حين خرج سامرو من الغرفة،

لم يكن يتوقّع أن يكون أول صباح له بعد خمس سنوات…

مشبعًا بكل هذا الصمت.

**

لكن الصالة لم تكن فارغة.

أربعة وجوه انتظروه دون علمٍ منهم…

كأنّ قلوبهم شعرت بقدومه قبل أن تراه أعينهم.

**

تجمّد أوبيتو في مكانه،

وكان واقفًا بجوار كاكاشي،

وخلفهما كوريناي تُعدّ بعض الشاي على الطاولة،

وشيسوي جالسٌ بالقرب من الباب الخلفي المؤدي للفناء.

**

كلّهم نظروا إليه.

كأن الزمن توقف.

**

أوبيتو هو أول من تحرّك،

ركض نحوه دون أن ينبس بكلمة،

ثم صاح بصوتٍ اختنق في حلقه:

— “أويـاجي… عدت!”

— “كنت أظن أنك… أنك لن تراني وأنا أصبح هوكاجي يا سينسي…”

**

ثم تبعه كاكاشي، بهدوئه المعتاد،

لكنه هذه المرة نطق الكلمات بعينين دامعتين:

— “مرحبًا بعودتك… أوياجي.”

**

كوريناي وقفت، ولم تقل الكثير.

كانت دمعتها أبلغ من أي جملة.

لكنها مع ذلك قالت:

— “أويـاجي… كم اشتقنا إليك.”

**

وقبل أن يردّ،

شعر بجسدٍ صغيرٍ يُلقي بنفسه على صدره بقوة.

**

كان شيسوي.

الطفل الذي تركه صغيرًا…

وقد عاد الآن، ينظر إليه بعينين فيهما ألف عتاب.

قال بصوتٍ مبحوح:

— “لقد عدت، أويـاجي.”

**

انحنى سامرو، احتضنه بشدة،

ثم تمتم:

— “نعم عدت… يا شيسوي.”

**

نظر إلى الجميع،

ابتسم رغم اختناق صدره،

ثم سأل ساخرًا:

— “ما الحكاية مع (أويـاجي)؟”

**

ضحك أوبيتو، وقال:

— “قلنا إنك إن عدت، سيكون الشيب قد غزاك…”

كاكاشي أكمل بابتسامة ناعسة:

— “فاستعددنا لمناداة الجدّ سامرو.”

**

ضحك سامرو بخفة،

ومرّر يده في شعره الطويل.

— “لكن يبدو أنني… كسرت توقّعاتكم.”

**

عمّ الصالة صمتٌ دافئ.

ذلك الصمت الذي لا يُقال فيه شيء،

لأنّ اللقاء نفسه… كان كافيًا.

لم يطل الصمت طويلًا.

بينما كان سامرو ما يزال يُمسك بشيسوي،

سمع خطواتٍ صغيرة تقطع أرجاء الصالة بخفةٍ وفضول.

التفت…

فرأى أيومي أول من دخل، تليها رينجي بخطوات أهدأ.

**

قالت أيومي دون تردد، بنبرةٍ آمرة ناعمة:

— “فلتلعب معنا الآن!”

**

رفع سامرو حاجبيه، وابتسم:

— “لكن… والدكم ينوي زيارة صديقٍ قديم أولًا،

أتودّان القدوم معي؟”

**

نظرت أيومي إلى رينجي،

كأنها تبحث عن موافقة.

ثم أومآ كلاهما برأسيهما، في وقتٍ واحد.

**

ابتسم سامرو،

مدّ يديه إليهما.

ركض الطفلان نحوه،

فأمسك بأيديهما معًا.

**

قال بهدوء:

— “هيا بنا.”

**

غادروا القصر،

ثلاث ظلالٍ تسير في ضوء الصباح…

وأبٌ، يعود إلى العالم،

بيديه ما تبقى له من المعجزه

رائع… هذا الفصل يجمع بين البراءة الطفولية و العودة المؤثرة ، بأسلوب يجسّد دفء الأبوة، وروح اللقاءات التي تمسّ القلب.

كان النسيم الصباحي يُداعب أطراف الطريق،

وسامرو يسير بخطى هادئة،

وكل يد من يديه مشبوكة بكفٍّ صغيرة.

أيومي على يمينه،

ورينجي على يساره،

ووجهاهما يحملان فضولًا لا حدود له.

**

تحدث رينجي أولًا، ورفع رأسه بنظرة جادّة:

— “بابا… هل أنت أقوى شخص في العالم؟”

نظر سامرو إليه، وأجاب بثقة مصطنعة:

— “نعم، بالطبع.”

ابتسم رينجي بانبهار، لكن سرعان ما سأل مجددًا:

— “حتى أقوى من ماما؟”

ضحك سامرو بصوتٍ خافت، وهز رأسه:

— “لا… هي أقوى مني.”

**

قهقهت أيومي من جانبها، وقالت بمرح:

— “نعم، ماما هي الأقوى!”

