.
.
سامويل هانوفر وقف في السماء ، محاطا بالأثير الذهبي ، و وجهه مكشوف بإبتسامة شريرة . كان يدرك جيدا ما عليه القيام به . رغم هدوئه ، كان يشعر بالقشعريرة التي تسللت إلى عظامه عندما رأى تلك اليد الذهبية تظهر من الشق الذي تم فتحه بواسطة الشخص ذو الشعر الأحمر ، راجنار المؤسس الرئيسي لإمبراطورية الغريفين .
" إنه حقا في مستوى أخر . " تمتم سامويل بهدوء منتظرا تكلم الطرف الأخر الذي يتأمله بعينيه الذهبيتين اللتان ينبع منهما الحكمة و القوة .
راغنار أخذ لحظة قبل أن يجيب ، ثم قال بصوت يحمل الحكمة و الغموض ،" تهانينا على مرورك بمحاكمتي ، أيها الحفيد سامويل هانوفر. أنت الشخص العاشر الذي تمكن من ذلك ."
توقف راغنار لبضعة ثوان ثم أردف بصوت أوتوماتيكي تتخلله البرودة ،
" أنا فخور بك ."
يمكن للشخص تخيل مدى غرابة المشهد ، كائن بلا مشاعر ظاهرة عليه يظهر محبته لحفيده .
" شكرا لك ."
كان يعلم سامويل أنه حسب المعايير التي أسس بها شخصية راغنار في قصته ،أن هذا الأخير لا يبدي إعجابا أو فخرا بسهولة ، لكن هذه الكلمات دليل على نجاح المرحلة الأولى من خطته .
الآن ، كل ما بقي هو الحصول على الكنز الذي يريده ثم المغادرة من هذا المكان .
رغم جشع سامويل و رغبته في الإحتفاظ بجميع الكنوز المختلفة الموجودة في موقعه . إلا أنه في وضع لا يسمح له بالحصول عليها .
هل يستطيع قتال راجنار المتمثل أمامه و هو في أضعف حالاته ؟
بالطبع ، لا .
تمكن سامويل بصعوبة تامة في التغلب على بضعة ذئاب ضعيفة و بمساعدة ماغنوس كوصيه .
لذلك ، على المرء الإعتراف بضعفه ، معرفة متى يتراجع و التخطيط للمستقبل القريب .
فجأة و بسرعة غير مرئية ، حرك راغنار رأسه ناحية إتجاه الشرق و حدق في الأفق بنظرة جدية . كأنه اخترق مجال الزمان و المكان ليرى شيئا غير مسر . ثم تمتم بصوت منزعج ،
" أنت غير مناسب أيضا . لكن ، نفذ الوقت مني ."
سامويل وقف هناك بعد أن وضعه راغنار على الأرض سابقا ، يحاول فهم كلمات سلف الغريفين و الإشارات الغامضة التي يظهرها . كانت اللحظة مليئة بالتوتر ، حيث علم أن هناك أشياء أخرى مخفية لا يعلمها .
' ما معنى نفذ الوقت مني ؟ '
' لم أضع في إعدادات الرواية وضعية مثل هذه ، ماذا عن لقائه بالبطل فيها بعد ؟ '
' هل هنالك شيء لم أضعه بإعتباري ؟ '
تكونت عاصفة من الأسئلة في عقل سامويل و لكن إحتفظ بها لنفسه .
ظلت برودة ملامحه موجودة على وجهه طوال الوقت و هو يسأل قائلا محاولا فك رموز كلمات راغنار :
" ماذا تقصد ؟ "
راغنار بقي يحدق في الأفق بنظرة جادة ، و كأنه يتفحص أحداثا لا يمكن للعيون البشرية أن تراها .
بعد لحظة من الصمت ، أجاب بصوت يحمل لمسة من الغموض .
" سأكلفك بمهمة يا إمبراطور الغريفين 18 ، سامويل غريفين . إنحني لمرسوم هذا السلف ."
كلمات راغنار كانت كأمواج تتلاطم في عقل سامويل مما جعل هذا الأخير ينحني على ركبة واحدة .
" سامويل هانوفر ، سأكلفك بمهمة خطيرة ، هل أنت أهل بها ؟ "
سامويل رفع رأسه بثقة ، عيناه الحمراوتان تلمعان بالإستعداد و التحدي ،
" نعم ، سأفعل ما هو ضروري . قد يكون الطريق صعبا ، لكنني إمبراطور الغريفين ، سأحقق مهمتي بفخر و أجعلك أيها السلف فخورا ."
" جيد جدا "
راغنار أبدى إعترافا بالإستعداد و القوة في عيون سامويل ، ثم أشار بيده ليظهر ضوء رمادي في المحيط أعمى عيون سامويل و جعل الدموع تسيل منها .
بعد بضع ثوان ، فتح سامويل عينيه ثم حكهما بسرعة لمسح الدموع الموجودة على طرفهما .
بعد ذلك ، نظر إتجاه سلف الغريفين ليرى شيئا غريبا .
…..
" أبي !!!"
وصل صوت الفتاة الصغيرة مرة أخرى إلى أذني ماغنوس ، تجمدت تماما عيونه ، و عادت ذكريات مدفونة في أعماقه إلى التجسد في عقله ، و تحولت ملامح العجوز إلى تعبير مختلف ،
" هل يمكن ؟ " همس ماغنوس بدهشة ،
إختفت الخيبة من وجهه و استبدلت محلها الأمل و الفرح . على الرغم من أنه كان يعيش حياة بئيسة ، إلا أن هذا الصوت جلب له ذكريات من الماضي .
