"ها، حفل زفاف ملكي؟ المكسيك وبروسيا؟"
أطلق رئيس الوزراء البريطاني، اللورد ملبورن، ضحكة مكتومة.
"لقد ارتفعت مكانة عائلة إيتوربيد بشكل ملحوظ. هل الزواج من عائلة هوهنزولرن أمر جيد؟"
"نعم، لقد فازوا على فرنسا، بعد كل شيء."
"هذا ليس بالأمر الجيد بالنسبة لنا في بريطانيا."
كان هذا الزفاف الملكي بمثابة تحالف في الأساس، مما جعل البلدين حليفين قويين.
أومأ المساعد برأسه وقال.
"أنت قلق بشأن تسارع حركة توحيد ألمانيا في بروسيا."
"هذا صحيح. إن توحيد بروسيا لألمانيا وظهور دولة قوية أخرى في القارة الأوروبية لن يكون له أي فائدة بالنسبة لإنجلترا".
"ألا يمكننا أن نحاول التحقق من بروسيا الآن؟"
كانت إنجلترا، رغم حذرها من حركة توحيد ألمانيا البروسية، تمتنع إلى حد كبير عن التدخل المباشر. وكان ذلك لأنها كانت أكثر تركيزًا على توسيع مستعمراتها في الخارج والتجارة البحرية من التدخل المباشر في القارة الأوروبية.
وكما اقترح المساعد، إذا نجح رئيس الوزراء في خلق رأي عام لكبح جماح بروسيا، فقد يكون من الممكن كبح جماحها بشكل مباشر. ولكن هل كان هذا هو الاتجاه الصحيح لاستخدام القوة الوطنية لإنجلترا؟
"هممم... لا أعتقد أن هذا ضروري. إن سياسة إمبراطوريتنا البريطانية هي إدارة العالم خارج القارة الأوروبية، وليس إدارة شؤونها الداخلية."
وبعد أن فكر اللورد ملبورن لفترة وجيزة في كيفية الرد على الزفاف الملكي بين الإمبراطورية المكسيكية ومملكة بروسيا، خلص إلى أنه مثل معظم البريطانيين في هذا العصر، كانت أفريقيا وآسيا لهما الأولوية على القارة الأوروبية.
كان الأمر على ما يرام طالما لم تتحول أي دولة في القارة الأوروبية إلى قوة مهيمنة. وهذا يعني أنهم كانوا بحاجة فقط إلى كبح جماح الدولة الأكثر طموحا، وبعد سقوط نابليون، أصبح الهدف روسيا.
"نعم، الإمبراطورية المكسيكية متعاونة للغاية معنا، لذا لا أعتقد أننا بحاجة إلى القلق كثيرًا. ألم نحصل على المستعمرة الفرنسية الأفريقية بأكملها كأتعاب وساطة؟"
وتذكر اللورد ملبورن وجه ولي العهد المكسيكي الذي التقى به في لندن، عندما لاحظ إجابة مساعده، والتي عكست قرار رئيسه بترك الأمر ببساطة.
"هممم. متعاونون؟ صحيح أنهم متعاونون، لكن هذا ليس مكسبًا من جانب واحد بالنسبة لنا في إنجلترا. لقد اضطررنا أيضًا إلى التخلي عن بليز والجزر في منطقة البحر الكاريبي، لذا فإن الأمر أشبه بتبادل المستعمرات. المشكلة هي أن معظم أعضاء الكونجرس لا ينظرون إلى الأمر بهذه الطريقة".
وعلى النقيض من الشعب البريطاني وحتى أعضاء الكونجرس، الذين اعتقدوا أنها صفقة أحادية الجانب تصب في مصلحة إنجلترا، فإن اقتراح ولي العهد المكسيكي كان دقيقا للغاية.
كلما فكرت في الاقتراح أكثر، كلما تم تعديله بدقة أكبر، مما يجعل قبوله أمرًا صعبًا ولكن أيضًا يجعل رفضه أمرًا مخجلًا.
"ولكن حتى لو جمعت بليز والجزر في البحر الكاريبي، فإنها لا تساوي نصف الجزائر، أليس كذلك؟"
ت.م : الف تحية لاخواننا شعب الجزائر و كل الشعوب العربية :)
"نعم، كل شخص ينظر فقط إلى حجم المنطقة المرسومة على الخريطة، ولكن إذا نظرت عن كثب، ستجد الأمر ليس كذلك."
