فارس هازان المظفر

بدت وكأنها الجنة بالنسبة له وهو ينظر من نافذته أعلى القصر، قصرٍ مهيبٍ شديد الروعة أعلى قمة أحد جبال مملكته، شعر بنشوة النصر تملأ قلبه، أتته لحظة فخرٍ، لمعت عيناه، هذه هي أرضه وهو أميرها المظفر؛ إنها (مملكة هازان) أم الممالك كما يحب أهلها أن يلقبوها.

بدأ يتذكر إحدى المعارك الضاربة التي دارت طويلاً بينه وبين جيوش (مملكة هازل)، كيف كان النصر حليفهم تحت قيادته، كيف استطاع أن يخضع قوة هذا الجيش القوى تحت إمارته، ظل شريدًا لفترةٍ في عالمه الخاص، تملأ رأسه الذكريات بكل ما فيها من لحظات حزنٍ وألمٍ، فرح وسعادةٍ، يسمع صوت السيوف والرماح الحارقة ودويها كأنه لا يزاله يقاتل داخل المعركة، قطع أحد الحرس عليه خلوته ليخبره بأن الملك (هاروت) يريده على الفور، قام مسرعًا ليعرف لماذا يريده الملك الآن، معه اثنان من فرسان الفيلق الأعظم عن يمينه وعن شماله وكأنهما حراسه.

استقبله الملك وعلى وجهه السعادة قائلًا.

–عظم فارس هازان المظفر.

–عظم سيدي.. يشرفني استقبالك لي.

–أنت أهل لذلك كوبر أنت الفارس الأول في المملكة وصاحب الانتصارات التي يتحدث عنها الجميع.

–سيدي إن فرسان جيشنا المظفر كان لهم الدور الأعظم في تلك الانتصارات.

–هذا ما يعجبني فيك كوبر، فرغم مهارتك التي يعرفها الجميع رغم قوتك وذكائك، فإنك شديد التواضع.

–هذا ليس تواضعًا سيدي، هذه حقيقة، لولا أن هناك فرسانًا مثل (هيكون وهاشام ومقدام وزافار) لما استطعت أن أحقق كل تلك الانتصارات وحدي فأنا مدين بالفضل لهم.

–أنا أعرف فرساني جيدًا كوبر ولكنك كنت دائمًا الأفضل والأخلص لي؛ لذلك جعلتك قائدًا عليهم جميعًا لأنك أهل لذلك.

–وأنا شاكر لهذه الثقة يا مولاي وسأكون دائمًا عند منتهى أحلامك.–هذا ما أنا على يقينٍ منه كوبر، فمنذ أن قدمك لي عمك ياشان في صغرك وتولى تدريبك بنفسه وأنا أعلم بأنك ستكون فارس هازان الأول ولكن ليس هذا ما طلبتك من أجله.

–منك الأمر سيدي ومني الإجابة. ليس في هذا الشأن بالأخص كوبر، فيجب هنا أن يكون القرار قرارك.

–أي أمرٍ سيدي؟

–هميانا ابنتي وحاملة التاج من بعدي.

–الأميرة هميانا! ما بها سيدي؟

–يجب أن تتزوج.

–أتقصد سيدي ما أفهمه؟

–وهل في مملكة هازان من هو أفضل منك ليتزوج بالأميرة؟–هذا شيء عظيم لم أكن أحلم به سيدي!

–إذن أنت موافق؟

–وفي الفخر سيدي.

–كنت أعلم هذا من قبل، ولا تقل إنك لم تكن تحلم بهذا لإني أعرف أنك كنت تحلم به، لاحظت نظراتك لها ونظراتها لك من قبل.

–لا عليك كوبر فهذا أمر طبيعي أنت من الآن ولدي الذي لم أنجبه وستكون من وقتنا هذا ملك مملكة هازل الحالي وملك مملكة هازان من بعدي.

–أطال الله في عمر سيدي، لكن أي مهرٍ يليق بأميرة هازان الجميلة؟

–أليست مملكة هازل كافيةً لذلك؟! هذا هو مهرها كوبر وهو أعظم مهرٍ قدم لأميرةٍ من أميرات مملكة هازان من قبل.

