[منظور ثيودور ڤاليراك]
الظلال في مكتبي الخاص كانت أعمق من أي مكان آخر في القصر الإمبراطوري. هنا، بعيدًا عن فخامة قاعات العرش الرسمية، كانت الأسرار الحقيقية للإمبراطورية تتنفس وتتحرك.
كنت أقف أمام خريطة سحرية ضخمة للعاصمة، تتلألأ فيها آلاف النقاط الضوئية، كل نقطة تمثل دورية حرس أو حاجزًا سحريًا.
لكن عيني كانتا مثبتتين على نقطة واحدة، نقطة حمراء باهتة، لا تزال تنبض بضعف في قلب الحي الأرستقراطي.
"لا شيء جديد؟"
صوتي كان هادئًا، لكنه كان يحمل برودة الفولاذ.
من أعمق ظل في الغرفة، حيث لم يكن يصل أي ضوء، جاء الرد. كان صوتًا كحفيف أوراق جافة، بلا أي نبرة.
"لا شيء، يا جلالة الملك."
ظهر الشكل ببطء من الظلام. لم يكن ضخمًا كالجنرال ڤاليريوس، ولم يكن أنيقًا كأليستر ڤيرتون. كان رجلاً عاديًا، رماديًا، من النوع الذي تنساه في اللحظة التي تشيح فيها بنظرك عنه.
كان هذا هو السيد فاروس، رئيس مديرية الظل الإمبراطورية. سيد الجواسيس.
"هل وجدت من قتل البارون فيلهلم فون ستريد؟" سألت، رغم أنني كنت أعرف الإجابة.
"لا يا جلالة الملك." قال فاروس بصوته الذي لا حياة فيه. "لم نجد من هو المتسبب إلى الآن. كل الأدلة كانت طريقًا مسدودًا. لم تكن هناك بصمات، لا أثر سحري، لا شهود. لم يتبق سوى... تلك."
أشار بيده، وظهرت صورة سحرية صغيرة في الهواء بيننا. كانت صورة لبطاقة لعب.
"جوكر. ملطخة بالدم."
حدقت في البطاقة. في تلك الابتسامة البشعة، الملتوية. كانت تسخر مني. تسخر من سلطتي المطلقة، من إمبراطوريتي التي لا تقهر.
"مرت عدة أشهر،" قلت ببطء، وكل كلمة كانت تقطر برودًا قاتلاً. "عدة أشهر، يا فاروس. وشبح يحمل بطاقة لعب يصول ويجول في عاصمتي، يذبح نبلائي، وأنت لا تزال لا تعرف من هو."
"نحن نبذل قصارى جهدنا، يا جلالة الملك. هذا 'الجوكر'... ليس قاتلاً عاديًا. إنه شبح. تحركاته لا يمكن التنبؤ بها، وأساليبه..."
"لا أريد أعذارًا." قاطعته بحدة. "أريد نتائج. ضاعف المراقبة. استجوب كل من كان له صلة بالبارون. اقلب كل حجر في هذه المدينة اللعينة. أريد رأسه. هل هذا واضح؟"
"واضح تمامًا، يا جلالة الملك."
انحنى فاروس، وذاب مرة أخرى في الظلال، واختفى كأنه لم يكن موجودًا قط.
بقيت وحدي، أحدق في تلك النقطة الحمراء على الخريطة.
الجوكر...
[منظور نير ڤيرتون]
مرت ثلاثة أيام.
ثلاثة أيام قضيتها في روتين من التعافي والتفكير الصامت. الأطباء كانوا قد أعلنوا أننا جميعًا قد تعافينا جسديًا بما يكفي لمغادرة جناح الشفاء. عدنا إلى أجنحتنا الخاصة، إلى عزلتنا، لننتظر الأيام المتبقية قبل بدء المرحلة الرابعة.
كنت جالسًا على الأرض في وسط جناحي الفارغ. لم أشعل المصابيح.
الضوء الوحيد كان ضوء القمر الباهت الذي كان يتسلل من النافذة الضخمة، ويرسم مربعًا فضيًا على السجادة الداكنة.
