الفصل الثامن عشر: اشتباه في رتبة تفوق الأسمى
____________________________________________
في تلك الأثناء، كانت شين تشي يو وتشين يو نينغ ومن معهما قد بلغوا مشارف معبد عتيق مهيب. تأملت شين تشي يو اللوح الحجري عند سفح الجبل، وقد أذهلها الاسم المنقوش عليه. كان ذلك "معبد الضوء الذهبي"، إحدى الطوائف الشهيرة والمستقيمة في السهول الوسطى، بتاريخ يمتد لثلاثمائة عام.
"تعاقب على إدارته أربعة عمداء، بلغ كل واحد منهم المرحلة المتوسطة من عالم السماء والإنسان، ليُعدوا من بين أقوى الخبراء في السهول الوسطى." همست تشين يو نينغ وهي تحدق في بوابة الجبل أمامها، وبدت في عينيها ذرة من الرهبة. "ويُقال إن العميد الحالي شاب نسبيًا، ومع ذلك فقد بلغ بالفعل تلك المرحلة المتقدمة، بل وتتردد الشائعات بأنه قد يطأ المرحلة الأخيرة من عالم السماء والإنسان قبل أن يبلغ الأربعين."
لقد مر بعض الوقت منذ وصولهم إلى السهول الوسطى، ومع تعمقهم في معرفة هذا العالم، أدركوا أن المعلومات الوصفية عنه وعن قصر السامسارا لم تتسرب إلى الخارج. كان هذا عالمًا تعلو فيه الفنون القتالية فوق كل شيء آخر، ونظام العوالم القتالية فيه متوارث عبر الأجيال، ويُقال إن جذوره ضاربة في القدم يصعب تتبعها.
يبدأ مسار الفنون القتالية بتدريب الجسد، ثم يترقى المرء إلى مرتبة المعلم، فالمعلم الأعظم، وصولًا إلى عالم السماء والإنسان. أربعة عوالم كبرى، تفصل بين كل منها هوة شاسعة في القوة. ومنذ العصور الغابرة، كان كل من يبلغ مستوى المعلم الأعظم يُعتبر من أبناء القدر المختارين، أما أولئك الذين يصلون إلى عالم السماء والإنسان، فهم أندر من النادر.
ويُقال إن رئيس معبد الضوء الذهبي الشاب هو واحد من بين أعظم عشرة عباقرة في عصره، فقد أحكم سيطرته تمامًا على المعبد بكل كنوزه وكتيباته السرية، وبدا مستقبله لا حدود له. كان سبب مجيئهم اليوم هو السعي وراء المهارات السحرية بالطبع، فتبادلوا النظرات، ودون إبطاء، شرعوا في صعود الجبل.
بعد برهة، توقفت تشين يو نينغ خارج بوابة الجبل وصاحت بصوت عالٍ: "الصغيرة تشين يو نينغ، تلتمس مقابلة السيد العميد."
في ساحة معبد الضوء الذهبي الشاسعة، لم يكن يُرى سوى راهب يكنس الأرض. وما إن تردد صوتها في الأرجاء، حتى انطلق وعيٌ روحيٌ قوي من قمة جناح الكنوز، ليجتاح الساحة ويستقر على تشين يو نينغ وشين تشي يو وبقية المتناسخين.
"إن الكتيبات السرية لمعبد الضوء الذهبي لا تُورّث أبدًا للغرباء، فلتغادروا." دوى صوتٌ سماويٌ مهيب، واجتاحت موجة من الطاقة الصالحة الساحة بأكملها. كانت تلك الطاقة من القوة بحيث أصابت شين تشي يو وغيرَها من المتناسخين الأقوياء من الدرجة A بصدمة، فاحمرت وجوههم على الفور.
وحدها تشين يو نينغ لم تتأثر على الإطلاق، فقد كانت تعلم في قرارة نفسها أن أفعال يان جي وبقية المتناسخين قد جعلت معبد الضوء الذهبي شديد الحذر. لم تستسلم، وقالت بنظرة حازمة: "الصغيرة على استعداد للمقايضة، وكل ما أطلبه هو أن يخرج السيد العميد ليلقي نظرة. إن لم تثر معروضاتي اهتمامه، فسأغادر في الحال."