–لقد قلت لك سيدي أنا لم آت بالنصر وحدي.

–كفاك كوبر، ما أريده منك الآن هو أن تزف الخبر لكل أهل المملكة، عجل بالأمر ولا تكثر جدالًا.

–أمرك نافذ سيدي.

–خرج من باب القاعة الملكية والسعادة على وجهه، يشعر بطعم انتصارٍ مختلفٍ عن أي انتصارٍ حققه من قبل، استقبله هاشام ومقدام وزافار أمام القصر الملكي؛ ليعرفوا ماذا دار بينه وبين الملك، يمشي هيكون وراءهم ببطءٍ غير مكترثٍ،

سأل هاشام كوبر بلهفةٍ قائلًا:

–لا بد أن هناك عطيةً كبيرةً من الملك؛ فأنا قد رأيت السعادة قد نقشت على وجهه بعد علمه بخبر سقوط مملكة هازل في أيدينا وأنت فارسه المعظم، خبرنا يا أمير المظفر ماذا دار هناك؟

–شيء لم أتوقعه هاشام، شيء أكبر عندي من مملكة هازل بما تحمله، إنها أميرة مملكة هازان بل أميرة السعبين بابًا كافةً هميانا الجميلة.

–ما بها؟

–ستكون زوجتي! تغير وجه هيكون بشكلٍ واضح عكس باقي الفرسان الذين ارتسمت على وجوههم السعادة بقائدهم الذي يحبونه كثيرًا، قال زافار مباركًا قائده: أنت أهل لها حقًّا قائد الفيلق الأعظم، فليس في المملكة من هو ند لك،

قاطعه هيكون بحدة قائلًا:

–تكلم عن نفسك فقط زافار، فهازان أنجبت فارسًا تندك من تحت أقدامه الأهوال يدعى هيكون شيراز يعرفه الكبير والصغير، الدواب والنبات، بل الحي والميت، وكم يشهد سيفي وعيونكم على هذا أم نسيتم ما فعلته في معارك هازل؟

قال مقدام بصوت اللائم:

–من قال هذا يا هيكون؟ كل فرسان الفيلق بل كل فرسان الجيش كافةً يعلمون من هو هيكون شيراز، وأول من يدرك هذا هو الملك بنفسه، ألم يجعلك الفارس الثاني في المملكة؟

–بل أنا الفارس الأول مقدام.

نظر كوبر له نظرة تعجبٍ سائلًا نفسه:

(كيف يجرؤ على هذا الحديث وهو يعلم أنني أستطيع أن أعزله من منصبه؟ ولم بدا كرهه الدفين واضحًا الآن؟)

تقدم نحوه بخطواتٍ ثابتةٍ بشيءٍ من البطء وفي عينيه نظرة تحدٍّ تحمل بداخلها الكثير من عبارات التهديد والحدة قائلًا:

–هيكون.. أعتقد أننا قد أغلقنا هذا الملف من قبل في نزال تحدي فرسان الفيلق يوم أن انتصرت عليك أمام الجميع وبهذا أصبحت أنا فارس هازان الأول وقائد الفيلق الأعظم، تعلم جيدًا أن كلماتك هذه قد تطيح بك من منصبك، فهذا خروج على القائد، وهذا الأمر لن أسمح به، فعلى الرغم من سماحتي مع فرساني فإنني أقصم ظهر عدوي برمقةٍ من عيني إذا غضبت، ولا يخدعك تراحمي معك كثيرًا، فهذا لأنني أعلم أنك فارس صلب وقت الشدائد، فإياك أن تغتر بحلمي عليك.

توقفت الكلمات في حلقه وهو يسمع هذا التهديد الواضح وشدة أسلوب كوبر في التحذير ورمقات الفرسان من حوله وهم ينظرون له بشيءٍ من خيبة الأمل على ما صدر منه...

2019/11/14 · 367 مشاهدة · 833 كلمة
Adk3RAK
نادي الروايات - 2024