.
.
كان يتم مراقبة ساحات المعركة المختلفة بأكملها في مختلف المدن من طرف مجموعة من الترولز داخل قاعة دائرية ضخمة بواسطة جرم أزرق .
بدا إنتباه الترولز يتأرجح بين الجرم السماوي العملاق الذي يقف في منتصف الغرفة و الشكل الذي يجلس في الطرف البعيد من الغرفة حيث إنتشر سكون مخيف في جميع أنحاء القاعة التي كانوا فيها .
في هذه المرحلة ، كان من الواضح أن الجزء الأول من خطتهم قد إنتهى جزئيا ، مع ظهورهم منتصرين بأغلبية ساحقة في معظم جبهات القتال .
" ألم يقولوا أنه مات ؟!"
" نسل ذلك اللعين ما زال على قيد الحياة ."
" ذلك الهمجي حقا مازال على قيد الحياة ؟!!"
تم توجيه إنتباه الجميع نحو شخصية معينة ترتدي دروعا سميكة تخفي معظم جسدها ، هذه الشخصية تجتاح جحافل الترولز بسهولة تامة .
كان مثل آلة قتل ، يدوس و يقتل كل الترولز التي كانت في جواره بدون تردد . كانت عيناه تلمع بإشعاع مخيف تحت درعه ، و هو مؤشر على مدى إستمتاعه بقتل الترولز .
و بمساعدة الأورك خلفه ، كان يجني حياة الترول أمامه بسرعة مخيفة جدا .
" … كل ذلك خطؤه "
كسر الصمت أحد الترولز . كل شخص في هذه القاعة هو شخصية مؤثرة وسط الترولز .
على الفور ، بدأ في توجيه أصابع اللوم على وضعهم الحالي في جبهة مدينة براغن في إتجاه الأورك المدرع الذي ظهر فجأة من العدم .
" فيجي ، ذلك الهمجي مازال حيا ؟ لا أصدق حقا ."
" لولا ذلك ، لكان مايكل و الأخرين قادرين على إنتزاع الفوز بسهولة ."
" نعم ، نعم ، كل ذلك خطأ ذلك النسل الملعون ."
" إذا لم ينضم ، لكنا قادرين على محو تلك المدينة من الوجود ."
مع إنضمام المزيد و المزيد من الترولز إلى المناقشة ، سرعان ما أصبحت الغرفة ، التي كانت هادئة نسبيا من قبل ، صاخبة .
نقر .
في تلك الثانية ، كان من الممكن سماع ضوضاء منخفضة النغمة يتردد صداها في جميع أنحاء الغرفة بأكملها . بعد ذلك مباشرة ، بدأت طاقة مرعبة بالإنتشار خلسة في جميع أنحاء الممرات ، و أغلقت أفواه كل الترولز التي كانت هناك .
" كيف ؟؟"
صرخ الشكل الجالس على العرش بقوة تامة و سمعت نغمة مهيبة يتردد صداها في جميع أنحاء القاعة بينما يتحدث .
" كيف عرف كيفية إيقاف المدافع ؟"
تبنى كل من في الغرفة فجأة ملامح جادة و نظروا إلى الشاشة التي يحدق فيها قائدهم .
" ما هذا الكائن ؟"
" هل هو ترول ؟!!" تساءل أحد الترولز نظرا للشبه بين الإنسان و الترول في البنية الجسدية من بعض النواحي .
" لا جسده صغير نوعا ما ."
" نعم ، نعم ، كما لا يملك … مخالب ."
" هل هو …"
نظر أحد الترولز إلى بعضهم البعض مع حفاظهم على تعبير قلق على وجههم .
" لا يمكن …"
" أنتم تعلمون ذلك ."
" إذن ، ما هذا الكائن في نظركم ؟!"
" لا أعلم ، لكن يمكن أن تكون طفرة في جنسنا ."
" طفرة ، هذا ممكن ؟"
أصبحت المناقشة حامية جدا بينما إنتظروا إجابة قائدهم بفارغ الصبر .
