فتحت ريا عينيها في مكان مألوف وغير مألوف في نفس الوقت.
'أين..؟
اه..
المشفى..'
"وهذا يجيب على كل أسئلتكم"
كانت كايا هي التي انتهت للتو من شرح الأجزاء المهمة للأشخاص الثلاثة أمامها.
بالطبع قامت بحذف الأجزاء التي تتعلق 'بكاي' بمهارة لذا وإلى الآن لا يعلم أي منهم هويتها الحقيقة.
"هل لدى أحدكم أي سؤال آخر؟"
سألت كايا فقط في حال كان هناك شيء نسيت شرحه ورداً على ذلك رفع هاروكي يده كما لو كان لديه شيء لقوله.
"أجل أنا"
"تفضل سيد هاروكي"
كانت كايا متوترة من نوع السؤال الذي سيسأله لكنها طلبت منه الحديث على أي حال.
"الجزء الذي عرفته من القصة يقول..
أن الساحرة التي أحرقناها كانت في الواقع السيد كاي..."
"..."
سأل هاروكي بتعبير مشوه لكن لم يسمع الجواب، حتى بعد ان انتظر لفترة لذا أصبح تعبيره أكثر تشوهاً مما كان عليه وسأل كايا ثانية أثناء النظر في عينيها كما لو كان يحثها على الحديث.
هل...هل هذا..صحيح..؟"
"حسناً هذا.."
"أجل هذا صحيح"
كانت كايا مترددة بما عليها قوله.
هل كان عليها اخبارهم بالحقيقة؟
ام تخبرهم بان الجزء الذي عرفوه كان خاطئاً؟
لم ترد كايا أن تخبرهم بالحقيقة لأنه سينتهي بها الأمر في النهاية بالكشف عن هويتها وهو الشيء الذي لم ترد قوله بفمها للكثير من الأسباب.
في نفس الوقت كان من غير المفيد تأجيل الحديث عن الأمر لفترة أطول حيث كان عليهم بدأ التركيز على وضعهم الحالي.
لذا ترددت بما عليها قوله.
ولكن فجأة سُمِع صوت شخص ما يؤكد تلك الحقيقة.
لذا أدار الجميع رؤوسهم نحو مصدر الصوت.
والذي كان ريا.
"ريا متى استيقظتي..؟"
"للتو فقط"
سألت كايا التي ذهلت بالصوت المفاجئ وعينيها مفتوحة على مصراعيها.
كان للآخرين تعبير مشابه أيضاً ولكن لأسباب مختلفة.
"ما..ما قلتيه للتو.."
"انها الحقيقة"
سأل هاروكي كما لو كان يريد انكار ما سمعه بأذنيه.
بالتأكيد لم يُرِد تصديق أن مخاوفه كانت حقيقية.
أن الشخص الذي أحرقوه كان كاي.
أن الشخص الذي دافع عن نفسه بيأس كان كاي.
أن الشخص الذي رفضوه كان كاي.
بالتأكيد لم يُرِد تصديق ذلك.
لكن صوت ريا الذي جاء كالسيف حطم آماله بدقة.
الشخص الذي قتلوه.
كان كاي.
"الشخص الذي أحرقتموه لم يكن في الواقع الساحرة بل كاي
ما شعوركم عندما تعلمون أن الشخص الذي أخبركم أنه ليس الساحرة لم يكن يكذب ولكن أنتم لم تصدقوه وأحرقتموه ظلماً؟"
"نحن..لم نصدقه..حتى النهاية
أشعر...بشعورٍ...فظيع"
تحدث هاروكي الذي كان جالساً على السرير بصوت مرتجف أثناء خفض رأسه.
وكان لرين رد فعل مشابه حيث استمر بعض شفته بتعبير قاتم بينما لم تقل كايا شيئاً.
"حسناً أنا لا ألوكم يا رفاق، بما أنه كان يتم التحكم بعقولكم"
لقد اكتشفت ريا ذلك للتو أيضاً.
لطالما تساءلت..
لم لم يصدق رين وهاروكي كايا؟
هل حقاً كان ذلك لأنهم لم يستطيعوا التعرف عليها وظنوا أنها الساحرة؟
لأنهم لم يتوقعوا أن تكون فتاة؟
هل كان ذلك هو السبب حقاً؟
اذا كان الأمر كذلك فكيف تعرف رين على كايا؟
لماذا كان يشعر بأنها كانت على قيد الحياة؟
اذا كان لا يستطيع التعرف عليها فقط لأن الكاشف السحري قال بأنها الساحرة فهل سيستطيع التعرف عليها حقاً بعد أن تغير جنسها وشكلها تماماً؟
لذا وبعد ان حصلت ريا على ذكريات ما قبل دخولهم القصة وصلت إلى استنتاج.
