159
بالنسبة للجرائم الخطيرة مثل الإغتيال تم إعدام الجناة والأجيال الثلاثة التالية من سلالتهم – بدون إستثناء – وصودرت ثرواتهم.
ليس ذلك فحسب الأقارب مثل إبن العم تم وضعهم في القائمة السوداء ولن يعملوا في البيروقراطية الإمبراطورية.
إذا كان أي منهم يعمل بالفعل فستلغى رتبته وتصادر ثرواته ثم يطرد من المدينة هذه عقوبة رحيمة بشكل إستثنائي.
“لكن بعض مثيري الشغب إنجرفوا ببساطة في هذه الموجة من السخط”.
“هذا خطأ الحمقى الذين فشلوا في التفكير بأنفسهم وإتفقوا مع عقلية الغوغاء هل لدي أي سبب لرعايتهم؟ يندم الناس على أخطاء الماضي طوال حياتهم، إسمح لي أن أسألك هؤلاء الأوغاد في مدينة بورت ما زالوا يثيرون الشغب أليس كذلك؟”.
“…”.
إلتزم الجميع الصمت عند سؤال إسحاق.
سكان مدينة بورت الذين ما زالوا مجتاحين في جنون التمرد يحتجون في جميع أنحاء المدينة كإظهار لمعارضتهم لإعادة التوحيد.
نظر كوردنيل إلى ريفيليا أمله الأخير لكنها هزت رأسها بصمت.
“حتى لو جرفتهم هذه الموجة من المشاعر فإن اللورد إسحاق هو حاكم هذه الأرض بعد إكتمال إعادة التوحيد إن إحتجاجهم بحد ذاته غير قانوني، ناهيك عن علاقتهم بمؤامرة الإغتيال إنه عقاب إستثنائي لكن لا يمكننا أيضًا ترك هذا دون عواقب وفقًا لرغبة اللورد إسحاق”.
خفض رأس كوردنيل على إجابة ريفيليا.
حتى لو ظل الفرق بين الطبقات منخفضا وحقوق المواطنين مضمونة فإن ذلك لن يغير حقيقة أنه نظام طبقي في القلب وأولئك من الطبقة العليا لن يغفروا تمرد الأقلية.
“أرسل المرتزقة لمرافقة عملاء الأمن في مهمتهم لقمع المعارضين سيكون تدريبًا جيدًا عندما يتم نشرهم في أراضي وولفغانغ وليشتن”.
“هل تعتقد أن عملاء الأمن سينفذون مثل هذا الأمر؟”.
مهمتهم في الأساس هي الضغط على المواطن العادي حتى يجف هناك ما لا يدع مجالاً للشك في أن عملاء الأمن لن يكملوا مهامهم بكل إخلاص حتى لو إرتكبت أهدافهم جريمة.
إبتسم إسحاق وأجاب.
“حسنًا أراهن أنهم سينفذون أوامري بحماس أكبر مما إعتادوا عليه”.
“ما هو السبب؟”.
“لأنني مستقبلهم الوحيد الآن”.
لأن وجود مديرية الأمن في خطر الآن كشف الخائن مجرد جرس إنذار لبدء تطهير الرتب ومديرية الأمن ليست إستثناء.
لقد نجوا حتى الآن من إستبداد إسحاق مؤمنين بوعد الإمبراطور بالأرض والملكية لكن أعضاء الوسام ألقوا تلك الوعود في الحضيض.
الآن مديرية الأمن ككل مهددة بإجراء إصلاح شامل ناهيك عن الوعد بالتعويض.
أوقف إسحاق تحقيق المركز مع العملاء لذا بدلاً من المقاومة هم الآن بحاجة إلى الإنتصار على إخفاقات الماضي – بدءًا من إتباع أوامر إسحاق بالحرف.
“ستكون ثروة مدينة بورت كافية لدفع تعويضات الأضرار الناجمة عن هذا الحادث وهناك أماكن أخرى يجب أن أتطرق إليها أيضًا”.
