من

منظور

يارا

نزلت من ذراعيه، ووقفت على قدميّ،

لكن قلبي… بقي هناك.

كان واقفًا أمام الحائط،

ظهره إليّ،

لا يتحرّك.

اقتربت بخطوتين.

ثم رأيت ما كان يحدّق فيه.

جدارٌ عظيم،

منحوتٌ كأنه لم يُصنع… بل كُشف.

وفي قلبه…

لوحة محفورة بأدق ما يمكن أن تراه عين.

في الأعلى، على العرش،

رجل ضخم الجسد، واسع الرداء،

تاجه من قرنين طويلين، وجسده يفيض مهابة.

لكنه لا ينظر.

وجهه مخفيٌ بالظل،

إلا من تعبير واحدٍ واضح…

الصدمة.

وراءه مباشرة،

جسدٌ آخر… نحيل، أبيض الشعر،

يغرس شيئًا في ظهر الجالس.

طعنة.

طعنة واحدة، لكنها حفرت التاريخ في الحجر.

أسفل العرش،

كان هناك عدد من الأجساد الراكعة.

رجالٌ ونساء،

يرتدون ملابس موحّدة بلون ناصع،

أكتافهم منحنيّة، رؤوسهم إلى الأرض.

لديهم قرون اعينهم غريبه

النبلاء… والأبناء.

وراء الصفوف، بعيدًا قليلًا…

كان هناك رجلٌ بابتسامة صغيرة، خبيثة،

لكن لا أحد من المنحنين يراه.

كان يقف وحده.

وعيناه مفتوحتان كأنهما يرى أكثر مما ينبغي.

وسامورو… همس اسمه بصوتٍ لم يُشبه أي صوتٍ سمعته منه من قبل:

“أوتسوتسوكي نيمو…

ماذا تريد أن تفعل؟”

شعرت ببرودة تخترق عمودي الفقري.

نظرت إلى سامورو.

كان جامدًا…

عينه لا ترمش،

أنفاسه أبطأ من المعتاد،

ووجهه… فارغ.

لكن في عينيه،

رأيت شيئًا لم أفهمه.

**

نظرت إلى بقيّة اللوحة.

رجلٌ في طرف المشهد،

شعره الطويل يشتعل بالضوء،

يحاول الهجوم على من طعن الجالس.

كأنّه الوحيد الذي رفض الركوع.

وفي أقصى اليمين…

رجلٌ ذو هيئة تقشعر لها الأبدان،

واقفٌ بهيبة غامضة،

لم ينظر أحد إليه…

إلا واحد.

ذلك الذي يبتسم.

وفي الزاوية…

فتاة.

صغيرة الجسد، شعرها ناعم يلامس كتفها،

لكن في وجهها…

عين لا تشبه أي عين. .

لم أنطق.

لم أسأل.

لكن قلبي… كان يصرخ.

وسامورو… لا يزال واقفًا،

يقرأ ما لا يُقرأ،

ويفهم ما لا يُفصح عنه أحد.

لكنني شعرت، بكل خلية في جسدي،

أن ما رأيناه هنا…

ليس ماضيًا.

بل نبوءة.

من

منظور

سامورو

"سامرو ماذا حصل في الضريح لماذا توقفت وتقف الزمن ومن نيمو"

"نيمو هو اللعين اللذي يتلاعب بي"

كنت واقفًا أمام اللوح الحجري،

والكلمات ما تزال مشوشة،

كأن الجدار يختبرني، يطلب مني شيئًا لم أقدّمه بعد.

أغمضت عينيّ.

حين فتحتهما،

كانتا قد تحوّلتا إلى المانجيكيو شارينغان ،

وبدأت الرموز تتوهج…

كأنها عظامٌ أُشعلت بالنار.

بدأت أقرأ.

لكن…

في منتصف السطر الرابع،

كل شيء تجمّد .

الصوت.

الحركة.

الضوء.

قطرة الماء التي كانت تهبط من سقف الضريح… توقفت في منتصف الهواء.

شعرت كأن أحدًا قد سحب قلبي من داخلي، وأوقف نبضه، دون أن أموت.

ثم…

“أوه، وأخيرًا نظرت إليّ.”

كان الصوت خلفي.

رخيم، مائلٌ للتهكم… وكأنه يستمتع بفكرة أنه يعلم أكثر منك دائمًا.

استدرت ببطء.

ظهر أمامي رجل… لا يشبه الرجال.

طويل، رشيق،

شعره أبيض طويل،

وعيناه خضراء كزمرد مضيء، لكن بريقها غريب… حي… قاسٍ.

كان يرتدي رداءً أسود ضيقًا حول جسده،

وعلى جبينه… ثلاث نقاط من التوموي، مرسومة كأنها علامة سخرية.

ابتسم بخفة، ثم قال وهو ينحني بنصف مبالغة:

“دعنا نبدأ بالأدب، أليس كذلك؟

أنا نيمو…

الابن الثاني لذلك الذي خلع تاجه بيده.”

كنت عاجزًا عن الرد.

جسدي لم يكن مشلولًا، لكنه لم يتحرك.

كأن حضوره… يتجاوز قوانين هذا العالم.

**

قال وهو يدور حولي كصدى:

“ثلاث ثوانٍ من التجميد…

أوه، كم أنت مبتدئ.

ظننتُك أبعد من هذا، سامورو.”

حدّق في عينيّ، وأشار بإصبعه اليمنى إليهما:

“هذه العيون… كم هي مثيرة للشفقة حين تظن أنها ترى كل شيء.”