أولاً..
في جميع الجولات السابقة أحرق رين وهاروكي كايا.
كان السبب في ذلك الوقت هو أنهم كانوا مجرد 'دمى'.
جميعنا كنا مجرد دمى ولم نحصل على ارادتنا للاختيار.
لا لم نعلم أننا كنا نمثل أصلاً.
لذا جميعنا بلا استثناء سار على السيناريو حيث لم يكن هناك متغيرات.
وقمنا بذلك مئات المرات دون أن ندرك ذلك.
لكن ماذا عن هذه الجولة؟
هل كان من الممكن أن نقول أننا لم نملك ارادتنا بها؟
لا
على الأقل بعد أن خرجت ريا من تحكم القصة كانت تتصرف وفقاً لارادتها.
اذا ماذا عن الشخصيات التي تفاعلت معها ريا وغيرت مصيرها؟
هل من الممكن القول أن تصرفاتهم الخارجة عن السيناريو لم تكن بارادتهم؟
عندما قبل كاي أن يمثل دور حبيبها وأن يعلمها المبارزة.
عندما زارت المهرجان رفقة كاي ورين وهاروكي.
عندما أنقذها رين.
عندما خرجوا في نزهة معاً.
وعندما تعرف رين على كايا.
من كان المسؤول عن اختياراتهم التي كانت خارجة عن السيناريو؟
هل من الممكن القول حقاً بأن القصة كانت تتحكم بهم فقط لأنهم لم يخرجوا من تحكم القصة حتى بالرغم من أنهم من اختاروا تلك الخيارات.
لا.
لقد تصرفوا بارادتهم.
اذاً كيف كان ذلك ممكناً بالرغم من انهم لم يخرجوا من تحكم القصة؟
كان هناك استنتاج واحد.
تصرفات الشخصيات الخارجة غن تحكم القصة كانت تؤثر على من لم يكونوا كذلك.
باختصار كانت تصرفاتها هي وكايا تؤثر على من حولهم.
على الأقل في المواقف التي يكونون بها معاً.
لذا لم قام رين وهاروكي باحراق كايا؟
من المفترض بأن تؤثر كايا الخارجة عن تحكم القصة عليهم وتجعلهم يتصرفون وفقاً لارادتهم والذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى عدم احراقها.
اذن لم لم يصدقوها؟
لم تستطع ريا سوى التفكير في شيء واحد قد يؤدي إلى ذلك.
'ذلك العجوز اللعين قد تدخل!'
اذا كان الأمر كذلك فقد كان كل شيء منطقياً.
لم لم يتعرفوا على كاي في ذلك الوقت بالرغم من انهم تعرفوا عليه بلا وعي لاحقاً.
لذا في الغالب ذلك العجوز لم يرد أن تعيش كايا.
لأن ذلك سيقلل صلاحيته في القصة.
فمثلاً ان كان يريد قتل شخص ما وارسل دمى بشرية لفعل ذلك فسيؤثر وجود كايا القوية على أهدافه لانها ستبيدها جميعاً.
لذا نعم بالتأكيد كان وجود كايا التي تتصرف من تلقاء نفسها سيئاً حتى بالنسبة له.
وجود يوي وحدها كان مخاطرة فكيف سيكون ذلك عندما تضاف إليها كايا؟
لقد كان ذلك الأسوء بالتأكيد.
لذا كان هذا ما دفعه للتدخل في هذه الجولة للمرة الثانية بعد ادخال تلك الفتاة إلى جسد الأميرة.
على أي حال بهذا كانت الكثير من شكوك ريا قد تم حلها لذا كانت مرتاحة إلى حدٍ ما لكن الأشخاص حولها لم يكونوا كذلك بالتأكيد.
"كان يتم التحكم بعقولنا؟"
"هذا صحيح"
سأل رين بتعبير محير لكن ريا أومأت فقط برأسها بلا تعبير.
"هذا مثير للشفقة، أن يتم السيطرة على عقولنا ودفعنا إلى حرق زميلنا...
نحن حقاً مثيرون للشفقة"
'لا يا رجل هذا لا يتعلق بقدراتكم'
فأوامر الكاتب مطلقة بالنسبة للشخصيات التي تتحكم بها القصة..
لذا بغض النظر عن كونكم مثيرين للشفقة أم لا فلن تستطيعوا عدم اتباع أوامره.