كنت هادئًا من الخارج. لكن في الداخل... كانت هناك عاصفة.
عاصفة من سؤال واحد، يتردد في عقلي بلا توقف.
هل اعتبرني النظام خاسرًا أم فائزًا؟
الأكاديمية، الإمبراطور، لقد منحونا نجاحًا فخريًا. جائزة شفقة. لكن النظام... ذلك الكيان البارد، الآلي، الذي يحكم حياتي الثانية... لم يكن يهتم بالسياسة أو الشفقة. كانت له قواعده الخاصة.
كنت قد خسرت. هذه هي الحقيقة. تم استبعاد فريقي.
لكنني فزت. لقد نجوت. نجونا لأننا واجهنا مخلوقًا لا يستطيع أي طالب من طلاب السنة الأولى أن يقاتله. كان ظرفًا استثنائيًا. قوة قاهرة. ألم يكن من المفترض أن يأخذ النظام ذلك في الحسبان؟
شعرت بومضة من الأمل اليائس. ربما... ربما سيعتبرها النظام مهمة خاصة تم إنجازها. ربما سأحصل على مكافأة. مكافأة على النجاة من المستحيل.
لم أعد أحتمل الشك.
أغمضت عيني.
"النظام."
ظهرت الواجهة أمامي في الظلام، حروفها الزرقاء الباردة تتوهج بضوء شبحي.
‹الهوية: نير ڤيرتون›
‹العُمر: 16›
...
تجاهلت المعلومات الأساسية. عيناي بحثتا عن سجل المنافسة.
‹سجل المنافسة›
‹المرحلة الأولى: متاهة الهمسات. الحالة: ناجح. الترتيب: 3. المكافأة: [سؤال × 1]› < تم السؤال >
‹المرحلة الثانية: برج الأوهام. الحالة: ناجح. الترتيب: 1. المكافأة: [سؤال × 1]› < تم السؤال >
ثم... جاء السطر الذي كنت أخشاه.
السطر الذي جعل قلبي يتجمد في صدري.
‹المرحلة الثالثة: صيد القمم القرمزية. الحالة: فاشل. السبب: استبعاد الفريق.›
فاشل.
الكلمة كانت كالمسمار. باردة، حادة، ومطلقة.
لم يكن هناك أي ملاحظات. لا ذكر للناحب الشاحب. لا ذكر للظروف الاستثنائية.
فقط... "فاشل".
شعرت بالغضب يرتفع في داخلي، غضب بارد، صامت.
"لكن... هذا ليس عدلاً!" صرخت في عقلي، والكلمات كانت تتمزق في صمت روحي. "لقد نجونا من وحش من الرتبة الثالثة، المستوى المرتفع! لقد قاتلنا! لقد نزفنا! لقد مات ديغون تقريبًا!"
النظام لم يرد. الكلمة بقيت هناك، تحدق فيّ، تسخر مني.
فاشل.
وفي تلك اللحظة، فهمت.
النظام لا يهتم بالجهد. لا يهتم بالشجاعة. لا يهتم بالظروف.
إنه يهتم بالنتائج فقط.
المهمة كانت: "لا يتم استبعاد فريقك".
وفريقنا... تم استبعاده.
إذًا، النتيجة هي: فشل.
الخزي الذي شعرت به كان أعمق من أي شيء شعرت به من قبل. لم يكن خزيًا أمام زملائي، أو أمام الإمبراطور. كان خزيًا أمام القوة الكونية التي تحكم وجودي.
لقد أُعطيت فرصة ثانية... وأنا أضيعها.
الخسارة... لقد عادت لتطاردني.
تذكرت حياتي القديمة. وجه مديري وهو يطردني. وجه صديقي سانو وهو يقول لي إنني "لا أمتلك أي طموح".
كنت دائمًا أجد الأعذار. "الظروف كانت صعبة." "لم تكن غلطتي." "العالم غير عادل."
والآن... كنت أفعل نفس الشيء.
ألوم الظروف. ألوم الوحش.
