بووم!

ارتفع صوت الطَّرق مرة أخرى..

انتفض (ددلي) جالسًا وهو يصرخ في رعب: «أين المدفع؟».

وسمعوا صوت اصطدام وظهر الخال (فيرنون) وهو يحمل بندقية في يده.. عرفوا الآن ما الذي كان ملفوفًا في الحزمة الطويلة الرفيعة التي أحضرت معهم.

صاح الخال (فيرنون): «مَن هناك.. أحذركم! إنني مسلح!».

مرت فترة صمت.. ثم..

طراااخ..

دفعت قوة رهيبة الباب.. حتى انخلع من مكانه وسقط سقوطًا مدويًا على الأرض.. وظهر رجل عملاق يملأ الفتحة.. وقد اختفى وجهه وراء شعره الطويل الأشعث، ولحيته الكثة.. ولم يظهر سوى عينيه اللتين كانتا تلمعان مثل الخنفساء السوداء تحت كل هذا الشعر.

خطا العملاق داخلًا الكوخ وأحنى رأسه؛ حتى لا يحتك بالسقف..ثم انحنى ورفع الباب وأعاده ببساطة إلى مكانه؛ فهدأ صوت العاصفة بالخارج قليلًا.. واستدار لينظر إليهم جميعًا!

وتحرك نحو الأريكة التي يجلس عليها (ددلي) وقد تجمد من الخوف وقال: «هل يمكن أن تُعدَّ لنا بعض الشاي؟ لم تكن الرحلة سهلة». ثم نظر إلى (ددلي) وقال: «تحرك أيتها الكتلة البدينة»، وقفز (ددلي) وجرى مسرعًا؛ ليختبئ وراء أمه التي كانت تختبئ وراء أبيه وهي مرعوبة!

جلس العملاق على الأريكة وقال: «وأنت (هاري)!»

فرفع (هاري) رأسه لينظر إلى الوجه الأشعث المخيف ورأى ابتسامة في عينيه السوداوين!

وأكمل العملاق كلامه: «عندما رأيتك آخر مرة.. كنت لا أزال رضيعًا.. ياه.. إنك تشبه أباك كثيرًا، لكنَّ عينيك تشبهان عيني أمك!»

وأصدر الخال (فيرنون) صوتًا خشنًا مثيرًا للأعصاب وقال: «أطالبك بالرحيل فورًا يا سيدي.. إنك مقتحم ودخيل!».

قال العملاق: «آه.. اصمت أيها الغبي!».

ومد يده من فوق ظهر الأريكة وجذب البندقية من الخال (فيرنون)، وطواها في عقدة، وكأنها من المطاط، وألقى بها في الركن..

وصدر عن الخال (فيرنون) صوتٌ يشبه صوت الفأر في المصيدة!

وأدار العملاق ظهره له.. ونظر إلى (هاري) وقال: «على أية حال.. عيد ميلاد سعيد.. لقد أحضرت لك تورتة.. أرجو ألا تكون قد انهرَسَت، ربما أكون قد جلست عليها.. ولكنك ستجدها لذيذة!».

ومن جيب داخلي في معطفه الأسود الفضفاض أخرج صندوقًا فتحه (هاري) بأصابع مرتعشة.. ووجد بداخله تورتة كبيرة من الشيكولاتة مكتوبًا عليها باللون الأخضر: «عيد ميلاد سعيد.. يا (هاري)!».

نظر (هاري) إلى العملاق.. وهو يريد أن يقول له شكرًا.. لكنه بدلًا من ذلك وجد نفسه يقول له: «من أنت؟».

ضحك العملاق!

وقال: «صحيح.. إنني لم أقدم نفسي..إنني (روبياس هاجريد).. أمين مفاتيح أرض (هوجوورتس)!».

ومد يدًا عملاقة صافح بها ذراع (هاري)!

ثم قال وهو يفرك يديه معًا: «لكن أين الشاي؟ لا أمانع لو أن لديكم شيئًا أقوى».

ووقعت عيناه على المدفأة الخالية وأكياس البطاطس المحترقة داخلها.. ثم انحنى عليها لحظات.. ولم ير أحد ماذا يفعل، لكن عندما انتصب واقفًا كانت النيران تملأ المدفأة وتملأ الكوخ البارد بالضوء والأشعة اللامعة، وشعر (هاري) بالدفء وكأنه غطس لتوِّه في حمام ساخن!