كان هذا ما فكرت به ريا لكنها لم تقله وبدلاً من ذلك اختارت قول شيء مختلف لهم.
"لا بأس فقد احرصوا على الاعتذار منه لاحقاً"
"حسناً"
"..."
"..."
"..."
"..."
"..."
"هل تعنين الإعتذار أمام قبره..؟"
"لا قصدت الإعتذار له شخصياً"
في البداية وافق رين على ما قالته ريا بتعبير مرير لكن بعد التفكير فيما ما قالته لبعض الوقت سأل بتعبير محير.
"..."
"..."
"..."
"..."
"..."
'لم يحب هؤلاء الأشخاص نوبات الصمت العشوائية؟'
فكرت ريا بذلك لكن بالتأكيد لا أحد من الموجودين اهتم بما كانت تفكر فيه.
رين الذي كان أول من استعاد رشده سأل بعينيه مفتوحة على مصراعيها.
"هاااه؟؟؟ما الذي من المفترض أن يعنيه هذا؟؟؟؟!!!"
"أليس السيد كاي ميت..؟؟؟؟!!"
"بالطبع لا، لم أكن لأترك شخصاً مهم مثله يموت"
سأل هاروكي وأجابت ريا أثناء هز كتفيها كما لو لم يكن بالأمر الجلل.
عند سماع ذلك كانت عيون الأشخاص التي كانت في الأصل مفتوحة على مصرعيها على وشك الخروج من محجريها.
هل كانت تقول الآن بأن كاي حي؟
بالتأكيد لم يستطيعوا التفكير بطبيعية.
"إذاً أنتِ تقولين أنه ح.ح.ح.ح.ح.ح.ح..ح.ح.ح.حي..؟!!!"
"هناك الكثير من ال'ح'.."
سأل هاروكي وتجاهلت ريا سؤاله وركزت على ال'ح' الكثيرة التي كان يبصقها.
"أرجوكِ أخبريني أين هو الآن!!أريد رؤيته حالاً!!!!"
"اييه..ألا يمكنك فعل هذا لاحقاً؟فلدي شيء مهم عليَّ اخباركم به"
طلب هاروكي بيأس لكن ريا حاولت تأجيل ذلك لأن لديها شيئاً مهماً للحديث عنه.
وهو عن حياتهم السابقة.
لكن رين الذي لم يعلم مشاعرها طلب نفس الشيء مثل هاروكي.
"هذا طلب مني أيضاً، أرجوكِ دعينا نقابله الآن"
"القائد أيضاً..حسناً اذا كنتم تريدون ذلك بشدة فما باليد حيلة"
تنهدت ريا بما يكفي لإسقاط السماء ثم رفعت يدها وأشارت إلى كايا.
"هذا هو كاي"
لكن الأشخاص الذي رأوا اشارتها نظروا خلفهم.
في الأصل كان هناك في هذه الغرفة ثلاثة أسرة موضوعة بجانب بعضها البعض بفراغ صغير بين كل سرير والآخر.
كانت ريا تجلس على السرير الموجود على اليسار بينما رين في السرير الأوسط وهاروكي في السرير الذي على اليمين.
أما كايا فقد وقفت في الفراغ بين سرير ريا ورين لذا عندما أشارت ريا إليها ظنوا بأنها تشير إلى شيء ما خلفهم وأداروا رؤوسهم إلى الوراء.
"لا لم أقصد خلفكم
قصدت الشخص الواقف أمامكم"
"الشخص الواقف أمامنا..؟"
تمتم رين وهاروكي أثناء ادارة رؤوسهم للأمام.
وعندها قابلت نظرتهم كايا التي كانت تقف أمامهم وتبتسم بغرابة.
بدا أن عينيها كانت مبللة بطريقة ما.
ربما كانت تلعن ريا بداخلها لوضعها في هذا الموقف.
لكن الآخرين بالتأكيد لم يعلموا بمشاعرها وحدقوا بها بصمت لفترة.
"م...ر...ح...ب...اً..؟"
"..."
"..."
"..."
"..."
عند الشعور بتحديقهم رفعت كايا يدها وتحدثت بشكل متقطع.
لكن لم يجب أحد على تحيتها.
بدا أنه من الممكن رؤية علامة التحميل تدور فوق رؤوسهم.
ثم وبعد فترة كان هاروكي ورين هم أول من استعادوا رشدهم.
"هاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!"
ربما لا..
أغلقت ريا أذنيها على الصراخ المزعج الذي حطم النافذة.