بعد أن أُلقيت كلماتها، ساد صمتٌ قصير فوق جناح الكنوز. ثم، انبعث هدير خافت من السماء، ومشى ظل شاب في اتجاههم. حدق في شين تشي يو وتشين يو نينغ، فهدأت ملامحه قليلًا؛ فكما يُقال، المظهر مرآة الجوهر، وكان الفرق بين هاتين الفتاتين وبين يان جي ومن معه واضحًا من النظرة الأولى.
"يا سيدي، تفضل بالنظر." لم تتردد تشين يو نينغ، وأخرجت شيئًا ذهبيًا من فضاء التناسخ الخاص بها. على الفور، انجذب انتباه رئيس المعبد، حتى إن الراهب الذي كان يكنس الأرض توقف عن حركته للحظة. شعرت شين تشي يو بوجود عدد كبير من النظرات الخفية تتجه إليهم من كل صوب في المعبد.
"هل هذه... ذخيرة بوذية؟" بدا التأثر العميق على رئيس الدير، فهذه الآثار تُعد من المقدسات في الديانة البوذية، وأي راهب يراها لا بد أن تهتز مشاعره.
ابتسمت تشين يو نينغ وقالت: "هذه هي ذخيرة اللسان المقدس، وقد تكونت بعد وفاة أحد المعلمين البوذيين منذ زمن. شاءت الصدف أن أعثر على المكان الذي فارق فيه الحياة."
علت وجه رئيس المعبد نظرة مهيبة وسأل: "من أين أنتن؟ وهل يوجد رهبان بوذيون رفيعو المقام في دياركن؟" أومأت تشين يو نينغ برأسها بجدية وأجابت: "لقد أتينا من المناطق الغربية، وهناك بالفعل العديد من الرهبان البوذيين."
لم تستطع شين تشي يو، التي كانت تقف بجانبها، أن تمنع نفسها من الابتسام في سرها عند سماع ذلك. لا بد أن تشين يو نينغ قد حصلت على هذه الذخيرة من عوالم تناسخ أخرى، لكن المعتقدات البوذية لا تختلف كثيرًا عبر العوالم السماوية المتعددة. ولهذا السبب، كانت هذه الذخيرة جذابة للغاية لرئيس معبد الضوء الذهبي.
"هل يمكن مقايضة هذا الأثر... بمهارة براجنا السامية الخاصة بمعبد الضوء الذهبي؟" سألت تشين يو نينغ مجددًا، فقد كانت قد تعرفت في طريقها إلى هنا على المهارات السحرية الفريدة للمعبد. فوفقًا للشائعات، تُصنّف قوة براجنا السحرية كواحدة من أعظم عشر قوى سحرية في السهول الوسطى.
"كيف تجرؤين على الطمع في المهارات السحرية الفريدة لمعبدنا؟" تحولت نظرة العميد المتحمسة في الحال إلى برود ولا مبالاة. لم تضيع تشين يو نينغ وقتًا في الكلام، بل قلبت كفها فإذا بالذخيرة الواحدة تتحول إلى ثلاث.
تسمّر العميد في مكانه، واشتعلت نظراته حماسة، حتى إن أنفاسه أصبحت أثقل. 'لا يهم... فليس كل شخص قادرًا على تعلم المهارات السحرية الفريدة لمعبدنا، فلمَ لا أعطيها لها؟' صر على أسنانه وتردد لبرهة، لكنه في النهاية لوّح بكمه وألقى بكتاب قديم إلى تشين يو نينغ، ثم انتزع الذخائر الثلاث على الفور.
غمرت الفرحة تشين يو نينغ، وسارعت برفع مهارة براجنا السامية إلى النظام. سرعان ما ظهرت معلومات قصر السامسارا أمام عينيها، معلنةً عن بدء تحديد هوية العنصر، ثم تلتها رسالة أخرى: "اكتمل التقييم، الكتيب السري أصلي وساري المفعول. تصنيف التقييم: الرتبة الأسمى."