إنهم يتنازلون عن المستعمرة الفرنسية الأفريقية بالكامل لإنجلترا. يبدو الأمر عظيماً، لكن فرنسا لم تبدأ في بناء المستعمرات إلا مؤخراً. وكانت الجزائر هي المستعمرة الوحيدة ذات القيمة في أفريقيا. وكانت هناك قاعدة صغيرة في السنغال، لكنها لم تكن مربحة.
ومن ناحية أخرى، كانت بليز، التي لم تكن مستعمرة بريطانية رسميًا ولكنها كانت خاضعة فعليًا لسيطرة بريطانيا من خلال اتفاقيات منذ العصر الإسباني، تزود المستعمرات البريطانية بالأخشاب عالية الجودة منذ فترة طويلة، كما أنشأت جامايكا ومستعمرات الكاريبي مزارع للمحاصيل النقدية مثل السكر والقطن والقهوة والكاكاو. وبعبارة أخرى، كانت المستعمرات تولد أرباحًا حقيقية.
"وهذا يشبه التنازل عن السيطرة الكاملة على منطقة البحر الكاريبي للمكسيك، وبالتالي لا يمكن أن نسمي هذا مكسبًا من جانب واحد بالنسبة لنا".
"أرى."
أومأ المساعد برأسه، وكأنه فهم أخيرا.
"بالطبع، إنها ليست صفقة سيئة بالنسبة لإنجلترا. ولو كانت كذلك لما قبلناها. لقد تخلينا عن نفوذنا في منطقة الكاريبي في مقابل اكتساب نفوذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وهو الأمر الأكثر أهمية".
لقد كانت صفقة قبلوها في النهاية لأنهم اعتقدوا أنها كانت أكثر فائدة لإنجلترا إلى حد ما، على الرغم من أنها كانت قرارًا صعبًا للغاية.
مع خروج فرنسا، أقوى منافس، من الصورة، ألا تصبح أفريقيا المسرح الحصري لإنجلترا؟ لقد فكر اللورد ميلبورن في القيمة المستقبلية.
نعم، وألم يزودنا أيضًا بمعلومات عن السفن الجديدة؟
"آه، هذا صحيح. كم من الوقت يستغرق بناؤها؟"
وعندما رأى ولي العهد أنه متردد في قبول الصفقة، أضاف بعض المعلومات العامة عن السفن الجديدة، التي كانت السبب الحاسم في انتصاره في المعركة البحرية ضد فرنسا.
لم يقم بنقل التكنولوجيا، بل شارك فقط في فلسفة التصميم التي كان ينوي استخدامها عند بناء السفن، ولكن هذا كان كافياً بالنسبة لإنجلترا.
ألم تكن إنجلترا أفضل دولة في بناء السفن في العالم؟
"سمعت من الفنيين أنهم قادرون على بناء تلك السفن الجديدة في غضون عامين. لكن التكلفة.. يبدو أنها ستبلغ نحو 140 ألف جنيه إسترليني".
"···140.000 جنيه ؟ هذا يكفي لبناء سفينتين حربيتين من الطراز الأول."
لقد كان السعر باهظًا بشكل مفاجئ، لكن كان لا يزال يتعين عليهم بناؤها.
يجب أن تبقى البحار تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية.
***
"سوف تتزوج من أميرة أجنبية"
ربتت سيسيليا على رأس كارلوس وقالت:
"واو! أميرة؟ أنا أحب ذلك!"
كان كارلوس يحب كلمة "أميرة". بدا الأمر كما لو كان لديه نوع من الخيال، ربما لأن سيسيليا قرأت له الكثير من القصص الخيالية.
"من الجيد أنه لم يرفض الأمر. حسنًا، إنه ليس كبيرًا بالقدر الكافي لفهم الأمر بعد."
قررت المضي قدمًا في حفل الزفاف الملكي، مما يعكس استراتيجيتي الكبرى ورغبات والدي وأمي وسيسيليا.
إنني أخطط للحفاظ على العلاقات مع إنجلترا قدر الإمكان، ولكن لا يمكننا الاعتماد عليها إلى الأبد. لقد حان الوقت لكي ننشئ علاقاتنا الخارجية المستقلة.
