الفصل المئة والسادس: نادي الخالدين السماويين
____________________________________________
"هذه المرة، لأستوضحن الأمر بنفسي!" تحدث الرجل في منتصف العمر بنبرة حازمة، ثم سار بخطى ثابتة نحو بوابة المدينة الإمبراطورية المهيبة.
نظر الشاب الذي يتبعه إلى الأسوار الشاهقة، وتنهد تنهيدة خفيفة هامسًا لنفسه: "قبل خمس سنوات، أتيت إلى هنا برفقة الكائن السماوي الجليل..." ثم خامره شعور عميق بالتساؤل، 'لا أعلم ما إذا كنت قد أصبحت أقوى الآن...' وما لبث أن حرك قدميه مسرعًا ليلحق بخطى الرجل.
لو كان أحد من أهل ممر بينغ يانغ هنا، لعرف على الفور أن الرجل متوسط العمر هو سيد الممر شي هاو جي، وأن الشاب الذي يتبعه هو ابنه شي تشونغ الذي شبّ عن الطوق.
في مدينة يونغ دونغ الإمبراطورية، وعلى قمة القصر الشاهق، كان المشهد يوحي بالرهبة والجلال. لقد انقضت خمس سنوات على اعتلاء الإمبراطور الجديد العرش، وشهدت المدينة خلالها تغيرات جمة، فقد استُبدل الوزراء القدامى بوجوه جديدة، وهو تقليد عريق في مملكة يونغ دونغ.
أما بالنسبة للمناطق الواقعة خارج أسوار العاصمة، فلم يكن الأمر يتعدى كونه مجرد إمبراطور جديد، إذ لم تطرأ أي تغييرات جوهرية على السياسات العامة. بل إن بعض سادة المدن قد عاصروا أجيالًا عدة من الأباطرة، وكان شي هاو جي، سيد ممر بينغ يانغ، واحدًا منهم.
لولا وقوع أمر طارئ، لما كان ليغادر ممر بينغ يانغ حتى لو انقلبت مدينة يونغ دونغ الإمبراطورية رأسًا على عقب. لكنه هذه المرة، اختار المجيء بمحض إرادته، فقد تحطمت العقيدة التي منحها إياها الكائن السماوي الجليل قبل خمس سنوات، تحطمت بالكامل. كان لزامًا عليه أن يأتي ويستوضح حقيقة كل شيء!
في القاعة الرئيسية، وقف شي هاو جي منتصب القامة، ناظرًا بثبات نحو الإمبراطور الجديد الجالس فوق العرش. "يا جلالة الإمبراطور، لدي أمر أود أن أستوضحه!"
جلس الإمبراطور الجديد بتكاسل، وفرك حاجبيه وهو ينظر إلى التقارير المكدسة أمامه، ثم قال: "سيد الممر شي، مهرجان الإجلال في ممر بينغ يانغ الذي يقام كل عامين، أنت المسؤول عنه، لكنك لم تحضره في المرتين الأخيرتين."
"وكيف لي أن أحضر!" صاح شي هاو جي بغضب: "الكائن السماوي الجليل الذي كنت أُبجّله منذ نعومة أظفاري تحول إلى دب بائس..."
"تبًا لك!" لم يكد ينهي كلامه حتى تقدم حراس القصر المحيطون به، وانبعثت منهم هالة قوية استهدفت شي هاو جي في وسط القاعة على الفور. حتى وهو متدرب في مرحلة الاندماج، كاد ألا يحتمل ذلك الضغط، وبدأ جسده المنتصب ينحني تدريجيًا تحت وطأة تلك القوة.
رفع الإمبراطور الجديد يده، فتراجع الحراس خطوة إلى الوراء، وخف الضغط المهيب عن رأس شي هاو جي فجأة. لكنهم ظلوا يراقبونه بصرامة، فلو تفوه بأي كلمة تنم عن عدم الاحترام، لقمعوه في الحال. ففي هذا القصر، لا يجرؤ أحد على إهانة إمبراطور يونغ دونغ!
