استيقظ فيكس من نومه مبكرًا، رغم أنه بالكاد استطاع النوم بضع ساعات. جسده كان ينبض بالألم بعد تدريبات الليلة الماضية. لم تكن العضلات فقط ما يؤلمه، بل حتى رأسه كان يطن كأن هناك جيشًا صغيرًا يعزف داخله. جلس على السرير وأخذ نفسًا عميقًا، محاولًا تخفيف ثقل التعب عن صدره.
"نظام، هل يمكنني يومًا ما أن أستيقظ دون الشعور أنني تعرضت لحادث سيارة؟" قال بمرارة.
"إذا توقفت عن الشكوى وركزت على تدريباتك، قد تصل إلى تلك المرحلة بعد عدة أشهر. أو ربما سنوات. من يدري؟" رد النظام بنبرة باردة، كما لو أن كلامه مجرد حقيقة يومية.
ألقى فيكس نظرة خاطفة على الغرفة. المطبخ الذي يحتوي على طعام لا نهائي كان أفضل ميزة في مخبئه، لكن فكرة أن كل هذا الطعام لا يمكنه إصلاح جسده الهزيل كانت تزعجه. أخذ قطعة خبز سريعة وسكب ماءً في كوب زجاجي، قبل أن يبدأ بالحديث مجددًا:
"إذن، ماذا ستفعل بي اليوم؟ تعذيب جديد؟ أم لديك خطة ذكية أخرى تجعلني أرغب في الانفجار؟"
"اليوم، سنبدأ بتحدٍ حقيقي. تدريباتك ليست مجرد تقوية لجسدك، إنها اختبار لإرادتك. أريد أن أرى إذا كنت تملك ما يكفي من الصبر والقوة لتحمل مواجهة حقيقية."
رفع فيكس حاجبه مستغربًا. "مواجهة؟ ضد من؟ لا تقل لي أنك ستضعني في وجه عملاق منذ البداية؟ أنا بالكاد أستطيع الوقوف!"
"اهدأ، المعركة ليست ضد عملاق... بعد. اليوم ستواجه مجموعة من قطاع الطرق المحليين. إذا نجحت في هذه المهمة، ستكون خطوة كبيرة نحو تحسين تصنيفك."
---
بعد أن أنهى طعامه، أعطاه النظام تفاصيل المهمة. الحي الذي عليه الذهاب إليه كان جزءًا من الزون المعروف بكونه الأكثر خطورة. لم يكن مجرد حي فقير؛ بل كان يعج بالقتلة والمجرمين الذين يعيشون على هامش القوانين التي بالكاد تحكم الزون.
"النظام، إذا مت هناك، هل يمكن أن تعيدني للحياة؟"
"لا. إذا مت، ستصبح مجرد ذكرى تافهة في هذا العالم."
"يا للطمأنينة... حسنًا، فلنذهب."
خرج من المخيم بخطوات مترددة. الهواء في الزون كان خانقًا كعادته، مليئًا برائحة الزيت المحترق والصدأ. الشوارع كانت مليئة بالبقايا المعدنية والقمامة، بينما كان الناس يحدقون به كما لو أنه غريب عن هذا المكان.
"النظام، لماذا أشعر أنني سأتعرض للسرقة قبل حتى أن أصل إلى هدفي؟"
"لأنك ضعيف. الناس هنا يشمون الخوف مثل الكلاب الجائعة. لا تعرهم اهتمامًا."
---
وصل فيكس إلى الموقع المحدد. كان مجموعة من الرجال يتجمعون حول حانة قديمة. شكلهم لم يكن يوحي بأنهم ودودون. كانوا يتحدثون بصوت عالٍ، وضحكاتهم المليئة بالسخرية كانت تصل إلى آذانه من بعيد.
تردد فيكس للحظة، لكنه تذكر كلمات النظام: "الخوف هو عدوك الأول." أخذ نفسًا عميقًا وتقدم نحوهم.
