كان الصباح ساكنًا، والضوء يتسلّل من خلف ستائر الغرفة الثقيلة.

النسيم العليل يُداعب وجنة سامرو وهو مستلقٍ على فراشه، يُمني نفسه بيوم من الراحة… لكن ذلك لم يدم طويلًا.

**

“سييييييّنسي! استيقظ!!”

صوت انفجر في الغرفة كما تنفجر القنابل الدخانية، فأطلق سامرو تنهيدة ثقيلة وهو يغطي وجهه براحة يده.

قال بصوت متهدّج:

“أوبيتو… ماذا تريد في هذا الوقت المبكر؟”

ثم أشار دون أن يفتح عينيه:

“أحضري لي الشاي… بسرعة.”

قالها مخاطبًا الخادمة التي سمع خطواتها من بعيد.

**

لكن، حين فتح عينه أخيرًا… توقف الزمن لوهلة.

**

كان أوبيتو واقفًا أمامه، يبتسم كأنّه في مهرجان.

وخلفه، وقف كاكاشي بهدوئه المعتاد، يهز رأسه في إنكارٍ خفيفٍ وكأنّه يقول “لا علاقة لي بما يحدث”.

وعلى الجانب، رين تبتسم بلطف، وإلى جوارها فتاة لم تكن غريبة تمامًا… بشعر داكن وقصير، ونظرة واثقة، إنها كوريناي يوهي .

**

وما إن استوعب الأسماء حتى دوّى صوت جديد من الخلف:

“أيها السينسي!!”

فدخل فتى بحاجبين كثّين كأنهما مكنسة، يركض بطاقةٍ لا حدود لها…

إنه مايت جاي .

**

صرخ أوبيتو بحماسة لا توصف:

“لقد قرّرنا يا سينسي إقامة معسكر تدريبي صيفي هنا في قصرك! لقد استأذنت من الجدة، وقد وافقت!”

**

رفع سامرو حاجبه ببطء، وعقله يحاول أن يستوعب المصيبة التي أمامه.

ثم نطق بهدوء مريب:

“هاه…؟”

**

تابع أوبيتو بانفعال:

“رين وكوريناي استأذنتا من والديهما، ولما علموا أنّك ستكون المشرف… وافقوا فورًا!

أما جاي، فقد وافق والده فقط بعد أن علم أنّ كاكاشي سيكون هنا.”

**

نظر سامرو إلى كاكاشي الذي تمتم دون أن يرفع نظره:

“أنا… لم أوافق، ولم أكن جزءًا من هذا القرار.”

**

أدار سامرو عينيه، ثم سأل بصوت ثقيل:

“وماذا عن الأكاديمية؟”

رد أوبيتو بفخر:

“عطلة صيفية يا سينسي! شهر كامل!”

**

ساد صمت لثوانٍ.

ثم أغمض سامرو عينيه وقال بلا روح:

“اللعنة…”

**

وهكذا، بدأ كابوس سامرو الصيفي.

قصر هاتاكي… أصبح رسميًا معسكر تدريبٍ لأكثر مجموعة فوضوية رآها في حياته.

صباح في قصر هاتاكي

كان الهدوء يعمّ صالة الجلوس الواسعة في قصر هاتاكي، والضوء الذهبي يتسلّل من النوافذ الخشبية إلى الأرضية المكسوة بالبُسط، بينما كان بخار الشاي يتصاعد من الفنجان أمام سامرو، الذي جلس مسترخيًا، يُحدّق في كوبه بهدوء شبه تام.

**

جلست ميو، كما هي عادتها، على المقعد المقابل له، بفنجانها الخاص بين كفيها.

نظر سامرو إليها وسأل بنبرة رخوة:

“أين ساكامو؟ لم أره منذ الأمس.”

رفعت حاجبيها وقالت بابتسامة دافئة:

“في مهمّة خارجية.”

ثم أضافت بخفة تهكّم:

“على عكسك تمامًا… شخص لا يخرج في مهمّة إلا إذا شعر بالملل القاتل.”

**

ضحك سامرو بهدوء وهو يُحرّك فنجانه بين يديه، ثم قال بنبرة ساخرة:

“إذًا… ما تفسيرك لسماحك لتلك المجموعة بأن تُقيم معسكرًا صيفيًا في القصر؟”

**

ابتسمت ميو، تلك الابتسامة التي تُخفي خلفها دهاء الأمهات وحنكتهنّ، ثم قالت:

“بما أنك لا تملك شيئًا تفعله، فقد ظننت أنه من الأفضل أن يشغلوك في الصباح.

ثم… أردت أن أعطي كاكاشي الفرصة لتقوية علاقته مع أصدقائه.

هو لا يحتاج إلى قوّة فقط، بل إلى روابط تبقيه إنسانًا.”