اقترب أكثر،

حتى صار وجهه قريبًا من وجهي.

عيناه لا ترمش،

وبصوته الذي بدأ يبرد:

“أنت لا تعلم…

أن من منحك هذه القدرة،

هو أنا.”

انكمش صدري.

أحاول الكلام… لكن لساني لا يتحرك.

**

ابتسم كأنني نكتة لم تُفهم:

“ثلاث ثوانٍ؟

ليس بعد.

أنت لم تجهز… حتى لواحد بالمئة من قوتك.”

ثم رفع يده، ومدها إلى عينه هو،

فأخرج منها… ضوءًا أخضر.

يشبه سائلًا…

لكنّه حي.

“هذه ستكون هديتي…

ولعنتك.”

ثم دون إذن…

مد إصبعه إلى عيني،

ولمستني تلك الطاقة.

**

شعرت بكل شيء يتغيّر.

كأن طبقات من الزمن دخلتني،

وانغلق الباب خلفي.

أراد أن يبتعد.

لكنه توقف وقال، وكأنه يعطي أمرًا لا نقاش فيه:

“عندما تملك الرينغان…

تعال إليّ.”

ثم أشار بإصبعه إلى أسفل الضريح:

“افتح الغرفة السرية.

ولا تتأخر… فكل ثانية تُعني حياةً ما.”

ثم… اختفى.

اختفى كما جاء.

دون أثر…

لكن صدى صوته بقي في رأسي.

عاد الزمن فجأة.

قطرة الماء سقطت على كتفي.

وصوت قلبي عاد ينبض كأنه يريد الفرار من صدري.

لم أتحرك.

كنت أعرف…

أنني رأيت إلهًا.

لكنني أيضًا…

شعرت للمرة الأولى أنني مجرد دمية.

للمره الأولى اردت الموت اكثر من الحياه

للمره الاولى تمنيت ان لم اولد مره اخره

ارتجتفت حتى الموت عرفت طعم الخوف الحقيقي

عرفت معنى القوه عرفت معنى ان اصبح دميه

الفصل الخامس عشر – المطر الذي لا يهطل

من

منظور

يارا

صفعتي ما تزال في الهواء.

لم تهبط فقط على خده… بل على قلبي أنا أيضًا.

لم أكن أريد أن أؤذيه.

لكن صمته كان سكينًا يقطعني ببطء،

ونظراته الباردة… كانت أقسى من أي شيء.

ثم، بكل ما تبقّى فيه من ضعف خفي:

“أنا آسف.”

همسها.

مرتين.

كأن الأولى لن تكفي،

والثانية لم تكن موجهة لي، بل لنفسه.

شيء ما بداخلي تحطّم.

خطوت نحوه…

مددت يدي،

ثم احتضنته.

أحطت به بذراعي،

بصدرٍ اختنق من كل ما لم يقل،

وبقلبٍ خائف من أن يخسره مرة أخرى… لكن بطريقة أبطأ هذه المرة.

ظل ساكنًا.

وبعد لحظات…

بدأ يهتز.

رأسي على كتفه،

أذني لامست عنقه،

وأنفاسه الحارة تخرج كأنها تنهار من داخله.

وفجأة…

اختفى المطر.

رفعت عيني.

السماء ما زالت رمادية،

لكن لا صوت،

لا قطرة،

ولا بلل.

كأن اللحظة تجمّدت.

عدت بنظري إليه…

ووجدت وجهه مخفيًا عني،

لكن كتفيه يهتزان،

وصدره يرتجف كأن قلبه نفسه يُبكيه.

وعندما رفعت رأسي قليلاً…

كان يبكي.

دموع حقيقية.

من عين لم أعرف إن كانت تعرف البكاء.

تسيل على خده،

بصمت يشبه الاعتراف.

**

ضممته أكثر،

وضعت يدي خلف عنقه،

جعلته يستند إلي.

كان مثل طفلٍ ضائع عاد إلى البيت،

لكن وجد البيت فارغًا… فانهار.

**

همست له، وأنا لا أعرف إن كنت أواسيه أو أطلب منه أن يبقى:

“الرجل الذي أحببته…

لم يكن يستسلم.”

عندها فقط…

رفع عينيه نحوي.

كان فيهما شيءٌ مكسور.

شيءٌ لم يكن موجودًا من قبل.

**

قال، وصوته محمّل بطبقات لا تُحصى:

“لا زلت أشعر في وجوده…

بلعنته.

حين فقدت عينيّ…

تصورت أنني نجوت.

لكن ما فقدته بعد ذلك…

كان أكبر من البصر.”

سكت.

فلم أستطع.

ضحكت.

ضحكة مبللة بالدموع.

مسحت دمعته، ثم همست:

“فقدت عينيك… واكتسبت أخرى.

وإن فقدتها، سأكون نورك.

وإن فقدت أملك، سأكون أملك.

وإن فقدت كل شيء…

سأكون كل شيء لك.”

ثم، قبّلت جبينه ،

ثم عينيه …

وفي تلك اللحظة…

عاد المطر.

**

انهمر وكأنه انتظر تلك القبلة.

وسمعته يهمس، بصوت لا يسمعه أحد غيري:

“شكراً… يارا.”

لم أجب.

فقط ضممته مجددًا،

وتركت السماء تبكي بدلًا عنا.

2025/05/13 · 24 مشاهدة · 1065 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025