ضحك سامرو، لكن قبل أن يُكمل، سألته أيومي بجدية مفاجئة:

— “أويـاجي… هل ذهبت إلى السماء؟

ماما قالت لنا إنك فعلت.”

صمت لحظة، ثم أجاب بنبرة دافئة:

— “نعم صغيرتي… والدكما ذهب إلى السماء.”

**

فتح رينجي فمه بدهشة:

— “واو! والدنا مذهل، أيومي!”

لكن أخته التفتت سريعًا في محاولة لإخفاء انبهارها،

وسألت بنبرة تتظاهر بالسخرية:

— “أويـاجي… هل ذهبت إلى القمر؟”

ضحك سامرو وقال:

— “لا… ليس بعد.”

رفعت حاجبيها، وقالت بثقة:

— “هاه، إذن لست مذهلًا!”

ابتسم وقال:

— “سأذهب إليه معكما… ومع والدتكما أيضاً.”

**

لم يُكمل الجملة حتى توقّف.

رفع رأسه.

أشار رينجي أمامه بحماس:

— “إنه بيت ناروتو!”

وقالت أيومي، وقد تألقت عيناها:

— “نعم! صحيح!”

**

اقترب سامرو من الباب،

وطرقه بلطف.

**

دقائق مرت…

ثم فُتح الباب ببطء.

ظهرت كوشينا، تحمل بين يديها كتاب دراسي.

كانت ملامحها مرهقة، وكأنها تستعد لحربٍ منزلية مع ناروتو حول المذاكرة.

رفعت عينيها.

تجمّدت.

**

سقط الكتاب من يدها على الأرض،

وما إن وقع، حتى انقضّت عليه كما لم تفعل من قبل.

**

عانقته بقوة، وهي تبكي دون حرج،

ذراعاها تطوّقانه بشراسة من اشتاق وفقد وأخيرًا… وجد.

— “كنت أظن أننا فقدناك… للأبد.”

رد سامرو، وعيناه تلمعان:

— “لقد عدت… كوشينا.”

**

وفي الخلف،

كان الطفلان يُمسكان بيد بعضهما،

ويشاهدان المشهد بصمت…

كأنّهما يعلمان أنه ليس لهما وحدهما،

بل لكل من افتقد هذا الرجل في قلبه.

ما إن تركت كوشينا ذراعيه،

حتى شعر سامرو بنظرة تحدق فيه من الخلف.

التفت بهدوء.

**

كان طفلٌ أشقر الشعر،

عيناه زرقاوان كالسّماء،

ووجهه يحمل تشابهاً واضحًا مع شخصٍ يعرفه تمام المعرفة.

وقف الطفل أمامه، بذراعين متشابكتين، وقال دون أي تردّد:

— “من أنت بحق الجحيم؟”

**

ابتسم سامرو، لم ينزعج من السؤال،

بل انحنى قليلًا وقال:

— “أنا والد أيومي ورينجي.”

**

ارتفع حاجبا الطفل،

وبصوتٍ فيه شيء من الغضب الطفولي، صاح:

— “إذًا أنت الوغد الذي ترك يارا-نيسان، وأيومي، ورينجي وحدهم!”

**

ضحك سامرو بصوتٍ مكتوم،

ثم التفت إلى كوشينا التي كانت تمسك جبينها بيدها، وقال لها ساخرًا:

— “هل أنتِ من علمه هذه الكلمات؟”

**

أجابت وهي تزفر:

— “لا… الوغدان كاكاشي وأوبيتو، يتشاجران أمامه باستمرار، وهو يقلّدهما.”

**

هزّ سامرو رأسه وهو يضحك، وقد فهم كل شيء.

**

ثم سأل وهو يمرّر نظره في المكان:

— “ميناتو هنا؟”

أجابت:

— “إنه يستحم الآن. سأذهب لإخباره.”

أوقفها بإشارة هادئة:

— “لا داعي… سأنتظر.”

**

ألقى نظرة على الأطفال،

أيومي ورينجي بدأوا باللعب مع ناروتو،

صوت ضحكاتهم امتزج في باحة المنزل كأن شيئًا لم ينكسر.

**

جلس سامرو على الدرج الخشبي المطلّ على الحديقة.

تأمّلهم…

وابتسم.

**

لم تمضِ دقائق…

حتى فُتح باب المنزل.

وخرج ميناتو، وهو يجفف شعره بمنشفة،

لكن ما إن وقع نظره على سامرو…

حتى توقفت يداه.

ابتسم، بهدوء لا يشبه أحدًا سواه.

وتقدّم، ثم قال:

— “مرحبًا بعودتك، أخي.”

**

نهض سامرو، واقترب.

— “مرحبًا بك… أيها الهوكاجي.”

وضعت الشمس شعاعها الأخير فوق كتفيهما،

كأنّ العالم تآمر ليُمهّدهما للحديث الذي طال انتظاره.

2025/05/16 · 18 مشاهدة · 950 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025