ببطئ اخذ يرفع كلتا يديه كما لو انه يدعو حينها

ببطئ اخذ يحرك كلتا يديه و يرفعهما عاليا كما لو انه يحاول امساك شئ ما ..

ظل رافعا لكلتا يديه حينها و ذلك كل ما استطاع فعله حينها .. !

"تمنيت حينها ...!"

ردد تلك الكلمات

بينما ظل ينظر بصمت كما لو انه كان عالقا علي الارض حينها ...!

عاجز عن الحراك و يداه عاجزتان عن الوصول "اليهما" كل ما استطاع فعله وقتها الاكتفاء بالنظر حينها ..

كل ما استطاع فعله حينها رفع كلتا يديه ..

بينما ظل ينظر من الاسفل و ذلك المشهد امام عيناه

تمنيت فقط حينها ثلاثة امنيات ..

"تمنيت لو ان يتوقف الوقت حينها" ..

"تمنيت رؤيتهما لوقت اطويل حينها" ..

"تمنيت فقط لو ان اكون قويا مثلهما" .. "تمنيت فقط" ... "تمنيت فقط لو استطيع ان اكون إله مثلهما حينها .. "

ردد تلك الكلمات فقط بينما كانت السماء امامه تنكسر ردد تلك الامنيات بينما الارض من حوله كانت تحترق

ردد تلك الامنيات بينما كل منهما كان يتقاتل بالاعلي امام عينيه و كل منهما ينوي قتل الاخر حينها ..!

.

.

.

.

.

رغم ان جسده كان خاويا حينها عندما كان يقاتل "نيفيريا" ..

رغم ان تلك "الجوهرة" أستهلكت اجزاء كثيرة من روحه و ذكرياته ..

الا ان كل تلك الذكريات التي ظل ينظر إليها "ثرون" قبل لحظات مضت

لم تكن كل ذكرياته حينها كانت "جزء" منها فقط ..!

ببطئ اخذ يفتح كلتا عيناه بينما ظل يتقدم وسط تلك الاشجار ليتابع التقدم الي الاعلي

ظل يتقدم بينما يجمع تلك الاغصان المتساقطة بين الاشجار .. ببطئ و بهدوء واحدة تليها الاخري

ظل يتقدم الي الاعلي كما لو انه يتقدم بين الغابات علي تل مرتفع و عيناه لا تنظران الا الي الامام

ظل يجمع تلك الاغصان و يمر الوقت ببطئ و تكاد ان تمتلئ اخيرا الحقيبة التي كانت بحوزته الي اخرها

يلتفت اخيرا الي الخلف ليعود ادراجه و هو تقريبا بقمة التل التي كان قد تسلقها لجمع الاغصان

يلتفت للوراء ليعود ادراجه و لكن صوت ما منعه عن العودة

كان صوت سقوط شئ ما علي اوراق النباتات التي كانت بقربه

يقترب ببطئ لينظر الي ما كان قد سقط و يتفحصه و كان طيرا صغيرا ميتا !

لم يكن الطائر مصابا و لم تكن هناك دماء ! ..

كان ذلك ما اثار فضوله حينها ...

يقترب منه ببطئ ليتفحصه ظننا منه انه علي ما يرام و لكنه لم يكن ..

كان قد لفظ الطائر اخر انفاسه بالفعل ..!

"ربما التهم فاكهة سامة" ..

يكاد ان يتركه ارضا و يعود ادراجه و لكنه ادرك متأخرا ما كان يجري

ببطئ و بهدوء اخذت تلك الطيور تتساقط من حوله وسط تلك الغابة كما لو ان مرضا اخذ ينتشر فيما بينها !

يدرك اخيرا ان ثمة خطب ما .. !

و عوضا عن النزول عن التل يقرر الصعود الي ما بقي نحو القمة لينظر الي السماء و الي ما كان يجري حينها

و ما هي الا لحظات فقط ليصل الي هناك ..

يصل لينظر بصمت تام ...

بدا ذلك المشهد بالنسبة له حينها و كأنه "موت" كان قد مس السماء ..

لم تستطع عيناه تصديق ما كانت تراه ..

كل طائر بعالمه كان يحلق حينها كان يهوي الي الارض ميتا امام عيناه ..

ببطئ و بصمت شديد كل طير يليه الاخر يهوي الارض من شمال الارض الي جنوبها

و من شرق الارض الي غربها لم يختلف المنظر كثيرا عما هو عليه ..

و ببطئ و بخوف شديد ظل ينظر الي ذلك المشهد امامه بصمت

ظل ينظر بصمت نحو السماء بينما اخذت كل تلك الطيور تهوي الي الارض

ظل ينظر بصمت الي ان باتت تلك السماء خاوية .. خاوية تماما

لا شئ بها سوي قليل من الغيوم تغطي جزء من سمائها

و يكاد ضوء الشمس يغرب حينها ..