لكن الحقيقة كانت... أنني فشلت. فشلت في قيادة فريقي. فشلت في إيجاد طريقة للفوز.
الكلمة "فاشل" كانت لا تزال تتوهج أمامي.
نظرت إليها طويلاً.
ثم، ببطء، بدأ الغضب والخزي يتلاشيان.
وحل محلهما شيء آخر.
شيء أبرد. أقتم. وأكثر خطورة.
تصميم.
"حسنًا."
قلت للواجهة الصامتة. "لق-د فهمت."
إذا كانت هذه هي قواعد لعبتك... فسألعبها.
لا أعذار. لا شفقة. لا ظروف استثنائية.
فقط النتائج.
المرحلة الرابعة. جزيرة السيادة.
لم تعد مجرد منافسة.
أصبحت فرصتي الوحيدة للخلاص.
فرصتي لأمحو هذه الكلمة اللعينة من سجلي.
لن أكتفي بالنجاح. لن أكتفي بالوصول إلى النهاية.
سأهيمن.
سأجمع النقاط، ليس فقط من الوحوش. بل من كل طالب أراه.
سأحول تلك الجزيرة إلى ساحة صيدي الخاصة.
سأترك وراءي أثرًا من الهزيمة واليأس، لدرجة أن كلمة "فاشل" لن تجرؤ أبدًا على الارتباط باسمي مرة أخرى.
اختفت الواجهة.
نهضت، ومشيت نحو النافذة. نظرت إلى القمر الذي كان يسطع فوق الأكاديمية الهادئة.
لم أعد أشعر بالخزي.
كل ما شعرت به... هو جوع بارد.
جوع للانتصار.
جوع... للنقاط.
وهذه المرة... سأشبع جوعي.
مهما كان الثمن.
-----
-----
[منظور سايلس]
انتهى.
الكلمة ترددت في صمت الفراغ الأبيض الذي خلقناه. لم يكن هناك انتصار في هذا الصمت، ولا مجد. فقط غياب. غياب الشيطان. غياب الألم الحارق. غياب كل شيء.
كنت أطفو، أو ربما أسقط، في هذا البياض اللامتناهي. كنت بعيدًا عن مكان الصدام الأصلي، الذي أصبح الآن مجرد ذكرى بعيدة من الألم. وعلى الرغم من عيني اليسرى المدمرة التي كانت مجرد فجوة سوداء في وجهي، وعيني اليمنى التي بالكاد أستطيع الرؤية فيها، حيث كان العالم مجرد ضباب أحمر مشوه، إلا أنني كنت أرى أثر الصدام. وحتى هنا، السحب كانت سوداء قاتمة.
بدأ الفراغ الأبيض يتلاشى، يتآكل عند الحواف، كاشفًا عن الواقع الممزق الذي تركناه خلفنا.
عادت السماء العاصفة لتظهر، غيومها السوداء تلتف كأفاعٍ كونية جريحة. عاد صوت المطر ليهطل، ليس كمطر، بل كدموع باردة من سماء حزينة.
هبطت ببطء على ما تبقى من الأرض. لم تكن صخورًا، ولم تكن جثثًا. كانت مجرد رماد أسود، ناعم، يمتد لأميال في كل اتجاه. كل شيء قد تحول إلى رماد.
نهضت على قدمي، وأنا أترنح. كل عضلة في جسدي الذي يبلغ من العمر واحدًا وثمانين عامًا كانت تصرخ في تمرد صامت. ومعي سيفي، قاتل الخلود، الذي كان لا يزال ينبض بوهج أحمر خافت، كأنه قلب وحش منتصر، لكنه جائع.
فزت.
لقد قتلت شيطانًا من سلالة قديمة، كائنًا كان بإمكانه محو حضارات. لقد فزت.
لكنني لم أشعر بشيء.
فقط... فراغ.
فراغ أعمق من ذلك الذي خلقناه.