" جهزوا الجزء الثاني من الخطة ."
إرتفعت الشخصية الجالسة من على العرش ، و تبنى الجميع ملامح جدية .
تقدم ترول بعيون حمراء عميقة ، شعر أبيض طويل و قرنين كبيرين و هو يمسك بعصا خشبية في يده اليسرى .
" التضحيات لم تذهب سدى . بهذا ، نحن قادرين على معرفة إحدى المتغيرات التي يمكن أن تؤثر على حملتنا . إجعلوا كل شيء جاهزا للبدء بالمرحلة التالية . لن يفلت حتى فيجي و ذلك المجهول منها ."
في اللحظة التي أمر فيها قائد الترولز المطلق و ملكهم الحالي ببدء المرحلة التالية ، دخلت كل الغرفة في صمت غريب .
بعد أن نزل ملك الترولز من الدرج ، إبتسم بشر شديد قائلا ببرود .
" لا تنسوا هدفنا هو …"
" إبادة الأورك الهمجين و خلق عالم جديد لنا فقط وحدنا ."
بنظرة كاسحة على مندوبي الترولز ، توسعت الإبتسامة على وجهه أكثر و إنتشر ضغط تقشعر له الأبدان في جميع أنحاء القاعة .
" ماذا تنتظرون …"
" نعم !"
واحدا تلو الآخر ، إختفت الترولز من مواقعها ، و لم يمض وقت طويل حتى ذهب الجميع . ترك شخص واحد فقط وراءا .
تمتم ملك الترولز و هو يلقي نظرة على الجرم السماوي و يركز إنتباهه على الطرفين اللذان يقاتلان .
" علي أن أبلغ المبعوث بالأمر في أقرب وقت ."
.
………..
بوووووم
تم تفجير رأس إثنين من الترولز بواسطة قبضة فيجي . حرص فيجي على تفجيرهم في نقاط ضعفهم لكي لا يمنح لهم الفرصة لإستخدام تجددهم .
" … أعتقد أنني قمت بما فيه الكفاية ."
عندما ضغط فيجي على الأرض للتحرك ، أدرك أنه بعيد ببضع كيلومترات من المدينة .
توغل فيجي بشكل مخيف في صفوف العدو مفجرا كل من في طريقه .
كان بإمكانه سماع صوت إصطدام المعادن من بعيد ، إلى جانب صرخات الترولز التي كانت تدافع ضد هجمات الأورك المشتعلين و المتحمسين و الذي يبدو أنهم إستعادوا حماسهم بموت قادة العدو على يد فيجي …
… و توقف المدافع بشكل مبهم .
" أظنهم سينسحبون قريبا ."
لاحظ فيجي أن العديد من الترولز يبتعدون عنه عمدا ، لذلك قرر التراجع إلى المدينة .
بعد مسح قبضته الزرقاء تماما بلون دماء الترولز و تأكد فيجي من أن كل شيء على ما يرام ، توجه نحو المدينة .
عندما إستدار للعودة ، وجد أنه لا توجد عوائق في طريقه .ليعود في غضون بضع دقائق إلى الجانب الجنوبي من جدار المدينة .
" أعترف أنك بشري مثير للإعجاب ."
تمتم فيجي بأفكاره بصوت عال و هو واقف في مكانه ملطخا بالكامل بالأزرق .
" لتتمكن من النجاح بقوتك …"
" حسنا ، حسنا ، إعفني من ثرثرتك عديمة النفع . هل كنت حقا ملك الأورك بشخصيتك هذه ؟ "
إستدار فيجي لينظر إلى الشخص القادم بمجرد أن سمع الجواب .
" أنت …؟"
صر فيجي أسنانه ، لم يسبق له أن سمع شخصا ما بوقاحة البشري أمامه .
تلقى خلال الفترة التي أمضاها مع هذا البشري مختلف الإهانات من طرف هذا الأخير .
" كلما فكرت في الأمر ، عجزت عن فهم سبب إنخفاض مستوى ذكائك في كل محادثة نخوضها ."