جفل لانبورتون والعرق بارد يقطر من جبهته.
‘يتحدث إسحاق على الأرجح عن مديرية المراقبة’.
بعد نوبة من الإحباط وافق كوردنيل على أن الأمر أسهل بكثير عندما يستسلم المرء ويترك غرفة الإجتماعات بنظرة جديدة.
شرب إسحاق الكحول في كأسه وتحدث.
“الآن وقد تم التعامل مع قضايا المدينة يجب علينا الإهتمام بأعمال المركز كيف سار تعقب قوات المشاة؟”.
صلّب لانبورتون نفسه مدركًا أن الوقت قد حان.
لقد شتم مرارًا وتكرارًا حمقى المراقبة في ذهنه ورد على إسحاق بتوتر وبعصبية.
“لقد فشلوا في تعقبهم”.
“فشلوا؟ أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث لأن معظم القوات تركز على أشياء أخرى إنه لأمر مخز لكنهم بالتأكيد سوف يزحفون مرة أخرى لذا سننتظر وقتًا آخر… كيف سار الأمر مع تتبع الوجود الشيطاني؟”.
“فشلنا في تعقب ذلك أيضًا”.
رد لانبورتون ورقبته تتأرجح بين كتفيه.
توقف إسحاق محدقًا في لانبورتون بينما يدخن.
أطفأ السيجارة وقال.
“أنا محبط حقًا من المراقبة”.
تأوه لانبورتون بصوت مسموع بسبب الإحباط.
هذا أكبر فشل للمراقبة حتى الآن على الرغم من أنهم على دراية بوجود وسام الإمبراطورية إلا أنهم فشلوا في إكتشاف التحالف بين الوسام وقوات المشاة، كما سمحوا لهم بالتسلل إلى مدينة نيو بورت – التي تعج بالجان والدببة الشمالية – وفشلوا في تعقبهم بعد أن قاموا بتفجير المنجم.
حتى لو من الممكن إلقاء اللوم على سوء الحظ فإن فشلهم في تعقب الوجود الشيطاني – على الرغم من إستعدادهم الكامل له – ليس له أي عذر ولا يستحق العفو.
أدرك لانبورتون أنه يقف على حافة لوح خشبي بعد أن إكتشف أخيرًا نوايا الملكة وزحفت صرخة الرعب عبر ذراعيه.
إعتقدوا أن إسحاق في صف الملكة لكن بالنظر إلى الكيفية التي يحاول بها إقامة علاقات ودية مع مديرة المراقبة من الواضح أنه ودود مع غير البشر.
الأن مع هذا الحادث تصدعت الثقة بين إسحاق والمراقبة وقد تضمنت هذه التعقيدات خطط المديرة للتعاون مع إسحاق في المستقبل.
بغض النظر عن مدى صعوبة إصرار المراقبة على الحقيقة سيكون هناك دائمًا شك مزعج في ذهن إسحاق بأن لهم دور في كل هذا.
لن تكتفي الملكة بذلك فقط لانبورتون واثق بشكل مضاعف الآن.
كما تنبأت مديرة المراقبة لدى إسحاق شيئ لا يمكن لغيره إستخدامه والملكة بحاجة ماسة إليه لكن لانبورتون يدرك أنها لن تتخلص من كل أوراقها وتصنع مثل هذه الفوضى لمجرد الحصول على ما تريد.
تظل هذه مسألة منفصلة ما يهم الآن هو أن لانبورتون تحت رحمة وهج إسحاق الكئيب.
عبثت الملكة بشبكة إتصالات المراقبة مما أحدث فجوة في محيطهم ثم إستفاد الوجود الشيطاني منها بالكامل وهرب على مهل من خلالها.
لم يتم ترك أي أدلة في مكان الحادث ولم ترتكب المراقبة أي خطأ في تعقب الوجود عبر شبكة إتصالاتهم المشكل أن شبكة إتصالاتهم هي التي خانّت عملاء المراقبة.
