في ليل هادئ, داخل غرفة فاخرة تملؤها الظلال, جلس سيرافين امام النافدة, يحدق في القمر الرمادي المعلق في سماء الامبراطورية. كانت عيناه ساكنتين... لكن عقله كان يشتعل.
"لقد قرات هذه الرواية...."
همس لنفسه, وارتجف جسده.
" الرواية كانت بعنوان: 'صعود سيف الخلاص '. بطلها يدعى ليون... صبي فقير من عامة الناس في الجنوب, يحصل على قوة خفية. ويتدرب في الاكادمية, يكتشف المؤامرات داخل الاكادمية رفقة اصدقاءه والابطال الثانويين. يقاتلون ضد الوحوش, ويكتشفون الاسرار الكبرى للامبراطوية, وفي الاخر يقاتل ملك الشياطين ويفوز... كل شيء كان واضحا بل حتى نهايته كانت سعيدة... "
صمت قليلا, ثم رفع راسه فجاة :
"لكن... هذا الجسد الذي انا فيه... هو سيرافين لوثران, ابن الدوق البارد الذي مات مبكرا في الرواية! مات في الفصل 20 !"
شعر بالدوار, فجلس على كرسي جانبه.
"كان مجرد شخصية جانبية... وسيم, قوي نسبيا, لكنه مات اثناء رحلة اكادمية بعد هجوم مفاجى من الوحوش عليهم. ولم يحزن عليه احد ."
ثم ضرب بيده الطاولة:
"مستحيل! هذا يعني انني اذا اتبعت سير القصة الاصلي... ساموت بعد اسابيع فقط ."
اغمض عينيه, وبدا يتذكر تفاصيل صغيرة عن نقط غش خفية.
اماكن سرية, واسلحة مخبئة في الاكادمية, سلاح مخصص للبطل, سيف ملعون يمنح قوة هائلة عند مزجه بالدم. تنهد سيرافين من كثرة المعلومات.
لكن, كانت هناك ابتسامة جميلة على وجهه:
"لكن البطل لا يعلم انني املك كل معرفته. ان كنت ساموت... فليكن ذلك وانا اقلب الرواية راسا على عقب. "
ثم ظهرت الحالة امامه فجاة:
***
الاسم : سيرافين لوثران.
المستوى : E .
الدم : مختلط ( ملك الظلال - نادر ) .
القوة الهجومية : 37
القوة الدفاعية :42
السرعة : 34
الذكاء : 56
التحم : 40
الموهبة : غير محددة
***
ابتسم مجددا:
"يبدوا ان امامي الكثير لافعله... لن اكون شخصية جانبية بعد اليوم ."
***
فيما بعد كانت قدماه تسيران على الممر الحجري, البارد كانت صدى خطواته يرتد داخل اروقة القصر الكبير, كان المكان نفسه يهمس باسرار مدفونة تحت الجدران.
كان قصر " نورفال " , المقر الشمالي لعائلة الدوق, كيانا اشبه بقلعة صامتة تلفها العزلة. شيد على منحدر على واد كثيف بالضباب, وجدرانه العالية مبنية على حجر رمادي داكن, يقال انه استخرج من قلب جبل ميت, لذلك كان يحمل طاقة غامضة تبعث رهبة في قلوب من يقترب. بواباته الحديدية السوداء تعلوها نقوش لرموز قديمة ترمز للسيطرة والحماية, وفي اعلاها شعار العائلة : ذئب بثلاثة اعين.
في الداخل كل شيء مشبع بالفخامة... وسكون مريب.
الثريات الضخمة المصنوعة من كرستال سحري تنبعث منها انوار خافتة, كانها تعرف متى يجب ان تضيء ومتى يجب ان تضيء ومتى تنسحب. الجدران مغطاة بلوحات قديمة لعظماء نسل الدوق, ملامحهم صارمة عيونهم تلاحقك اينما ذهبت.
مكتبة القصر كانت في الطابق العلوي, وتعد من اكبر المكتبات في الامبراطورية. اكثر من عشرة الاف مجلد, بينها كتب محظورة لايمكن ان تملكها سوى العائلات النبيلة الكبرى.
غرف القصر موزعة كمتاهة, وهناك طابق تحت الارض يعرف ب"الدهليز الرمادي", حيث يدرب الحراس الملكيون والفرسان.
سيرافين بذا يلاحظ شيئا فشيئا ان هذا المكان ليس مجرد قصر... بل قلعة اسرار.
