الفصل المئة والسابع والسبعون: سيد الكهف لوه تيان هو ذاك الذي لا يُقهر!
____________________________________________
"يا نينغ تشينغ شوان، لا تظنن أنني أخشاك!" هدر سيد نجم العقاب بصوتٍ منخفض، مطلقًا العنان لمجال سيطرته الخاص الذي ارتطم بقوة بهيبة نينغ تشينغ شوان الإمبراطورية، محدثًا دويًا عنيفًا هز أركان الفضاء، وأطلق موجات هائلة من الاضطرابات التي انتشرت كتموجات لا حصر لها.
كان هو الآخر سيد عالم من المرتبة السادسة، ولم يكن لديه أي سبب للخوف من مواجهة شخص في نفس مستواه، فلم يشعر بأدنى ذرة من الرهبة.
لكن ما لم يكن في الحسبان، هو أن هيبة نينغ تشينغ شوان الإمبراطورية كانت طاغية، فما أن أطلقها حتى مزقت مجال خصمه محدثةً فيه ثغرةً واسعة. وبدا مجاله وكأنه عاجزٌ تمامًا عن المقاومة، فبدأ ينضغط وينخسف تحت وطأة تلك القوة القاهرة، حتى إن أساسه الروحاني في أعماق جسده أخذ يرتجف على نحو غامض.
وفي تلك اللحظة، انطلق ظل نصلٍ قاطع شاقًا طريقه عبر السماء، فبدد السحب السوداء التي تلبدت في الأفق. كانت حدة النصل فتّاكة، حطمت هالته الواقية على الفور، فاضطر إلى التراجع خطوات متتالية، واستدعى سلاحه المقدس من فضاء السامسارا.
أشرق رمحه الثلاثي بوهج إلهي، مثيرًا وميض صواعق حمراء في السماء، بينما ارتدى درعًا قتاليًا غطى جسده بالكامل، فبدا كإله حربٍ مهيب، وازدادت هالته قوة وبأسًا.
"صاعقة العقاب السماوية!" دوى صوته في أرجاء الكون، تحت أنظار سكان نجم هونغ يون الإمبراطوري المذعورة.
انهمرت صواعق حمراء لا نهاية لها بدويٍّ يصم الآذان، حاملةً معها قوة مروعة قادرة على تدمير كل شيء، وأحاطت بقصر وين تشيو ليو، محولة إياه إلى منطقة محرمة على كل كائن حي. ورغم أن هذا الكوكب كان نجمًا إمبراطوريًا يفوق حجم الكواكب المأهولة المتقدمة بمئة ضعف، إلا أن مشهد نهاية العالم قد تجلى عليه بوضوح.
وفي الفناء المركزي أسفل القصر، حيث كان مركز العاصفة، وقف العديد من أسياد النجوم وكبار الشخصيات يراقبون المشهد بتعابير تملؤها الصدمة. لم يكن أي منهم يعلم ما هو الخلاف الذي نشب بين سيد الكهف لوه تيان وسيد نجم العقاب، وأشعل فتيل هذا الصراع المدمر.
في هذه اللحظة، كانت القوة التي أظهرها سيد نجم العقاب تجسيدًا حقيقيًا لقدرات سيد عالم من المرتبة السادسة، إلا أن سيد الكهف لوه تيان لم يُظهر أي علامة ضعف، بل بدا وكأنه يتفوق عليه.
انشقت السماء بصوتٍ مدوٍّ! تساقطت الصواعق التي لا حصر لها كأفاعٍ رعدية هادرة، هزّت أرجاء الكون، ووصلت أمواج قوتها إلى أعماق الفضاء المرصع بالنجوم. ولكن عيني نينغ تشينغ شوان كانتا حادتين كالنصل، فوجه لكمة واحدة مزقت السماء محدثةً فيها صدعًا هائلاً، فتلاشت الصواعق الحمراء وتفككت تمامًا.
تقلص بؤبؤا سيد نجم العقاب فزعًا من هول المشهد، وسارع إلى استخدام رمحه الثلاثي لصد الهجوم. لكن قوة اللكمة كانت مرعبة تفوق كل تصور، فبدأت التشققات تظهر على درعه القتالي، وارتجفت يده بعنف، وبصق دفقة من الدماء في الحال.