بما أن المراقبة كرست جميع عملائها لتعقب الوجود الشيطاني لم يكن هناك أي أفراد متاحين لمطاردة قوات المشاة التي دمرت المنجم.
لم يتمكنوا إلا من تلويث إبهامهم بلا حول ولا قوة وحتى الآن يحاولون يائسين تنظيف الفوضى من الواضح أن الملكة وراء كل هذا أيضا.
ومع ذلك لم يعرف سوى عدد قليل من الأفراد المختارين داخل المراقبة أن لديها قوة مستقلة خارج إشراف المركز تعمل على تعزيز مصالحها الخاصة.
خاضت مديرة المراقبة معركة وحيدة ضد الملكة ونظرًا لأنها لم تملك أي فكرة عن مدى إنتشار نفوذها في المركز صار من المستحيل طلب المساعدة من الإستراتيجية والتحليل، ولكن من الواضح أن الملكة لم تفكر في ذلك متجاهلة جهود مديرة المراقبة وأحدثت مثل هذه الفوضى دون عناء.
أكثر ما أزعج لانبورتون هو أنه تقاعد منذ فترة طويلة ومع إقتراب نهاية حياته إنضم فقط بسبب بعض الشائعات المثيرة للإهتمام لكنه الآن يحمل اللوم بدلاً من مديرية المراقبة.
أقسم لانبورتون على نفسه أنه كلما عادت ريشة للعمل كدرع له كلما أصلح عقله أكثر راحة.
“المركز دعا إلى إجتماع طارئ”.
“هل إنتظروا حتى يهدأ الوضع عندي؟ هذا شيء جيد ليفعلوه”.
لطالما إعتبر المركز قرارات القائد الميداني أولوية قصوى يُحسب لهم أنهم إمتنعوا عن قضاء وقتهم في الإجتماعات بينما الوضع لا يزال يتكشف.
حتى لو فعلوا ذلك إسحاق نفسه سيضحك ويتجاهل مطالبهم بسخط لكن العميل العادي لن يكون قادرًا على قول الشيء نفسه.
“دع هذا جانبًا أين أنطون الآن؟”.
“أنطون؟ يتم نقله إلى مقر المركز من المقرر أن يخضع لإستجواب مكثف حسب آخر سمعه”.
“أقسم أنهم سريعون حقًا في أشياء من هذا القبيل… إتصل به”.
“مع أنطون؟ لن يكون من الممكن الإتصال به أثناء نقله”.
“لماذا؟ يجب أن يكون لدى العملاء الذين ينقلونه متصل أيضًا”.
“إنه شاهد مهم وقد يحاول الخونة الذين ما زالوا يختبئون داخل المركز قتله مسبقًا إنهم يعملون في ظل صمت تام أثناء التنقل”.
طقطق إسحاق لسانه بخيبة أمل.
“اللعنة! أردت أن أسأله شيئا لكن لا يهم سأذهب لرؤية ريزلي”.
ترك إسحاق مقعده وتحدث لانبورتون في إرتباك.
“ماذا؟ لكن الجميع إجتمعوا…”.
“أطلب منهم الإنتظار لا يزال لدي شيء أكثر أهمية يجب فعله”.
“أكثر أهمية؟”.
“أريد أن أعرف من أطلق النار على كالدن في مؤخرة رأسه”.
“أليس ديلكرو من فعل ذلك؟”.
سأله لانبورتون وهزت ريفيليا رأسها.
“كان ديلكرو حاضرا في الحفل وبعد إنفجار المستودعات تطوع لتنفيذ أوامر اللورد إسحاق بتعقب رودني ونيسكي بالنظر إلى هذه الحجة فهو بريء فيما يتعلق بقتل السيد كالدن”.
“هذا يعني أنه لا يزال هناك خونة!”.
“لهذا السبب سوف أسأل ريزلي”.
—
“تبدو بخير هل تستطيع التحرك؟”.
