كان الظلام منتشراً في كل مكانٍ في العالم ، حتى القمر كان مختبئاً بين الغيوم ، في السماء ، يمكن رؤية ظلٍ طائرٍ يتجه بسرعةٍ في إتجاهٍ معين ، إذا ركزت على الظل ستعرف أنه وحشٌ طائر ، وليس أي وحشٍ طائر ، كان وحش زو طائر! ، كان نادراً أكثر من الوحش الطائر العادي

على ظهر وحش الزو الطائر ، جلست فتاةٌ بشعرٍ أزرق طويل و وجهٍ أبيض جميل ، كانت ملابسها الزرقاء و السوداء تضيف المزيد من الجمال إلى شكلها ، لكن كانت تعابير الفتاة حالياً قلقةً لأقصى الحدود ، كانت دانا

بعد أن ودعت الثلاثة في المطعم ، توجهت للمنطقة العسكرية في اليوم التالي لتفاجئهم بأنها تم نقلها لوحدتهم ، لكنها فوجئت بالأخبار التي سمعتها

تم قتل عائلة هولزين و قتل الشخص الذي ربى آزار ، و قد أنطلق الثلاثة البارحة للعودة إلى طوائفهم و التأكد من الأمر ، لقد سألت أكثر عن التفاصيل و فهمت ماذا حدث

يبدو أن هناك طائفةً تسمى طائفة اللهب الأخضر في محافظة شينان قد قامت بتدمير جميع الطوائف الأربعة الأخرى المتواجدة في المحافظة ، يبدو أنهم حصلوا على مساعدةٍ من نواة زو غامض

لم تفكر دانا كثيراً و عادت لمنزلها و أخذت وحش زو طائر لتلحق بالثلاثي ، صحيحٌ أنهم قد أنطلقوا قبلها بيوم ، لكن مع وحش الزو الطائر ستصل في نفس الوقت معهم تقريباً

كان موقع طائفة هولزين أقرب أليها لذلك توجهت هناك بكامل سرعتها ، كانت طائفة هولزين في واديٍ عميقٍ مليءٍ بالضباب طوال أيام السنة ، كانت دانا فوق هذا الوادي الآن

أمرت وحش الزو بالهبوط في وسط الوادي ، لكن قبل أن تقترب من سطح الأرض أستطاعت رؤية المباني المدمرة في كل مكان ، و كما هو الحال في طائفة حافة الجبل ، كانت هناك جبالٌ من الجثث منتشرةٌ في كل مكان

هبط وحش الزو على الأرض و نزلت دانا لتتحق من محيطها ، عندها سمعت صوت صراخٍ و تحطمٍ صاخبين

" هااااااا!!! "

" هااااا!!! "

" هاااااااااا!!! "

لقد ميزت هذا الصوت بوضوح ، كان صوت صراخ هولزين ، لم تتأخر أكثر و ركضت بأقصى سرعةٍ نحو الصوت

بعد السير في الضباب لبضعة ثواني ، أقتربت من الصوت ليظهر أمامها هولزين على بعد بضعة عشراتٍ من الأمتار ، لكن هولزين الحالي كان يصرخ و يحطم كل شيءٍ في طريقه ، كانت عيناه دمويتين بينما كانت يداه قد تشبعتا بالدماء بسبب اللكم المستمر دون أستعمال الزو

" هاااااااا!! "

أستطاعت دانا تمييز الحزن و الغضب في صوته ، كان غاضباً جداً ، و حزيناً جداً ، لم يعرف كيف يخرج هذا الحزن و الغضب ، لذلك بدأ بتدمير كل شيء يقع أمامه

أسرعت دانا لتقترب منه بينما صرخت

" هولزين!! ، أهدأ!! "

لكن هولزين لم يستجب ، بدا كما لو أنه لا يسمعها ، أستمر بتمدير الصخور و المباني في كل مكان ، صرت دانا على أسنانها و تقدمت لتقف أمام هولزين

لم يتعرف هولزين عليها و لكم بكل قوته في بطنها

" ههع!! "

