الفصل الثلاثمائة والثاني والستون: الكيان الغريب

____________________________________________

"إنه كيانٌ غريبٌ يهدد الأرواح." تقدم غو شانغ خطوة إلى الأمام، واستخدم قدرته على الفور ليختم تراب الأرض، فحال بذلك دون هروب الصبي الصغير مهما حاول الارتطام بالأرض. كان كلاهما يتمتع بقوة طرد أرواحٍ من المستوى الثالث، ولكن مع ما يمتلكه غو شانغ من قدراتٍ متنوعة، لم يكن لخصمه أي فرصة في مجاراته.

صاح الصبي الصغير وقد انهار تمامًا وهو يرى غو شانغ يتقدم نحوه خطوةً تلو الأخرى: "إياكَ أن تقترب!"، وما إن نطق بكلماته حتى انهمرت من عينيه دموعٌ غزيرة، بينما تحول وجهه إلى قناعٍ من الوحشية والغل.

قطّب مورونغ يون هاي حاجبيه متسائلًا، ثم التفت إلى الرجل العجوز الذي يقف بجانبه وقال: "يا للغرابة! ما باله يبدو هشًا كالأطفال؟".

تنهد الرجل العجوز مجيبًا بحسرة: "لقد كان طفلًا بالفعل قبل أن يتحول إلى وحش، طفلٌ بالكاد فُطِمَ قبل أن يجرفه الطوفان منذ أيامٍ قليلة".

في هذه الأثناء، كان غو شانغ قد وصل إلى أمام الصبي الصغير، وبدأ بإجراء سلسلة من الاختبارات عليه. اكتشف أن نور العدم الذي يسري في جسد طاردي الأرواح في هذا العالم يمكن أن يلحق أضرارًا حارقة بالكيانات الغريبة، فما إن يلامس أي شعاعٍ من هذا النور جسد الخصم، حتى يستمر في تآكله بلا هوادة. لكنه أدرك أيضًا أن هذا التأثير قد يكون مرتبطًا بقوته الجبارة.

'الأمر أشبه بالطاقة النقية والناسكين الزاهدين في عالم الفناء!' استدعى غو شانغ شعاعًا من نور العدم، ثم أحاط به الصبي الصغير إحاطة كاملة.

عندما أدرك الصبي الصغير أنه لا مفر له، تغيرت هيئته في الحال، فضم ذراعيه إلى صدره وقال بهدوء مخيف: "أعترف أنك قوي، وأني لست ندًا لك، ولكن كيف سترد إن استدعيت أخي العزيز إلى هنا؟".

ثم صرخ في اللحظة التالية: "يا أخي العزيز، اخرج وأنقذني!".

وما هي إلا لحظة حتى انشقّت الأرض فجأة، وتحطم الختم الذي وضعه غو شانغ تحطمًا كاملًا، ليخرج من الشق شخصيةٌ قوية البنيان، أطلقت نظراتٍ حادة نحو غو شانغ وقالت: "اسمي الرجل السمين، ولا أحد يستطيع أن يؤذي أخي".

كان قد التقى بهذا الصبي الصغير قبل يومين فقط، ووجد فيه شبهًا كبيرًا من حاله عندما تحول إلى كيانٍ غريبٍ أول مرة، فتآلفا وتوطدت علاقتهما.

"الرجل السمين والصبي الصغير..." ما إن سمع غو شانغ هذين الاسمين حتى انقبض قلبه للحظة، وشعر أن بينهما أمرًا غريبًا. لقد سمع هذين الاسمين معًا أو منفصلين من قبل، لكنه لم يستطع أن يتذكر أين ومتى.

واصل الرجل السمين حديثه بصوته الأجش وكلماته المفعمة بالتهديد: "سأعد حتى الثلاثة، فإن لم ترحلوا، فلا تلوموني إن قتلتكم جميعًا".

قال غو فنغ، الذي كان يقف محاطًا بكل من ليو فنغ ومورونغ يون هاي، بشيء من القلق: "يا إله الدم، إن لم ينجح الأمر، فلنبحث عن كيانٍ غريبٍ آخر، فهذا الرجل لا يبدو سهل المراس". كان مجرد شخصٍ عادي، ورغم اعتياده على مشاهد القتل وتمرسه في خضمها، إلا أن هذه كانت المرة الأولى التي يواجه فيها وحشًا بهذه الشراسة، فشعر بالتردد للحظة.

هز غو شانغ رأسه مطمئنًا إياه: "لا تقلق، سأتدبر الأمر". ثم استل شعاعًا هائلًا من نور العدم ووجهه نحو خصمه. فرغم الهالة القوية التي يتمتع بها الرجل السمين، إلا أنه لم يكن يتجاوز المستوى الثالث، وفي أحسن الأحوال كان في المرحلة النهائية منه، على بعد خطوة واحدة من الارتقاء إلى المستوى الرابع، لكن كل هذا لم يكن ذا جدوى هنا. فما دام الخصم ينتمي إلى المستوى الثالث، فإن غو شانغ هو الكائن الذي لا يُقهر بالمعنى المطلق للكلمة.

