الفصل الرابع: أكاديمية سيول
استيقظ جون على صوت طرقات حازمة على باب غرفته. نظر بعينين نعستين إلى الساعة الرقمية: 6:15 صباحاً. تذكر فوراً التدريب الصباحي مع هاي-جين، وقفز من سريره بسرعة."قادم!" صاح وهو يرتدي ملابسه الرياضية على عجل.عندما فتح الباب،
وجد هاي-جين تقف هناك، ترتدي زيها الرياضي الأزرق، وجهها يحمل تعبيراً صارماً كالمعتاد."أنت متأخر خمس دقائق." قالت بنبرة تقييمية."لكنك قلت السادسة والنصف!" احتج جون."قلت إن التدريب يبدأ في السادسة والنصف. التحضير يبدأ قبل ذلك." صححت له بحزم. "هيا، لدينا الكثير لنعمله اليوم."تبعها جون عبر ممرات المبنى
السكني الهادئة، متثائباً ومحاولاً إيقاظ جسده المتعب. لاحظ أنه كان يشعر بتحسن ملحوظ مقارنة بالليلة الماضية، ربما بفضل حجر الشفاء الذي أعطته إياه سو-يون."نمت جيداً؟" سألته هاي-جين فجأة، دون أن تلتفت إليه."نعم، بشكل مفاجئ في
الواقع." أجاب جون. "كنت أتوقع أن أستيقظ متألماً بعد تدريب الأمس."توقفت هاي-جين ونظرت إليه بعينين متفحصتين. "هذا غريب. معظم المتدربين الجدد يعانون من آلام شديدة في اليوم التالي."مد جون يده تلقائياً إلى القلادة التي أعطته إياها سو-يون. "ربما لأنني... أتعافى بسرعة؟"لاحظت هاي-جين القلادة فوراً، وضيقت عينيها. "من أين حصلت على هذا؟""أوه، هذا؟ أعطتني إياه سو-يون أمس. قالت إنه حجر
شفاء يساعد على التعافي."بحركة سريعة ومفاجئة، مدت هاي-جين يدها ونزعت القلادة من عنق جون."هي!" احتج جون بغضب. "ما هذا؟"تفحصت هاي-جين القلادة بدقة، وجهها يحمل تعبيراً غاضباً. "هذا ليس مجرد حجر شفاء. إنه جهاز تتبع
وتأثير.""ماذا تعني؟" سأل جون بارتباك."أعني أن هذه القلادة لا تساعدك على التعافي فحسب، بل تسمح لمن صنعها بتتبع موقعك ومراقبة حالتك الجسدية." شرحت هاي-جين بنبرة حادة. "وفي بعض الحالات، يمكن استخدامها للتأثير على مشاعرك
وأفكارك."شعر جون بالصدمة والخيانة. "لكن... لماذا تفعل سو-يون شيئاً كهذا؟""هذا ما أتساءل عنه أيضاً." قالت هاي-جين، واضعة القلادة في جيبها. "سأتحدث معها لاحقاً. الآن، دعنا نركز على التدريب."وصلا إلى ساحة التدريب، التي كانت خالية تماماً في هذه الساعة المبكرة. بدأت هاي-جين بتوجيه جون عبر تمارين الإحماء، لكنه
لاحظ أنها كانت أكثر تركيزاً وجدية من اليوم السابق."اليوم سنركز على تحسين ردود أفعالك." أعلنت بعد الإحماء. "قدرتك دفاعية بطبيعتها، لكنها تعتمد على قدرتك على الاستجابة بسرعة للهجمات."أخرجت هاي-جين عدة كرات صغيرة من حقيبتها. "سأرمي هذه نحوك، وعليك تفاديها أو صدها. بسيطة، أليس كذلك؟"أومأ جون برأسه،
معتقداً أن التمرين سيكون سهلاً نسبياً. لكن عندما بدأت هاي-جين برمي الكرات، أدرك خطأه. كانت سريعة بشكل لا يصدق، ترمي الكرات من زوايا مختلفة وبسرعات متفاوتة. حاول جون تفاديها، لكنه أصيب مراراً وتكراراً."بطيء جداً!" صاحت هاي-جين.
