الفصل الثلاثمائة: تبدُّل
____________________________________________
سعيًا وراء الحقيقة، ضحّى كل واحدٍ منهم بجزءٍ من عمره، وأخيرًا، في خضم مصادفاتٍ شتى، أدركوا حقيقة هذا العالم. ولو أن أيَّ مشكلةٍ اعترضت طريقهم في غمار هذا السعي، لكان مصيرهم أن يظلوا قابعين في جهلهم، يعيشون في حلمٍ وهمي.
"إن هذا العالم ليس إلا حلمًا يراه وانغ تشيوان." أخذ غو شانغ نفسًا عميقًا، وردد هذه الجملة في قرارة نفسه متأملًا أبعادها. كان هذا العالم في الأصل بسيطًا وعاديًا، لكن قدوم وانغ تشيوان غيّر كل شيء، فظهرت العوالم التي لا تُحصى، وعادت الطاقة الروحية إلى الحياة من جديد.
"إنه لأمرٌ مرعبٌ حقًا!" ولكن ما يبعث على بعض الطمأنينة هو أن حساباتهم قدّرت أن حلم وانغ تشيوان سيستمر لألف عام. وهي مدةٌ طويلةٌ تكفيه لتحقيق أمنياته الثلاث، بل إنه لا يحتاج إلا إلى مئة عامٍ لإتمامها.
سرعان ما تقبّل هذا الواقع الجديد، ورسم لنفسه هدفًا واضحًا. كان عليه أن ينجز أمنياته الثلاث قبل أن يستيقظ وانغ تشيوان، وإلا فإن مجيئه إلى هنا سيذهب سدى. وإن أمكن، تمنى أن يزور العالم الحقيقي الذي ينتمي إليه وانغ تشيوان.
فإن صحت هذه الحقيقة، فلا شك أن عالم وانغ تشيوان الحقيقي يفوق هذا العالم الحالم قوةً بأضعافٍ مضاعفة. كما أن استنشاق المزيد من هواء ذلك العالم الخارجي سيساعده في زراعته.
وبعد أن علم بهذه الحقيقة المذهلة، لم يستسلم غو شانغ للخوف، بل واصل سعيه لتحقيق أمنياته خطوةً بخطوة. وقد غدا القديسون العشرة جميعهم من رجاله، وهذا يعني أن عالمه القديم بأسره قد أصبح تحت سيطرته الكاملة.
وبالاستعانة بموارد أتباعه وذاكرة سو مينغ، شرع في إرسال رجاله لاستكشاف تلك العوالم القوية، والبحث عن البوابات المؤدية إليها. ففي حكاية سيد الشياطين الذي لا يضاهى، ستظهر تلك العوالم القوية تباعًا في غضون عقودٍ قليلة، ولكن بواباتها كانت قد استهدفت عالمه القديم بالفعل قبل ظهورها.
لقد حدثت اتصالاتٌ سابقة، لذا فإن البحث الدقيق كفيلٌ بكشف إحداثيات الفضاء والمعلومات التي خلّفوها وراءهم. وفضلًا عن ذلك، طلب غو شانغ على وجه الخصوص من سلف عائلة غو أن يصدر أمرًا بتزويج غو تشيو من وانغ تسه.
وسارت الأمور بسرعةٍ مذهلة، ففي تلك الليلة، وبفضل الدعاية التي أطلقها غو شانغ، علم كل من في عالمه القديم بهذا الأمر. وتقرر أن يكون حفل زفافهما في اليوم التالي.
ولكي يتم هذه الأمنية، صنع غو شانغ نسخةً مطابقةً له تمامًا، وحشاها بذكريات وانغ تسه كلها. وأودع فيها كذلك بعض الأحداث التي وقعت بعد وصوله. ومنذ تلك اللحظة، ستحل هذه النسخة محله في عالمه القديم، لتعيش في كنف عائلة وانغ، وتحيا حياته الخاصة.
ورغم أنه لم يستطع منح النسخة إرادةً حرة، إلا أنه بفضل قدرته الجبارة على التنويم، باتت النسخة تعتبر نفسها وانغ تسه بالفعل، ولن تكشف عن أي شائبةٍ في سلوكها.
عادت النسخة إلى منزل عائلة وانغ، وفي خضم تهاني الكثيرين، بدأ يستعد لزفافه في الغد. أما غو شانغ، فقد وقف وحيدًا على قمة أطول مبنى في عالمه القديم، قابضًا على صولجانٍ في يده.
كان هذا سلاحًا سحريًا فريدًا من نوعه، قادرًا على جمع المعلومات عن بعد ومعالجتها وتصنيفها. أغمض عينيه، وراح يراقب ببطءٍ مجريات الأمور في معظم أنحاء هذا العالم.
وفي الوقت الراهن، كان رجاله قد اكتشفوا عالمًا رفيع المستوى. ففي حكاية سيد الشياطين الذي لا يضاهى، توجد عدة عوالم كبرى تقع فوق عالم القديس، وهي على التوالي: عالم النبلاء، وعالم الآلهة، وآلهة السماء، والآلهة القدماء، وآلهة الخلق، وآلهة الفوضى.