" …"
صليل ، صليل ، صليل .
في هذه اللحظة بالتحديد ، دوى صوت قعقعة معدنية يصم الآذان في جميع أنحاء المنطقة .
حيث بدأت بوابة المدينة في فتح أبوابها و بدأ الأورك في تحريك مجموعة من المقالع إلى المنطقة المحيطة .
بعد إكتساب الأورك للزخم الغير المسبوق ، حصلوا على الوقت الكافي لإخراج أسلحتهم إلى حيز الوجود .
تمركزت مجموعة من الأورك ، يصل عددها للعشرات ، بالقرب من المقالع و سحبتها ببطء إلى الأمام.
جذبت إطاراتها الضخمة إنتباه الترولز على الفور .
" هل الأورك حقا أغبياء ؟" أمال سامويل رأسه متسائلا بحيرة و أضاف محدقا في المقالع الكبيرة التي تتحرك ببطء .
" إنهم يستخدمون هذه الأشياء التي لا نفع لها حاليا . على الرغم من قوتهم ، إلا أن الأمر يستغرق وقتا طويلا لإعادة التحميل . سيؤثر ذلك سلبا على تشكيلهم ."
" لديك وجهة نظر "
أومأ فيجي برأسه عندما سمع تعليق سامويل مضيفا ،
" أظن أن أمر إستخدام المقالع صدر من الجهات العليا ."
كان ضعف المنجنيق واضحا بشكل صارخ للثنائي ، لكنها عرفوا أن أمر إستخدامهم أتى من عاصمة الأورك .
لم يقتصر الأمر على أنهم إحتاجوا إلى قدر كبير من الوقت لإعادة التحميل ، بل سيقوم الأورك بتعطيل زخمهم على هذا المنوال .
" لا أفهم حقا ، ما الذي يخطط له جاكسون ؟"
ظل سامويل صامتا و هو يحدق ناحية ساحة المعركة .
و بعد بضع دقائق من الهدوء ، قطع صوت فيجي الصاخب سكينة سامويل .
" إنهم ينسحبون .."
" أنا أرى " أجاب سامويل على تعليق زميله بملامح باردة ، رفرف شعره بأناقة خلفه خالقا منظرا جميلا و هو يردف .
" أمر الإنسحاب منطقي لإعادة الترتيب و التنظيم ، لكن …"
" لكن .."
" لكن ، أحس أن الأمر ليس بتلك البساطة . سنكتشف الأمر قريبا ." أومأ سامويل و هو يتساءل داخله عن ماهية الشعور السيء الذي يتملكه حاليا محدقا في الأورك الذين يطاردون أعداءهم المنسحبين كالوحوش الجائعة التي تطارد فريستها .
" لنعد إلى المدينة يا فيجي ."
" هوهوهو أيها البشري ، عليك أن تعود لمكانك ."
" تسك ، أعلم يالك من صبياني ."
فتح فيجي كيس الصيد السابق ليدخل سامويل إليه و هو يتنهد .
ما أصعب العيش وسط الأورك !
…..
" من هنا ، جلالتك ."
تم إصطحاب فيجي إلى داخل قاعة كبيرة في غضون دقائق.
بمجرد وصوله إلى القاعة ، توقف الحارس عند المدخل و لم يجرؤ على الدخول .
كان وضعه منخفضا في المدينة لدخول القاعة .
أثناء المشي في الداخل و الوقوف في منتصف القاعة الكبيرة ، وقف فيجي بهدوء وجها لوجه مع قادة نقابات مدينة براغن .
انطلاقا من كيفية تواجدهم جميعا بالفعل ، بدا الأمر أنهم ظلوا ينتظرون مجيء فيجي بفارغ الصبر .
كان الضغط الذي يخرج من أجسادهم مخيفا ، لكن أمام فيجي بدا كرياح شرقية لطيفة تلامس جسده .
" جلالتك ، شكرا لك . بفضل مساعدتك تمكنا من النجاح ."
إقترب أورك عريض ذو لحية بيضاء من فيجي و إنحنى له بإمتنان تام .
