الهدوء... لم يكن هدوءا عاديا, بل ذلك الصمت الثقيل الذي يسبق السكون الابدي. شعرت كانني اطفو في فضاء اسود لا نهاية له. لا صوت, لا الم, لا ضوء... فقط احساس بالبرودة يجتاح اطرافي او ماتبقى منها.

كنت اظن ان الموت لحظة قصيرة لقطة. ثم ظلام, ثم... لاشئ. لكن ماعشته لم يكن "لا شئ". بل مواجهة. مواجهة نفسي, ذكرياتي, حماقتي.

رايتني... كيم جونغ, الشاب الذي كان يملك كل شئ, ثم ركل كل شيئ بقدمه.

تدفقت الذكريات كانها شريط فلم يعرض بقسوة:

. وجه امي يوم طردتني من المنزل وهي تبكي.

. صديقي يون وو, يصفعني لاول مرة قائلا "لسنا اعداء لكنك تجعلنا كذلك!"

. الاطفال في صالة التكواندوا, ينظرون الي بخوف بعد ان صرخت على احدهم لانه لم يرفع ساقه جيدا.

. والدي, يهمس :"هذا ليس ابني الذي ربيته...."

ثم, اختي صوتها الرقيق, وجهها البريء, وابتسامتها وهي تركض لتشتري تلك المتلجات السخيفة كانت تلك اخر مرة اراها فيها.

في اللحظة التي اصطدمت فيها السيارة بجسدي, لم افكر في الالم كان كل ما فكرت فيه: "هل نجت?" . وعندما سمعت صراخها, باكية, تناديني, كنت مطمئنا.

لكنني لم امت....

عندما فتحت عيني, لم اكن في غرفتي, ولا حتى سريري المالوف. السقف كان عاليا, منقوشا بزخارف ذهبية فاخرة, والستائر المخملية التي تحيط بالسرير تعلن بثراء فاحش لا يمكنني تخيله... انا لم اكن في شقتي.

جلست ببطئ. كل شيئ من حولي يلمع بنعومة, وكانني اعيش في قصر... لحظة, هل هذا فعلا قصر?

رفعت يدي لالمس وجهي, شعرت ببشرة ناعمة لم تكن لي. جسدي انحف, واطرافي اطول, ويدي انعم من اي وقت مضى. قلبت الغطاء بسرعة ونظرت الى المراة المقابلة للسرير, وصدمت.

ذلك الوجه... وسيم, بارد, لديه عين حمراء واخرى زرقاء ,وشعر اسود قاتم يتدلى على كتفيه. لحظة لقد رايت هذا الوجه من قبل... نعم! لقد كان ابن الدوق " سيرافين لوثران " الشخصية الشريرة الجانبية في الرواية التي كنت اقرائها. البارد, المنعزل, الذي لا يهتم باحد والذي مات في الرواية مبكرا.

اخدت نفسا عميقا. هل... تناسخت في جسده هل انا داخل الرواية?

بينما كان "سيرافين" جالسا في السرير, يحاول فهم وضعه الجديد, شعر بالم مفاجئ يخترق جمجمته كان خنجرا يغرز في عقله. وضع يديه على راسه, وانحنى للامام وهو يصرخ بصوت مكتوم.

الذكريات تدفقت كالسيل....

صور متقطعة لطفل صغير, يتدرب في برد الشتاء القارس وحده... صورة اخرى له وكانه في مادبة, ويحاول التحدث مع الاطفال في نفس عمره, لكنهم ينظرون له بخوف ويتجاهلونه والكثيير...

ثم سمع صوت داخلي يهمس:"

لو كنت فقط اقوى... لما تخلى الجميع عني ."

تلك الذكريات لم تكن له... ومع ذلك شعر بها كانها جزء من كيانه.

ما ان سكنت نوبة الالم, حتى شعر وكان شرخا انفتح في راسه, لقطات تمر امام عينيه كضربات برق: صرخات, خيانات, سيوف مغروسة في الظهر... وطفل يبكي وحيدا في قاعة ضخمة مظلمة.

"اه... هذا... ليس انا. ليس انا. لكنه... انا ? "

ببطئ, ارتفعت امامه شاشة ضوئية, لا زر, لا صوت, فقط الظهور المفاجئ:

( تحميل الذكريات الجسد الاصلي:100)

( لمزامنة الروحية: غير مستقرة)

ثم انقسمت الشاشة وكانها تعيش:

الاسم; سيرافين لوثران

العنصر المخبا: فوضى الزمن

الموهبة: كسر القيود (مقفل)

السلالة: نادرة _ "دم ملك الظلال"

الولاء: مجهول

الانتماء: عائلة لوثران_ شمال الامبراطورية

ابتلع ريقه وظهر امامه سطر غريب يتوهج باللون القرمزي:

( تحذير: هذا الجسد تم لعنه من طرف "اليد الرمادية"_ كسر اللعنة يتطلب دم الامبراطور او تضحية روحية )

"لعنة? دم امبراطور? ما هذا الجنون?" همس كايل لنفسه.

لكن قبل ان يستوعب, بدات الارض تهتز, ثم صوت معدني بارد انبعث من العدم:

" اعيد احياؤك... لكنك لن تكون كما كنت. في غضون 13 يوما, سيختبر دمك. النجاة? خيار واحد فقظ "

وانطفات الشاشة, تاركة ورائها جملة محفورة في الظلام:

" اذا مت... سيولد الوحش ."

2025/07/22 · 114 مشاهدة · 582 كلمة
azizahh
نادي الروايات - 2025