دخلت الى القاعة بعد أن حضر العديد من المدعوين و كان هاين بجانبي يضع على جانبه سيفا ، وعندما نظرت حولي وجدت ان أغلب الحاضرين هم اكبر مني بثلاثين سنة على الأكثر وبسبب العدد الذي يتزايد مع كل دقيقة بدأت الاصوات تعلو اكثر فأكثر ، لذا ذهبت أجلس على مقعدي اما هاين فكان لا يزال واقفا.
نظرت إلى الطاولة المزينة بمزهرية جميلة و وضع في أنحاء الطاولة أطعمة شهية ، حتما كان سيسيل لعابي ان رأيته في عالمي السابق ، ظهر بعدها جسم طائر نحوي يمسك كؤوسا زجاجية بها أنواع مختلفة من العصائر لذا اخذت عصير التوت.
"ويليام ، ألا تشعر بشيء حقا؟"
انحنى هاين قليلا ليصل لارتفاع أذني قائلا ذلك بهمسات خفيفة ، فنظرت اليه قليلا ثم قلت.
"لا يهم دعهن."
حتى عندما كنت في حفلة ظهوري الأول لم يصل الامور الى هذا الحد فما الذي تغير؟ ، مع انني قلت ان ندعهم الا انني اشعر وكأنني سأثقب هذه المرة بالفعل ، فمنذ وصولي.. الخادمات ، الحاضرات وحتى الحاضرين كانوا يحدقون بي !!.
'اخ ما هذا الإزعاج'
البعض لم ينظر الي بنوايا حسنة لذا كان الأمر أشبه بألم في رأس حقا .. هل كان علي فقط ان اعتذر على عدم الحضور بسبب الأكاديمية؟
هدأ الحضور بعدها ليظهر محضر هذه الحفلة وبالقرب منه شخص آخر لقد كانا الان في اعلى المنصة يحدق بهما الحضور.
'نعم !! فلتحدقوا نحوهما وليس نحوي'
كان هذه الافكار تجول في رأسي ولكن عندما انظر الى هاين الذي يضحك سرا علي أشعر وكأنه يعلم ما افكر به تماما.
نظرت الى الشخص الذي في اعلى منصة وهو يرتدي قميصا ابيض بالداخل ورداء أسود يغلق جزءا من قميصه ليتجول نظراته نحو الحضور قليلا ثم يقول.
"يشرفني حقا حضوركم الى حفلة عزيزتي سيليستيا لذا اتمنى ان تستمتعوا في هذه الامسية"
*تصفيق! تصفيق!*
لم يكن خطابه بهذه الطول والروعة ولكن بعد انتهائه من إعطاء كلمات الافتتاحية أشارت الفتاة الصغيرة التي تشبه مظهر والدها والتي كانت ذات العيون الزرقاء والبشرة طفولية وشعر سماوي شبيهة بأمواج بحر متراقصة اشارت باصبعها السبابة نحو الحضور قائلة.
"ابي ، اريد ان ارقص معه!"
…
"هل تفتقر إلى الآداب.."
"ربما ، انهم برتبة كونت في النهاية"
"اظن ان ابنة البارون اكثر ادبا حتى"
بدأ الحضور بالهمس والتحدث من وراء ظهر الكونت منتقدين أفعال سيليستيا الغير ناضجة.
'ربما يجب عليهم تعلم التحدث بصوت منخفض..'
ربما اكثر ما كان يزعجني انهم كانوا يتحدثون بصوت واضح يمكن سماعه ولكن بدأت اشعر ان الحضور ينظرون نحوي لانظر الى سيليستيا التي كانت بالفعل تشير في هذه الاتجاه شعرت انني كنت المقصود لذا وقفت من مقعدي اتجه نحوها وقبل وصولي دخل كلمات في اذني أوقفني من التحرك.
"أبي ليس هذا بل الذي بجانبه."
'أنا لست (هذا)!!'
هل تظن انني احد اشيائها او احد الدمى الصغيرة التي لديها؟ ، و بنظرة من سيلستيا الغير مكترثة لما حولها تتفاخر بما لديها تشير نحو هاين الذي نظرت اليه من الخلف.
بدأ هاين بالتحرك باتجاهي وعند وصوله الي.
"بفف..ا اسف "
'هذا الاخر..'
اردت ان اصفع هاين في الوقت الحالي ولكن لم يكن من الجيد فعل ذلك الآن أما تلك الاخرى..اتمنى قتلها لتنظيف البشرية من امثالها.
نظرت اليها قليلا لاقول لنفسي سرا.
'انتي وملابسك القبيحة'
إذا شعرت مرة اخرى بانها قابلة لتهديد البشرية سأقتلها ، لم أكن غاضبا من الكونت فقد كان شخصا يمكن احترامه وبشدة لكن اظن ان عليه التفكير قليلا بتصرفات ابنته قبل ان اقتلها.. احم بالطبع لست بهذا الشر.