كان بطل الرواية تناسخًا لأحد الآلهة القدماء، وقد ارتحل عبر عوالم شتى، مستخدمًا مواردها التي لا تحصى، حتى بلغ في النهاية ذروة آلهة الفوضى، وأصبح الشخص الأول في هذا العالم!
والآن، اكتشف أن ذلك العالم هو عالم الشياطين، وأن أقوى كائنٍ فيه قد بلغ ذروة عالم الآلهة. وبعد استنتاجٍ دقيق، قدّر أن نُسَخه العُليا تمتلك قوةً توازي المستوى الأدنى من عالم النبلاء. ورغم أنهم لا يضاهون أقوى الكائنات هناك، إلا أن كثرة عددهم تمكنهم من التعاون معه لمساعدته على الارتقاء خطوةً بخطوة.
وبعد أن حدد موقع هذا العالم بدقة، بدأ في نشر خططه، منتظرًا إتمام أمنية زواجه من غو تشيو قبل أن يشرع في التحرك.
مدينة تيان مينغ.
جلست غو تشيو إلى طاولةٍ في غرفة نومها، وعيناها تحدقان في الشاشة الافتراضية أمامها في ذهولٍ لا يصدق.
"تذكري، زواجكِ من وانغ تسه هو أمرٌ من السلف، وليس لكِ الحق في الاعتراض."
"وإن ساءت الأمور، فلن أرحمكِ أنا، ولن يرحمكِ السلف، ولن يغفر لكِ بقية القديسين!"
"إن القديسين يولون هذا الأمر أهميةً قصوى، وأي خطأٍ سيؤدي إلى موت الكثيرين."
تردد صوت أبيها غو تشين في أرجاء الغرفة مرارًا وتكرارًا، فقد أعادت تشغيل هذا المقطع المصور أكثر من عشر مرات. وظل وجه أبيها الصارم عالقًا في ذهنها، لا يفارقها كالكابوس.
"هه، في النهاية، لم أستطع الهروب من هذا المصير."
منذ البداية، لم تحظَ قط بعطف أبيها، ففي نظره لم تكن سوى أداة زواج، وقد عقد بالفعل خطبتها على عائلة قديسٍ أخرى. ورغم أن مؤهلاتها لم تكن استثنائية، إلا أن مظهرها كان مقبولًا، وبهويتها كابنةٍ شرعيةٍ لعائلة غو، كانت لا تزال أداة زواجٍ ذات نفعٍ كبير.
لكن شريك زواجها كان أحمقًا، فحاولت غو تشيو المقاومة بشتى الطرق، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، وسحقها الواقع القاسي. وعندما كبرت، أدركت أن السبيل الوحيد لحل مشكلتها يكمن في امتلاك قوةٍ عظيمة.
ولهذا السبب، شرعت في التدريب بجنون، وعملت بجدٍ دون انقطاع. لكن الدعم الذي قدمته لها عائلتها كان ضئيلًا، فاضطرت إلى اقتراض المال أو الإكسير من زميلها وانغ تسه من وقتٍ لآخر. وفي غضون عامين، تراكمت ديونها له لتتجاوز المليارين.
كانت تعلم بمشاعر وانغ تسه تجاهها، وكانت هي الأخرى تكن له بعض المشاعر. لكن شريكها السابق كان من عائلة قديس، لذا لم تجرؤ على التفكير في الأمر. إلا أنها انهارت عندما علمت أن شريك زواجها الجديد هو وانغ تسه.
لم تكن ترفض وانغ تسه نفسه، بل كانت ترفض حقيقة أنها لم تستطع التخلص من مصيرها المحتوم في النهاية. ففي آخر المطاف، أصبحت أداة زواجٍ في يد عائلتها، وبدت كل جهودها السابقة سخيفةً أمام هذا الواقع.
"هه... ههه..."
"لماذا؟ لماذا يتوجب عليَّ أن أتزوج من شخصٍ آخر؟"
"أبغض النظر عن الزواج، هل أنا عديمة الفائدة؟ أنا أيضًا إنسانةٌ حية، لي أفراحي وأحزاني."
أغلقت غو تشيو الشاشة الافتراضية، وحدقت بذهولٍ في مرآة الزينة أمامها.
"لا، لستُ عاجزةً عن المقاومة إلى هذا الحد."
وبينما كانت تتأمل نفسها الجميلة في المرآة، انفجرت في ضحكةٍ بائسةٍ ومفجعة.
"زواج، زواج، إن كان لا بد من الزواج، فلتتزوجوا أنتم بأنفسكم!"
أخرجت خنجرًا، وظلت جامدةً للحظاتٍ طويلة، ثم غرسته في قلبها دون تردد.
____________________________________________
مئويتنا الثالثة🔥
شنو رأيكم الى الان في الرواية ، الترجمة ؟ + اترك بصمتك في التعليقات لكي اعرف من اكمل معي في الرحلة 👀