"ركز! توقع حركتي التالية!"استمر التمرين لمدة نصف ساعة، وبحلولها كان جون متعباً ومحبطاً. كان جسده مغطى بالكدمات الصغيرة من الكرات التي أصابته."هذا مستحيل." تمتم بإحباط. "أنت سريعة جداً.""أعداؤك لن يكونوا أبطأ." ردت هاي-جين
بحزم. "في الواقع، بعضهم سيكون أسرع مني.""أعداء؟" سأل جون باستغراب. "من يريد مهاجمتي؟"توقفت هاي-جين ونظرت إليه بجدية. "جون، يجب أن تفهم شيئاً مهماً. قدرتك نادرة وقيمة للغاية. هناك أشخاص ومنظمات ستفعل أي شيء للسيطرة عليها... أو عليك.""مثل من؟" سأل جون، شاعراً بالقلق يتصاعد في
صدره."منظمة الظل الأسود، على سبيل المثال." أجابت هاي-جين. "منظمة سرية تستهدف الأشخاص ذوي القدرات النادرة. وهناك أيضاً شركات خاصة وحكومات أجنبية ترغب في استغلال قدرات مثل قدرتك."صمتت للحظة، ثم أضافت بنبرة أكثر خفوتاً:
"وهناك أيضاً... أشخاص أقرب مما تعتقد قد يشكلون خطراً عليك.""ماذا تعني؟" سأل جون، مرتبكاً من تلميحها."فقط كن حذراً ممن تثق بهم." نصحته هاي-جين. "ليس كل من يبتسم في وجهك صديقاً."قبل أن يتمكن جون من طرح المزيد من الأسئلة، عادت
هاي-جين إلى وضعية التدريب. "حسناً، لنجرب شيئاً مختلفاً. هذه المرة، سأستخدم قدرتي.""قدرتك؟" سأل جون بفضول. لم يكن يعرف ما هي قدرة هاي-جين بالضبط."تجميد الزمن." أجابت ببساطة. "أستطيع إبطاء أو تجميد الزمن لفترات قصيرة في نطاق محدود حولي."عيون جون اتسعت بدهشة. "هذا... مذهل."ابتسمت هاي-جين ابتسامة نادرة. "إنها مفيدة، نعم. لكنها تستنزف طاقتي بسرعة، لذا لا يمكنني استخدامها لفترات طويلة."أخذت نفساً عميقاً، ثم أضافت: "سأستخدمها الآن بشكل
خفيف. سأبطئ الزمن حولك قليلاً، وعليك محاولة التحرك والتفاعل رغم ذلك. هذا سيساعدك على تحسين سرعة استجابتك في الظروف العادية."أومأ جون برأسه، متحمساً لتجربة هذا التمرين الجديد رغم صعوبته المتوقعة.رفعت هاي-جين يدها،
وفجأة، شعر جون كأن الهواء من حوله أصبح كثيفاً كالماء. كانت حركاته بطيئة وثقيلة، كأنه يحاول المشي في حوض سباحة مليء بالعسل."حاول التحرك!" أمرته هاي-جين، صوتها يصل إليه بشكل متقطع وبطيء.بذل جون قصارى جهده للتحرك ضد تأثير قدرتها. كان الأمر صعباً للغاية، لكنه استطاع ببطء رفع ذراعه وتحريك قدمه
للأمام."جيد!" شجعته هاي-جين. "استمر!"استمر التمرين لبضع دقائق فقط، لكنها بدت لجون كساعات. عندما أوقفت هاي-جين تأثير قدرتها، سقط جون على ركبتيه، يلهث بشدة من الإرهاق."هذا... كان... مرهقاً... للغاية." قال بين أنفاسه المتقطعة."لكنك أبليت بلاءً حسناً." قالت هاي-جين، وكان هناك نوع من الإعجاب في
صوتها. "معظم الناس لا يستطيعون التحرك على الإطلاق في المرة الأولى."مدت يدها لمساعدته على النهوض. عندما أمسك بها، لاحظ جون أن يدها كانت دافئة ورغم قوتها، كان لمسها لطيفاً بشكل مفاجئ."شكراً." قال وهو يقف، ملاحظاً أنها
احتفظت بيده لثانية أطول مما كان ضرورياً."لا داعي للشكر." قالت، مبتعدة قليلاً. "هذا واجبي كمدربتك."للحظة، بدا كأن هناك شيئاً آخر تريد قوله، لكنها تراجعت وعادت إلى وضعيتها الرسمية المعتادة."حسناً، هذا يكفي لليوم. اذهب واستحم، ثم تناول إفطاراً جيداً. ستحتاج إلى الطاقة لبقية يومك."بينما كان جون يستدير للمغادرة،
أضافت: "وجون... بخصوص القلادة. كن أكثر حذراً في المستقبل بشأن ما تقبله من الآخرين. ليست كل الهدايا بريئة كما تبدو."أومأ جون برأسه، متسائلاً عن دوافع سو-يون الحقيقية. هل كانت حقاً تحاول مساعدته، أم كان هناك شيء آخر؟بعد الاستحمام وتناول إفطار مغذٍ في الكافيتريا، التقى جون بمين-آه في البهو الرئيسي كما اتفقا.