رغم ما كان يراه و رغم ما كان ينظر اليه حينها الا انها لم تكن سوي البداية ... !

فلم يمضي سوي لحظات حيث اخذت سماء عالمه تنشق ..

اخذت سماء عالمه تنشق شيئا فشيئا

كما لو انها كانت مرآة و تكاد ان تنكسر ..

ببطئ و بهدوء شديد و علي امتداد ما استطاعت ان تنظر إليه عيناه

اخذت السماء تنشق شيئا فشيئا الي ان صدر اخيرا ذلك الصوت ..

و كانه صوت زجاج ينكسر .. و لكن ذلك الصوت هذه المرة كان مدويا

ظل ينظر بصمت حيث كسرت سماء عالمه من اقصي شرقها الي الغرب تماما ..

حيث لم يعد بالامكان رؤية ضوء الغروب حينها و لم يعد بالامكان رؤية السماء الزرقاء وقتها ..

ظل ينظر بينما توسط هو ذلك المشهد من الارض

حيث استطاع رؤية كل ما كان يجري من البداية الي الان ..

ظل ينظر بصمت بينما عيناه اخذت تتوسعان .. بدا الامر و كأن عيناه لا تكادان تصدقان ما كان يراه

و لكنه كان يدرك تماما انه كان واقعا .. و ان ما كان يراه حقيقة

في الجزء المحطم من تلك السماء اخزت تلك "الشظايا" تعبر تلك السماء بكل الاتجاهات ..

كانت اجزاء من صغيرة من "جوهرة" محطمة اخذت تنتشر بين تلك السماء بكل الاتجاهات ..

و بينما اخذت تلك الشظايا تنتشر بكل الاتجاهات بين تلك السماء المحطمة اخذ ذلك الصوت يقترب

كما لو انه سيف يرتطم بأخر ..

مرة تليها الاخري الي ان بات ذلك الصوت مسموعا بارجاء تلك السماء ..

الي ان خرج اخيرا كل منهما ... !

ظل ينظر بصمت بينما توسط هو ذلك المشهد

ظل ينظر اليهما بينما غطت اجنحة كل منهما اجزء من تلك السماء

كان اول من خرج منهما له هيئة اقرب لهيئة شيطان حينها

ببشرة تكاد ان تكون داكنة و عينان ارجوانيتان و جناحين يكدان يغطيان جزء كبيرا من تلك السماء المحطمة

بينما الاخر ببشرة بيضاء .. و جسد ممزق من الجراح و تغطيه الدماء و بأجنحة اشد ظلمة من سماء الليل غطت الجزء الاخر وما بقي من تلك السماء المحطمة

خرج كل منهما و كل منهما يقاتل الاخر

خرج كل منهما و كل منهما تغطي الجراح و الدماء اجزاء من جسديهما ..

للحظات قليلة .. قليلة فقط ظل كل منهما يقاتل الاخر

الي ان توسط كل منهما تلك السماء .. رغم انها كانت بضع ثوان فقط !

الا ان ذلك العالم كان قد قلب رأسا علي عقب خلال تلك الثوان فقط

ظلت اجزاء الجوهرة تنتشر فوقهما بين تلك السماء المحطمة

و ظل كل منهما يقاتل الاخر الي ان توسط كل منهما تلك السماء اخيرا

بينما اخذت الارض من حولهما تحترق

عاجز عن ابعاد عينيه عنهما ..

عاجز عن تصديق ما كان يراه .. و عاجز تماما عن ادراك ما كان يجري امام عيناه ..

اخذت الارض علي امتداد بصره تحترق .. اخذت الارض تحترق من حوله

كأن عالمه لم يخلق ليتحمل قتال بينهما ..

ظل ينظر بصمت و بهدوء .. الي ان رفع اخيرا كلتا يداه ..

الي ان رفع اخيرا كلتا يداه ببطئ كما لو انه يحاول ان يمسك باي منهما

ظل رافعا لكلتا يداه .. الي ان تمني حينها فقط تلك "الامنيات"

كانت تلك الامنيات اخر كلماته

لم يمضي من الوقت سوي لحظات فقط و قد تجمدت الدماء بعروقه ..

توقف نبض قلبه ..

ببطئ و بصمت شديد ظل ينظر بينما اخذ جسده يهوي الي الارض بصمت

بينما كل منهما تابع القتال و يكاد كل منهما يصل لنهاية تلك السماء المحطمة امام عيناه

ببطئ اخذ يغمض كلتا عيناه و ذلك الحزن بداخله

ببطئ اخذ يغمض كلتا عيناه و ذلك الشعور بالعجز بداخله ..

