كان ذلك في يومٍ ثلجيٍ بارد.
عندما..
قابلتها.
اقتربت الفتاة الشقراء بعيونٍ باردة من الشخصين اللذان وجدتهم.
وسط الصمت، لم يُسْمَع سوى صوت خطواتها التي داست على الأرضية المليئة بالثلوج.
حدقت الفتاة بهم ببرود لفترة دون أن تقول شيئاً، ثم.
فتحت فمها أخيراً.
***
فتح رين عينيه وحدق في السقف غير المألوف الذي واجه نظره.
'أين أنا؟'
جلس رين الذي كان مستلقٍ على سرير غير مألوف في غرفة غير مألوفة ونظر حوله لفترة.
ثم سُمِع صوت فتح الباب، لذا بطبيعة الحال وجه بصره نحو مصدر الصوت.
"أوه؟القائد هل أنت مستيقظ؟"
كان الشخص الذي دخل هو كايا.
"أجل"
اجاب القائد واقتربت كايا منه ثم نظرت إليه لفترة بتردد كما لو كان لديها شيء لقوله ثم أخيراً فتحت فهما.
"إذا...هل تعلم الآن..؟
حقيقة العالم الذي نعيش فيه..؟"
سألت كايا مذ أن ظنت أن سبب فقدان الجميع لوعيه هو بسبب يوي التي في الغالب قامت بتقنية 'فصل الروح عن الجسد' في لحظاتها الأخيرة.
وكما لو أن ظنها كان صحيحاً، فسرعان ما سُمِع الجواب.
"أجل أنا أعلم..
أن حياتنا عبارة عن قصة"
تحدث رين بنبرة مريرة.
والذي كان طبيعياً.
فكيف سيكون شعورك عندما تعلم أن حياتك كلها كانت عبارةً عن قصةٍ من كتابة شخصٍ ما؟
بالطبع رد الفعل يختلف من شخصٍ إلى آخر ولكن سيكون من الصحيح القول أن ٩٩ من أصل ١٠٠ شخص لن يكونوا سعداء بهذه الحقيقة.
الأخير المتبقي سيكون شخصاً ليس بكامل قواه العقلية.
كالأميرة مثلاً؟
على أي حال، لحسن الحظ كان رين من بين ال٩٩ شخص الذين لم تسعدهم هذه الحقيقة.
لكن وكما لو أن كل ذلك لم يكن يهمها فقد قامت كايا باختلاس نظرة إلى رين وسألت السؤال الذي أرادت معرفة إجابته أكثر.
"هل تعلم أحداث القصة؟"
كان مجرد علمك عن كونك داخل قصة مختلف عن علمك بأحداثها لذا سألت كايا للتأكد.
وبالرغم من أنها سألت ذلك فقد كان ما تعنيه بسؤالها هو
'هل تعلم حول كون كاي فتاة؟'
كان هذا ما أرادت سؤاله لكنها بالتأكيد لن تفعل ذلك بشكلٍ مباشر لذا انتهى بها الأمر بتغيير الصيغة إلى
'هل تعلم أحداث القصة؟'
رداً على سؤالها هز رين رأسه ثم تحدث.
"فقط القليل"
'إذا فهو لا يعلم محتوى القصة بالكامل؟'
لم تعلم كايا ما اذا كان عليها ان تكون سعيدة او حزينة بهذه الحقيقة حيث كان معنى كلامه انه لم يعلم عن كون كاي فتاة لذا سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى عدم معرفته لهويتها.
صحيح أنها ارادت اخفاء هويتها لكن الوضع الآن تغير تماماً حيث بدا أن أحداث القصة خرجت تماماً عن مسارها لذا بدا أنه من الأفضل تجميع قواتهم معاً حالياً للتصدي للأخطار المحتملة.
والذي سيكون أسهل ان قامت بالكشف عن هويتها.
لكن، وللكثيير من الأسباب لم ترد الكشف عن هذه الحقيقة بفهما لذا كان سيكون من الأفضل لو علموا بذلك من خلال تذكرهم أحداث القصة ولكن حتى هذا الأمل قد تحطم.