كانت تبدو منزعجة قليلاً، وعيناها تتفحصانه بدقة."صباح الخير." حياها جون. "هل كل شيء على ما يرام؟""أين القلادة التي أعطتك إياها سو-يون؟" سألت مباشرة، متجاهلة تحيته.تفاجأ جون من سؤالها المباشر. "كيف عرفت عن القلادة؟""هذا ليس مهماً. أين هي؟" كررت سؤالها بإصرار."أخذتها هاي-جين هذا الصباح." أجاب جون بتردد. "قالت إنها جهاز تتبع وتأثير، وليست مجرد حجر شفاء كما ادعت سو-يون."تنهدت مين-آه بارتياح واضح. "حسناً، على الأقل هاي-جين فعلت شيئاً مفيداً
للمرة الأولى.""هل كنت تعرفين عن القلادة؟" سأل جون، مستغرباً من ردة فعلها."ليس على وجه التحديد، لكنني كنت أشك في نوايا سو-يون." أجابت مين-آه. "حاولت تحذيرك من أن تكون حذراً ممن تثق بهم."شعر جون بالإحباط من كل هذه التحذيرات الغامضة. "لماذا الجميع يحذرني دون إعطائي تفاصيل واضحة؟ ما الذي
يحدث هنا حقاً؟"نظرت مين-آه حولها بحذر، ثم أشارت له بالاقتراب. "ليس هنا. سنتحدث في مكان أكثر خصوصية."قادته عبر ممرات الأكاديمية إلى غرفة صغيرة تبدو كمكتبة خاصة. أغلقت الباب خلفهما وتأكدت من عدم وجود أحد آخر."اسمع،
جون." بدأت بصوت منخفض. "هناك أمور لا يخبرك بها البروفيسور كانغ والآخرون. قدرتك - الصدى الأسود - ليست مجرد قدرة نادرة. إنها قدرة محظورة.""محظورة؟" كرر جون بدهشة. "ماذا تعني؟""قبل عشرين عاماً، كان هناك شخص آخر يمتلك هذه
القدرة." شرحت مين-آه. "استخدمها بطرق... مدمرة. تسبب في كارثة أدت إلى مقتل العشرات وتدمير جزء كبير من المدينة. منذ ذلك الحين، تم تصنيف الصدى الأسود كقدرة محظورة، ويتم عادة... التخلص من أي شخص يظهر علامات امتلاكها."شعر
جون بالصدمة والخوف. "التخلص؟ هل تعني...""نعم." أومأت مين-آه بجدية. "لكن البروفيسور كانغ قرر حمايتك لسبب ما. ربما لأنك عابر من عالم آخر، أو ربما لأنه يعتقد أنك مختلف عن ذلك الشخص.""من كان ذلك الشخص؟" سأل جون.ترددت مين-آه
للحظة. "اسمه كان جين-وو بارك. كان... والد تاي-هو بارك."الآن فهم جون سبب عداء تاي-هو له. "إذن تاي-هو يعرف عن قدرتي الحقيقية؟""نعم، على الأرجح. وهذا يجعله خطراً عليك." حذرته مين-آه. "لكنه ليس الخطر الوحيد. هناك العديد من الأشخاص في الأكاديمية وخارجها الذين سيرغبون في استغلالك أو إيذائك إذا عرفوا حقيقة قدرتك.""بمن فيهم سو-يون؟" سأل جون."خاصة سو-يون." أكدت مين-آه.