وجلس العملاق مرة أخرى فوق الأريكة التي هبطت تحت ثقله، ثم بدأ يخرج الكثير من الأشياء من داخل جيوبه؛ برادًا نُحاسيًّا وكمية من السجق، وأكوابًا وإبريق شاي وطاسة وزجاجة بها سائل كهرماني اللون، أخذ منها رشفة قبل أن يبدأ في إعداد الشاي.. وسرعان ما انتشر صوت ورائحة شواء السجق، ولم ينطق أحد منهم بكلمة والعملاق يعمل.. لكن ما إن أفرغ أول ست قطع من السجق الشهي المحروق قليلًا من الطاسة حتى ارتعش (ددلي) وصرخ فيه أبوه: «لا تلمس أي شيء يعطيه لك!».

وضحك العملاق ببرود وقال: «(درسلي)، إن ابنك بدين بما يكفي.. لا تخف!».

وقدم الطعام إلى (هاري) الذي كان جائعًا.. لدرجة أنه شعر أن هذا هو ألذ طعام تذوقه في حياته.. ولكنه لم يستطع أن يرفع عينيه عن العملاق.. وأخيرًا عندما وجد أن أحدًا لن يشرح له أي شيء.. قال له: «أنا آسف.. ولكنني ما زلت أجهل من أنت؟».

ارتشف العملاق رشفة من الشاي.. ومسح فمه بظهر يده.. ثم قال: «ادعوني باسم (هاجريد).. كما يدعوني الجميع.. وكما سبق أن قلت لك أنا أمين مفاتيح (هوجوورتس). أنت تعرف كل شيء عن (هوجوورتس). أليس كذلك؟».

(هاري): «هه، لا..!».

شعر (هاجريد) بالصدمة..

قال (هاري) بسرعة: «آسف».

صاح (هاجريد): «آسف!!».

ثم التفت ينظر إلى آل (درسلي) الذين انكمشوا في الظلام.. وأضاف: «هم الذين يجب أن يكونوا آسفين.. أعرف أن الخطابات لم تصلك.. ولكنني لم أتصور أنهم لم يحدثوك عن (هوجوورتس).. ولكن، ألم تتساءل قطُّ، أين تعلم والداك كل هذا؟!».

سأل (هاري): «تعلموا ماذا؟».

وصاح (هاجريد) بصوت كالرعد: «تعلموا ماذا؟ انتظر لحظة واحدة!».

وقفز واقفًا على قدميه وبدا في غضبه.. كأنه يملأ الكوخ كله.. والتف آل (درسلي) حول بعضهم والتصقوا بالحائط.. وصاح فيهم: «هل هذا يعني أن هذا الولد.. هذا الولد.. لا يعرف أي شيء عن... عن أي شيء!».

وفكر (هاري) أن الأمر زاد عن حده.. فقد ذهب إلى المدرسة ودرجاته لا بأس بها على أية حال.. فأسرع يقول: «أعرف بعض الأشياء.. مثل الحساب.. وبعض الأشياء».

لكن (هاجريد) أشاح بيده ببساطة وقال: «أشياء عن عالمنا.. أقصد عالمك.. وعالمي.. وعالم والديك!».

قال (هاري): «أي عالم؟».

وبدا على (هاجريد) أنه سينفجر!

وصرخ: «(درسلي)!».

وشحب وجه الخال (فيرنون) شحوبًا شديدًا، وهمس بشيء لم يسمعه أحد.. وحملق (هاجريد) بشدة في (هاري) وقال: «لكنك تعرف كل شيء عن أمك وأبيك.. تعرف أنهما مشهوران.. وأنك أيضًا شهير!!».

(هاري): «ماذا؟ هل كان أبي وأمي من المشاهير؟!».

«أنت لا تعرف.. لا تعرف..».

أخذ (هاجريد) يمرر أصابعه في شعره وهو لا يزال يحدق في (هاري) بذهول. ثم قال أخيرًا: «أنت لا تعرف من أنت!!».

فجأة، وجد الخال (فيرنون) صوته وقال: «سيدي.. توقف.. إنني أمنعك من أن تذكر شيئًا للولد!»

