الفصل المائتان والحادي عشر: الخلق
____________________________________________
كانت جثة يي وو شوانغ قد بردت تمامًا، فغادر غو شانغ مدينة تيان شوان، وفي طريقه أنقذ يي وو شوانغ بعد أن بعثه من جديد في فضاء الروح.
أردف قائلًا له: "عُد إلى عشيرتك."
فلا جدوى من إبقائه برفقته، إذ لم يكن بوسعه استدعاؤه من العالم الخارجي على أي حال. انحنى يي وو شوانغ احترامًا لغو شانغ قائلًا: "شكرًا لك."
فهذا الذي يحمل بين جنبيه كل ذكريات يي وو شوانغ، يمكن اعتباره يي وو شوانغ ذاته! وبينما كان يتأمل الطريق الممتد أمامه، شعر غو شانغ ببعض الفتور، فاستدعى سحابة من الضباب وحلّق بها في السماء، متجهًا نحو الفيلا الجبلية التي وصل إليها للتو. لقد قرر قبل مغادرة هذا العالم الفرعي أن ينعم بحمامٍ في الينابيع الحارة ليريح أعصابه.
على الجانب الآخر من المشهد، أسرع يي وو شوانغ عائدًا إلى مدينة تيان شوان، وعندما وصل إلى السطح الخاوي، تنفس الصعداء، فقد كان محظوظًا لأن أحدًا لم يأخذ الجثة. رفع جثمانه وغادر المكان مسرعًا، فمهما يكن، لا يمكن أن يوجد اثنان منه في العالم ذاته.
كانت مياه الينبوع الحار لا تزال دافئة ومريحة كما عهدها، وفي هذه المرة خلع غو شانغ كل ثيابه، واستسلم لمتعة المياه الدافئة التي تسري في جسده. لكن ما لم يكن يعلمه هو أنه بينما كان ينعم بهذه اللحظات الهانئة، كان العالم بأسره يموج بالاضطرابات.
لقد أقلقت المعركة التي دارت رحاها في المدينة الإمبراطورية الإمبراطور الحالي، ومن خلال ما تناقله الحراس شفهيًا، أدرك مدى القوة التي يمتلكها غو شانغ. وبأمرٍ واحد، أرسل رجاله في كل أنحاء البلاد للبحث بجنون عن أي أثرٍ له.
فلم يكن أمامه خيار آخر، فهو، بصفته حاكم البلاد، كان في أمس الحاجة إلى سيدٍ قويٍ ليخضع له العالم. فمنذ القدم، كانت السلطة الحاكمة وعالم المقاتلين على طرفي نقيض، وفي عصره، ازدادت قوة عالم المقاتلين، وأصبح عدد الأسياد في البلاط أقل بكثير من أسياد الطوائف الكبرى.
وفي بعض البلدات النائية، كانت سلطة البلاط أضعف من سلطة بعض العائلات والطوائف المحلية. ولكي يقلب هذا الوضع، كان بحاجة ماسة إلى سيدٍ لا يُشق له غبار.
أما على جبهة قوى عالم المقاتلين، فقد أطلق مالك قصر تشوان جيان العنان لسلطته ونفوذه للبحث عن رجلٍ واحد في أرجاء عالم المقاتلين بأسره. فلم تخلُ طائفة أو قوة أو عائلة من الحصول على تلك الرسمة التي انتشرت كالنار في الهشيم، وكان الشخص المرسوم فيها هو غو شانغ!
كانت غاو شياو تشينغ ابنة مالك قصر تشوان جيان في هذا الجيل، ولم يرزق الرجل بابنٍ قط، بل لم يكن له سوى هذه الابنة التي أغرقها بالدلال منذ نعومة أظفارها. ولكي يحقق رغبتها، كان لزامًا عليه أن يجد غو شانغ بأي ثمن.
بعد أن انغمس في الماء الدافئ لبضع دقائق، شعر غو شانغ بأن جسده وروحه قد تطهرا تمامًا، مما جعله يرى مسار تطوره المستقبلي بوضوحٍ أكبر. ستجوب نُسَخه العوالم الفرعية لتعزز قوة جسده باستمرار، بينما يتخصص هو في دراسة الطاوية ويرتقي بقوته الشاملة ببطء.
وفي خضم هذه العملية، يمكنه أيضًا توسيع نفوذه نحو الخارج بخطى مدروسة، باحثًا عن تلك النباتات العتيقة ليزيد من عدد الأوراق الرابحة التي يمتلكها. طالما أنه حافظ على استقراره، فلن يواجه أي خطرٍ يُذكر على المدى القريب أو حتى البعيد.
مدد أطرافه وارتدى ثيابه، فقد حان وقت الرحيل عن هذا العالم. لقد استرخى بما فيه الكفاية، وقد آن الأوان لينشغل ببعض الأمور الجادة. تغيرت الأضواء والظلال من حوله، فغادر فجأة، وحتى لحظة اختفائه من هذا العالم، بل وحتى انهياره ودماره، لم تعثر عليه القوى الحاكمة أو قوى عالم المقاتلين.
استيقظ من جديد على سريره الدافئ، فغمرت القوة التي جلبها معه من العالم الوهمي جسده على الفور، وشعر بكل جزءٍ من كيانه يتضاعف في شعورٍ مريحٍ لا يوصف. ارتدى غو شانغ معطفًا أسود وخرج بخطى وئيدة، ثم جلس على عتبة الدار.