"قدرتها على الشفاء ليست ضعيفة كما تدعي. إنها في الواقع مصنفة S، لكنها تخفي ذلك. وهناك شائعات... شائعات تقول إنها مرتبطة بمنظمة الظل الأسود."كان رأس جون يدور من كل هذه المعلومات الجديدة. من يمكنه الوثوق به حقاً في هذا المكان؟"وماذا عنك؟" سأل أخيراً، ناظراً إلى مين-آه بشك. "لماذا تساعدينني؟ ما هي
مصلحتك في كل هذا؟"نظرت إليه مين-آه بعينين ثابتتين. "أنا أدرس الصدى الأسود منذ سنوات. والدي كان صديقاً لجين-وو بارك قبل... قبل ما حدث. لدي مصلحة علمية في قدرتك، نعم. لكنني أيضاً أريد منع تكرار ما حدث قبل عشرين عاماً."لم يكن جون
متأكداً تماماً مما إذا كان يصدقها بالكامل، لكنه شعر أنها كانت صادقة على الأقل جزئياً."حسناً، ماذا تقترحين أن أفعل؟" سأل أخيراً."استمر في التدرب على قدرتك، لكن بحذر شديد. لا تظهر قوتها الحقيقية لأي شخص غير البروفيسور كانغ والدكتورة لي. وكن حذراً من الجميع، خاصة أولئك الذين يظهرون اهتماماً غير عادي بك.""مثلك؟" قال جون بنبرة ساخرة قليلاً.ابتسمت مين-آه ابتسامة نادرة. "نعم، حتى مثلي. الشك
الصحي هو أفضل وسيلة للبقاء على قيد الحياة هنا."نظرت إلى ساعتها. "علينا الذهاب الآن. لديك درس مع البروفيسور كانغ في غضون عشر دقائق."بينما كانا يغادران الغرفة، أضافت: "وجون... أنا سأساعدك قدر استطاعتي. لكن في النهاية،
عليك أن تتعلم حماية نفسك بنفسك."كان درس البروفيسور كانغ اليوم حول "تاريخ الأبراج"، وكان مثيراً للاهتمام رغم أن عقل جون كان مشغولاً بالمعلومات التي شاركتها مين-آه معه."الأبراج ظهرت فجأة قبل 50 عاماً، دون أي تحذير أو تفسير."
شرح البروفيسور. "في البداية، كان الناس خائفين منها، معتقدين أنها غزو أجنبي أو ظاهرة خارقة للطبيعة. لكن بعد فترة، بدأ البعض في استكشافها، واكتشفوا أنها
تحتوي على موارد قيمة وتحديات غريبة."عرض البروفيسور صوراً للأبراج المختلفة حول العالم. كانت هياكل ضخمة تشبه ناطحات السحاب، لكن بتصاميم غريبة وغير أرضية، تتوهج بألوان مختلفة حسب موقعها."بعد ظهور الأبراج بوقت قصير، بدأت
القوى الخارقة بالظهور لدى البشر، خاصة الأطفال والمراهقين. العلماء يعتقدون أن هناك علاقة مباشرة بين الأبراج والقوى، رغم أننا لم نفهم بعد الآلية الدقيقة لهذه العلاقة."لاحظ جون أن تاي-هو بارك كان يحدق به طوال المحاضرة، عيناه مليئتان بالكراهية والشك. حاول جون تجاهله، لكنه شعر بعدم الارتياح من تلك النظرات