ذهبت الى مقعدي مرة اخرى انظر الى الحضور هم وشركائهم يرقصون مع بعضهم البعض وانا اجلس فقط لاكل الطعام كان هذا أفضل من الوقوف بكثير.
"مرحبا"
"..."
عيون قرمزية ، شعر اسود طويل ، بشرة بيضاء كالجليد والابتسامه الباردة الفاتنة ، لقد كانت بالتأكيد الثعلبة..!
'اهدأ ، ويليام عليك بالهدوء'
لأقنع ذاتي بالهدوء أمام الشخصية التي أمامي ومحاولا إيقاف تسارع دقات قلبي قلت لها بصوت خافت.
"ماذا تريدين؟"
"دعنا نذهب الى الشرفة فالجو هنا خانق قليلا الا تتفق معي؟"
***
وسط ليلة مظلمة وباردة تتساقط اوراق الشجر البنية إلى الأرض بفعل الرياح التي كان على الأرض المليء من الأوراق المتشابهة والسماء التي تنتشر الغيوم في أنحاء السماء الذي يغطي ضوء القمر الجميل ، نظرت الى الثعلبة التي ترتدي فستانا أحمر مزخرفة ومزينة ببعض من الجواهر تنظر إلي وابتسامتها الباردة لم تزل ولو للحظة.
"حسنا كيف حالك ، ويليام ؟"
وبيدها الباردة التي تلامس جلد وجهي ويكاد اظافرها الطويلة تخدشني لم تزح الثعلبة عينيها عني ،فابعدت يدها عن وجهي لاقول لها.
"لما انت هنا؟"
"حسنا .."
فكرت الثعلبة قليلا لتكمل حديثها قائلة.
"لقد اشتقت اليك"
'لا تمزحي '
حابسا كلماتي داخل افكاري نظرت إليها بريبة وحذر.
"حسنا حسنا ، ربما اكون عالمة مجنونة كما هو يوحي من منظرك ولكن لدي حياتي الخاصة أليس كذلك؟"
"..."
"وفي الحقيقة كنت بحاجة لفرد صغير ، ولحسن الحظ انت موجود اذا لما لا تأتي معي؟"
"ولما قد أوافق؟"
"همم…، سأقتل جميع الأشخاص الموجودين هنا"
"وما الذي جعلك تظنين ان الامر مهم بالنسبة لي؟"
"حسنا ، حتى وان قتلتهم ستأتي معي لذا اليس الافضل بالذهاب معي دون المقاومة؟"
"..."
أشعر وكأنني اريد دفن نفسي تحت الارض..لما يلاحقني المشاكل دائما!
"تنهد.. اذا في ماذا قد تحتاجينني؟"
وبعد أن قلت كلماتي تحول ابتسامتها الى ابتسامة عريضة لتخبر أخيرا ما كان في ذهنها.
"هناك مهمة صغيرة اريد منك القيام بها.."
***
ظهر شخصيتان يتحركان وسط القاعة بتناغم الشديد على انغام الموسيقى أحدهما كان بشعر اسود قصير يرتدي رداء ابيض فاخر والاخرى فتاة ذات شعر ازرق مموج وطويل تلبس ملابس ملفتة.
"لما لا تصبح خادمي؟"
"هاهاها"
'تبا..اشعر ان ويليام انتقم مني.'
لقد كان هاين يتعذب مع سيليستيا بالفعل والتي كانت ترقص معه في الوقت الحالي لذا كان يأمل بأن ينتهي الرقصة بسرعة وعندما انتهت أخيرا فر هاربا من سيليستيا.
…
"ها؟ اين ويليام"
وما لم يكن بحسبان هاين هو أن يختفي ويليام من ناظريه فبدأ هاين يتجول انحاء القاعة باحثا عن ويليام و الذي جعله يتوقف عن ذلك هو ظهور أحد الحراس يمسك بورقة بيده ويقول لهاين.
"هذه الرسالة موجهة إليك"
نظر الى الورق بريبة لذا امسك بها لينظر ما في مضمونها وما كتب عليه هي [ اذهب الى اكاديمية تريا حالا ، هذا أمر. ] والذي جعله يتأكد من أن الرسالة كانت لويليام ظهور توقيعه في زاوية الورقة.
'هااه ، لما ينتابني شعور شيء من هذه الرسالة..'
قائلا ذلك في نفسه ابتعد عن الحارس محرقا الورقة التي بيده بنيرانه.
***
*جلجلة*
راكبا في احد العربات الفاخرة مع سيدة فاتنة تحركت العربة مسرعا نحو مكان لا علم لي باين سيكون ، شعرت بألم في قلبي كلما نظرت الى الاحداث السابقة ، لم يعد الامر بيدي فكان مصيري إما الموت أو النجاة الان.
'اتمنى ان يفهم هاين وأن يمر الأمر بهدوء..'
تحركت العربة وسط الاشجار الكثير في ليلة مظلمة وهادئة لم يصدر منها سوى أصوات الغراب المرعبة.