أجبرت دانا نفسها على تحمل لكمة هولزين دون أن ترمى في الهواء ، نزف فمها الدماء الحمراء ، ثم تقدمت و عانقت هولزين بينما تتحدث بصوتٍ رقيقٍ و صافي

" أفهم أنك متألمٌ الآن ، لا بأس... "

" تستطيع البكاء عندما تخسر عزيزاً عليك ، هذا ليس ضعفاً "

أوقف هولزين حركته ، لقد توقف في مكانه تماماً ، عندها ظهر صوت نزول قطراتٍ على الأرض ، أخفض رأسه بينما كانت دموعه تنهمر بلا سيطرة ، تحدث بصوتٍ مريرٍ و متألم

" هذا خطئي... "

" لو أنني... "

" لو أنني كنت معهم... "

" لا بأس ، لم تكن مخطئاً ، لم يحصل هذا بسببك "

وضعت دانا يدها على رأس هولزين و بدأت بمواساته

...

بالعودة إلى طائفة حافة الجبل ، كان آزار جالساً أمام جثة الشيخ الثالث ، كان يقرأ الوصية التي أعطاها له شين نو بعد أن وجدها بينما دموعه تسقط على الورقة

" ماذا تقول أيها العجوز الأحمق... "

" أنا الذي تشرف بأبٍ مثلك ليتواجد في حياتي... "

كانت دموعه مستمرةً بينما يضغط أسنانه و يتكلم ، لم يتزحزح من أمام الجثة طوال الوقت ، خلفه ، شين نو كان يراقبه طوال الوقت بعيونٍ غير مبالية

في هذه اللحظة ، سمع الأثنان صوت وحشٍ طائر ، ألتفت شين نو للخلف و رأى دانا تركب على وحش زو طائر بينما تهبط على بعض المباني المدمرة القريبة

خلفها ، كان يمكن رؤية هولزين ، لكن كان هولزين حالياً جالساً بينما عيناه الميتة تحدقان في الفراغ ، لم يبدو هولزين النشيط

نزلت دانا بينما سحبت هولزين خلفها و توجهت لشين نو ، عندما أقتربت و رأت آزار الذي في الخلف ، أبتلعت كلماتها التي أرادت قولها

أستمر هذا الجو الصامت لبضعة دقائق ، لم يكن هناك سوى صوت تساقط دموع آزار المستمرة ، عندها تحدثت دانا

" هولزين ، آزار ، أنا أفهم أنكما خسرتما أشخاصاً عزيزين عليكم ، لكن هل تظنان أنهم سيكونون سعداء لو رأوا حالتكم الآن؟ "

لم يتفاعل الأثنان مع كلمات دانا ، كما لو أنهما لم يسمعا شيئاً ، صرت دانا على أسنانها و صرخت

" ماذا بكما بحق الجحيم!! ، هل تريدان الموت من الحزن! ، لن يفيد البكاء و الحزن في إعادة الموتى!! "

" أنا لا أقول لكما أن لا تحزنا ، لا ، أحزنا و أبكيا ، و أحفظا هذا الشعور في أعماق قلبيكما! ، لا تنسيا هذا الشعور أبداً! ، لكن لا تجعلاه يسيطر عليكما! "

" عليكما العيش لتخليد ذكرى الموتى ، من سيتذكر هؤلاء الأشخاص العزيزين عليكما غيركما في هذا العالم! "

" لذلك عليكما أن تسيطرا على هذا الحزن و أن تجعلاه دافعاً لكما من أجل أن تصبحا أقوى ، لكي لا تمرا به مرةً أخرى!! "

" على الأقل ، هذا ما كان سيقوله الأشخاص الذين ماتوا لكم... "

صمت ، لم يكن هناك صوتٌ واحدٌ الآن ، لم يعد حتى صوت سقوط دموع آزار موجوداً ، عندها ، رفع هولزين رأسه بينما عاد بعض النور فيها ، في نفس الوقت وقف آزار و تنهد ، عندها تحدث هولزين

" أنتِ محقة ، علينا العيش من أجل الموتى "

" شكراً لكِ "

أستدار آزار بعد أن مسح دموعه و تحدث بصوتٍ كئيبٍ و خامل

" شكراً "