نسي العجوز أمر المحاكمة و أمر سامويل ،
-بادوم
" إنتظري !!"
هتف ماغنوس بتلهف و شق طريقه ناحية الصوت ،
لم يستطع إستخدام أي نوع من أنواع الطاقات في هذا الإختبار ، لذلك كل ما يمكنه القيام به هو الجري بسرعة عجوز كهل .
" هوف …. هوف "
اتجه ماغنوس إلى الأمام بدون تردد . كلما إقترب كلما رأى صورا ظلية في الأمام .
كلما إقترب كلما بدأت دموعه تسيل بشكل لا أرادي ،
إذا رأى شخص من امبراطورية الغريفين ما شكله الآن لن يصدق أنه الساحر ماغنوس الأسطوري .
و بعد بضعة دقائق ، هناك ، خلف أشجار الخيزران ، ظهرت صورة فتاة صغيرة ذات وجه أبيض ناصع ، عينين زرقاوتين صافيتين و شعر بني كستاني .
ترتدي الفتاة الصغيرة فستانا أزرق فاتح و كانت ترتدي على وجهها ملامح الخوف و الرعب لأنها كانت محمولة من طرف شخص مجهول يرتدي ملابس سوداء من الفوق إلى التحت .
" أبي أنقذني "
صرخت الفتاة بقوة شديدة لتجعل الشخص المجهول يفقدها الوعي .
جلي الملاحظة ، أن الشخص المجهول لم يستطع تحمل صوت الفتاة الصغيرة مرة أخرى لذلك قام بجعلها تفقد الوعي .
رأى ماغنوس جل السيناريو مما جعله يرتجف بدون توقف ، شعر بالخوف و الغضب في نفس الوقت . لأن الشخص أمامه هو الوحش الذي اختطف طفلته الثمينة قبل 12 سنة .
" أنت …"
صر ماغنوس العجوز أسنانه و حاول تحريك المانا في جسده للقيام بإلقاء أحد تعويذاته . لكن ، لسوء الحظ ، لم يطرأ أي شيء .
لم يستطع إستخدام المانا التي يبرع بها ظ.
حدق الرجل المجهول في ماغنوس بهدوء و كأنه يحاول قياس قوة العجوز الواقف أمامه .
" ضعها على الأرض و لنتحدث ، من أرسلك ؟ "
نسي ماغنوس كل شيء ، كلما يهمه حاليا هو سلامة فتاته الحبيبة .
" من أرسلك أيها اللعين ؟ "
" من أرسلك ؟ "
فقد ماغنوس تفكيره من كثرة الغضب ، غضب تم تخزينه في قلبه لمدة 12 سنة وأمسك بصخرة على الأرض و أرسلها ناحية الرجل المجهول .
لكن ، هذا الأخير ، تفاداها كأنها لا شيء .
" أجبني "
هاجم ماغنوس عدوه بشتى الطرق عبر رمي الحجارة ، هجمات و ركلات خاطفة . لكنه لم يستطع حتى لمس ملابس الرجل المجهول .
" أجبني ، لماذا جعلتني أعاني ؟ "
" ما هدفك ؟"
" لماذا أنا ؟ لماذا ؟"
"أجبني ، لماذا أنت صامت؟ "
" لماذا حرمتني من فتاتي ؟"
" أرجوك أجبني .."
إنهار ماغنوس على الأرض بسبب جسده العجوز الخالي من المانا ،
" لماذا أنا ؟ إجبني ، أريد أن أعلم لماذا ؟ "
المجهول بقي صامتا أمام هجمات العجوز اليائسة ، و لم يظهر عليه أي رد فعل . كلما فعله هو أن يراوغ بثبات ، و كل هجوم من ماغنوس كان يفشل أمامه .بينما كان ماغنوس يصرخ بأسئلته بين الألم و اليأس ،ظل الشخص المجهول ينظر إليه ببرود .
كانت اللحظات مليئة بالتوتر و الغموض . كانت مأساة ماغنوس تتكشف أمامه ، و الفتاة الصغيرة لا تزال فاقدة للوعي .
" هاه ،فهمت أخيرا "
بعد تفريغ مشاعره المكبوتة ، وقف ماغنوس المتسخ من مكانه بهدوء .
مازالت الدموع تتدفق بغزارة من عينيه و هو يتمتم بهدوء ،
" لقد حصلت عليه ، لقد فهمت ، لقد فهمت "
ماغنوس توقف على الهجوم و كأنه قرر التصالح مع حقيقة ماضيه المظلم و البائس .
بينما يعاني ماغنوس من مشاعره المتدفقة ، ظهرت على وجهه ملامح الفهم و القرار في وجهه .
بقي الشخص المجهول صامتا كالصخر يراقب العجوز المنكسر أمامه .
" رغم أن هذا مجرد إختبار أو محاكمة . لا أهتم حقا بماذا يسمى هذا المكان ."
" لكن ، أتعرف ماذا ساعدني المكان على الحصول على شيء ثمين ، أتعرف ما هو ؟ "
فجأة ، بدأت أجزاء الإختبار تتفكك ببطئ ، كما ظهرت نظرة دافئة على وجه ماغنوس و هو ينظر على الفتاة النائمة بهدوء على ظهر الرجل المجهول .
كانت الدموع تتساقط بحرية على وجنتيه ، ثم قال بهدوء ،
" حصلت على الأمل ."
.
.