تنهدت كايا بما يكفي لإسقاط السماء لكن رين الذي لم يعرف مشاعرها نظر إليها بجدية وتحدث.
"ماذا عن الآنسة؟
منذ متى وأنتِ تعلمين هذا؟
ولما علمتُ بهذا فجأة؟
وأيضاً من كانت تلك الآنسة التي أنقذتنا جميعاً؟"
"لديك الكثير من الأسئلة.."
"أنا أيضاً أريد أن أعلم"
"سيد هاروكي"
ترددت كايا في التحدث إلى رين الذي كان يقوم بطرح العديد من الأسئلة، لكن هاروكي الذي بدا أن استيقظ للتو قال بأنه يريد أن يعلم أيضاً.
"أنا مهتم بمعرفة ذلك أيضاً"
وكما لو أن ذلك لم يكن كافياً فقد دخل شخص ما الغرفة وطلب المعرفة أيضاً.
"الأمير..!"
كان الأمير.
في النهاية تنهدت كايا ثم هزت رأسها كما لو كانت لا تملك خياراً.
"كنت أريد أن أنتظر إلى أن تستيقظ ريا ولكن يبدو أني سأضطر لبدأ الشرح الآن.
وضعت كايا تعبيراً جاداً على وجهها ثم نظرت إلى كل شخص موجودٍ في الغرفة وبدأت شرح القصة الطويلة.
"في الواقع.."
لم يجرؤ أحد على مقاطعتها إلى أن انتهت من الحديث تماماً.
***
"من أنتما؟"
اقتربت الفتاة الشقراء من الشخصين اللذان كان واقفين أمام منزلها وسألت بنبرةٍ باردة.
"واه لقد فاجأتني!من أنت؟!"
الفتاة ذات الشعر الأسود الشاحب التي قابلت نظرتها لم يسعها سوى أن تتراجع خطوة إلى الوراء وتمسك بكم الشخص الواقف بجانبها.
"لقد سألتك أولاً"
تحدثت الفتاة بغضب لأنها شعرت وكأنه تم تجاهلها.
عند رؤية هذا جفلت الفتاة ذات الشعر الأسود وأجابت وهي مازالت تشد كم الشخص الذي بجانبها.
"اه حسناً!أنا يوي وهذا ابن عمي آرثر!"
أجابت الفتاة ذات الشعر الأسود والتي تدعى يوي بتوتر واختلست نظرة على وجه الفتاة الشقراء لكن بدا أن تعبيرها يزداد صلابةً لذا تساءلت عما اذا كانت قد فعلت شيئاً خاطئاً.
"ما الذي تفعلانه في مكان كهذا؟!
غادرا فهذا ليس مكاناً يمكن أن يتواجد فيه أشخاص مثلكما!"
نظرت الفتاة الشقراء إلى ملابس الشخصين الذين أمامها ثم تحدثت بغضب أثناء تجعيد وجهها.
لقد كانت المنطقة التي كانوا فيها الآن هي 'الأحياء الفقيرة'.
وكما هو واضح من اسمها فقد كانت المنطقة التي يتجمع فيها الفقراء الذين ليس لديهم المال لشراء قوت يومهم حتى.
لذا وبالنظر إلى ملابس يوي وآرثر المريحة والغالية بشكل واضح والتي لم تبدو بالتأكيد كملابس الفقراء فقد غضبت الفتاة الشقراء.
باختصار كانوا أشخاص مختلفين تماماً لذا لم تستطع تحمل كونهم موجودين في المكان نفسه معاً.
قامت الفتاة الشقراء بلف جسدها وهمت بالعودة لكن يوي تحدثت إليها بيأس.
"انتظري!، لقد تم اخبارنا انه يمكننا العيش بالمجان في هذا المكان!"
عند سماع هذا توقفت الفتاة عن المشي وأدارت رأسها وتحدثت بنبرة هادئة.
كانت نبرتها هادئة لكن تعبيرها كان مشوهاً بوضوح.
"هذا صحيح"
شعرت يوي وآرثر كما لو أن الصوت البارد يجمد أجسادهم.
لكن الفتاة لم تهتم لمشاعرهم وتابعت التحدث.
"العيش هنا مجاناً
لكن الملبس والمأكل والمشرب ليسوا كذلك!