استخدم أداة البخور والماء ليكشف عن كيسٍ من رقائق البطاطس، ثم قال لنفسه: "لا يمكن للمرء أن يكون متعجلًا في أمور الزراعة، فلا بد من المضي قدمًا خطوة بخطوة."
تحت أشعة الشمس، بدأت عملية التمثيل الضوئي تعمل تدريجيًا، وكان مستوى زراعته يرتفع باطراد. وفي تلك الأثناء، حلّق طائرٌ أسود في الأفق البعيد، وعندما مر بجانب غو شانغ، ألقى أنبوبًا من الخيزران.
التقط غو شانغ الأنبوب وهو يتناول رقائق البطاطس، وقد حوى الأنبوب رسالة جديدة من تشين وو شنغ ورفاقه. لقد سيطروا الآن بالكامل على طائفة تيان دو، ووسعوا نفوذهم إلى حدٍ ما، كما جمعوا الكثير من المعلومات حول الأبطال المشتبه بهم، وسلبوا الفرص من الكثيرين.
كانت الرسالة تسرد بعض الفرص المحددة، وكان معظمها تقليديًا للغاية، حيث يحصل الشخص على كنزٍ بمحض الصدفة. قد يكون هذا الكنز إثر قفزةٍ من جرفٍ، أو إرثًا عائليًا، أو حتى هديةً من متسولٍ على قارعة الطريق.
وباختصار، تمكن هؤلاء الأشخاص من زيادة قوتهم بسرعة بفضل هذه الكنوز، وبدأوا بالتباهي والظهور، مما لفت انتباه عشيرة تيان تيان المحلية بشدة. لكن معظمها كانت أشياء عادية لم تثر اهتمام غو شانغ، فبعد أن قرأ الرسالة مرة واحدة، ألقى بالأنبوب جانبًا وواصل أكل رقائق البطاطس والاستلقاء بكسل، تاركًا لعملية التمثيل الضوئي مهمة تدريبه.
'تسع نسخٍ... عدد قليل جدًا.'
خطرت هذه الفكرة فجأة في ذهن غو شانغ، فنُسخ أسلوب غوي يوان جويه كانت قوية جدًا وتساعده على تسريع تدريبه، لكنه أتقن الأسلوب بالفعل ووصل به إلى ذروته، ولم يكن لديه سوى تسع نسخٍ على الأكثر. ولكن ما دام أسلوبًا، فلا بد أنه قابل للتغيير والتطوير!
قرر أن يخوض التجربة، فإذا تمكن من إنشاء مئات أو آلاف النسخ، فسيزيد ذلك من سرعة ارتقاء قوته بشكل هائل، وهذا أكثر كفاءة بكثير من التدريب المنفرد البطيء. كان الحل الأول الذي فكر فيه هو استغلال ميزة إضافة النقاط.
وبعد أن قرأ أسلوب غوي يوان جويه بتمعن مرتين من بدايته إلى نهايته، ابتكر أسلوبًا جديدًا مستوحى منه، أسماه أسلوب غوي يوان جويه الجديد. كان الأسلوب الذي ابتكره قادرًا على تكثيف ما يصل إلى ست وثلاثين نسخة، وكان يتألف من ستة وثلاثين مستوى أيضًا، وكان شديد الشبه بالأسلوب الأصلي، بل يمكن اعتباره نسخة معززة منه.
لكن هذه المرة، مهما حاول إضافة النقاط، لم يستطع ترقيته، حتى أنه فشل في الوصول إلى المستوى الأول.
'هل يعقل أن ميزة إضافة النقاط لا تعمل على أساليب الداو التي أبتكرها بنفسي؟ أم أن هناك خللًا في أسلوب غوي يوان جويه الجديد الذي صنعته، وهو غير قابل للممارسة أصلًا؟'
سيرًا على هذه الفكرة، ابتكر أسلوبًا بسيطًا وبدائيًا للغاية، يتبع نفس النمط التقليدي لمعظم الأساليب، ويمكن ممارسته.
'أضف النقاط!'
استُهلك بعض الدم من جسده، ولكنه نجح هذه المرة، وارتقى الأسلوب الذي ابتكره إلى المستوى الأول.
'إذًا، يبدو أن الخلل يكمن في أسلوب غوي يوان جويه الجديد.'
'أسلوب غوي يوان جويه الأصلي كان يعتمد كليًا على قدرة المزارع على الاستيعاب لتحديد عدد المستويات التي يمكنه بلوغها. ربما يجدر بي التركيز على هذا الجانب.'
بعد أن مسح على ذقنه وفكر مليًا، أنهى غو شانغ رقائق البطاطس التي في يده. ابتكر أولًا نسخة جديدة من أسلوب غوي يوان جويه، لم تختلف كثيرًا عن السابقة، لكنه حسّن فقط من متطلبات الاستيعاب اللازمة للتدريب، ثم زاد الحد الأقصى لعدد النسخ.
جمع كل المعلومات في ذهنه، وسرعان ما عثر على بعض التمارين التي يمكنها تحسين قدرة الجسد البشري على الاستيعاب. وبعد بضع دقائق، كان قد أتقن الأساليب الثلاثة التي عثر عليها ووصل بها إلى ذروتها.
'إنه مفيد حقًا! لقد أصبح عقلي أكثر صفاءً، وتحسنت قدرتي على الاستيعاب بالفعل!'