إن أي رجل.. غير (فيرنون درسلي).. مهما كانت درجة شجاعته.. كان سيسقط رعبًا من نظرات (هاجريد) الثائرة.. وعندما تكلم كان كل حرف من كلماته مليئًا بالغضب.. قال: «أنت لم تخبره شيئًا قطُّ.. لم تخبره بما كان بالرسالة التي تركها له (دمبلدور).. لقد كنت هناك.. ورأيت (دمبلدور) وهو يتركها معه.. وأنت أخفيتها عنه طوال هذه السنوات!».

سأل (هاري) بلهفة: «ما الذي أخفاه عني؟».

ارتعب الخال (فيرنون) وصاح: «لا.. توقف.. إنني أمنعك من الكلام!».

وشهقت الخالة (بتونيا) فزعًا!

قال (هاجريد): «اضربا رأسيكما في الحائط.. (هاري).. أنت ساحر!».

وساد الصمت في الكوخ، لم تُسمع سوى أصوات البحر والرياح!

وشهق (هاري): «أنا.. ماذا؟».

قال (هاجريد) وهو يجلس مرة أخرى على الأريكة التي هبطت به أكثر من ذي قبل: «ساحر.. طبعًا.. ساحر عظيم جدًّا وطيب أيضًا.. تمامًا مثل والديك.. هكذا ستكون بعد أن تتلقى بعض التدريب.. أظن أن الأوان قد آن لكي تقرأ خطابك!».

ومد (هاري) يده أخيرًا ليمسك بالظرف الأصفر المعنون بالكتابة الزمردية اللون.. إلى السيد (هـ... بوتر).. الكوخ الأرضي.. فوق الصخرة.. داخل البحر! وأخرج الرسالة من الظرف وقرأ:

مدرسة (هوجوورتس) لفنون السحر..

المدير.. ألباس دمبلدور..

(جماعة ميرلين، الساحر الأكبر صاحب الحظوة، رئيس المجلس الأعلى للمشعوذين والحلف الدولي للسحرة).

عزيزي السيد (بوتر)،

يسعدنا أن نخبرك أن لك مكانًا في مدرسة (هوجوورتس) لفنون السحر.. ستجد داخل الخطاب لائحة بجميع الكتب والأدوات المطلوبة.. تبدأ الدراسة في الأول من سبتمبر.. في انتظار بومتكم في موعد أقصاه ٣١ يولية.........

المخلصة

(منيرفا ماكجونجال)

(نائبة المدير)

انفجرت الأسئلة في رأس (هاري) مثل الألعاب النارية.. حتى إنه لم يستطع أن يقرر أيها يسأل أولًا.. وأخيرًا سأل (هاجريد) متلعثمًا: «ما الذي يعنيه أنهم في انتظار بومتي؟».

قال (هاجريد): «ياه.. لقد ذكرتني» وضرب جبهته بيده بقوة كافية لقلب عربة يجرها حصان.. ومد يده.. وأخرج من أحد جيوبه بومة.. بومة حقيقية حية تمسك بين منقارها ريشة ورق من الجلد، وأخذ (هاجريد) يخط رسالة وهو صامت وكان بإمكان (هاري) أن يقرأها.

عزيزي السيد (دمبلدور)..

أعطيت (هاري) رسالته.. سآخذه لشراء أدواته غدًا.. الجو هنا رهيب.. أرجو أن تكون بخير.

(هاجريد)

طوى (هاجريد) الرسالة جيدًا.. وأعطاها للبومة التي قبضت عليها بمنقارها وأخذها (هاجريد) إلى باب الكوخ.. وأطلقها في العاصفة.. وعاد ليجلس مكانه، وكأن ما فعله عمل طبيعي تمامًا.. مثل الحديث في التليفون!

وأدرك (هاري) أن فمه مفتوح من الدهشة.. فأغلقه بسرعة! وقال (هاجريد): «ماذا كنت أقول؟» ولكن في هذه اللحظة.. تحرك الخال (فيرنون) إلى ضوء المدفأة، وكان وجهه لا يزال شاحبًا كالموتى، وقال: «لن يذهب!».

زمجر (هاجريد) وقال: «أريد أن أرى كيف يستطيع عاميٌّ عظيم مثلك أن يمنعه». فسأله (هاري) باهتمام: «ماذا؟».