نحن لا نستطيع العودة إلى فرنسا، حتى نتمكن من التفاعل مع دول قوية مثل بروسيا والنمسا وروسيا، ولكن اختيار روسيا، التي تتنافس على الهيمنة مع إنجلترا، هو بمثابة إعلان الحرب على إنجلترا.
إن إنجلترا لن ترضى عن تحالفنا مع بروسيا أو النمسا، ولكنها لن تجد سبباً لمعارضة ذلك بشدة أيضاً.
"إنه ليس تحالفًا دائمًا."
أين توجد التحالفات الدائمة بين الدول؟
بعد تنظيم أفكاري، استمتعت بوقت هادئ مع سيسيليا.
كان كارلوس، ابني الأكبر، يلعب بمفرده، وكان ليو، ابني البالغ من العمر عامين، نائمًا في سريره.
"أوه! لقد ركل الطفل. هل كان يتفاعل مع كلمة "أميرة"؟"
قالت سيسيليا.
"هممم... ربما؟"
لقد ربتت على بطن سيسيليا وقلت ذلك، ولكن في أعماقي، كنت أتمنى بشدة أن تكون أميرة هذه المرة.
قضيت بعض الوقت مع عائلتي أثناء وقت الغداء ثم عدت إلى مكتبي.
"لقد قضيت وقتًا أطول مع عائلتك في الآونة الأخيرة."
"هاها، إنه أمر ثمين للغاية ولا ينبغي تفويته هذه المرة. أنت تعرف ذلك."
دييغو، الذي كان في نفس عمري، كان أيضًا متزوجًا ولديه طفل.
"نعم، أنا سعيد لأنني حصلت على مزيد من الوقت لرؤية عائلتي."
عمري 33 عامًا، وما زلت شابًا وما زال أمامي طريق طويل، ولكن كما قال دييغو، فأنا أقضي وقتًا أطول مع عائلتي.
"إن تربية الأطفال بشكل جيد أمر مهم للغاية، لذا عليك استثمار الوقت الكافي. ورغم أنك قللت من عبء العمل، إلا أنك لا تزال تعمل أكثر من أي شخص آخر. لقد مررت بالكثير."
كان دييغو يعمل بجد بسببي، وكنت أعمل بجنون. قبل الزواج، كانت ساعات يقظته هي ساعات عمله، وحتى بعد الزواج، لم يكن يقضي وقتًا مع عائلته إلا لفترة وجيزة في الصباح والمساء، وكان يعمل بقية الوقت.
كان من الواضح أن هذا العمل كان مفرطًا، حتى في ظل الظروف التي كانت سائدة آنذاك، ولكنني لم أستطع أن أرتاح، نظرًا لواقع الإمبراطورية المكسيكية، التي ما زال أمامها طريق طويل لتقطعه. وقد بدأ هذا يتغير ببطء بعد الانتصار على فرنسا.
"لقد اشتريت لي جلالتك منزلًا بالقرب من القصر، فكيف يمكنني أن أشتكي؟ المسافة التي أقطعها إلى العمل لا تستغرق سوى 10 دقائق".
"هاهاها، نعم، كان ينبغي عليك أن تقبلها عندما عرضتها عليك. لقد أخبرتك مرارًا وتكرارًا أن وقت التنقل له تأثير كبير على جودة الحياة."
"هاها، هذا صحيح."
إن إمكانية قضاء الوقت مع عائلتي رغم أنني أعمل لساعات طويلة أمر ممكن لأن مكتبي يقع في القصر.
أسافر كثيرًا، لكن وقت تنقلي لا يستغرق سوى خمس دقائق في اليوم العادي، لذا لدي الكثير من الوقت.
كنت أريد أن أشتري لدييغو منزلاً بالقرب من القصر الوطني حتى يتمكن من التمتع بهذه الميزة أيضًا، لكنه ظل يرفض، وأخيراً وافق مؤخرًا.
"حسنًا، دعنا نتوقف عن الدردشة."
نعم، لدي أخبار مهمة.
لقد أعطاني دييغو وثيقة.
"إنه تقرير من وحدة الاستخبارات."