عند رؤية هذا، ابتسمت تشين يو نينغ مرة أخرى وشعرت بالارتياح. نظرت إلى رفيقيها اللذين أتت بهما، وكذلك إلى شين تشي يو، وفكرت للحظة ثم قالت لرئيس المعبد: "لدينا أيضًا بعض الذخائر البوذية المقدسة الأخرى، وأتساءل إن كان السيد الرئيس على استعداد لمشاركتنا..."
"موافق." قالها العميد على الفور، وهو يضع الذخائر الثلاث بعناية، دون أن ينتظر حتى تكمل تشين يو نينغ حديثها. ثم أضاف: "ولكن، لا يمكنني أن أقدم سوى كتيبات تدريب سرية ليست من معبد الضوء الذهبي." تذكر فجأة أنه يمتلك مجموعة من الكتيبات السرية أهداها له شخص آخر، ولم تكن لها أي فائدة بالنسبة له.
"وما هي؟" سألت تشين يو نينغ. أجاب العميد: "مجموعة من المهارات السحرية."
مهارة سحرية؟ تبادل الحاضرون النظرات وقطبوا حواجبهم. طالما أنها مهارة سحرية، فلا بد أن لها عيوبًا، وقيمتها وفائدتها أقل بكثير من الكتيب السري لمعبد الضوء الذهبي الشهير والمستقيم.
"من منكم يريدها؟" نظرت تشين يو نينغ إلى المتناسخين من الدرجة A. أجاب أحدهما: "لا أريدها." وقال الآخر: "لا أريد أن أتحول إلى وحش قبيح!" لقد رفضا العرض بشكل قاطع ودون أي تردد.
تنهدت تشين يو نينغ. لم يكن أمامها خيار سوى إخراج شيء أثمن لمقايضته بكتيب سري آخر من المعبد. فبصفتها قائدتهم، كانت قد أتت برفيقين معها هذه المرة في مهمة محددة، وهي مساعدتهما على الأقل للترقي إلى الرتبة الأسمى.
"أمم... هل يمكنني الحصول عليها؟" فجأة، سألت شين تشي يو بصوت خفيض. استدارت تشين يو نينغ بدهشة، ثم ابتسمت وقالت: "بالطبع يمكنك، لكنها مهارة سحرية، وقد لا تتمكنين من ممارستها بنفسك."
ابتسمت شين تشي يو بمرارة وقالت: "على الأقل هي مجموعة من الكتيبات السرية." لم تكن قد حصلت على أي شيء حتى الآن، وبما أنها أتت إلى هنا، فلم يكن بوسعها العودة خالية الوفاض.
بعد إتمام الصفقة، بدأت هي الأخرى عملية الرفع إلى النظام. ظهرت رسالة "قيد التحديد..."، ولكن بعد انتظار طويل، لم يظهر أي رد.
"ما الأمر؟" سألت تشين يو نينغ. هزت شين تشي يو رأسها، وقد خبا بريق عينيها.
"لا بأس، لا يزال لدينا متسع من الوقت ويمكننا البحث عن خيارات أخرى." قالت تشين يو نينغ مواسية. تنهد المتناسخان الآخران من الدرجة A أيضًا.
"آسفة لإهدار أغراضك." أحنت شين تشي يو رأسها. فقالت تشين يو نينغ بابتسامة: "لا عليكِ، هذا لا شيء. أملك الكثير من الكنوز."
في تلك اللحظة، ظهرت رسالة جديدة من قصر السامسارا: "اكتمل التحديد. الكتيبات حقيقية وفعالة." وتبعها وصف: "كتيب سري من الدرب الشيطاني: إصبع تنين شمعة البرية العظمى. جاري تقييم المستوى..."
"هاه؟" نظرت شين تشي يو بذهول إلى وصف قصر السامسارا الذي ظهر أمامها. صاحت وقد غمرتها المشاعر: "هناك استجابة!" تبادل الآخرون النظرات وبدوا سعداء من أجلها.
ثم ظهرت النتيجة النهائية للتقييم: "اكتمل تقييم الرتبة. المستوى: يُشتبه أنها الرتبة الأسمى الفائقة؟"
تجمدت شين تشي يو في مكانها، وحدقت في تشين يو نينغ بوجه خالٍ من أي تعبير. "يا قائدة... يا قائدة، هل أنتِ متأكدة من أنكِ تريدين منحي هذه المهارة السحرية؟"