'يا ترى، قوة أي شخصية أسطورية استعادها؟' تساءل سيد نجم العقاب في قرارة نفسه، وقد امتلأ قلبه بالشك والريبة، وشعر برعشة خوف تسري في أوصاله.
كانت قوة نينغ تشينغ شوان طاغية، ومروعة إلى أبعد الحدود. وعندما رأى منجل القضاء يلمع ببريق جليدي، ويطلق العنان لظل نصلٍ هائل مرة أخرى، شعر بقشعريرة تسري في جسده، فسارع إلى استخدام قدراته الخارقة لمواجهته.
تعالت أصوات الدوي التي هزت السماء والأرض، بينما كان صاحب التسلسل الأول يحدق بتركيز شديد في هيئة نينغ تشينغ شوان، وأنفاسه تتسارع، حتى إن الصورتين في ذهنه قد تطابقتا تمامًا.
إلى جانبه، علت وجه الأكاديمي سي كونغ نظرة جدية وقال: "لا يصدق! لقد بلغ سيد الكهف لوه تيان قوة سيد عالم من المرتبة السادسة بعد ست سنوات فقط من العزلة، لا أعلم أي ذكريات سماوية قد استعادها."
وفجأة، سمع الأكاديمي سي كونغ كلمات صاحب التسلسل الأول التي خرجت بصوت متهدج وكأنه فقد القدرة على الكلام. "أنا أعرف، أنا أعرف مآثر نينغ تشينغ شوان في العوالم السماوية قديمًا..."
كان جسد صاحب التسلسل الأول يرتجف بشدة، وقد اقشعر بدنه، وملأت عينيه صدمة قلبت كل مفاهيمه رأسًا على عقب.
سأله الأكاديمي سي كونغ بفضول: "أوه؟ أنت تعرف؟"
"إنه إمبراطور شوان يوان، هو ذاك الذي لا يُقهر، إمبراطور شوان يوان!"
عند سماع هذه الكلمات، تجمدت ملامح الأكاديمي سي كونغ في الحال.
كان هذا المشهد مرئيًا بوضوح لتشين شاو باي ورفاقه، وكلما أمعنوا النظر، شعروا بأن ما يرونه مألوفٌ لديهم. إن تقلبات القوة التي أظهرها نينغ تشينغ شوان، وهيئته المهيمنة، وقوة لكمته المرعبة، كانت نسخة طبق الأصل من جسد إمبراطور شوان يوان الذي فارق الحياة.
تمتمت شياو يو رو لنفسها بعينين تملؤهما الدهشة: "لا يمكن... كيف أشعر وكأنني أرى إمبراطور شوان يوان حيًا أمامي؟"
استيقظ تشين شاو باي على حقيقة مفاجئة، وقال بصوت متهدج هو الآخر: "إحساسك في محله، أخشى أن أخانا نينغ قد تناسخ في عالم شوان هوانغ الخالد، وأصبح هو ذاك الذي لا يُقهر!"
وصلت هذه الكلمات إلى مسامع سيد نجم تشانغ جين وسيد نجم تسي وي، فالتفتوا جميعًا نحوهما، وعلى وجوههم صدمة عارمة.
سألت سيدة النجم تساي دي بصوت مرتعش: "هل أنتما متأكدان؟"
كان إمبراطور شوان يوان من عالم شوان هوانغ الخالد شخصية أسطورية في التقارير والبيانات التي اطلعوا عليها. لقد وُلد في عصرٍ باهر شهد ظهور اثني عشر شخصًا لا يُقهرون، لكنه تمكن بقوته وحده من سحقهم جميعًا.
ورغم أنه لم يظهر إلا لعصر واحد قصير خلال تاريخ طويل، إلا أن مجده أضاء نهر الزمن بأسره، وترك وراءه أسطورة لن تنساها الأجيال القادمة أبدًا. والأدهى من ذلك، أنه بمجرد جسده الذي فارق الحياة، تمكن من حجب السماء بإشارة من إصبعه، وسحق سيد قاعة النذير الشؤوم من عمود السماء.
