الفصل المئتان والرابع والعشرون: عالم الموتى خاصتنا له سيد

____________________________________________

تراقصت أطياف لا حصر لها من الضوء والظل، فتجمعت وتمازجت في مشهد مهيب. وفي نهاية المطاف، انبثقت من صدع الفضاء قدمٌ يمنى قاتمة السواد، تبعها ظهور الإله الساقط بكامل هيئته الإلهية المتجسدة. كان يمتلك بشرة مثالية تغطيها قوة إلهية، وهيكلاً عظميًا بشريًا قد بلغ ذروة التكوين القتالي.

لم يكن في وجهه سوى عينين عميقتين كأنهما سماء مرصعة بالنجوم، قادرتين على أن تعكسا العوالم السماوية المتعددة. وفوق حاجبيه، استقرت علامةٌ لنصف نجمة حالكة السواد، كانت هي ينبوع قوته، وتجسيدًا لمرتبته السامية. ألقى بنظرة لا مبالية على السيد الأعلى، بينما انتشر جوهر قوته الإلهية الكثيف ليفرض هيبة مطلقة جمدت كل شيء في الفضاء الشاسع.

لقد كان إلهًا بحق، كائنًا ساميًا ينتمي إلى الكون العظيم، يمتلك قوة إلهية لا توصف، وهيئة متغيرة، وعمرًا لا نهاية له. كائنٌ قادر بلمحة يد أن يبيد مجرة بأكملها. إن الآلهة الرئيسية، وآلهة الشر، والآلهة الخارجية، وحتى الآلهة العتيقة، تختلف جوهريًا عن آلهة العوالم السماوية، فهم كائنات عليا نقية، تمتلك منذ ولادتها القدرة على الخلق والفناء.

لقد كانوا مؤسسي حضارات وأعراق لا تُحصى، وفي الوقت نفسه كانوا مدِّمريها، وتتباين قوتهم فيما بينهم تباينًا شاسعًا. وعلى الرغم من أن الإله الساقط يُعد في مرتبة متدنية بين الآلهة الرئيسية في الكون العظيم، إلا أنه قد أسس معبدًا ذا إرث ضخم، وهيمن على حضارة بشرية بأكملها.

كان بمقدوره أن يواصل تطوره ويرتقي بمستوى قوته دون أن يزج بنفسه في حرب بهذا الحجم الهائل، خاصة وأن دخوله إلى أراضي الاتحاد يعرضه لمخاطر لا يمكن التنبؤ بها، فقد يواجه هجومًا من كبار قادة مقر الاتحاد، أو حتى من خبراء قصر التناسخ. إلا أن مقتل سيد السقوط على يد السيد الأعلى، وسحب روحه الإلهية إلى عالم الموتى، قد تجاوز حده الأقصى من الصبر، فلم يجد بدًا من الظهور.

حدّق السيد الأعلى في هيئة الإله الساقط الكاملة، ولاحظ أن هذا الكيان القوي المجهول يفيض بقوة حياة كثيفة، مما يعني أنه ينتمي إلى عرق من الكائنات الحية. ومع ذلك، بدا مختلفًا عن عشيرة الآلهة السماوية، إذ كان من الواضح أنه يتقن تعاويذ إلهية أرقى بكثير من الفنون السرية الاثنتين والسبعين، فسأله بصوت هادئ: "أأنت إلهٌ أيضًا؟"

أطلق الإله الساقط كلماته الجليدية من جديد، فدوت في آذان كل من في السماء المرصعة بالنجوم، واخترقت أعماق عقولهم محدثةً دويًا لا ينقطع: "إما أن تسلمني سيد السقوط، وإما أن أبيد عالم الموتى خاصتك."

شحب وجه تشين وو ليان، وحبس سلف عشيرة وو ما أنفاسه، بينما اتسعت عينا سيد السيف الفضي دهشة، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الهيئة الحقيقية للإله الساقط. أما سيد نجم تيان نان، وسيد نجم شيان هي، وحكام الأقاليم الخمسة، وحتى خالدة الثعالب باي تشو، فقد ارتجفت قلوبهم وعلت وجوههم سحابة من الرعب العميق.

ارتسمت على وجه السيد الأعلى ابتسامة خفيفة وهو يرد على التهديد بهدوء تام، وقد وضع يديه خلف ظهره: "يبدو عرضًا مغريًا، آمل أن تنتقل إلى الخطوة الثانية على الفور." فلو تمكن أحدهم من تدمير عالم الموتى، لكان ذلك أمرًا رائعًا بحق، لأنه سيتحرر حينها من خدمته التي تمتد لعشرة آلاف مليون عام.

ضاقت عينا الإله الساقط على الفور، وازدادت نظرته حدة وبرودًا: "أتظن أنني لا أستطيع فعل ذلك؟"

ظل السيد الأعلى محافظًا على هدوئه، فهو يدرك تمامًا أن قوة هذا الإله المجهول تكفي لصهر عالم الموتى بأسره وابتلاع جوهره الأصلي. لكن الأمر في عالم الموتى لم يكن بيده، فهناك أباطرة الدواوين الستة، وسيدا الينابيع الصفراء والتناسخ، ومئة من ملوك الجحيم، وجنود وقادة لا يُحصون من جيش الظلام.