نظر الإمبراطور الجديد إلى شي هاو جي وتنهد بخفة: "مملكة يونغ دونغ لها قوانينها الخاصة. بغض النظر عما سمعته أو رأيته، فمن واجبك أن تستضيف مهرجان الإجلال كل ثلاث سنوات. أوامر المدينة الإمبراطورية لا تقبل الشك!"
ثم أضاف بنبرة أخف: "لقد قضيت وقتًا طويلًا في حراسة الحدود، وبذلت جهدًا كبيرًا. هذه المرة، سأعتبر أن شيئًا لم يكن."
قبض شي هاو جي على يده، وشعر بالهالات القوية من حوله. في النهاية، أطلق تنهيدة طويلة وقال: "يا جلالة الإمبراطور، بعد أن رأيت الحقيقة، أخشى أنني لن أستطيع الاستمرار في منصبي كسيد لممر بينغ يانغ."
لقد جاء إلى هنا هذه المرة راغبًا في حل العقدة التي في صدره، لكنه أدرك أنه بالغ في تقدير نفسه. فمنذ القدم، كانت هيبة المدينة الإمبراطورية وجودًا لا يمكن انتهاكه في مملكة يونغ دونغ، وهم يترفعون عن الخوض في بعض الأمور. كان قرار الاستقالة قد اتخذه بالفعل في طريقه إلى هنا.
بعد صمت قصير، قال الإمبراطور الجديد ببطء: "شي هاو جي، هل أنت متأكد من قرارك؟ يمكنني أن أمنحك فرصة أخيرة."
انحنى شي هاو جي وقد استنزفت قواه تمامًا: "لقد حسمت أمري."
"حسنًا إذن." توقف الإمبراطور الجديد للحظة ثم قال: "بعد ثلاثة أيام، سيتوجه سيد ممر بينغ يانغ الجديد إلى الحدود لتولي مهامه، ويمكنك العودة برفقته. أما إذا كانت لديك خططك الخاصة، فيمكنك المغادرة بنفسك. الخيار لك."
انحنى شي هاو جي مرة أخرى: "شكرًا لجلالة الإمبراطور."
بعد أن غادر شي هاو جي، ظهر شاب يرتدي ثيابًا بسيطة خلف الإمبراطور الجديد. لقد كان يو هونغ، الذي قال بهدوء: "أنت أطيب قلبًا من أبيك."
تنهد الإمبراطور الجديد وفرك حاجبيه مرة أخرى: "الآن فقط أدركت أن الطيبة في هذا المنصب ليست بالأمر الجيد أحيانًا."
"تمهل، ستكون أفضل إمبراطور في تاريخ يونغ دونغ." أجاب يو هونغ.
"إمبراطور؟" ضحك الإمبراطور الجديد بمرارة: "وهل يوجد إمبراطور يتحكم به الآخرون؟" صمت يو هونغ، فأردف الإمبراطور: "أخي، هناك أمور لا يمكننا التحكم بها."
لم يستطع الإمبراطور الجديد التظاهر أكثر، فضحك وأدار رأسه سائلًا: "هل ما زلت تحرس مقبرة تيان هوي مؤخرًا؟"
هز يو هونغ رأسه: "منذ رحيل معلمي الخالد، أُلقيت شتى الأمور على عاتقي. لم أمكث هناك سوى عام واحد، ثم اضطررت للخروج."
"إذًا ما خطبك مؤخرًا؟ يبدو وجهك شاحبًا للغاية." قال الإمبراطور الجديد بقلق.
تنهد يو هونغ بعمق، وومضت في ذهنه صورة شيطانية لشخصية ذات شعر أرجواني محمر طويل. "هناك دائمًا أمور غريبة في هذا العالم تجعل المرء يتألم، وتطارده الكوابيس ليلًا. لا بأس، إذا حسبنا الوقت، فإن الكابوس على وشك الانتهاء..."
