبعتم تشكيلاً كان بعض الجنود يفعلونه؟ ما هو هذا التشكيل؟ ماذا حدث بالضبط أخبرني بالتفصيل "

تم جمع عددٍ من قادة الفرق ، لكن بالطبع ليس جميعهم لأن بعضهم كان مصاباً مثل شين نو و آزار و هولزين ، شرح القادة ما شاهدوه في ساحة المعركة بالحرف الواحد دون إضاعة تفصيلٍ واحد ، و كلما سمع القادة الأعلى أكثر زاد الضوء في عيونهم ، عندها جاء دور دانا للحديث

يبدو أن شرحها كان أكثر شرحٍ مفصل ، و الذي يدل على تركيزها العالي نحو ساحة المعركة ، حتى أن بعض قادة الوحدات قد مدحوها على ذلك

" رائع! ببساطة عبقري! ، أستخدام مثل هذا التشكيل الفريد و الدخول في قلب قوات العدو لفصل جبهة العدو عن بقية قوات الأعداء و محاصرتها... "

" يتطلب هذا الشجاعة و الذكاء و الغريزة القتالية العالية لفعل شيءٍ كهذا! "

مدح القادة الأعلى بأستمرار ، كانوا يمدحون بقادة الفرق الثلاثة الذين قاموا بهذا التشكيل و أفعالهم البطولية

" من هؤلاء الشجعان؟ أين هم الآن؟ "

تقدمت دانا و تحدثت

" سيدي ، لقد ذهبت لشكرهم بعد إنتهاء القتال لكن لم أعرف في أي وحدة هم و لا أسمائهم ، لم أزعجهم لأنهم كانوا مصابين بشدة بعد القتال ، أفترض أنهم يتم علاجهم الآن "

" مصابين؟ فالنذهب إلى القاعة التي يتم علاج القادة فيها و نتحقق منهم "

ألتفت الرجل العضلي و المشعر إلى باقي القادة الأعلى ليومئوا له بالموافقة ، لم يكن القادة الأعلى أغبياء ، أستطاعوا فهم أنهم على الأغلب لن يفوزوا في هذه المعركة لولا هؤلاء الثلاثة ، لذلك على الأقل عليهم رؤيتهم

إتجه القادة الأعلى الأربعة إلى القاعة داخل القلعة التي يتم فيها علاج القادة بينما تبعهم قادة الوحدات و قادة الفرق ، أرادوا جميعاً مقابلة هؤلاء الأبطال الثلاثة ، بالنسبة للثلاثة الآف جنديٍ الذين تم التضحية بنصف عددهم أثناء القيام بهذه البطولات ، لم يفكر فيهم أحد ، هذا هو مصير الأشخاص الذين يكونون مساعدين في تحقيق إنجاز ، لا أحد يذكر الذين ساعدوا في تحقيق الإنجاز ، أنهم يذكرون فقط الذي حققه...

لم يطل الأمر كثيراً من الوقت ليصل الجميع إلى القاعة ، كان هناك الكثير من قادة الفرق المصابين و الغائبين عن الوعي نائمين على عددٍ من الأسرة

عندما لاحظ بعض قادة الفرق وصول القادة الأعلى هنا حاولوا النهوض لتحيتهم ، لكن قوةٌ غامضة منعتهم من النهوض ، و سمعوا صوت احد القادة الأعلى

" أستريحوا ، لا حاجة للتحية "

" حسب كلامكم فهم ثلاثة ، واحدٌ بشعرٍ أشقر قصير و آخر بشعرٍ أحمر متوسط الطول و الأخير بشعرٍ أسود متوسط الطول "

لم يطل الأمر ليجد القادة الأعلى أشخاصاً مشابهين لهذا الوصف ، كما أن دانا قد تقدمت بالفعل و أشارت إلى زاوية ما

" أنهم هؤلاء! "

أستدار الجميع لرؤية ثلاثة شخصياتٍ جالسين معاً ، كان جسدهم العلوي بلا ملابس لينشروا المراهم الطبية على جروهم ، لمعت أعين القادة الأعلى و تفاجئوا ، تقدموا نحو الثلاثي بخطى ثابتة

في هذه اللحظة لاحظ الثلاثة بالفعل أقتراب مجموعةٍ كبيرة منهم ، عندما لاحظوا القادة الأعلى في المقدمة أرادوا الوقوف و التحية ، لكن الرجل العضلي منعهم و تحدث ضاحكاً

" هاهاها! ، لا داعي للتحية أستريحوا جيداً يا رفاق "

ثم ألتفت نحو شين نو و تحدث

" أنت شين نو ، أنا اتذكرك ، يبدو أن أنجازك السابق لم يكن صدفة "

فهم الثلاثة الوضع الآن ، يبدو أن القادة الأعلى قد سألوا عن الوضع و علموا بأنجازهم ، لم يكن الأمر مفاجئاً لأن الكثير من الأشخاص قد شاهدهم ، و ليس الأمر كما لو أنهم يريدون أخفاء هذا الأمر

" لن نطيل الأمر عليكم لأنكم مصابون و تحتاجون للراحة ، أتينا للتحقق من جراحكم و أخباركم بأن إنجازاتكم ستتم مكافئتها "

تحدثت المرأة الشابة هذه المرة ، و أومأ الرجل العضلي و أكمل

" هذا صحيح ، سترسل المملكة جيشاً ليحرس هذه القلعة بدلاً عنا و نحن سنعود للعاصمة بعد أن تستلم رسالتنا ، هناك ستتم مكافئتكم جيداً "

تحدث القادة الأعلى لبعض الوقت مع الثلاثة ، كانت أغلبها نصائح و أرشادات عن عدم الغطرسة و الأستمرار بالعمل الجاد ، ثم بعد عشر دقائق غادر الجميع و تم تخصيص غرفةٍ ليبقى فيها شين نو و آزار و هولزين و يشفوا أصاباتهم

داخل الغرفة ، كان الثلاثة يعالجون أصاباتهم بهدوء ، بالطبع ترك لهم القادة الأعلى بعض النباتات العلاجية التي ستساعد في زيادت سرعة علاجهم

كان شين نو مستلقياً على السرير و عضلاته واضحةٌ من خلال قميصه الأبيض الذي يرتديه ، كان يحدق في السقف بينما يفكر

' لقد كنت أشك بالأمر لبعض الوقت ، لكن بعد هذه المعركة انا متأكد الآن...'

' هناك خائنٌ في العاصمة '

2021/07/31 · 732 مشاهدة · 1683 كلمة
Szx
نادي الروايات - 2024