" جلالتك. شكرا على إنقاذك لي ."
مباشرة بعد ذلك ، إقترب أورك ذو عين واحدة و هو كيفن الذي أنقذه فيجي في وقت سابق .
حك فيجي أذنيه و أجاب .
" لا بأس ، من واجبنا دعم بعضنا بعض ."
" شكرا على إحسانك ، جلالتك ."
نظر فيجي إليه و أومأ برأسه مضيفا بنبرة باردة .
" ما حال المدن الأخرى ؟!"
عرف فيجي أن وضع الأورك سيء بعض الشيء ،
إنطلاقا مما سبق ، هجوم الترولز لن يستهدف مدينة واحدة فقط ، بل سيهدف إلى العديد المدن ليكون نقطة إشتعال الحرب إلى مستويات غير مسبوقة.
لكنه ، آمن أن جاكسون قائد الأورك الحالي سيتمكن من تقليل الأضرار و الحد منها .
تغير وجه معظم الحاضرين بعد سماع سؤال فيجي المنطقي.
بدا إرتجاف طفيف في عيون الأورك المتواجدين مما عمق حيرة فيجي .
" ما الأمر ؟!"
" جلالتك ، بخصوص الأمر …"
توقف الأورك ذو اللحية البيضاء المسمى رايس عن الكلام للحظة ثم أضاف بإرتجاف ،
" أسقطت الصراصير 12 مدينة حاليا و 6 مدن أخرى تعاني تحت الحصار ."
" ماذا ؟!!!"
إنتشرت هالة مخيفة لفيجي في جميع أركان الغرفة مما زعزع استقرار جميع الحاضرين .
يمكن للمرء أن يرى ملامح صدمة و عدم التصديق على وجه الملك السابق .
" ج… ل…ا…ل..ت..كً ."
" ا…ل…ر…ح…م..ة"
مع إهتزاز ساقيه ، و بإستخدام كل قوة إرادته ، تمكن رايس من تكوين كلماته محاولا جعل فيجي يتوقف عن ضخ ضغطه الطاغي .
" ماهو رد جاكسون ؟"
بعد أن تماثل فيجي للشفاء من وضعه، أضاف على الفور بنظرة باردة .
" القائد … أمر ببدء الحرب الشاملة ."
" الجيش يتحرك حاليا نحو المدن التي تم إحتلالها ، بينما …"
" …تتوجه كتيبة اللواء رومان إلى مدينتنا لدعمنا ضد الصراصير ."
" لولا … جلالتك ، لما تمكنا من هزيمتهم بسبب إستعمالهم لهذه التكنولوجيا الغريبة ."
بتعرضه للوهج المخيف من فيجي ، لم يستطع رايس إلا أن يهز رأسه بلا حول و لا قوة .
" يخطط جاكسون لشيء ما "
كان هذا ما إستنتجه فيجي أثناء محاولته ربط الأدلة مع بعضها البعض . كانت النتيجة الأكثر منطقية .
" لكن ، ما هدفه ؟"
ظل جميع الحاضرين صامتين و هم يراقبون فيجي .
" حسنا ، حسنا ، لا جدوى من التفكير الآن ."
" حاليا ، هناك أولويات أخرى . الجميع سأخبركم أولا طريقة إيقاف تلك الأشياء الفضية التي تطلق النار . العديد من زملائنا حاولوا بكل إستطاعتهم تدميرها أو إيقافها على حساب حياتهم . لكنهم لم يتمكنوا للأسف من النجاح .."
" إكتشفت الطريقة بالصدفة أثناء قتالي ، توجد دائرة سوداء صغيرة جدا و غير ملحوظة في الحجر الموجود خلف تلك الأشياء الفضية . حاولوا توجيه هجماتكم نحوها لأنها نقطة ضعف تلك الأشياء ."
" كما …"
بينما ظل فيجي يشرح العديد من التعليمات و الأشياء لكل من في القاعة .
توجه ظل أسود نحو مدينة براغن بسرعة البرق .
.
.