ظل ذلك الشعور بداخله يزداد ببطئ و شيئا فشيئا بينما جسده يسقط ارضا ..

الا انه كان مدركا انها النهاية بالنسبة له ..

الي ان اغمض اخيرا كلتا عيناه ..

الي ان اغمض اخيرا كلتا عيناه و كل منهما كان قد وصل الي نهاية تلك الاجزاء المحطمة من تلك السماء

"اغمض عيناه ظنا منه انها كانت النهاية و لكن تلك كانت البداية .. !"

كانت تلك اخر اجزاء روحه و اخر ما بقي من ذاكرته

روت عيناه ما بقي من اجزاء ذاكرته و لم يبقا بجسده شئ يحركه الي الان الا تلك الجوهرة فقط ..

لم يبقي الا القليل من اجزاء روحه لتستهلكه تلك الجوهرة

ببطئ و بهدوء يحرك "ثرون" جسده استعدادا لهجومه الاخير ..

بينما بصمت و بغضب شديد اخذ ينظر "نيفيريا" الي الامام بينما عيناه كانتا تلمعان

لون عيناه الارجواني الذي بدا و كأنه يحترق من الغضب كان واضحا

حدث ذلك بصمت تام .. يقترب كل منهما الي الاخر و كل منهما ينوي قتل الاخر بأخر هجوم لهما

"نيفيريا" الذي كان غاضبا و "ثرون" الذي كان جسده فارغا تأكله الجوهرة ..

للحظات قليلة ظل كل منهما يقف قرب الاخر دون حراك

ظل كل منهما يقف قرب الاخر دون حراك الي ان بدات اخيرا تلك القطرات من الدماء بالتساقط

ببطئ و شيئا فشيئا ظلت تلك لدماء تتساقط الي ان بداء كل منهما بالتحرك اخيرا

بداء نيفيرا بالتراجع شيئا فشيئا بينما ظل "ثرون" واقفا بمكانه دون حراك

ظلت تلك الدماء تتساقط شيئا فشيئا منهما سرعان ما توقفت الدماء عن السقوط باتجاه نيفيريا

ولكنها لم تتوقف عن التساقط حيث كان يقف ثرون

ظلت دمائه تتساقط شيئا فشيئا الي ان انهمرت من جسده

حيث كان قد تعرض لجرح قاتل توسط جسده حيث كانت تلك الجوهرة

الي ان بداء جسده يهوي ارضا ..

لم يصب نيفيريا بأية جراح ببطئ اخذ يحرك يده التي كانت ملطخة بدماء ثرون

لينظر الي ما حصلت عليه يده ..

ظل ينظر بصمت لتلك الجوهرة التي كانت سوداء تماما لا لون لها و لا حياة تنبض بها

ظل ينظر لها بصمت و بغضب شديد اخذ يغلق قبضة يده عليها لتصدر اخيرا ذلك الصوت

"و كانه صوت تحطم ..!"

لم يمضي من الوقت سوي القليل و اذا به يرخي قبضة يده مرة اخرى حيث كانت يده ممسكة بتلك الجوهرة

ليعود لينظر لها و هي دون لون ...!

"صافية تماما تنبض بالحياة و لم يكن لها لون ..!"

ظل ينظر بصمت و بغضب شديد ظل ينظر اليها الي ان بداء يتحرك اخيرا

تاركا خلفه "ثرون" غارقا بدمائه ارضا ..

ظنا منه انها كانت النهاية ..

ظنا منه انها كانت النهاية لم ينظر خلفه

كانت تلك اخر لحظاته و كان من المفترض ان تكون تلك اخر انفاس "ثرون"

كان من المفترض يكون جسده خاويا تحركه تلك الجوهرة ..

كان من المفترض ان يكون جسده خاويا

ولكن جسده لم يكن ...

ظل ذلك الصوت ينبض ..

ببطئ و شيئا فشيئا .. صوت نبض قلب ضعيف ..

عاجز عن التنفس ..

عاجز عن تحريك اطراف اصابعه .. و عاجز تماما عن حمل السيف بتلك الاطراف التي ظلت ترتجف ..

ظل ذلك الصوت ينبض شيئا فشيئا الي ان تذكر اخيرا تلك الامنيات التي جعلته علي ما هو عليه الان ..!!

لم يتحرك نيفيريا حينها سوي بضعة خطوات الي ان توقف عن الحراك ..

ببطئ يلتفت للخلف لينظر للوراء

يلتفت ببطئ الي الخلف لينظر اليه و عيناه لم تكد تصدق ما كانت يراه

"كان من المفترض ان يكون جسده خاويا ...