العدائية.بعد انتهاء الدرس، اقترب جين-هو من جون ومين-آه."مرحباً مجدداً!" حياهما بابتسامة ودية. "كيف وجدت درس اليوم، جون؟""كان مثيراً للاهتمام." أجاب جون بابتسامة. "لم أكن أعرف الكثير عن الأبراج.""إذا كنت مهتماً، لدي بعض الكتب الرائعة
حول نظريات أصل الأبراج." عرض جين-هو بحماس. "يمكنني إعارتك إياها إذا أردت.""هذا سيكون رائعاً، شكراً." قال جون بامتنان.لاحظ جون أن مين-آه كانت صامتة بشكل غير معتاد، تراقب تفاعله مع جين-هو بعينين متيقظتين."أوه، وهناك شيء آخر." تابع جين-هو. "هناك رحلة ميدانية إلى برج سيول الأسبوع المقبل للطلاب الجدد. هل ستشارك؟""برج سيول؟" سأل جون بفضول."نعم، البرج الرئيسي في المدينة." شرح جين-هو. "الرحلة للطوابق الأولى فقط، وهي آمنة نسبياً. إنها فرصة رائعة
لرؤية البرج من الداخل.""أنا..." بدأ جون، لكن مين-آه قاطعته."جون لن يشارك." قالت بحزم. "لديه تدريب خاص مع الدكتورة لي في ذلك اليوم."نظر جون إليها باستغراب. لم يكن يعلم بأي تدريب خاص في الأسبوع المقبل."آه، هذا مؤسف." قال جين-هو، يبدو خائباً. "ربما في المرة القادمة."بعد مغادرة جين-هو، سأل جون مين-آه بانزعاج: "لماذا
قلت ذلك؟ لم أسمع عن أي تدريب خاص في الأسبوع المقبل.""لأن الذهاب إلى البرج خطير بالنسبة لك." أجابت مين-آه بهدوء. "خاصة مع قدرتك غير المستقرة. البرج يحتوي على طاقات غريبة قد تتفاعل بشكل غير متوقع مع الصدى الأسود.""لكن جين-هو قال إن الطوابق الأولى آمنة." احتج جون."آمنة للآخرين، ربما. لكن ليس لك."
أصرت مين-آه. "بالإضافة إلى ذلك، الرحلة الميدانية ستكون فرصة مثالية لأي شخص يريد إيذاءك. ستكون خارج الأكاديمية، في بيئة غير مألوفة."تنهد جون بإحباط. كان
يشعر كأنه سجين، محاط بالمخاطر والتحذيرات من كل جانب."لا يمكنني العيش في خوف دائم." قال أخيراً. "أريد أن أفهم هذا العالم، وهذا يعني المخاطرة أحياناً."نظرت إليه مين-آه بتعبير غريب - مزيج من القلق والإعجاب. "أنت عنيد، أليس كذلك؟ حسناً، إذا كنت مصراً على الذهاب، فسأرافقك. على الأقل يمكنني مراقبتك وحمايتك إذا حدث شيء ما.""شكراً لك." ابتسم جون، متفاجئاً من تنازلها."لا تشكرني بعد." حذرته.