زمجر الرجل السمين بغضبٍ شديدٍ واندفع نحو غو شانغ وهو يصيح: "من يرفض المعروف يُجبَر عليه، وسأسقيك اليوم حتى ترتوي". لوّح بيده في الهواء، قاطعًا نصف شعاع نور العدم المهيب، لكن هجوم غو شانغ كان نابعًا من قدرته الخاصة، لا مجرد تراكبٍ للطاقة.

ورغم نجاحه في صد نصف الهجوم، إلا أن يدي الرجل السمين احترقتا بكميةٍ هائلةٍ من نور العدم، فلم يتمالك نفسه وارتعش، مطلقًا صرخات ألمٍ متتالية.

عندما شعر الرجل السمين بالفجوة الهائلة بين قوته وقوة غو شانغ، تغيرت ملامحه على الفور وبدأ يفكر في الهرب، ثم قال: "يا أخي، هذا الخصم عنيدٌ جدًا، أخشى أنني لن أستطيع هزيمته".

تجمد الصبي الصغير في مكانه مذهولًا، فلم يتوقع أن أخاه الكبير سيكون عاجزًا في هذا الموقف.

"ثق بي، وامنحني مائتي عام، وحين أرتقي إلى المستوى التالي، سأحتفل معك برأسه. أما الآن، فعلينا أن نهرب بسرعة. لقد قتلتَ بالفعل كل أقارب هذا الجسد، واكتمل وعيك تقريبًا". سرعان ما اتخذ الرجل السمين القرار نيابة عن الصبي الصغير، وأمسك بكتفه بيده المتبقية، ثم انطلق به نحو السماء. لقد شعر أن خصمه قد أعاد ترتيب الحاجز، ولم يترك سوى نقطة ضعفٍ واحدة في السماء، وكانت تلك فرصتهم الوحيدة للنجاة.

هز غو شانغ رأسه مفكرًا: 'الأمر أشبه باصطياد ثعبان الماء'. لقد كانت تلك الثغرة مجرد فخٍ نصبه عمدًا، ولم يتوقع أن يكون خصمه بهذه السذاجة، فيقع في شركه مباشرة دون تفكير.

"بمثل هذا الذكاء، من الأفضل ألا تتجول في عالم الكيانات الغريبة، أخشى أن تُخدع حتى الموت". هز غو شانغ رأسه، وفي السماء، تكثفت كفٌ ضخمةٌ من نور العدم وهبطت ببطء، ثم تحولت الكف إلى قبضة، وسحقت الوحشين بسهولة.

"هل توصلتما إلى حل؟" هز كل من ليو فنغ ومورونغ يون هاي رأسيهما في آنٍ واحد، فما مر على وجودهما في هذا العالم سوى أيامٍ قليلة، فكيف لهما أن يجدا حلًا لهذه المشكلة؟

تحركت أفكار غو شانغ، فقبض على الصبي الصغير بقوة، وبدأ يفرك جسده بكمياتٍ هائلةٍ من نور العدم، مما أدى إلى تآكل جسده بجنون. أطلق الصبي الصغير صرخات ألمٍ حادة، تشبه صراخ طفلٍ يتلوى خوفًا من حقنةٍ في مشفى، وكان صوته مزعجًا لمن يسمعه.

لكن تحت تأثير نور الزراعة، بدأ الصبي يضعف تدريجيًا، ومع استمرار التآكل والضرر، خفت وعيه شيئًا فشيئًا. وعندما شعر غو شانغ بحالة خصمه، ألقى به بقوة على الأرض. أدت هذه السقطة، مع ما صاحبها من نور العدم الممزوج بحركات غو شانغ، إلى وصول جسد الصبي الصغير إلى أضعف حالاته.

سيطر غو شانغ على الرجل السمين المتبقي، ثم التفت إلى الرجال الثلاثة وقال: "غو فنغ، وجه له الضربة الأخيرة، ولنرَ إن كان بالإمكان انتزاع هذا الرأس".

كانت ردة فعل غو فنغ سريعة، فنظر إلى الصبي الصغير الذي سقط بجانبه، وكثف على الفور كرةً كبيرةً من التشي الحقيقي وقصفه بها. كان الصبي الصغير في حالة ضعفٍ قصوى، وبعد أن تلقى هذه الضربة، استُنزفت طاقته الجسدية والذهنية تمامًا، وفقد كل رغبةٍ في الحياة.

بعد دقائق قليلة، مال رأس الصبي الصغير جانبًا، ولم يبقَ على ذراعيه أي لحمٍ أو دم، بل عظمتان بيضاوان تتأرجحان في الهواء، بينما تصاعد دخانٌ أسود من عنقه باستمرار. أما غو فنغ، الذي كان يقف على الجانب الآخر، فقد ارتجفت شفتاه وهو يراقب المشهد.

2025/10/25 · 25 مشاهدة · 1028 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025