كنت أريد العودة لتلك الفتاة. مورنا. تلميذتي. بصيص الأمل الوحيد الذي تركته لنفسي في هذا العالم الملعون. أردت فقط أن أعود، أن أجلس في صمت، وأن أشاهدها وهي تتدرب، لأتذكر أن هناك شيئًا في هذا الوجود لا يزال يستحق الحماية.
لكن القدر، بحس دعابته المروع، كان له رأي آخر.
شعرت بها قبل أن أراها.
ضغط.
ضغط روحي هائل، نزل عليّ من الأعلى، ليس كضغط الشيطان الخامس العنيف، بل كوزن محيط يقع على كتفي. كان ضغطًا هادئًا، وأنيقًا، ومطلقًا.
رفعت رأسي ببطء، وعيني اليمنى المشوهة حاولت أن تركز.
في السماء، وسط المطر الأسود والبرق الصامت، كانت تطفو هي.
شيطان؟ لا... شيطانية.
كانت مختلفة تمامًا. كان ظهورها وهالتها مرعبين جدًا، كانت أقوى بكثير من الشيطان الخامس. لم تكن قوة فوضوية، بل كانت قوة منضبطة، مركزة، كقوة ثقب أسود.
كانت ترتدي ملابس سوداء تغطي جسدها بالكامل، ليس كرداء بسيط، بل كفستان حداد ملكي، مصنوع من مادة تشبه الحرير المنسوج من الظلال، يلتف حول جسدها النحيل بأناقة قاتلة، ويتسع عند قدميها ليلامس الرماد.
وكانت ترتدي كعبًا عاليًا، حادًا، أسود، كان يغوص في الرماد دون أن يترك أثرًا، كأنها تمشي على نسيج الواقع نفسه.
كانت جميلة. جميلة بشكل يجعلك تريد أن تمزق عينيك. جمالها لم يكن بشريًا، بل كان كمالاً مرعبًا، كتمثال نحته سامي مجنون من ضوء القمر والليل.
كانت تملك قرنين أسودين، رفيعين، ينحنيان بأناقة من جانبي جبهتها، كأنهما هلالان مقلوبان. وعيناها... كانتا بنفسجيتين.
بنفسجيتين كقلب مجرة تحتضر. عميقتين، لا قرار لهما، وتتوهجان بذكاء قديم، وحزن لا يمكن فهمه.
هبطت أمامي ببطء، وقدميها العاريتين بالكاد تلامسان الرماد الأسود.
نظرت إلى جسدي الممزق، إلى وجهي المدمر، إلى سيفي الذي لا يزال ينبض.
ثم تكلمت، وصوتها كان كصوت آلة تشيلو تعزف لحنًا جنائزيًا في قاعة فارغة.
"أنت... أنت الذي قتلت الشيطان الخامس."
لم يكن سؤالاً. كان حقيقة.
نظرت إليها ببرود بعيني الوحيدة. لم أحاول أن أنكر، ولم أحاول أن أتباهى. لم يعد هناك أي شيء لأقوله.
لكن جسدي... جسدي خانني.
شعرت بوخزة حادة خلف عيني. شعور لم أشعر به منذ زمن طويل.
ثم تجمعت دموع في عيني الوحيدة، ونزلت.
دمعة واحدة، حارة، شقت طريقها عبر الدم الجاف والرماد على خدي، وتركت أثرًا نظيفًا، لامعًا. لم تكن دمعة ألم، بل كانت دمعة... ذكرى. دمعة يأس قديم تجدد.
لقد فوجئت بنفسي.
ثم، ومن أعماق روحي المنهكة، خرج الاسم. همس أجش، مليء بتاريخ من الألم لم أعد أتذكره.
"كاسديا..."
تفاجأت الشيطانة تمامًا. انكسر قناعها الهادئ للحظة. اتسعت عيناها البنفسجيتان، وظهر فيهما وميض من الصدمة الحقيقية.
