..

.

'صندوق أسود ؟؟'

تساءل سامويل في صمت و هو يحدق في الصندوق الأسود ذو النقوش الغريبة الذي ظهر من العدم في يد راغنار .

ظهرت حيرة خفيفة في وجه سامويل لأنه لم يكتب عن صندوق أسود غريب في إعدادات روايته .

ففي الرواية ، بعد إنهاء المحاكمات ، يمكن للشخص فقط إختيار كنز واحد تحت إشراف راغنار ثم مغادرة المكان .

و هذا ما أكد لسامويل شيئا واحدا ، هذا العالم يختلف في بعض النواحي عن اتجاه قصة روايته .

لكن ، ماذا يعني هذا ؟

لم يعرف سامويل الإجابة حتى بعد استعمال جميع خلايا عقله ، لذلك قرر العدول عن التفكير في الأمر في الوقت الحالي و استنباط المعاني من المحادثة القادمة .

راغنار الذي وجهه يشع بالغموض و الحكمة ، ابتسم ببرود و بنقرة من إصبعه الأبيض الخالي من العيوب ، أرسل الصندوق الغامض ناحية سامويل الحائر .

كان الأثير الذهبي يتلألأ حول الصندوق بإستمرار كأنه يخبر الأشخاص المحيطين أن لهذه القطعة السوداء قصة قديمة جدا .

" أرى أن أرضي المقدسة انحدرت إلى هذه الدرجة "

تمتم راغنار بصوت مليئ بخيبة الأمل ثم أضاف :

" هذا ما يصعب عليك الأمر أيها الحفيد "

" سامويل غريفين ، أطلب منك تحمل مسؤولية نقل صندوق ##### إلى القبر الإمبراطوري ."

أكمل راغنار كلامه ببطئ ،

" مصير أرض الغريفين المقدسة أو بالأحرى ما تبقى منها سيحدد عبر نقلك ##### إلى القبر الإمبراطوري ."

-تاك

أمسك سامويل الصندوق الطافي بهدوء بواسطة يديه ، مجرد جزء من الطاقة المختومة داخله جعل جميع جزيئات جسده ترتعد باستمرار .

جزء بسيط من الطاقة داخل الصندوق أثر بشكل جدي على جسد سامويل .

' ما هذه الهالة المخيفة ؟ '

حمل سامويل الصندوق الأسود بأثر من الحذر و هو يتساءل داخليا عن محتواه .

' هل هو سلاح قوي ؟'

' أم نوع من الطاقة الجديدة ؟'

' لماذا لا أستطيع سماع إسم الصندوق كاملا ؟ '

'ما نوع الشيء الذي جعل كائنا عظيما كالغريفين يخصص جزءا من روحه لحراسته ؟'

جالت أفكار سامويل بدون توقف و هو يحاول حزر محتوى الصندوق ،

و لأول مرة، أحس بأن التفوق الذي شعر به بصفته كاتب الرواية قد اختفى ،

لم ينفعه كونه خالق إعدادات هذا العالم في معرفة محتوى الصندوق و تحديد وضعه الحالي .

لذلك قرر أن يسأل راغنار أو بالأحرى جزء من روحه بشكل مباشر ،

" ما هو محتوى الصندوق أيها السلف ؟ "

" محتوى #### ؟ "

تمتم سلف الغريفين بمكر ، كما ارتفعت حواف فمه لتتشكل ابتسامة سخرية باردة ،

" أنت ضعيف جدا جدا لدرجة أنني مازلت أتساءل عن كيفية عبورك لمحاكماتي ، لكنني لا أملك الوقت حاليا للإهتمام بكيفية عبورك . كل ما أنا متأكد منه هو أنك سليلي و هذا ما يهم ."

" جل ما عليك القيام به هو تسليم الصندوق إلى القبر الإمبراطوري و سيتم الإهتمام بالباقي ."