ان لم تعملا لسد احتياجتكم فستتعفنان وتأكلكما الديدان!!
لا مكان لدينا هنا لمن يريد تعبئة معدته بالمجان..!!
إذا لم يكن لديكما شيء آخر لقوله فسأغادر!"
اخترق صوت الفتاة الحاد أجسادهم لدرجوا أنهم تصلبوا لفترة.
عند رؤية هذا بدأت الفتاة المشي من جديد لولا الصوت الذي أوقفها.
"أرجوك أنتظري!"
جثت يوي على ركبتيها وتحدثت بصوتٍ يائس.
"سأعمل!
سأقوم بأي عملٍ تطلبينه مني
لذا!
أرجوكِ..
هل يمكنكِ السماح لنا بالعيش هنا..؟"
حنت يوي رأسها بتعبير يائس، عَبَّر موقفها بشكل واضح عن مدى يأسها.
عند رؤية هذا تنهدت الفتاة وهزت أكتافها كما لو كانت لا تعلم ما تقوله، لكنها في النهاية وافقت مع تنهدٍ طويل.
"حسناً"
"حقاً؟؟شكراً لك!!!"
رفعت يوي رأسها بتعبيرٍ مشرق كما لو أنها لا يمكن أن تكون أكثر سعادة.
"اتبعيني"
حدقت الفتاة بها لفترة لكنها استدارت في النهاية وطلبت منها أن تتبعها.
قامت يوي من على الأرض وتبعت الفتاة مع آرثر.
***
كلك
سُمِع صوت فتح باب في مكان ما.
لفَّ الشاب ذو الشعر الأسود رأسه نحو مصدر الصوت وحدق في الشخصية التي دخلت.
وبمجرد أن تعرف على هويتها، تحدث إليها.
"اوه؟ريا هل عدتي؟
همم؟
من هذان؟"
سأل الشاب ذو الشعر الأسود عن هوية الشخصان اللذان عبرا الباب مع الفتاة الشقراء والتي تدعى ريا.
"انهما يوي وآرثر
سيبدآن بالعيش معنا من الآن فصاعداً"
"همم..أنا أرى ولكن..
لماذا يبدوان مرعوبين للغاية؟"
حدق الشاب بحيرة في يوي وآرثر اللذان كان وجههما شاحباً تماماً.
ثم وكما لو أنه أدرك شيئاً ما فقد حوَّل نظره إلى ريا وتحدث إليها.
"أنتِ لم تقومي بإخافتهم بشأن العمل صحيح..؟"
تحدث الشاب كما لو كان يريد التأكد من صحة شكوكه.
وكما لو كان محقاً تماماً، فقد عادت الإجابة كما توقع.
"يجب عليهم أن يدركوا الواقع الذي سيعيشون فيه!"
"ها أنتِ ذا تفعلينها ثانيةً!"
وضع الشاب يده على رأسه كما لو كان يعاني من صداعٍ وتابع حديثه.
"أنتِ تعلمين أننا نحتاج إلى المزيد من العاملين لذا عليكِ أن ترحبي بأيَّاً كان من يأتي"
"آخر مرة استمعت بها إلى كلامك تمت سرقة نقودنا!"
"هذا لأنكِ لم تكوني حريصةً كفاية!"
"ها؟!!أتقول بأنه خطأي؟؟؟!!!!
هكذا أنت دائماً!تقوم فقط بإلقاء اللوم علي!"
"هذا لأنكِ لا تستمعين إلى كلامي!!"
"المعذرة.."
استمر الشاب وريا بالشجار كما لو أنهم نسوا وجود يوي وآرثر.
عند رؤية هذا حاولت يوي التحدث إليهم.
لكن ريا والشاب قاموا فقط بلف رأوسهم نحو يوي بغضب وتحدثوا في الوقت نفسهم.
"ماذا؟!!"
"ايك!"
اختبأت يوي التي لم تستطع تحمل نظرتهم التي حدقت بها خلف آرثر.
وتساءلت بجديةٍ عما اذا كانت قد اتخذت القرار الصحيح بالمجيء إلى هنا.
لكن الآوان كان قد فات بالفعل.