"كيف... كيف تعرف اسمي؟"
تجاهلت سؤالها. نظرت إلى الدمعة التي كانت قد وصلت إلى زاوية فمي. شعرت بملوحتها. "ظننت أنني لم أعد أملك أي دموع." تمتمت لنفسي. "ألم أتخلص منها جميعًا... في ذلك اليوم؟"
اقتربت كاسديا مني، وحركتها كانت انسيابية كدخان أسود. وقفت أمامي مباشرة، وكانت أطول مني ببضع بوصات. كانت رائحتها تشبه رائحة الليل البارد، وزهور غريبة لا تنبت إلا في ضوء النجوم.
"ظننت أن هنالك بشرية واحدة قوية فقط في هذا العصر البائس." قالت، وعيناها البنفسجيتان تدرسان وجهي المدمر.
"تقصدين ليليث..." قلت، والاسم خرج مني بمرارة وحزن.
اتسعت عيناها مرة أخرى. "تعرفها هي أيضًا؟" تمتمت، والصدمة في صوتها كانت حقيقية. "من أنت بحق الجحيم؟"
ابتسمت ابتسامة متعبة، دموية. "أنا مجرد عجوز أراد أن يتركوه وشأنه." ثم نظرت إليها، وشعرت بقوتها الهائلة تضغط عليّ. "يبدو أن قوتك تفوق الشيطان الخامس...."
لم ترد.
رفعت يدها. كانت حركة رشيقة، جميلة، ومميتة.
رفعت سيفي "قاتل الخلود" في رد فعل غريزي، واللهب الشمسي انفجر منه، مستعدًا لصد هجومها.
كانت تستهدف رأسي، تستهدف عيني الأخيرة.
اقترب سيفي من يدها...
لكنني أوقفته.
بإرادتي أنا، تجمد النصل المشتعل على بعد شعرة من بشرتها الشاحبة. لم تكن هي من أوقفته. كنت أنا.
لكن ترددي... كان خطئي الفادح.
استغلت تلك اللحظة التي لا تقدر بثمن.
لم تهاجم بسحر، أو بشفرة. هاجمت بيديها العاريتين.
يدها اليمنى انطلقت بسرعة تفوق سرعة البرق.
لم تكن تستهدف قلبي، ولا حلقي.
استهدفت عيني.
اخترقت أصابعها الباردة، الحادة، عيني اليمنى المتبقية.
صرخت. هذه المرة، كانت صرخة نقية، حيوانية، من الألم المطلق.
شعرت بها تمزق ما تبقى من بصري، وتغوص في جمجمتي.
صرخة لم تكن بشرية. كانت صرخة روح يتم سلخها وهي حية. شعرت بها وهي تمزق ما تبقى من جمجمتي، تسحب الجلد والعظم، محاولة انتزاع آخر نافذة لي على هذا العالم.
الظلام.
الظلام المطلق، الكامل، هبط عليّ. لم يعد هناك ضباب أحمر. لم يعد هناك شيء. لقد أصبحت أعمى تمامًا.
والألم... يا إلهي، الألم. كان كوكبًا ينفجر في رأسي.
لكنني لم أكن مهزومًا.
في قلب هذا العذاب المطلق، بينما كانت يدها لا تزال في رأسي، فعلت الشيء الوحيد الممكن.
لا يمكنني قتالها. لكن يمكنني... الهروب.
بيدي اليمنى الوحيدة، التي كانت لا تزال حرة، صفعت الأرض الرمادية تحتي.
لم تكن صفعة. كانت تفعيلًا.
"ممر اللاوجود."
تمتمت الكلمة الأخيرة، وكل طاقتي، كل إرادتي، كل جوهري، تدفق في تلك الكلمة.
الأرض تحتي لم تتشقق. بل تلاشت.
انفتح تحتي ثقب من العدم، ليس أسود، وليس أبيض. كان ثقبًا من لا-لون، ولا-وجود.
بدأ الثقب يبتلعني.
اختفيت لوحدي.
سقطت في العدم، تاركًا ورائي شيطانة منتصرة، لكنها غاضبة، تقف وحيدة في عالم من الرماد والمطر الأسود.
وآخر ما شعرت به قبل أن يبتلعني الفراغ... هو البرودة.
برودة الوحدة المطلقة.
وبرودة الهزيمة.
مرة أخرى.