سامويل تحمل إستهزاء راغنار بصمت و هو يحمل الصندوق بحذر و أجاب بارتباك ،

" لكن ما الذي يكمن داخله ؟ و لماذا يجب علي نقله إلى القصر الإمبراطوري بعد كل هذا الوقت ؟"

راغنار نظر إلى سامويل بنظرة حادة ، و قال بصوت ينبعث منه السلطة و التهديد ،

" سامويل غريفين ، لا تفكر في تحدي أوامري . أعلم أنك لا تفهم بعد ، و ربما لن تفهم أبدا . لكن الصندوق ##### ، ليس مجرد أداة أو سلاح . إنه جزء من تاريخ عظيم و سرمدي ، يتجاوز فهمك الحالي . إعلم أنه جزء من أحجية ضخمة ، لا يمكن تصورها بواسطة عقلك البشري الضئيل ."

رفع راغنار حاجبه بهدوء و كأنه يشير إلى سامويل بأن يغلق فمه و يقبل بما أخبره به .

"سامويل غريفين ، تحمل الآن مسؤولية نقله إلى القبر الإمبراطوري ، هناك ، ستجد إجابات لأسئلتك ."

رفع راغنار إصبعه الأبيض مشيرا ناحية سامويل لتنفصل قطعة صغيرة من الطاقة الذهبية و تحولت إلى رمز محفور على جبينه .

" هذه علامة توقيع الغريفين ، تعني أنك الآن حامل للمصير و المسؤولية . ستعمل هذه العلامة كمفتاح يخول لك فتح القبر الإمبراطوري. لكن ، إذا خذلتني …"

لمعت عيون راغنار ببريق ذهبي حاد جدا يدل على مدى جديته ،

" ستقوم العلامة بمحو وجودك تماما ."

" … محو وجودي ، هاه "

أجاب سامويل ببرود بدون أي ذعر باد على وجهه ثم أردف مسقطا ثمثيله ،

" حاولت أن أتصرف بإحترام إتجاهك أيها اللعين بصفتك سلفي الأكبر ، حاولت تقييد طبيعتي قدر الإمكان لكنك أجبرتني على التصرف هكذا ، أيها اللعين ."

لم يترك سامويل فرصة للرد من طرف راغنار الذي ظهرت ملامح الدهشة على وجهه ،

" أكثر ما أكرهه هو أن يجبرني لعين ما على القيام بشيء ما تحت وطأة التهديد ، تحملت هراءك طوال الوقت ، أردت فقط الحصول على كنز واحد أيها اللعين ثم المغادرة ، لكنك أحبطت الأمر . و الآن …."

ظهرت إبتسامة شريرة على وجه سامويل الذي أصبح يختنق بالضغط الساحق من جزء روح راغنار الغاضب ،

" ..سنلعب ……. ضمن …قواعد…ي.."

رغم إزدياد الضغط بشكل قوي ، لم تختفي الإبتسامة الباردة من وجه سامويل ، ظل يبتسم بشكل إستفزازي في وجه سلفه و هو يتمتم بصعوبة ،

" كح …. لا …. تستطي…ع …كح…كح…. قتلي ..كما….ظننت…"

" أنت ….. تحتاجني …."

" أصمت "

إجتاحت موجة جديدة من الطاقة الذهبية جسد سامويل مما جعله يرتد تلقائيا و يصطدم بأحد الكنوز الجانبية بقوة شديدة .

اللقاء بين الحفيد و سلفه أخذ منعطفا أكثر تعقيدا و خطورة .

ظن راغنار أن سليله سينفذ ما قاله له بداعي العلاقة بينهما ، كما أنه أضاف علامة توقيع الغريفين ليخيفه و يجعله يقوم بتسليم الصندوق بسرعة .

لكنه ، و لا في أحلامه ، توقع رد فعل سليله المتمثل أمامه .

لأول مرة من سنوات طويلة ، تحدي سامويل جعله يشعر بشعور نساه منذ مدة طويلة ألا و هو الدهشة .

" ماذا تريد ؟ "

توقف راغنار عن استخدام التخويف و الترهيب و قرر محاورة سليله بغية إقناعه .

" و …. أخيرا … كح ، كح "

وقف سامويل من مكانه و جسده يرتجف باستمرار ، أصابه ضغط راغنار بإصابات خطيرة .

