الفصل المائتان والتاسع والتسعون: حلم وانغ تشيوان
____________________________________________
"يا وانغ تسه، أنت..." استهل سلف عائلة تشين حديثه بعد أن رتّب أفكاره، لكنه لم يكد يُتم جملته حتى وجد غو شانغ بجانبه وقد تجاهل وجوده تمامًا، ومدّ يده نحو ما بين حاجبيه دون اكتراث.
وفي اللحظة التالية، هوت قطرة من الدم على رأسه بدقة متناهية. سرعان ما اندفعت دماء جسد إله الدم إلى كيان سلف عائلة تشين، لتحيله في التو واللحظة إلى ابنٍ للدم.
على الرغم من أن مستوى زراعة سلف عائلة تشين كان في ذروة عالم القديس، بينما لم يكن غو شانغ سوى في المستوى الأدنى من العالم ذاته، إلا أن غو شانغ كان يمتلك في جعبته قدراتٍ لا تُحصى، وفي ذهنه خبراتٍ قتاليةٍ معقدةٍ وواسعة.
وفي ظل هذا التراكب من القدرات والخبرات، فاقت قوته القتالية الإجمالية قوة سلف عائلة تشين بمراحل، حتى بات القضاء عليه أمرًا هيّنًا. وبذلك، تحققت شروط تحويل الدم التي كان يبتغيها.
انحنى سلف عائلة تشين في إجلالٍ وهمس: "يا إله الدم!".
بعد أن ظفر بأحد القديسين العشرة في عالمه القديم، لم يشعر غو شانغ بأي قلقٍ في قلبه. هزّ رأسه عازمًا على إخضاع العشرة جميعًا دفعةً واحدة. وبإشارةٍ من يده، ظهر سو مينغ الذي كان في مدينة أخرى بعيدة، ليجد نفسه بين قبضتيه.
"استخدم قدرتك على جذبهم جميعًا إلى هنا".
في العالم السابق، اكتسب سو مينغ قدرةً فريدةً من نوعها، حيث كان يستطيع أن يثير فضول الهدف المختار نحوه فجأة، فينجذب إليه دون وعي. ولهذا السبب تحديدًا، كان من المفترض أن يتقدم سو مينغ للكشف عن حقيقة الأمر.
كانت خطة سو مينغ الأصلية محكمةً للغاية، فقد خطط للظهور بمظهر زعيمٍ عظيمٍ يخفي هويته، ويكشف عن هوية وانغ تسه بكلمةٍ واحدة، ثم يستغل هالته الغامضة لإخافة خصمه وإجباره على توقيع العقد.
لكن لسوء حظه، كان خصمه هو غو شانغ، ذلك الفتى الذي يملك عددًا لا نهائيًا من فرص البعث، ولا يخشى الموت أبدًا، وما إن يبدأ بالقتال حتى يستخدم كل ما لديه من قوةٍ للاستيلاء على خبرات خصمه وذكرياته.
"الأمر لك سيدي".
بعد أن تلقى الأمر، تحرك سو مينغ بسرعة. فقبل مجيئه إلى هذا العالم، كان قد أعدّ العدة جيدًا، وأصبح على درايةٍ تامةٍ بهيئة القديسين العشرة، بل كان يعرف عن مظهرهم أكثر مما يعرفه غو شانغ نفسه.
ففي نهاية المطاف، لطالما أحاط الغموض بالقديسين العشرة، بصفتهم أعلى قوةٍ قتاليةٍ في عالمه القديم، ولم يكشفوا عن هيئتهم الحقيقية أمام العامة قط. ولكي يستخدم سو مينغ قدرته، لم يكن عليه سوى وصف هيئة خصمه على ورقةٍ بدقة.
وبحكم قراءته للرواية مراتٍ عديدة، كان يعرف كل التفاصيل عن ظهر قلب. وسرعان ما شرع في رسم ملامح القديسين التسعة المتبقين على ورقة، ثم أشار بإصبعه ليطلق العنان لقدرته.
تحت أنظار غو شانغ وسلف عائلة تشين، وقبل أن يمضي وقتٌ طويل، بدأت تسع هيئاتٍ ذات بأسٍ شديدٍ بالظهور في فناء الدار الواحدة تلو الأخرى. كانوا هم القديسين التسعة الباقين، قديسي العرق البشري العشرة.
بصفتهم أقوى حماةٍ لعالمه القديم، كانوا يتمتعون بقوةٍ هائلة، وكان كل واحدٍ منهم في أوج قوته وذروة عطائه. نظر سلف عائلة غو إلى رفاقه من حوله، ثم إلى سو مينغ الغريب، ولا سيما الورقة التي في يده، فتغيرت ملامح وجهه فجأة.
"يا رفاق، توخوا الحذر، فهذا الرجل لا يخلو من مكر".
بقدرته الفائقة على الاستشعار، لم يرَ في سو مينغ سوى شخصٍ عادي، لكن هذا الشخص العادي جعله يشعر بخوفٍ غامضٍ لا مبرر له. كان على يقينٍ أن هذا الرجل يمتلك وسيلةً خاصةً تهدد وجوده.
لم يكن القديسون الثمانية الآخرون غافلين، فبعد تفحصٍ دقيق، أدركوا جميعًا أن في سو مينغ شيئًا غير مألوف. وفي لحظةٍ واحدة، بلغ بهم الحذر والترقب منتهاه.