قال (هاجريد): «عاميٌّ، هذا ما نطلقه على من لا ينتمون إلى عالم السحر مثلهم! ومن سوء حظك أنك تربيت في أسوأ بيت من بيوت العامة رأيته في حياتي!».

عاد (فيرنون) يتحدث بعنف: «لقد أقسمنا عندما وجدناه أننا لن نسمح بمثل هذه الأشياء التافهة.. وأنه لن يصبح ساحرًا أبدًا!»

قال (هاري): «أنتم تعرفون.. تعرفون أنني ساحر؟»، اعتدلت (بتونيا) فجأة وقالت: «نعرف.. طبعًا نعرف.. وكيف لنا ألا نعرف وقد كانت أختي كذلك أيضًا؟ لقد وصلتها رسالة مثل رسالتك وذهبت إلى نفس المدرسة.. وكانت تأتي في الإجازات وجيوبها مليئة ببيض الضفادع.. وتحول الأكواب إلى فئران.. وبعض الألعاب السخيفة.. كان أبي وأمي فخورين بوجود ساحرة في العائلة.. وكنت أنا الوحيدة التي أراها على حقيقتها.. غريبة الأطوار غير طبيعية». أخذت نفسًا عميقًا ثم أكملت وكأنها انتظرت سنين لكي تقول كل هذا: «...وهناك في المدرسة قابلت هذا الذي يدعى (بوتر).. وتزوجتْه.. وأنجباك، وطبعًا عرفت أنك ستكون على شاكلتهما.. غريب الأطوار وغير... غير طبيعي مثلهما تمامًا.. ثم واصلت تلك الحياة.. حتى تسببت في انفجارها وانتهى الأمر بك معنا لنقوم بتربيتك!».

شحب وجه (هاري) وهتف: «انفجارها.. ألم تقولا لي إنهما ماتا في حادث سيارة؟».

صرخ (هاجريد): «حادث سيارة؟!». وقفز واقفًا بغضب شديد حتى إن آل (درسلي) تدافعوا عائدين إلى ركنهم، وقال: «كيف يمكن أن تقتل (ليلي) و(جيمس بوتر) في حادث سيارة؟ هذا شيء فظيع! فضيحة! (هاري بوتر) لا يعرف قصته، بينما كل طفل في عالمنا يعرف اسمه!».

سأل (هاري) بإلحاح: «لكن لماذا؟ ماذا حدث؟».

واختفى الغضب من وجه (هاجريد) وظهرت الحيرة مكانه، وقال بصوت خفيض قلق: «لم أكن أتوقع هذا.. ولم يكن لديَّ أي فكرة عندما أخبرني (دمبلدور) بوجود مشكلة في الوصول إليك عن مدى ما لا تعرفه. آه، يا (هاري)!! لا أعرف إن كنت أنا الشخص المناسب لإخبارك.. أم لا؟! ولكنك يجب أن تعرف الحقيقة.. لا يمكنك الذهاب إلى (هوجوورتس) بدون أن تعرف».

رمى آل (درسلي) بنظرة غاضبة.

وقال: «حسنًا، من الأفضل أن أخبرك بكل ما أعرفه إلا أنني لا أعرف كل شيء؛ لأن الأمر لايزال لغزًا غامضًا.. أو أجزاء منه...».

جلس (هاجريد) وأخذ يحدق في نيران المدفأة لبضع ثوان، ثم قال: «بدأ الأمر على ما أعتقد بــ... بـشخص يدعى... ولكن.. من المذهل أنك لا تعرف اسمه، كل شخص في عالمنا يعرفه».

سأل (هاري): «مَنْ؟».

قال (هاجريد): «حسنًا، لا أحب أن أنطق باسمه؛ إذا كان ذلك بمقدوري.. لا أحد يحب ذلك في الحقيقة».

(هاري): «لماذا؟».

(هاجريد): «ما زال الناس خائفين يا (هاري).. يا إلهي! هذا أمر صعب جدًّا، سأخبرك بما حدث.. بدأت القصة منذ عشرين عامًا.. عندما ظهر ساحر شرير.. شرير جدًّا.. أكثر شرًّا مما يمكنك تصور اسمه...».

فتح (هاجريد) فمه إلا أنه لم يقل شيئًا.