**

نظر إليها سامرو لبرهة… ثم تنفّس تنهيدة خفيفة وابتسم ابتسامة جانبية، لم تُخفِ مزيج السخرية والامتنان في آنٍ معًا.

رفع الفنجان ببطء واحتسى منه، ثم…

**

“كااااااااكاشي!!! نافسني أيها المنافس الأبدي!!!”

**

صوت صاخب اخترق سكون القصر.

رفعت ميو حاجبيها، بينما ظل سامرو يحدّق بثبات إلى الخارج، حيث ارتطم جسد مايت جاي بالأرض مجددًا، بعد أن حاول مجددًا التفوق على كاكاشي في التمارين الصباحية.

**

كاكاشي، بهدوئه المعتاد، مرّ بجانبه دون أن يلتفت، وكأن ما حدث هو جزء من روتينه اليومي.

**

قالت ميو، وهي تنظر إلى المشهد عبر النافذة:

“هل هذه المرة السادسة؟”

**

رفع سامرو كتفيه بخفة، وأجاب بصمته المعتاد… تلك الحركة التي تعني:

“من يدري؟ لقد فقدت العدّ منذ الأمس.”

**

عاد إلى رشفة أخرى من الشاي، بينما كانت الحياة في قصر هاتاكي تمضي بطريقتها الغريبة… المليئة بالفوضى، والهدوء، والدفء.

مرّت ثلاثة أيام على بدء المعسكر الصيفي في قصر هاتاكي، وكانت أجواؤه تجمع بين الصخب والهدوء، بين الضجيج الذي يصنعه جاي وأوبيتو، والصمت الذي يتقنه كاكاشي، وبين الضحكات الخافتة التي تنسجها رين وكوريناي على أطراف التدريبات.

كان سامرو يجلس تحت ظلال الأشجار في فناء القصر، يحتسي كوبًا من الشاي بهدوء، يتأمل ساحة التدريب التي باتت تمتلئ بالأصوات كل صباح.

فجأة، اقتربت منه كوريناي بخطى مترددة لكنها حاسمة.

قالت بصوت خافت وهي تقف أمامه:

“لدي طلب، سامرو-سينسي.”

رفع سامرو حاجبه، وحدّق بها لحظة.

“طلب؟ ما هو؟”

أغمضت عينيها، تنفست بعمق، ثم قالت:

“أريد… أن أكون تلميذتك، مثل أوبيتو.”

اتسعت عينا سامرو، بذهول لا يستطيع إخفاءه.

صمت للحظة، ثم سأل:

“منذ متى قررتِ هذا؟”

أجابت، وقد فتحت عينيها بنظرة جادة غير معتادة على فتاة في مثل عمرها:

“منذ أن رأيت تطوّر أوبيتو في الأكاديمية… وأخبرت والدي بالأمر.

قلت له إنني سأخضع لتدريبك… بالإضافة إلى تدريبه لي.”

حدّق بها سامرو، ثم رفع حاجبيه وقال بنبرة ساخرة:

“يا لكِ من شقيّة… أخبرتِ والدك أنك ستتدربين، ولم تذكري أنك ستطلبين مني أو تنتظرين موافقتي!”

ثم أضاف بنبرة أكثر جدية:

“وماذا لو رفضت؟”

أجابت، وغمزت بعينها بثقة طفولية:

“لن ترفض… أليس كذلك، سينسي؟”

**

فجأة… أحسّ بيد تربت على كتفه من الخلف.

التفت سامرو ببطء، فرأى ميو واقفة خلفه، تنظر إليه بنظرة لا تقبل الجدال.

كانت تلك النظرة تقول كل شيء دون أن تنطق.

**

تنهد سامرو، وعاد ينظر إلى كوريناي، ثم قال:

“حسنًا… من اليوم، أنتِ تلميذتي الثانية. وستنادينني سينسي… فهمتِ؟”

قفزت كوريناي من الفرح، ابتسامتها تملأ وجهها، وقالت بحماس:

“شكرًا، سينسي!”

أشار إليها بيده:

“اذهبي إلى أوبيتو… وابدئي تدريبه من حيث بدأ.

ومن الغد… سيبدأ تدريبكم الحقيقي.”

ثم أخذ رشفة طويلة من الشاي، وأغمض عينيه، متنهدًا بعمق:

“ما الذي ورّطت نفسي فيه هذه المرة؟”

**

لكن رغم التنهد… لم تفارق وجهه تلك الابتسامة الخفيفة التي لا يراها أحد.

ابتسامة ذلك الذي يعرف جيدًا:

أن مستقبل كونوها… قد بدأ يتشكّل بين يديه.

2025/05/14 · 32 مشاهدة · 910 كلمة
m6
نادي الروايات - 2025