"قد تندم على هذا القرار."بعد الدروس النظرية، كان لدى جون وقت حر قبل موعده مع الدكتورة لي. قرر استغلال هذا الوقت لاستكشاف الأكاديمية بنفسه، رغم تحذيرات مين-آه من عدم التجول وحيداً.كانت الأكاديمية أكبر مما توقع، مع عدة مبانٍ متصلة بممرات وساحات مفتوحة. تجول في الحدائق الخلابة، معجباً بالتصميم
المعماري الذي يمزج بين التقليدي والحديث.بينما كان يمشي بالقرب من بحيرة صغيرة، لاحظ فتاة جميلة تجلس وحيدة على مقعد، ترتدي زياً مدرسياً أنيقاً مع إكسسوارات باهظة. كانت تبدو حزينة، تحدق في الماء بتفكير عميق.تردد جون
للحظة، ثم قرر الاقتراب. "مرحباً، هل أنت بخير؟"رفعت الفتاة رأسها، متفاجئة من مقاطعتها. كانت جميلة بشكل لافت، بشعر بني طويل حريري وملامح أنيقة."أوه، أنت الطالب الجديد." قالت، متفحصة إياه بفضول. "جون كيم، صحيح؟""نعم، هذا أنا." أجاب،
متفاجئاً من أنها تعرف اسمه. "وأنت؟""يون-هي لي." قدمت نفسها بثقة. "ابنة رئيس شركة لي للتكنولوجيا."قالتها بطريقة توحي بأنه من المفترض أن يكون مبهوراً بهذه المعلومة. ابتسم جون بلطف، غير متأكد من كيفية الرد."تشرفت بمعرفتك، يون-هي." قال أخيراً."هل تمانع إذا جلست؟" أشارت إلى المقعد بجانبها."بالطبع لا." جلس جون، محافظاً على مسافة مناسبة بينهما."إذن، كيف تجد الأكاديمية حتى الآن؟" سألته بنبرة ودية."إنها... مثيرة للاهتمام." أجاب بحذر. "مختلفة
تماماً عما اعتدت عليه.""أتخيل ذلك. الانتقال من أمريكا إلى هنا يجب أن يكون صعباً." قالت بتعاطف. "خاصة مع كل الشائعات التي تدور حولك.""شائعات؟" سأل جون، متوتراً قليلاً."أوه، لا تقلق." ضحكت يون-هي. "الناس يتحدثون دائماً. يقولون إنك تمتلك قدرة نادرة جداً، وأن البروفيسور كانغ مهتم بك بشكل خاص.""حسناً، قدرتي نوعاً ما... غير
عادية." اعترف جون، محاولاً البقاء غامضاً."كل القدرات مثيرة للاهتمام بطريقتها الخاصة." قالت يون-هي. "قدرتي هي تشكيل المادة - أستطيع تغيير شكل وخصائص المواد غير الحية مؤقتاً."لإثبات كلامها، لمست المقعد الخشبي بينهما، وبدأ الخشب يتحول تدريجياً إلى ما يبدو كالمعدن اللامع، ثم عاد إلى حالته الأصلية بعد بضع
ثوانٍ."هذا مذهل!" قال جون بإعجاب حقيقي.ابتسمت يون-هي بفخر. "شكراً لك. إنها مفيدة في العديد من المواقف.""أتخيل ذلك." أومأ جون."على أي حال،" تابعت يون-هي، "أردت فقط تقديم نفسي وإخبارك أنه إذا احتجت إلى أي شيء - أي شيء على
الإطلاق - فأنا هنا للمساعدة.""هذا لطف منك، شكراً." قال جون بامتنان."لا داعي للشكر." ابتسمت. "في الواقع، عائلتي تستضيف حفلة صغيرة هذا السبت في قصرنا. سيكون هناك العديد من الطلاب المتميزين والشخصيات المهمة. هل ترغب في
الحضور؟"تفاجأ جون من الدعوة المفاجئة. "أنا... متأكد أنها ستكون ممتعة، لكنني لا أعرف ما إذا كان جدولي سيسمح...""أوه، من فضلك حاول الحضور." ألحت يون-هي. "سيكون من الرائع التعرف عليك بشكل أفضل خارج بيئة الأكاديمية. بالإضافة إلى
ذلك، والدي مهتم جداً بمقابلتك.""والدك؟" سأل جون بحذر."نعم، إنه مهتم بالطلاب الموهوبين." أوضحت يون-هي. "شركتنا توظف العديد من خريجي الأكاديمية، وتقدم منحاً دراسية للمتميزين."كان هناك شيء في طريقة حديثها - لهفة زائدة، نظرة مكثفة - جعل جون يشعر بعدم الارتياح قليلاً. تذكر تحذيرات مين-آه وهاي-جين عن الحذر ممن يظهرون اهتماماً غير عادي به."سأفكر في الأمر." قال أخيراً. "شكراً على