عاد بعض الضوء إلى عيني آزار ، لكن لم تعد نفس العيون اللامعة و المتحمسة ، كان الآن داخلها شعورٌ من الحزن و التعب

" آه؟! ، لم أفعل شيئاً حقاً! "

لوحت دانا يديها بخجلٍ بعد أن مدحها الأثنان ، قاطعها شين نو هنا

" دانا ، هل تعرفين مالذي جرى هنا؟ "

عند سماع سؤال شين نو ، شرحت له دانا الذي سمعته في المنطقة العسكرية في العاصمة

قبض آزار و هولزين قبضاتهما و تشكلت نية قتلٍ كثيفةٍ في الجو ، تحدثا معاً بنفس الوقت

" طائفة اللهب الأخضر!! "

كانت نية قتلهم واضحةً فقط من لفظ الأسم ، لكن بالنسبة لشين نو بعد سماعه لشرح دانا ، وضع يده على ذقنه و بدأ يفكر...

عندها تحدث هولزين بغضب

" فالنذهب و نمحوا تلك الطائفة من الوجود! "

لكن شين نو أوقفه و قال

" أنتظر "

" ما الأمر؟! "

سأل هولزين بغضبٍ ، و ألتفت آزار و دانا نحو شين نو ليعرفوا ماذا يريد

" أنتي تقولين أن هناك شخصاً في مستوى نواة الزو قد ساعد طائفة اللهب الأخضر في محو بقية الطوائف ، هل تعلمين متى ظهر هذا الشخص أو متى محى الطوائف الأربعة الأخرى؟ "

" يفترض أنه ظهر قبل شهرٍ تقريباً ، أو أقل بقليل "

" شهر ، أنه نفس الوقت الذي هزمنا فيه أعدائنا على الحدود تقريباً... "

تحدث شين نو و ظهرت إبتسامةٌ ماكرةٌ على وجهه ، عندها سأله آزار

" ماذا أكتشفت؟ "

" في الواقع ، كنت أتوقع وجود خائنٍ في العاصمة منذ بعض الوقت ، و الآن عندما هزمنا جيش العدو ، مباشرةً طوائف و عوائل الأشخاص الذي أثروا في مسار المعركة ، نحن ، تمت مهاجمتهم و قتلهم ، ماذا يعني هذا؟ "

" هذا يعني... "

صدم آزار بكلام شين نو و عرف بالفعل ماذا يعني

" أن الخائن يحذرنا من التدخل في خططه مرةً أخرى "

" جووووو!!! "

تم سماع صوت إنفجار الصخور مباشرةً بعد أن أنهى شين نو كلامه ، لكم هولزين الجدار الصخري القريب منه بكامل قوته بينما تكثفت نية قتله على شكل ضبابٍ دموي حوله

" هل تقول... "

" أن عائلتي تم قتلها ، كتحذير؟ "

لم يكن آزار أفضل منه ، كان ضغط الزو داخل جسده ينتشر إلى الخارج بالفعل ، لم يعد يسيطر على الزو داخل جسده بسبب الغضب ، عندها تحدث شين نو

" لا تقلقا ، أن هذا الشخص يحب التصرف كما لو أنه يلعب بذكاء ، لذلك أتركا التعامل معه لي "

إبتسم شين نو بخفة ، لكن داخل عينيه ، تستطيع رؤية تسليةٍ و سخرية ، كما لو أنه قد رأى خطة الخائن بأكملها أمامه

عندها تقدم آزار نحو جثة الشيخ الثالث و أنحنا لحملها بينما يتكلم

" حسناً ، سنترك هذا الأمر لك ، سأدفن جثة الشيخ الثالث...والدي ، في قمة جبل الطائفة ، ثم... "

أستدار لينظر نحو الثلاثة خلفه بينما تلمع عيناه القرمزيتان في الليل المظلم بنية القتل و أكمل

" ثم سنذهب لنغرق طائفة اللهب الأخضر بالدماء! "

2021/08/02 · 727 مشاهدة · 1467 كلمة
Szx
نادي الروايات - 2024