غادر شي هاو جي القصر بحزن، ورغم أنه توقع هذه النهاية، إلا أنه ظل يشعر بالضياع. بعد عودته إلى النُزل، أغلق على نفسه الباب وأمضى أيامه ولياليه ثملًا.
لم يجد شي تشونغ طريقة لمساعدة والده على هذه الحال. لكن على الإنسان، مهما حدث، أن يواصل حياته. بعد بضعة أيام، غادر شي تشونغ النزل، مستعدًا للبحث عن سبيل لكسب العيش. وبعد تفكير، قصد حانة كبيرة.
في مثل هذه الأماكن، تكون الأخبار أكثر رواجًا، وربما يتمكن من إيجاد فرصة جيدة. بعد أن دخل، وجد شي تشونغ مكانًا للجلوس، وأنصت إلى أحاديث الناس الصاخبة. قال أحدهم إنه واجه وحشًا من المرتبة السادسة، وبذل جهدًا جبارًا لينجو بحياته. وقال آخر إنه عثر على كهف مليء بالكنوز واغتنى في لحظة.
هذا المشهد خفف تدريجيًا من مزاج شي تشونغ الكئيب، فالمغامرات والدم هي أكثر ما يتوق إليه الشباب. في هذه الأثناء، جذبت محادثة مجموعة من الأشخاص انتباهه. "سمعت أن عصابة إله الحرب تجند أعضاء جددًا مؤخرًا."
"نعم، أخطط لتجربة حظي أيضًا. إنها أكبر عصابة مغامرين في المدينة الإمبراطورية!"
"أنت؟ هاها، من الأفضل أن تنسى الأمر. أعضاء عصابة إله الحرب جميعهم عباقرة حقيقيون. لو ذهبت إلى هناك، فلن تكون مؤهلًا حتى لمسح الأرضيات..."
عندما سمع ما قالوه، تحرك قلب شي تشونغ فجأة. عصابة إله الحرب، مجرد سماع الاسم يوحي بالقوة والسيطرة. لم يعتبر نفسه عبقريًا من الطراز الأول، لكنه بالتأكيد من بين الأفضل. فمحارب وحشي من المرتبة السابعة في أوائل العشرينيات من عمره ليس بالأمر الشائع. وهو يفكر في ذلك، سار نحو تلك المجموعة، مستعدًا للسؤال عن كيفية الانضمام.
ولكن في هذه اللحظة، اقتربت منهم مجموعة من الأشخاص ذوي الهيبة والقوة الاستثنائية. كانوا مفعمين بالطاقة، وقد طُرز على ياقة ملابس كل منهم شعار سماوي خالد. "عصابة إله الحرب؟ هيه، لقد أصبحت شمسًا على وشك الغروب."
أدى وصولهم إلى إسكات الحانة الصاخبة فجأة، والتفتت كل الأنظار نحوهم. توقف شي تشونغ أيضًا ونظر إليهم في حيرة، فقد شعر بأن ذلك الشعار السماوي الخالد مألوف.
عند سماع هذه الجملة، استدار أحد مؤيدي عصابة إله الحرب، وقال بحدة: "الجمل النحيل لا يزال أضخم من الحصان. مهما حدث، فإن سمعة عصابة إله الحرب تتردد منذ عقود، ولا يمكن مقارنتها بنادٍ جديد مثل ناديكم، نادي الخالدين السماويين!"
"حقًا؟" في مواجهة هذا التحدي، ارتسمت على وجه رجل من نادي الخالدين السماويين ابتسامة ساخرة: "إذًا هل تعلم لماذا أفل نجم عصابة إله الحرب؟ أوه، لقد انضم الكثيرون إلى نادينا مؤخرًا. هل تريد أن تخمن من أين أتوا؟"
بعد هذه الجملة، نظر الناس إلى بعضهم البعض في دهشة. هل بدأت أكبر عصابتين في المدينة المواجهة بالفعل؟