كان من المفترض ان تكون تلك الجوهرة قد التهمت ما بقي من اجزاء روحه

كان من المفترض ان لا يكون قادرا علي الحراك بتلك الجروح وحدها ...

لم .. ؟!

كيف له ان يتحرك بهذا الجسد و بتلك الجراح ... ؟!"

بالكاد كان من الممكن وصف ما كان يراه انه قادر علي الوقوف

جسد "ثرون" كان يرتجف بينما ظل ينهض .. ظلت تلك الدماء تتساقط ببطئ منه بينما كان ينهض

ببطئ و شيئا فشيئا اخذ يحرك سيفه ارضا ليتكئ عليه بينما كان يحاول النهوض ووجهه الي الارض ..

"ثمة خطب ما ...

كان من المفترض ان يكون الرابط بين جسده و تلك الجوهرة قد كسر توا .."

"لون الجوهرة" ..!

ينظر بسرعة لتلك الجوهرة و لكنها لا تزال الي الان صافية اللون ..!

لم يعد هناك رابط بينه و بين تلك الجوهرة بالفعل ..

يدرك "نيفيريا" ذلك سريعا

علي عكس ما كان عليه "ثرون" قبل لحظات من نهاية القتال

عوضا عن القتال بنية القتل بسبب تلك الجوهرة ..

هذه المرة هو مختلف

حيث اخذ يحرك رأسه ببطئ لينظر اليه

يحرك ثرون وجهه مرة اخري .. هذه المرة الامر مختلف ..

نية القتل مختلفة تماما عما كان عليه عندما كانت الجوهرة تتحكم به

انه يتحرك بناء علي ارادته هو .. !

عيناه داكنتان تماما و جسده من المفترض ان يكون خاويا و لكن هذه المرة هو يتحرك بملئ ارادته هو

اخذ يتحرك ببطئ الي الامام و ابتسامة تعلو وجهه ...

ابتسامة لم يرها "نيفيريا" من قبل ...

ابتسامة رضا تام ... !!

" من المفترض ان يكون ميتا الان ...

كيف له ان يتحرك الي الان ... "

بالكاد كان لديه الوقت ليفكر ..

و بالكاد كان لديه وقت ليقوم بالدفاع عن نفسه ....

كانت تلك اللحظات وحدها كافية لـ"ثرون" لتغيير الموقف

يحرك ثرون سيفه بسرعة لينطلق باقصي ما لديه لهجوم اخير ..

و ابتسامة ظلت مرسومة الي الان علي وجهه ..

لم يملك "نيفيرا" الوقت للرد و لم يملك الوقت للدفاع

اكتفي فقط بالنظر اليه و هو يقترب ...

يحرك ثرون سيفه شيئا فشيئا مشيرا بنصل سيفه ناحية رأس خصمه

ولكن كان الاوان قد فات .. فلقد كانت تلك حدود جسده ..

نفذ منه الوقت تماما ..

باخر لحظاته يميل سيفه اخيرا ليجرح وجه الاخير جرحا طفيف

خلال تلك اللحظات فقط ... حيث مر السيف بجانب وجه نيفيريا

اخذ جسد ثرون يختفي شيئا فشيئا بداية بيده التي كانت ممسكة بالسيف حينها وصولا الي اخر اطراف جسده لرماد ..

اخذ ذلك الجسد يختفي بسرعة شديدة كما لو انه لم يكن موجودا امامهم ...

انتهي الامر سريعا هذه المرة ..

بلا شك هذه المرة كانت تلك النهاية ...

ظل نيفيريا ينظر بدهشة شديدة امامه و لم تكد عيناه تصدق ما كان يراه و ما قد شعر به ..

ذلك الشعور الذي كان قد نسيه منذ وقت طويل ...

انه الخوف ... الخوف من الموت ...

ظل ينظر بينما اخذت الدماء تتساقط من وجهه

ببطئ و بهدوء بعد ان استعاد هدوء اعصابه خيرا اخذ يحرك يده ناحية وجهه حيث كان قد اصيب سابقا

يحرك يده ليمسح تلك الدماء و يعود اخيرا للخلف حيث ظلت هي جالسة بانتظاره حينها ...

"لنعد ..."

بابتسامة هادئة اخذ يرسمها اخيرا علي وجهه قال تلك الكلمة وحدها ..

و بابتسامة هادئة انتهت تلك القصة .. و انتهت معها تلك السنوات الطويلة من الحرب

ولكنها كانت بداية لقصة اخيرة ..!

2024/02/02 · 61 مشاهدة · 2239 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024