***
في صباح رمادي تسرب فيه ضوء الشمس بخجل عبر النوافد الزجاجية الطويلة, قرر سيرافين ان يذهب الي مكتبة القصر, مدفوعا بشعور غامض بالحاجة الى الفهم, الى كشف ما وراء هذا العالم الذي القي فيه.
كانت المكتبة, كما وصفوها, اشبه بمعبد للمعرفة. ابوابها الخشبية الثقيلة تفتح ببطء, وتصدر صريرا خافتا كانها تحرس اسرارا لا يسمح بكشفها الا لمن يستحق. رائحة الورق القديم والحبر المجفف ملات انفه فور دخوله, مزيج من التاريخ والعفن المقدس.
تقدم بخطوات صامتة بين الرفوف العملاقة يمر بعناوين مذهبة محفورة بخط اليد. اختار مجلدا سميكا بعنوان "ظهور الكارثة الكبرى وبداية العهد الامبراطوري ", سحب الكرسي الجلدي العريض وجلس, ثم فتح الصفحة الاولى.
" منذ ثلاثة قرون, في ليلة انشق فيها القمر الى نصفين, خرجت اولى الوحوش من الشقوق الارضية, تشق طريقها من اعماق ما سمي لاحقا ب'الهاوية الاولى'. كانت مخلوقات غير خاضعة لقوانين الطبيعة, لا تموت بسهولة, ولا تعرف الرحمة. اجتاحت القرى, وحرقت المدن, وسقطت الممالك الواحدة تلو الاخرى. "
تابع سيرافين القراءة, وعيناه تتحركان بجوع بين السطور:
" ولدت الامبراطورية من رحم الفوضى. ظهر حينها رجل يعرف الان بلقب
الامبراطور الاول, وامتلك قوى لم يعرفها بشر قبله. وحد القبائل, وقاد الناجين, واسس اكادمية نيفاريا لتدريب من اسيقظت فيهم قوى خارقة لمواجهة الكارثة. "
تصفح بعدها فصزلا تشرح كيف بدات التصنيفات القتالية ( من F الى SSS ).
وكيف ان 70 بالمئة من العالم لم يستعد بعد من سيطرة الوحوش, وخاصة الشمال العميق.
ثم توقف عند فصل بعنوان " الدماء النادرة ", ذكر فيه ان هناك سلالات معينة -
مثل تلك التي تنتمي لها عائلة الدوق _
تحمل قوى كامنة لا تظهر الا في ظروف استثنائية, وقد تكون هذه السلالات مفتاح القضاء على الوحوش نهائيا.
اعاد سيرافين الكتاب الى مكانه, لكن فضوله لم يشبع بعد. بدا يتنقل بين الرفوف, يقرا العناوين القديمة التي غطاها الغبار والزمن:
"تاريخ اكادمية نيفاريا " ,"الوحوش العليا وتصنيفاتها" ,"الاساطير المنسية" ,"الدم الملكي و اللعنات الوراثية"...
توقف عند مخطوطة نحيلة مغطاة بجلد اورق باهت, لم يكن عليها عنوان ,فقط ختم ذهبي بشكل عين مغلقة. عندما فتحها, لاحظ ان الصفحات مكتوبة بلغة قديمة, لكنها مفهومة له.... كان احدا ما قد نقشها داخل عقله.
"في كل قرن يولد من سلالة الشمال وريث الظل, لايكتشف الا عندما يوشك العالم على الانهيار. قوته لا تقاس بمستويات المعتادين, بل تتغدى على التوازن بين الضوء والظلام, بين الرحمة والغضب. "
قرا الجملة مرارا و تكرارا, قلبه يخفق بشدة. هل هذا الوصف... عنه ?
توقف فجاة حين شعر بشيء خلفه. استدار, فلم يجد احدا. لكنه لمح ظلا يتلاشى خلف رف بعيد... كان المكتبة نفسها تراقبه.
خرج من المكتبة وقد تغير شيء في نظرته. لم يكن مجرد شخص اعيد تجسيده في جسد نبيل... لقد اصبح طرفا في تاريخ معقد, في حرب قديمة تتجدد.
عندما عاد الى غرفته, فتح "الحالة" من جديد.
***
الاسم: سيرافين لوثران
الدم: مختلط ( ملك الظلال - نادر )
المستوى: E .
القوة الهجومية : 37
القوة الدفاعية : 42
الذكاء : 56
السرعة : 34
التحمل: 40
الموهبة : غير محددة
***
كان هناك سطر جديد وامض :
"اختبار الدم : يبدا خلال 6 ايام "
تنفس ببطء, وعيناه تحدقان في السطر الاخير...
" الفشل يعني الموت ."