زار إسحاق ريزلي في المستشفى.
إبتسم ريزلي وأرجح ذراعه في دوائر لإظهار صحته.
“أستطيع أن أرى شفتيك ترتجفان توقف عن التصرف مثل المهرج”.
إنتقد إسحاق ريزلي الذي تأوه على الفور ودلك كتفه.
“إنه مؤلم لكن لا يزال بإمكاني تحمله”.
“وعينك؟”.
نظر إسحاق إلى عين ريزلي اليسرى المغطاة بضمادة.
تنهد ريزلي بعمق.
“يمكن إعادة ربط الأطراف وإعادة تأهيلها لكن العيون منطقة حساسة سأحتاج إلى الإعتناء بها لفترة طويلة قبل أن تشفى”.
“إذا سوف تشفى؟”.
“لكنها ستكلف الكثير”.
“أنا متأكد من أن كوردنيل سيكون سعيدًا بدفع كل التكاليف”.
“هذا صحيح”.
تذكر ريزلي كيف زاره كوردنيل قبل قليل وهو يبكي ويطالبه بالبقاء والتركيز على التعافي ونسيان أمر التكاليف.
إبتسم ريزلي ربما كوردنيل يتصرف دائمًا كما لو أنه يائس من أجل المال مع تذمره المستمر لكنه يتمتع بسمعة طيبة بين الدببة الشمالية والجان نظرًا لطبيعته الودية والترحيبية وكيف من الممتع إغاظته بشأن النفقات.
تنهد إسحاق ناظرًا إلى ذراع ريزلي التي أعيد ربطها والتي أصبحت نظيفة وخالية من الندوب لقد أظهر هذا حقًا سبب إستمالة قوات المشاة للسيطرة على هذا العالم.
طور المركز هذه التقنية المتجددة لمواجهة الخسائر المتزايدة من معاركهم ضد قوات المشاة حيث تحولت تكتيكاتهم من الكمية إلى الجودة.
بسبب وجود السحر هناك كنز من المعرفة يجب جنيها – لننسى سيلان اللعاب على قوى التجدد وبلورات المانا هناك الموارد الخام والتكنولوجيا وعجائب البيولوجيا غير البشرية.
هذه مجرد نسبة صغيرة من الأشياء التي يمكن لسكان الأرض الحصول عليها لا عجب أن غير البشر يبذلون قصارى جهدهم لوقف تقدم قوات المشاة.
“كيف حال الشقية؟”.
تكلم إسحاق ناظرا إليها بجانب ريزلي وفاقدة للوعي بينما لا تزال تلهث للحصول على الهواء.
على جبينها المحموم وجبهتها الحمراء هناك منشفة صغيرة وباردة يستبدلها ريزلي بإنتظام.
أدرك ريزلي أن المنشفة أصبحت فاترة فغيرها بينما يجيب.
“القوة الشيطانية خطيرة بشكل كبير وقد تعرضت لها بينما نظامها المناعي ضعيف لكنها نجت لأنني شاركت المانا معها لكن من الممكن أن تكون قاتلة لو ظلت أسيرة لفترة أطول”.
“إذن هل تجاوزنا أصعب جزء؟”.
“نعم تناوب الجان على إعطاء دش المانا لها لكننا لا نعرف تأثير الطاقة الشيطانية على ذهنها أثناء النمو حتى لو بدا أنها تتعافى تمامًا، في الواقع هناك خليفة لمقاطعة تعرضت للقوة الشيطانية في الماضي تمت معالجته وتطهيره من كل القوة الشيطانية التي يمكن رؤيتها، ولكن بمجرد أن كبر وخلف والده بدأت شخصيته تتغير لقد إرتكب العديد من الفظائع أقلها ذبح عائلته بأكملها ومحاولة إستدعاء الشيطان”.
عبس إسحاق عند سماعه للقصة فهذا قد يؤثر على عقل ليلى بشكل دائم.
–+–