" لذا…….كارما ، مسرور للقائكِ ، انا فِن ، طبيبكِ النفسي من الان فصاعدًا ".
قلت بالابتسامة الهادئة المعتادة ، للفتاة التى تجلس بتعالٍ امامي .
ما ان سمعت جملتي حتى رفعت حاجبيها باستنكار ،قائلة :
" انظر ايها الطبيب ، لنكن صريحين ، انا هنا لأحصل على شهاده منك تثبت انى بصحه عقليه جيده ؛ لأخذها الى المدرسه : ليتوقفوا عن ازعاجي ، نقطه وانتهى ".
" انا اسف ، لا يمكنني فعل ذلك ، لا يمكنني ان اخدع او ازور ، انتِ هنا لأنكِ تحتاجين المساعدة ، وانا هنا لاساعدكِ " .
اطلقت صوت متعجب ، عقدت حاجبيها واحنت ظهرها الى الامام ، قالت :
" أنت حقًا …….." .
لكنها لم تكمل ، انها متوترة .
" حسنا ، بما انكِ لا تحبين المقدمات ولا المجاملات ، دعينا نبدأ ، سأسألكِ بعض الاسئلة وآمل ان تجيبي عليها بصدق ، ولا تقلقي لا احد سيعلم ايً من اجاباتكِ ، إطلاقًا ".
بدت فى حالة تأهب ، تنتظر ما قد يداهمها ، اكملت :
" اذا ، هل لديكِ اي مشاكل عائلية ؟".
ادارت بوجهها سريعا الى الجهه المقابله ، لذا فإن الاجابه هى نعم .
لم اعد السؤال على مسامعها ، انتظرتها حتى تهدأ وتجيب بنفسها ، بقت دقيقتان تنظر الى الكره البلورية على الرف .
" اجل ".
اجابت بصوت اقرب الى الهمس .
لم اسألها عن التفاصيل ، مازال امامنا الكثير من الجلسات الاخرى ، لا يجب ان ازعجها كثيرًا من الجلسه الاولي ، فبعد كل شئ ، عليها ان تعتاد على قليلا لتستطيع الكلام براحه .
" وكيف حالكِ مع اصدقائكِ ؟ ".
" جيد للغايه ، لدى العديد من الاصدقاء الاوفياء ".
جيد بدأت تتحدث .
"هل لديكِ حبيب ؟ او شخص انتِ معجبة به ؟ ".
فكرت قليلًا ثم قالت :
" لا ، لا اعتقد ذلك ".
انها تكذب ، رأيت نظرتها ، هى بكل تأكيد تكذب .
" اذا دعيني اسألكِ ، لماذا ، دعينا لا نقول ' تتنمرين ' ، لماذا تزعجين او تجرحين مشاعر زملائكِ فى المدرسة ؟ ".
" لا اعلم " .
" هذه ليست الاجابه ، انتِ هنا فى الاصل من اجل هذا ".
" اجل ، قالت الاخصائية النفسية فى المدرسة انها تعرف طبيبًا جيدًا " .
قالت بينما تهز رأسها وتحرك يديها .
بدت لطيفة ، بينما شعرها القصير يهتز معها .
ثم تغيرت ملامحها وقالت :
" انا حقًا لا اعلم ، انا فقط اشعر أحيانًا بغضب شديد ، وينتهي بي الامر بأن اطلقه على احد اخر ".
" حسنا ، اعتقد اننا نعلم الان بعض المعلومات عن المشكله ، ولنحاول التعمق فى الامر وحل المشكله فى الجلسات القادمه ".
" حسنا ".
ابتسمتُ برضا ، فقد اعتقدت انها سترفض وستتحدث بوقاحه مجددًا ، لكنها لم تفعل .
" اراكِ فى الجلسه القادمه ، وبالنسبه لوالدتكِ بالخارج ، لو انكِ تريدين ساخبرها فقط انها بعض مشاكل المراهقين ، وضغوط المدرسه ".
هزت برأسها وبدت ممتنه ، نهضت عن كرسيها وتوجهت نحو الباب ، لكني اوقفتها عندما قلت :
" كارما ، شكرا لكِ " .
ردت باستغراب:
"على ماذا ؟ "
" لأنكِ ساعدتني قبل يومين عندما كنت تائهًا فى الحي السكني ".
بدت علامات الاستغراب على ملامحها ، ثم شهقت بدهشه .
" هذا كان انت ؟ " .
قالت بصوت عالٍ ، ضحكت وهززتُ رأسي ، ضحكت هى الاخري .
" لم اكن لأعرفك ولو بعد عام ، تبدو مختلفًا تمامًا! ".
ابتسمت ابتسامة اظهرت صف اسنانها الاماميه ، ثم خرجت .
بعد ان ذهبت خطرت فى بالي مقوله :
" حتى لقاءات الصدفه هى نتيجة الكارما ".