والأهم من كل ذلك، أن سيد عالم الموتى الأوحد لن يسمح بحدوث أمر كهذا على الإطلاق. فأجاب السيد الأعلى مرة أخرى، وفي صوته نبرة لا تخلو من السخرية: "تهديدك لي لا طائل منه، فعالم الموتى له سيد يحكمه، ولكنه ليس أنا، بل هو سيد الدواوين الستة. إذا استطعت إجباره على العودة، فسأكون سعيدًا بذلك أيضًا." لقد مر وقت طويل لم ير فيه نينغ تشينغ شوان.

تردد صدى كلماته الأخيرة في أرجاء الفضاء، فأثار موجة من الاضطراب والهمس بين الحاضرين. تبادل الخبراء الأقوياء النظرات، وقد علت وجوههم تعابير مختلفة، فذلك الذي هزم ثلاثة من خبراء المرتبة التاسعة بمفرده يمتلك قوة لا يمكن تصورها، فكيف إذن بسيد الدواوين الستة الذي يحكم عالم الموتى بأكمله؟ لقد كان شخصية لا يمكن حتى تخيل مدى قوتها.

لف الغموض والرهبة المكان، وتسرب ضغط غير مرئي إلى قلوب خبراء الأجناس الفضائية والمتناسخين الساقطين وقادة المجلس، مما أثقل كواهلهم. صمت الإله الساقط فجأة، فالسيد الأعلى أمامه بهذه القوة الجبارة، فما بالك بسيد عالم الموتى المزعوم؟ لم يكن لديه ثقة مطلقة بقدرته على سحق روح السيد الأعلى أو حتى ختمها، وإلا لما أضاع وقته في الكلام، ولكان قد بادر بالهجوم مباشرة.

فمهما بلغت قوة الآلهة الرئيسية، فإنها ليست خالدة. إن بنية الكون العظيم شديدة التعقيد، وتزخر بشخصيات مرعبة لا حصر لها، قادرة على قطف النجوم والشمس بلمحة يد، ومحو مجرات بأكملها بضربة واحدة. لكن العوالم السماوية لم تكن أضعف حالاً، وهذا الرجل الذي يُدعى السيد الأعلى هو خير دليل على ذلك.

لو أنه غامر بالذهاب لابتلاع جوهر عالم الموتى، فإنه لا يجرؤ على تخيل العواقب التي ستترتب على ظهور سيد الدواوين الستة، وما إذا كان سيتمكن من النجاة. وفي تلك اللحظة، اهتز الفضاء مرة أخرى بفعل قوة إلهية جديدة، وصدح صوت أجش في الأرجاء: "ما دمنا سنموت، فلنكن حاسمين. إن حاكم إقليم شين لينغ لم يظهر بعد، وعلينا أن نجده في أسرع وقت."

تطلعت الأنظار نحو مصدر الصوت، فازداد الرعب الذي سيطر على قلوب الجميع. صرخت تشين وو ليان بصوت خافت: "إله التعاويذ؟" لم تتوقع أبدًا أن يحضر الإله الشرير الذي يُقدَّس في رواق الهاوية بنفسه إلى هنا.

ارتجف صدع الفضاء وخرجت منه هيئة طويلة القامة، يغطي جسدها حراشف غريبة، وبلا ملامح وجه، وعلى جبينها نصف نجمة محفورة. انتشرت هالته الغامضة على الفور في الفضاء الشاسع، وقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها العديد من خبراء الاتحاد الهيئة الحقيقية لإله الشر، فشعروا بقمع سلالي رهيب بمجرد النظر إليه.

ضاقت عينا السيد الأعلى قليلاً، وظهر على وجهه لأول مرة تعبير من الجدية لم يظهر منذ رحيل نينغ تشينغ شوان. قال الإله الساقط دون تردد: "لنقتله أولاً"، وبدأت قوة إلهية هائلة تتجمع في كفه. أما إله التعاويذ، فلم يضيع وقتًا في الكلام، بل رفع يده ببطء، فظهرت تعويذة عتيقة تسببت في التواء الفضاء وتصدعه، مطلقة قوة فناء مرعبة.

تغيرت ملامح السيد الأعلى، وظهرت على وجهه ابتسامة باردة وهو يقول: "الآن أصبح الأمر ممتعًا بعض الشيء." ثم بدأ الختم الذي قيده لسنوات طويلة بالانحلال، لتظهر من جديد تلك القوة الإلهية التي كانت كفيلة بصهر العوالم السبعة في الماضي.

دوى صوت انفجار هائل، وتصادمت القوى الثلاث العظمى، مما أدى إلى اهتزاز الفضاء بأكمله. في تلك اللحظة، سيطر الرعب على قلوب الجميع، فصرخ أحدهم: "اهربوا!" لقد أدركوا أن مصير هذه الحرب لم يعد مرتبطًا بقتالهم، وأن أي شخص يبقى في مرمى هذا الصدام، حتى لو كان خبيرًا في المرتبة الثامنة، سيسحق بلا رحمة.

انتشر الذعر كالنار في الهشيم، وبدأ الجميع في الفرار للنجاة بحياتهم. صرخ سيد نجم شيان هي بوجه يملؤه الخوف وهو يشعر بأن مجرته بأكملها، بكل ما فيها من كواكب مأهولة، قد بدأت في الانهيار: "ألا يوجد من يوقف هذا؟ سيدمرون مجرات بأكملها!" لقد كان تصادم تلك القوى مرعبًا لدرجة أن حتى بعض المناطق المحرمة في الفضاء بدأت تهتز بعنف.

2025/10/27 · 161 مشاهدة · 1138 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025