الدعوة.""ممتاز!" ابتسمت يون-هي بسعادة. أخرجت بطاقة أنيقة من حقيبتها وقدمتها له. "هذه دعوة رسمية مع العنوان والوقت. آمل حقاً أن تتمكن من الحضور."أخذ جون البطاقة بتردد، ملاحظاً أنها كانت مصنوعة من مادة فاخرة غير عادية."علي الذهاب الآن." قالت يون-هي، ناظرة إلى ساعتها الثمينة. "لدي درس
خاص في التحكم المتقدم بالمادة. كان من الرائع التحدث معك، جون."بعد مغادرتها، جلس جون للحظات، يفكر في هذا اللقاء الغريب. كانت يون-هي لطيفة ومهذبة، لكن كان هناك شيء في اهتمامها المفاجئ به أثار شكوكه. هل كانت حقاً مجرد طالبة ودية تحاول الترحيب به، أم كان هناك دافع آخر وراء لطفها؟نظر إلى البطاقة
في يده، متردداً بشأن ما إذا كان سيحضر هذه الحفلة أم لا. من ناحية، كانت فرصة للتعرف على المزيد من الطلاب والتواصل الاجتماعي. من ناحية أخرى، كانت مخاطرة محتملة، خاصة مع كل التحذيرات التي تلقاها.بينما كان غارقاً في أفكاره، لم يلاحظ الشخص الذي كان يراقبه من بعيد، مختبئاً بين الأشجار، يلتقط صوراً له وليون-هي
بجهاز صغير.في وقت لاحق من ذلك اليوم، كان جون في مختبر الدكتورة لي لجلسة تدريب أخرى. كانت الاختبارات اليوم تركز على قدرته على التحكم في كمية الطاقة التي يعكسها بعد امتصاصها."المشكلة مع قدرتك،" شرحت الدكتورة لي، "هي أنها تميل إلى تضخيم الطاقة الممتصة عند إعادة توجيهها. هذا يجعلها قوية للغاية،
لكنه أيضاً يجعلها خطيرة وصعبة التحكم."كان جون يحاول التركيز على امتصاص كرات الطاقة الصغيرة التي تطلقها الدكتورة لي، ثم إعادة توجيهها بقوة محددة نحو أهداف مختلفة الحجم."حاول التحكم في تدفق الطاقة." وجهته الدكتورة لي.
"تخيلها كصنبور يمكنك فتحه وإغلاقه حسب الحاجة."بعد عدة محاولات، بدأ جون يشعر بتحسن في قدرته على التحكم. كان قادراً على امتصاص كرة طاقة متوسطة الحجم، ثم إعادة توجيهها بدقة أكبر، مستهدفاً الأهداف الصغيرة دون تدميرها
بالكامل."ممتاز!" شجعته الدكتورة لي. "أنت تتعلم بسرعة مذهلة.""شكراً لك." ابتسم جون، شاعراً بالفخر من تقدمه."لدي سؤال، دكتورة لي." قال بعد استراحة قصيرة. "هل سمعت عن شخص يدعى جين-وو بارك؟"تجمدت الدكتورة لي للحظة، وظهر التوتر على وجهها. "من أين سمعت هذا الاسم؟""سمعته... من أحد الطلاب." أجاب جون بحذر، غير راغب في ذكر مين-آه.تنهدت الدكتورة لي. "جين-وو بارك كان... حالة
معقدة. نعم، كان يمتلك قدرة مشابهة لقدرتك - الصدى الأسود. لكنه لم يستطع التحكم فيها بشكل صحيح.""ماذا حدث له؟" سأل جون."قبل عشرين عاماً، خلال تجربة في مختبر شركة لي للتكنولوجيا، فقد السيطرة على قدرته." شرحت الدكتورة لي بحزن. "امتص كمية هائلة من الطاقة من مفاعل تجريبي، ثم... انفجر. التفجير دمر
المختبر وجزءاً كبيراً من المنطقة المحيطة. مات العشرات، بمن فيهم جين-وو نفسه.""هذا... مروع." تمتم جون، شاعراً بالرعب من فكرة أن قدرته يمكن أن تكون مدمرة لهذه الدرجة."لهذا السبب من المهم جداً أن تتعلم التحكم في قدرتك." أكدت الدكتورة لي. "لديك إمكانات هائلة، جون. يمكن أن تكون قوة للخير أو للدمار، اعتماداً على كيفية استخدامها.""هل تعتقدين أنني... قد أنتهي مثله؟" سأل جون بصوت خافت.نظرت إليه الدكتورة لي بجدية. "لا، لا أعتقد ذلك. أنت مختلف عن جين-وو.