لكن ، رغم ذلك لم تختف البسمة من محياه .

" في البداية ، أيها السلف اللعين ، أتيت من أجل الحصول على كنز واحد بصفتي سليلك ثم المغادرة من هنا بسلاسة. لكنني بدأت في تغيير رأي تدريجيا بعد مراقبتي لتصرفاتك ."

" رغم حفاظك على هدوء ، يمكنني رؤية لمحة من التوتر في حركاتك و من حديثك أيضا . لا أعلم معنى نفاذ الوقت أو معنى أنني غير مناسب ، لكن استراقك للنظر نحو الأفق لبضعة ثوان ، أكد لي الأمر ."

" إقترب الأعداء من الوصول و دعني أحزر ماذا يريدون ؟ "

" هذا "

أشار سامويل إلى الصندوق الغريب بابتسامة شريرة و ماكرة ،

" لذلك أنت تحثني على نقل الصندوق إلى القبر الإمبراطوري لأنه يوجد جزء أخر من روحك مختوم هناك و هو أنه يملك قوة أكبر كثير منك ، أليس كذلك ؟"

تجاهل راغنار سؤال سامويل و تمتم ببرود ،

" ماذا تريد أيها السليل الغير المطيع ؟"

" أوه ، الآن أصبحت غير مطيع ." أجاب سامويل باستهزاء ،

" لا تدفع حظك أيها الشقي ، كل ما علي هو أن أعيدك على قيد الحياة ، لكنني لم أقل شيئا عن إرسالك قطعة واحدة . قل ماذا تريد و لا تغضبني ؟"

" حسنا إذن أنت تفوز ، أولا أريد الحرية ." أضاف سامويل بنظرة جدية ،

" لا يمكن ، لقد استهلكت معظم أثيري لإقامة العقد ، بقي فقط القليل من الأثير الكافي للحفاظ على هذا المكان لبضعة أيام ." أجاب الغريفين ببرود ،

" أنت حقا شخص مقيت ." لم يتأثر سامويل بإجابة راغنار كأنه توقعها و أضاف مشيرا إلى هدفه الحقيقي ،

" إذن ، أريد جل الكنوز الموجودة هنا ، لا نقاش في الأمر ، أعلم أن هنالك كنز يسمى [ عالم موازي صغير ] هنا يمكنه تخزين أي شيء .طلبي منطقي أليس كذلك ؟ كما تعلم واجبي هو إعادة هذه الإمبراطورية إلى القمة …"

" هممم. "

نقر

نقر

إجتاح الصمت المكان و ظل راغنار ينقر على عرشه بدون توقف و هو يفكر في طلب سامويل بجدية ،

" هاه ، حسنا أيها الشقي ، لقد فزت ، لكنني سأحتفظ ببعض الأشياء لأنني أحتاجها في وقت لاحق ."

بتلويحة من إصبع راغنار تحركت معظم الكنوز و دخلت إلى داخل خاتم أحمر صغير يسمى كما قال سامويل ب[عالم موازي صغير ] و هو كنز ثمين جدا في عالمه الحالي .

كنز يمكنه تخزين أي شيء في حدود عالم كامل .

" إذن إنتهينا هنا سأرسلك للخارج رفقة زميلك العالق في المحاكمة الثالثة . أتمنى أن لا أراك مرة أخرى أيها السليل الجشع .."

" مهلا ، لحظة ، هل يمكنك تفقد مخزن المانا الخاص بي إنه …" قاطع سامويل كلام راغنار مشيرا إلى سرة بطنه .

" أغرب عن وجهي ." صرخ راغنار بإنزعاج ، " أيها اللص اللعين ."

ليختفي سامويل من المكان تاركا راغنار وسط القاعة الضخمة .

نظر هذا الأخير بنظرة جدية نحو الأفق قائلا ،

" لقد اقتربوا ."

.

.

.إذا أردتم دعمي لإكمال هذه الرواية ، إدعموني على patreon . الرابط في الدعم أسفله و شكرا

2023/12/16 · 300 مشاهدة · 1464 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024