نعم، لم أقرأه، ولكن من المحتمل أنه يتعلق بالوضع في هايتي.
"هذا صحيح... دعونا ننظر إلى الأمر معًا."
"نعم."
كان لدينا عملاء في هايتي، وكان هذا تقريرهم الأول.
"ولم يفعلوا شيئا حتى الآن، الأمر يتعلق فقط بالوضع الحالي في هايتي".
"نعم، الوضع ليس جيدًا كما هو متوقع."
وعلى الرغم من لقبها المأمول باعتبارها ثورة العبيد الوحيدة الناجحة في التاريخ، فإن الوضع في هايتي كان مزري.
كانت الثورة ناجحة، وولدت أمة يقودها السود، لكن الاقتصاد كان لا يزال في حالة خراب، ولم يعرفوا كيف يحلون هذه المشكلة. وفي الوقت نفسه، كان عدد صغير من النخب والقادة العسكريين يحتكرون السلطة والأرض.
نحن في المكسيك، الذين حصلنا على السندات من فرنسا، لم تكن لدينا أي نية لإسقاط الديون، ونتيجة لذلك، كان 98% من السكان يعيشون حياة لم تكن مختلفة كثيرا عن حياتهم عندما كانوا عبيدا.
"إنهم لا يختلفون كثيراً عما كانوا عليه عندما كانوا عبيداً". إنها عبارة مؤثرة. وإذا عكسناها فإنها تعني أنهم يشعرون بأنهم "ما زالوا عبيداً". وإذا كان هذا هو تصور الشعب الهايتي، فيمكننا أن نستخدمه".
"ثم يمكننا المضي قدما كما هو مخطط له."
"نعم. ستنجح قصص السود المحررين في تكساس وكوبا."
حصل العديد من السود في تكساس وكوبا على أراضٍ من خلال الهجرة الاستيطانية وأصبحوا مزارعين، أو حصلوا على فوائد من الهجرة الحضرية وأصبحوا عمالًا.
وكان على أصحاب المزارع أن يدفعوا أجوراً مماثلة لتلك التي تدفعها شركاتي لتجنيد العمال الزراعيين، ولكنهم تمكنوا من إدارة مزارعهم بفضل انخفاض أسعار الآلات الزراعية المختلفة، مما أدى إلى تقليل الطلب على العمالة، وزيادة الإنتاجية بسبب تأثيرات السدود ومرافق الري.
لا داعي للتسرع، فنحن سنعمل على نشر هذه القصص على نطاق واسع في المجتمع الهايتي. وهذه هي الخطوة الأولى.
"أطلب من وحدة الاستخبارات أن تمضي قدمًا كما هو مخطط لها."
نعم، سأقوم بتشفير الطلب وإرساله.
"حسنًا، ماذا عن التعديل الدستوري؟"
"إن روبرتو يطرح هذا الأمر ويقيس الرأي العام، ولكن لا يوجد أعضاء في الكونجرس يعارضون ذلك، لأن هذا يعني زيادة فترة ولايتهم من 12 عامًا كحد أقصى إلى 20 عامًا."
لن يعارض أي عضو في الكونجرس زيادة عدد المقاعد ومدة العضوية. وهناك تفاصيل أخرى قيد التعديل، لكن هذين الأمرين هما الأكثر أهمية.
"بالطبع هذا صحيح. ماذا عن الباقي؟"
"يتفق الجميع على أن الدوائر الإدارية في الإقليم الشمالي بحاجة إلى إعادة تنظيم، لكنهم لا يستطيعون الاتفاق على التفاصيل".
في هذه المرحلة، عندما يكون الدعم الشعبي أقوى، أقوم بالترويج لمشروع آخر إلى جانب التعديل الدستوري: إعادة تنظيم الدوائر الإدارية للإقليم الشمالي، والتي يتم التعامل معها كأقاليم، ودمجها في ولايات رسمية.
أكثر من 40% من أراضي الإمبراطورية المكسيكية مقسمة إلى ثلاثة أقاليم فقط.
لقد تركته بمفرده لأن عدد السكان كان صغيراً للغاية، ولكن الآن بما أن عدد السكان يتزايد بسرعة، فقد حان الوقت لإعادة تنظيمه.
بدأت أفكر في كيفية تقسيم هذه المنطقة الشاسعة.