لديك... توازن داخلي أكبر. بالإضافة إلى ذلك، نحن نعرف الآن أكثر عن كيفية التعامل مع هذه القدرة. لن نكرر أخطاء الماضي."شعر جون بالارتياح قليلاً من كلماتها، لكنه ما زال قلقاً. "هل هناك آخرون يعرفون عن قدرتي الحقيقية؟""رسمياً، فقط أنا
والبروفيسور كانغ وبعض أعضاء هيئة التدريس المختارين." أجابت الدكتورة لي. "لكن غير رسمياً... الشائعات تنتشر بسرعة في الأكاديمية. أنصحك بالحذر، خاصة حول تاي-هو بارك. لديه أسباب شخصية لكراهية أي شخص يمتلك نفس قدرة والده."أومأ جون برأسه، مدركاً الآن حجم التعقيد في وضعه. كان محاطاً بالأسرار والمخاطر من كل جانب، في عالم لا يفهمه تماماً بعد."دكتورة لي، هناك شيء آخر أردت سؤالك عنه."
قال جون. "هل تعرفين شيئاً عن منظمة تسمى الظل الأسود؟"تصلبت الدكتورة لي مرة أخرى. "من أين تسمع كل هذه الأشياء، جون؟""أسمع... أشياء." أجاب بغموض.تنهدت الدكتورة لي. "الظل الأسود منظمة سرية تعمل خارج نطاق القانون. يُعتقد أنها تستهدف الأشخاص ذوي القدرات النادرة لأغراض غامضة. لكن معلوماتنا عنها محدودة. البعض يشكك حتى في وجودها.""هل تعتقدين أنهم قد
يستهدفونني؟" سأل جون بقلق."إذا كانوا موجودين حقاً، وإذا علموا بقدرتك... نعم، من المحتمل." أجابت الدكتورة لي بصراحة. "لكن الأكاديمية آمنة. لدينا أفضل أنظمة الحماية في البلاد."لم يشعر جون بالطمأنينة من كلماتها. كان يشعر بأن هناك الكثير مما لا يُقال، وأن الخطر أقرب مما يعتقد الجميع."أعتقد أن هذا يكفي لليوم." قالت الدكتورة لي، ملاحظة قلقه. "استرح جيداً، وسنواصل غداً."غادر جون المختبر، رأسه
مليء بالأفكار والمخاوف. كان يشعر كأنه يغرق في بحر من الأسرار والمؤامرات، دون معرفة من يمكنه الوثوق به حقاً.بينما كان يسير عبر ممرات الأكاديمية المظلمة، شعر فجأة بوجود شخص ما خلفه. التفت بسرعة، لكنه لم يرَ أحداً. استمر في المشي
، مسرعاً خطواته قليلاً، شاعراً بالتوتر يتصاعد في صدره.عندما وصل أخيراً إلى غرفته، أغلق الباب بسرعة وأقفله. تنفس بعمق، محاولاً تهدئة أعصابه. كان يشعر بأنه مراقب، مطارد، محاصر.نظر إلى البطاقة التي أعطته إياها يون-هي، متسائلاً عما إذا كان يجب عليه حضور الحفلة. هل ستكون فرصة للحصول على حلفاء جدد، أم فخاً آخر؟
وضع البطاقة على طاولته، ثم لاحظ شيئاً غريباً على سريره. كان هناك وردة حمراء موضوعة على وسادته، مع ملاحظة صغيرة مكتوبة بخط أنيق:"أراقبك دائماً.
لحمايتك."لم تكن الملاحظة موقعة، ولم يكن لدى جون أي فكرة عمن وضعها هناك أو كيف دخلوا غرفته المقفلة. شعر بقشعريرة تسري في جسده، مدركاً أنه حتى في
غرفته الخاصة، لم يكن آمناً حقاً.كان هذا هو اليوم الرابع له في أكاديمية سيول، وكان يتساءل ما الذي سيحمله الغد من مفاجآت ومخاطر جديدة.