اقترح (هاري): «يمكنك أن تكتبه».

فهز (هاجريد) كتفيه وقال: «لا أستطيع نطقه. حسنًا، إنه (فولدمور).. لا تجعلني أذكر اسمه مرة أخرى.. على أية حال، بدأ هذا... هذا الساحر يجمع بعض الأتباع حوله.. وفعلًا انضم إليه بعض الناس؛ إما خوفًا منه وإما للاستفادة من قوته.. كانت أيامًا رهيبة يا (هاري)، لم يكن أحد يعرف أي الأشخاص يمكن أن يضع فيهم ثقته، ولم يجرؤ أحد على مصادقة السحرة والساحرات الغرباء.. وحدث الكثير من الأشياء الفظيعة، حاول البعض الوقوف في وجهه بالطبع، ولكنه قتلهم جميعًا.. وكانت (هوجوورتس) من الأماكن القليلة الآمنة تلك الأيام؛ لأن بها الشخص الوحيد الذي كان يخافه (أنت تعرف من)، وهو (دمبلدور)؛ لذلك لم يجرؤ على محاولة السيطرة عليها.

كان والدك ووالدتك من أفضل السحرة والساحرات الذين عرفتهم في حياتي، وكانوا الرواد في فصولهم في (هوجوورتس)! ومن الغريب أن (أنت تعرف من) لم يحاول ضمهما إلى صفه من قبل.. ربما لأنه كان يعلم أنهما مقربان من (دمبلدور)؛ وبالتالي سيرفضان أي صلة بالسحر الأسود.

وربما ظنَّ أن بإمكانه إقناعهما.. أو أراد فقط أن يبعدهما عن طريقه.. لا أحد يعرف بالضبط. كل ما نعرفه أنه منذ عشر سنوات وصل إلى القرية التي كنتم تعيشون فيها ليلة الهالوين وكان عمرك عامًا واحدًا... وذهب إلى منزلكم و... و...».

وفجأة، أخرج (هاجريد) من جيبه منديلًا منقطًا متسخًا ومخط أنفه بصوت يشبه صوت النفير، ثم قال: «آسف، ولكنه شيء محزن جدًّا. أتعرف؟ أبوك وأمك، شخصان طيبان لا تقابل مثلهما كل يوم.. على أية حال...

قتلهما (أنت تعرف من). ثم وهذا هو الشيء الغامض فعلًا في الأمر ــ حاول أن يقتلك أنت أيضًا؛ حتى تكون الجريمة الكاملة على ما أظن، أو ربما حبًّا في القتل.. ولكنه لسبب لا يدريه أحد عجز عن ذلك.. ألم تتساءل قط من أين لك هذه الندبة التي في جبهتك؟ لم يكن هذا جُرحًا عاديًّا. لقد أصابتك لعنة شريرة شديدة القوة، قتلت والدك ووالدتك، ودمرت منزلكم، ولكنها لم تؤثر فيك، وهذا هو سبب شهرتك يا (هاري).. لم ينج أحد قط عندما كان يقرر قتله.. ما عدا أنت. لقد قتل العديد من أفضل السحرة والساحرات: أسرة (ماكينون) وأسرة (بونز) وأسرة (برويتس) وكنت أنت لا تزال وليدًا.. ولكنك نجوت!».

وعندما انتهى (هاجريد) من قصته، مرت بعقل (هاري) خواطر مؤلمة.. فرأى ذلك الضوء الأخضر الغريب بوضوح أكثر هذه المرة.. ولكنه تذكر شيئًا آخر لأول مرة في حياته؛ ضحكة عالية.. قاسية مخيفة وكان (هاجريد) ينظر إليه حزينًا!

(هاجريد): «أخذتك من بين ركام المنزل المدمر، وبأمر من (دمبلدور) أحضرتك إليهم..».

وهنا هب (فيرنون) قائلًا: «الكثير من الهراء والكلام الفارغ».. قفز (هاري)، كان قد نسي تقريبًا وجودهم هناك، وبدا الخال (فيرنون) كأنه قد استعاد شجاعته، كان ينظر إلى (هاجريد) وقبضتاه مضمومتان.