"مرحبًا، أيها السادة." قال بصوت حاول أن يبدو واثقًا، لكنه بدا أقرب إلى الارتباك.
التفت إليه أحدهم ببطء. كان رجلاً ضخم البنية، وابتسامته كشفت عن أسنان مكسورة.
"ماذا لدينا هنا؟ فتى صغير جاء ليشتري المشاكل؟"
رد فيكس محاولًا كبح ارتجاف صوته: "أنا هنا لأوقفكم. أنتم تهددون السكان هنا، وهذا يجب أن ينتهي."
ضحك الرجل ضحكة عميقة، وسرعان ما انضم إليه الآخرون.
"أن توقفنا؟ يا له من يوم مضحك! وماذا ستفعل يا صغيري؟ تضربنا بدموعك؟"
شعر فيكس بالغضب يغلي في داخله، لكن بدلًا من الرد بكلمات، ركز على طاقته. تذكر ما قاله النظام: "السحر الكامن يعتمد على التحكم. لا تفقد تركيزك."
رفع يده اليمنى ببطء، محاولًا استدعاء الطاقة. شعر بشيء يتحرك في داخله، وكأن هناك قوة كانت نائمة واستيقظت فجأة. الهواء حوله بدأ يتغير، وكأن هناك تيارًا خفيًا يحيط به.
"ما هذا؟" قال أحد الرجال بصوت منخفض، وقد بدأت علامات القلق تظهر على وجهه.
قبل أن يتمكن أحدهم من الاقتراب، أطلق فيكس دفعة صغيرة من الطاقة الذهنية. لم تكن قوية بما يكفي لتطيح بأحد، لكنها كانت كافية لتحريك برميل كان بجوارهم. البرميل ارتطم بأحدهم وأسقطه أرضًا.
"ساحر!" صرخ أحد الرجال، بينما أخذ الآخرون خطوات للخلف.
رغم نجاحه الأول، شعر فيكس بتعب شديد. كان كما لو أن جسده استنفد كل طاقته في تلك الحركة البسيطة. لكنه لم يكن مستعدًا للاستسلام.
"إذا لم تغادروا الآن، ستكون الضربة التالية أقوى." قال بصوت حاول جعله صارمًا.
نظر الرجال إلى بعضهم البعض، وقرروا أن هذا ليس قتالًا يستحق المخاطرة. تراجعوا بسرعة، تاركين الحانة خلفهم.
---
عاد فيكس إلى مخبئه بصعوبة. كل خطوة كانت كأنها حمل ثقيل على جسده. عندما وصل أخيرًا، انهار على السرير، محاولًا استجماع أنفاسه.
"لقد قمت بعمل جيد، يا فيكس." قال النظام.
"جيد؟ كدت أموت هناك!"
"لكنك لم تفعل. وهذا ما يهم. لقد أثبتت أنك قادر على الصمود في وجه الخطر، حتى لو كان جسدك ضعيفًا."
"لكنني بالكاد استطعت استخدام السحر. ماذا لو واجهت عدوًا أقوى؟"
"لهذا السبب عليك التدريب أكثر. لا تتوقع أن تصبح قويًا بين ليلة وضحاها. هذا العالم لا يرحم، وعليك أن تكون مستعدًا."
أغمض فيكس عينيه، محاولًا تهدئة نفسه. رغم التعب، كان هناك شعور غريب بداخله: شعور بالإنجاز. ربما كانت هذه أول خطوة صغيرة نحو هدفه.
"جينكس... أنا قادم. فقط انتظريني."
---
في اليوم التالي، بدأ النظام مرحلة جديدة من التدريبات.
"اليوم، سنركز على تحسين استخدامك للسحر الكامن. سأعلمك كيفية توجيه الطاقة بشكل أفضل، وكيفية استخدامه للهجوم والدفاع."
"هل يعني هذا أنني سأعاني أكثر؟"
"بالطبع."
"يا إلهي... لماذا وافقت على هذا؟"