تثاءب غو شانغ وهو ينهض من مكانه، فقال سلف عائلة غو: "أيها الفتى وانغ، هذا ليس مكانًا لك، غادر الآن!". لوّح بيده عرضًا مستخدمًا قوةً هائلةً لنقل غو شانغ بعيدًا.
في نظره، كان الشخص الوحيد الذي يمثل تهديدًا في هذا المكان هو سو مينغ. ورغم أنه لم يفهم سبب وجود وانغ تسه هنا، فإنه لم يعر الأمر اهتمامًا كبيرًا. غير أن ما حدث بعد تلويحة يده تلك أصابه بالدهشة التامة.
شعر أن طاقته الروحية قد سقطت على وانغ تسه دون أن تُحدث أي أثر، وكأنها ارتطمت بجبلٍ شاهقٍ لم يستطع زحزحته قيد أنملة.
"كفوا عن المقاومة العبثية، قفوا بثبات واستعدوا لمكافأتي". بدا صوته كأنه صوت شريرٍ من الحكايات، فتأمل للحظةٍ ثم قال لنفسه: 'لا، لقد كنت شريرًا منذ البداية، شريرًا للغاية'. كان فهم غو شانغ لنفسه واضحًا تمامًا.
هزّ غو شانغ رأسه ثم قذف بتسع قطرات من الدم في الهواء. انتبه القديسون التسعة لما حدث وأرادوا الفرار من المكان على الفور، لكنهم في اللحظة التالية وجدوا أنفسهم عاجزين عن الحراك تمامًا.
فقد تبين أن غو شانغ قد أطلق نسختين من نسخه العُليا بمنتهى البساطة، فقيّدتا حركة الجميع بمجرد خاطرةٍ منه. وتحت وطأة هذه القوة الساحقة، سقطت قطرات دمه بدقةٍ على أجسادهم، لتحولهم جميعًا إلى جيلٍ جديدٍ من أبناء الدم دون أي عائق.
"المجد لإله الدم!".
في فناء الدار، انحنى جميع القديسين أمامه في خضوعٍ تام، بمن فيهم سو مينغ وسلف عائلة تشين. كان المشهد برمته غريبًا إلى أقصى الحدود.
"لا تتحركوا، لا تقاوموا، فقط قفوا مكانكم". مدّ يده وقبضها في الهواء، فظهرت فجوةٌ دمويةٌ على جسد كل قديس، ثم تدفقت كمياتٌ هائلةٌ من دمائهم على هيئة أعمدةٍ قرمزية، لتتجمع بسرعةٍ حوله.
عندما امتص ثلاثين بالمئة من دمائهم، توقف غو شانغ. فرغم أنه قد كوّن فهمًا معينًا عن عالمه القديم من خلال سو مينغ، إلا أن معرفته لم تكن كافية بعد، لذا كان بحاجةٍ إلى استيعاب جميع ذكريات القديسين العشرة.
بهذه الطريقة، سيتمكن من فهم عالمه القديم فهمًا شاملًا من كافة الجوانب، الكبيرة منها والصغيرة، ليتمكن من وضع خطته التالية. لم يمضِ وقتٌ طويلٌ حتى استوعب كل المعلومات التي تدفقت إلى عقله.
"اللعنة!".
بعد أن اطلع على تلك الذكريات، لم يتمالك غو شانغ نفسه وأطلق شتيمةً مدوية. أليس هذا هو عالم سيد الشياطين الأوحد؟ كيف استحالت الأمور فجأة إلى هذا الحد من الغرابة والشذوذ؟ لقد كان مختلفًا تمامًا عما ورد في الكتاب الذي قرأه سو مينغ.
في وصف رواية سيد الشياطين الأوحد، كانت القصة تدور حول نزول جميع الأجناس إلى عالمه القديم. وتعود شخصيةٌ تعتبر العالم مسؤوليتها إلى هذا الكوكب، حاملةً معها ذكريات حياتها السابقة، فتبدأ بصقل الأسلحة السحرية، وصنع الإكسير، وترتقي خطوةً بخطوة نحو القمة، جاعلةً العالم مكانًا أفضل.
لكن في ذكريات القديسين العشرة، كان هذا العالم وهميًا وزائفًا. كل شيءٍ فيه لم يكن سوى حلمٍ يراه وانغ تشيوان. نعم، كل واحدٍ منهم يعيش داخل حلم وانغ تشيوان هذا.
وعندما يستيقظ وانغ تشيوان من حلمه، سينهار هذا العالم تمامًا، وسيختفي الجميع كأن لم يكونوا. ولهذا السبب تحديدًا، كان القديسون العشرة يبذلون قصارى جهدهم لتهدئة مشاعر وانغ تشيوان، ومنعه من التعرض لأي صدمةٍ قد توقظه.
في البداية، لم يكن كبار القوم في عالمه القديم يعرفون أي معلوماتٍ دقيقةٍ عن وانغ تشيوان. لكن قبل أكثر من عشرين عامًا، عندما كان وانغ تشيوان يقتل في عوالم أخرى، سيطرت عليه مشاعره بسرعةٍ وفقد صوابه.
في تلك اللحظة، اهتز العالم بأسره وبدأ بالانهيار. حينها، تكاتف القديسون العشرة واستخدموا كل ما لديهم من قوةٍ لاستنتاج ما يحدث، وفي النهاية، حددوا هدفهم وثبتوه على وانغ تشيوان.