وقال صائحًا: «اسمع أيها الولد.. أعرف أن بك شيئًا غريبًا.. ولكن ربما ضربك علقة ساخنة قد يصلح من شأنك. أما بخصوص والديك، حسنًا، فكانا غريبي الأطوار، لا أنكر ذلك، وفي رأيي أن العالم أفضل بدونهما، وقد نالا ما يستحقان؛ بسبب اختلاطهما بالسحرة، وتلك الأشياء التافهة.. وكما توقعت لهما تمامًا انتهت حياتهما نهاية سخيفة..».

وفي هذه اللحظة، قفز (هاجريد) واقفًا وأخرج من جيبه مظلة وردية ووجهها إلى الخال (فيرنون)، كالسيف وقال غاضبًا: «أحذرك يا (درسلي)، أحذرك.. كلمة واحدة أخرى...».

وارتعد الخال (درسلي) خوفًا من أن يقوم العملاق الملتحي بطعنه بمظلته.. واختفت شجاعته مرة أخرى، وعاد ليختفي بجوار الحائط صامتًا!

قال (هاجريد) وهو يتنفس بثقل: «هذا أفضل»، ثم عاد يجلس فوق الأريكة التي هبطت هذه المرة إلى الأرض.

لكن (هاري) كان حائرًا.. لديه الكثير من الأسئلة، قال: «ولكن.. ما الذي حدث لفولـ... آسف أقصد (أنت تعرف من؟)».

قال (هاجريد): «سؤال جيد يا (هاري).. لقد اختفى.. تلاشى.. في نفس الليلة التي حاول فيها قتلك، وكان هذا سببًا أكبر لشهرتك. إن هذا هو أكثر الأمور غموضًا.. كان يزداد قوة يومًا بعد يوم.. ما الذي ذهب به هكذا فجأة؟!

يقول البعض إنه مات..ولكنني لست متأكدًا أنه كان لايزال آدميًّا بما يكفي لكي يموت. يقول آخرون إنه لا يزال هناك ينتظر اللحظة المناسبة للظهور لكنني لا أصدق هذا. الناس الذين كانوا في صفه عادوا إلينا والبعض الآخر أفاق من تأثير سحره. لا أظن أن هذا كان يمكن أن يحدث لو أنه سيعود.

يعتقد معظمنا أنه يختفي في مكان ما بعد أن فقد كل قوته وأصبح ضعيفًا.. وأنك السبب في ذلك يا (هاري).. شيء فيك أوقفه عند حده.. لقد حدث شيء في تلك الليلة، شيء لم يضعه في حسابه، لا أعرف ما هو ولا أحد يعرف، ولكنَّ شيئًا ما بك قضى عليه». ونظر (هاجريد) إلى (هاري) بحرارة واحترام..

ولكن بدلًا من أن يشعر (هاري) بالسعادة والفخر، كان متأكدًا أن هناك خطأً فظيعًا حدث. ساحر؟ هو؟ هل هذا معقول؟ لقد قضى حياته و(ددلي) يضربه والخالة (بتونيا) والخال (فيرنون) يضايقانه.. لو كان ساحرًا فعلًا فلماذا لم يتحولا إلى ضفدعيْن في كل مرة قاما بحبسه في الخزانة، وإذا كان قد هزم أعظم ساحر في العالم في السابق، فكيف كان بمقدور (ددلي) أن يقوم بركله طوال الوقت مثل الكرة؟

قال (هاري) بهدوء: «(هاجريد).. لابد أن هناك خطأ ما.. لا أعتقد أن بإمكاني أن أكون ساحرًا أبدًا!».

ولدهشته ضحك (هاجريد) وقال: «حقًّا! لست ساحرًا؟ لم تقم قطُّ بجعل أشياء تحدث عندما تكون خائفًا أو غاضبًا».

ونظر (هاري) إلى النار وأخذ يتذكر.. كل الحوادث الغريبة التي أثارت غضب خاله وخالته حدثت عندما يكون متضايقًا أو غاضبًا.. عندما كانت عصابة (ددلي) تطارده، كان يجد نفسه بطريقة عجيبة بعيدًا عنهم.. وتذكر كيف نما شعره في ساعات قليلة عندما ضايقه ذهابه إلى المدرسة بتلك القصة السخيفة.. وفي آخر مرة قام (ددلي) بضربه، ألم ينتقم منه بدون حتى أن يدرك ما فعله عند خروج الأفعى من صندوقها؟

ونظر (هاري) إلى (هاجريد) مبتسمًا فابتسم (هاجريد) مشجعًا إياه وقال: «هيه.. (هاري بوتر) ليس ساحرًا انتظر وسترى، ستكون مشهورًا في (هوجوورتس)!».