يا لها من سطوة إلهية قاهرة! فإذا كان حدس تشين شاو باي وشياو يو رو صحيحًا، ألا يعني هذا أن سيد نجم العقاب يواجه الآن إمبراطور شوان يوان الذي لا يُقهر؟
وفي ساحة القتال، كان سيد نجم العقاب قد أطلق أربعًا وثلاثين هجمة، لكن نينغ تشينغ شوان سحقها جميعًا، فبدا عاجزًا تمامًا عن المقاومة. لقد انهارت الصواعق الحمراء المحيطة به، وظهرت شقوق على رمحه الثلاثي، وكان يبصق الدم دون توقف بينما يتراجع، فاقدًا هيئة إله الحرب التي كان عليها، ولم يتبق في عينيه سوى الخوف.
كان من الصعب تصديق أن الفجوة في القوة القتالية بينه وبين نينغ تشينغ شوان قد بلغت هذا الحد، وهما في نفس المرتبة السادسة. ولولا أنه كان في تلك المرتبة ويمتلك أساليب قوية، لكان نينغ تشينغ شوان قد سحقه بضربة واحدة من كفه!
"أيها الأكاديمي جيانغ!" صاح سيد نجم العقاب في قرارة نفسه، وقد اشتعل قلبه بالقلق، وشعر بظلال الموت تخيم عليه بقوة، فسارع إلى التواصل مع سنده في ذهنه.
ثم التفت إلى خصمه وقال: "يا سيد الكهف لوه تيان، دعنا نتحدث بهدوء، لا يزال هناك مجال للتراجع، يمكنني أن أعتذر لسيدتك!" كان ينادي الأكاديمي جيانغ سرًا، بينما يُظهر الخضوع لنينغ تشينغ شوان، في محاولة يائسة لكسب بعض الوقت.
"تعتذر؟" لم تخف نية القتل في عيني نينغ تشينغ شوان قيد أنملة. "جثتك يمكنها أن تفعل ذلك أيضًا!"
عند سماع هذا الرد، ارتسمت على وجه سيد نجم العقاب نظرة شرسة. لم يصل إلى مكانته هذه خطوة بخطوة إلا وهو يمتلك أساليب خفية يلجأ إليها عند الحاجة.
"أنت من أجبرني على هذا!" تدفقت قوة غريبة من كفه، ورغم أنه حاول كبح هالته بكل ما أوتي من قوة، إلا أن الأكاديميين العظيمين الحاضرين تمكنا بحاستهما الحادة من استشعار اهتزازات قوة إله شرير.
'هل لسيد نجم العقاب صلة بتحالف الأجناس الغريبة أيضًا؟'
سدد ضربة كفه مباشرة أمام نينغ تشينغ شوان، لكنه تجمد في مكانه بعينين زائغتين، فالضربة لم تتمكن حتى من تحطيم هالة خصمه الواقية. استغل نينغ تشينغ شوان هذه الثغرة التي كشفها الهجوم، فانطلق منجل القضاء ببريقه الجليدي، وغاص في عنقه بصوت مكتوم.
"غه... غه..." تطاير زبد دموي من فمه، بينما كان منجل القضاء، المشبع ببرودة الصقيع القارسة، يدمر طاقة حياته بلا هوادة، ومع انفجار طاقة نينغ تشينغ شوان الحقيقية المدمرة، تحطم أساسه الروحاني تمامًا.
حدق بعينين جاحظتين لا تصدقان ما يحدث، فلم يتوقع أبدًا أن يموت بهذه السهولة على يدي نينغ تشينغ شوان.
"لست... راضيًا..."
قبض سيد نجم العقاب على منجل القضاء بقوة، قبل أن تتلاشى أنفاسه الأخيرة، ويهوي رأسه ببطء. وقع مشهده وهو معلق عاليًا على نصل نينغ تشينغ شوان في أعين الجميع، ففرض رهبة لا توصف، وساد صمت مطبق في أرجاء الفناء المركزي بأكمله.