ولكن يبدو أن الخال (فيرنون) لم يكن ليستسلم بدون عراك.

فقال (فيرنون): «ألم أقل لك إنه لن يذهب؟ سيذهب إلى مدرسة (ستون وول) العليا وسيكون شاكرًا من أجل ذلك، لقد قرأت هذه الخطابات وسيحتاج إلى كل ذلك الهراء: من كتب تعاويذ وعصا سحرية!!

ضحك (هاجريد) وقال: «ومن يمنعه؟ شخص من العامة مثلك! إن ابن (ليلي) و(جيمس بوتر) مسجل من يوم مولده في مدرسة (هوجوورتس) لفنون السحر.. أعظم مدرسة لتعليم السحر في العالم.. بعد سبع سنوات لن يعرف نفسه، سيكون مع أولاد من نوعيته.. وتحت رعاية أعظم أستاذ في (هوجوورتس)؛ الأستاذ (ألباس دمبلدور)».

وصرخ الخال (فيرنون): «لن أدفع قرشًا واحدًا لرجل عجوز مخادع غبي ليعلمه بعض الألعاب السحرية!».

لا.. لقد تجاوز (فيرنون) حدوده.. وهب (هاجريد) واقفًا وهو يقول بصوت كالرعد: «لا.. أحد يهين.. (ألباس دمبلدور).. أمامي!».

ولوح بمظلته فوق رأس (فيرنون) وأشار بها إلى (ددلي) وصدر منها شعاع بنفسجي، وصوت فرقعة، في اللحظة التالية كان (ددلي) يدور حول نفسه راقصًا.. وقد وضع يده على مؤخرته.. وهو يصرخ من الألم.. وعندما أعطاهم ظهره، رأى (هاري) ذيل خنزير يخرج من خلف بنطلونه.

وصرخ الخال (فيرنون) وجذب ابنه وزوجته إلى الحجرة الثانية، وألقى نظرة أخيرة برعب على (هاجريد) قبل أن يغلق عليهم الباب!

ونظر (هاجريد) إلى مظلته وأمسك بلحيته وقال آسفًا: «كان يجب ألا أفقد أعصابي.. لكن الأمر لم يفلح على أية حال، كنت أرغب في أن أحوله بالكامل إلى خنزير، ولكنه يبدو كذلك على أية حال!».

ونظر إلى (هاري) نظرة جانبية من تحت حاجبيه الكثَّين، وقال: «سأكون شاكرًا لك إذا لم تذكر شيئًا عن قيامي بهذا العمل السحري في (هوجوورتس)، فليس مسموحًا لي بهذا! لقد سُمح لي بأداء بعض السحر؛ لألحق بكم وأوصل لك خطابك، وما إلى ذلك.. وكان هذا هو أحد الأسباب التي جعلتني راغبًا في القيام بهذه المهمة».

سأله (هاري): «ولماذا منعت من القيام بالأعمال السحرية؟!».

قال: «آهٍ.. حسنًا.. لقد كنت أنا نفسي في مدرسة (هوجوورتس) وقد وصلت إلى السنة الثالثة ثم فصلوني من المدرسة.. ولولا الأستاذ العظيم (دمبلدور) الذي احتفظ بي معه.. لكنت طردت من هناك تمامًا!»

قال (هاري): «ولماذا فصلوك من المدرسة؟».

ردَّ (هاجريد) بصوت عالٍ: «لقد تأخر الوقت، وأمامنا عمل كثير في الغد.. يجب أن نذهب إلى المدينة؛ لنحضر تلك الكتب والأدوات المطلوبة».

وخلع معطفه وألقى به إلى (هاري) وقال: «يمكنك أن تستخدمه كغطاء.. ولا تقلق إذا ما اهتز قليلًا.. أعتقد أنني ما زلت أحتفظ ببعض الفئران في أحد جيوبي!!».

2019/11/29 · 439 مشاهدة · 2881 كلمة
Adk3RAK
نادي الروايات - 2024