الفصل الثالث: ألتهمُ لحوم الكلاب كل يوم، واليومَ تلتهمُني الكلاب
____________________________________________
بعد مُضيّ شهر، كان ما جناه غو شانغ وفيرًا.
لقد بات يتبعه الآن خمسة عشر ذئبًا رماديًا، وقد تعافت جميعها من جراحها واستعادت قوتها القتالية بالكامل. وفوق ذلك، أغار على القرية مرتين أخريين، فتجاوز عدد الكلاب الكبيرة ثلاثين كلبًا.
بلغ عدد أتباعه خمسةً وأربعين، أما الثعالب، فكانت قوتها القتالية هزيلة للغاية، فصرفها غو شانغ من حيث أتت.
لكن خمسةً وأربعين تابعًا لا يزال عددًا ضئيلًا.
ولكي يضمن نجاح خطته، قرر غو شانغ أن يتريث قليلًا لجمع المزيد من القوة.
ومع أكثر من أربعين تابعًا تحت إمرته، باتت هذه الغابة عرينه، ولم يعد بوسع أي حيوان أن يشكل خطرًا عليه. لم يعد بحاجة إلى الصيد بنفسه، فقد كان أتباعه يتكفلون له بكل شيء.
واصل غو شانغ البحث عن الذئاب الرمادية المنفردة وغيرها من مخلوقات فصيلة الكلاب. ولكن لسوء حظه، بعد شهرين من البحث المتواصل، تجاوز عدد الذئاب الرمادية الستين بالكاد، وأيقن أنه لم يعد هناك المزيد من الذئاب الرمادية في هذه الجبال.
أما بالنسبة لبقية مخلوقات فصيلة الكلاب، باستثناء الثعالب، فلم يُحالفه الحظ البتة.
خلال الشهرين الماضيين، عاد إلى القرية مرة أخرى، وأحضر معه أكثر من عشرين كلبًا متوسط الحجم.
والآن، أصبح لديه ما مجموعه مئة وعشرة من الأتباع.
عندها، قرر غو شانغ أن يبدأ التحرك.
لقد أثار اختفاء هذا العدد الكبير من الكلاب الريبة في نفوس بعض القرويين. وعلى الرغم من سريته التامة في كل حركة، فقد انكشف أمره للبعض، ففي كل مرة كان يظهر فيها، كان يختفي كلبٌ من القرية. بل إن غو شانغ لمح بعض القرويين يخرجون بحثًا عن كهنةٍ طاويين قادرين على قهر الشياطين وطرد الأرواح الشريرة.
وفي صباح أحد الأيام، لم يعد غو شانغ قادرًا على الاحتمال.
انطلق بجميع أتباعه، وجاب الجبال والأنهار في رحلة استغرقت ثمانية أيام حتى بلغ المدينة. ولو كان وحده، لبلغها في غضون ثلاثة أيام، لكن الذئاب الرمادية والكلاب الكبيرة لم تكن تمتلك قوة بدنية لا محدودة، وكان لا بد لها من الراحة. إضافة إلى ذلك، كان عليهم اصطياد الحيوانات الصغيرة أثناء الترحال لتجديد طاقتهم.
ولهذا السبب استغرق الأمر كل هذا الوقت.
أصدر أمره لأتباعه بالتفرق وإخفاء أجسادهم، وانتظار حلول الليل.
⸻
حلّ الليل.
كان مطعم لحم الكلاب يسطع بالأنوار. وفي الساحة الخارجية، نُصبت خمس موائد امتلأت جميعها بالرواد. جلس صاحب المطعم خلف المنضدة، وأخرج فاتورة اليوم ليتفحصها بعناية.
كان في هذه المدينة الكثير من الشباب الأثرياء الذين يهوون أكل لحم الكلاب، وقد ارتفعت إيراداته بشكل هائل في الأشهر القليلة الماضية.
تحسس صاحب المطعم أنفه وابتسم.
‘لو ادخرنا المال لشهرين آخرين، سنتوسع ونفتح فرعًا في شرق المدينة!’
تملّكته الحماسة قليلًا.
“صاحب المطعم!!”
أقبل عليه أحد العاملين مهرولًا.
“هناك مائدة في الخارج لضيوف يريدون ذبح كلب بأنفسهم طلبًا للمتعة…” قال جملته وعلى وجهه نظرة غريبة.
“ماذا؟” ذُهل صاحب المطعم هو الآخر. هل يوجد حقًا ضيوف من هذا النوع؟
“قال إنه سيدفع أكثر!” أضاف العامل.
“أعطه سكين جزار وكلبًا مخدرًا، ما دام سيدفع، فليفعل ما يشاء.”
عندما سمع صاحب المطعم بوجود دخل إضافي، وافق دون تردد. ومن ذا الذي يقوى على مقاومة المال في هذه الأيام؟
أما الكلاب… فمن يهتم لأمرها؟
ما دامت ستموت على أي حال، فلتساهم قليلًا في بناء إمبراطوريته التجارية.
في الخارج، كان الليل حالكًا.
ضرب رجل في منتصف العمر يرتدي ثيابًا من الديباج على الطاولة بقوة ونهض مترنحًا.
“سأذبح لكم اليوم كلبًا بيدي هاتين!!”
كان من الواضح أنه ثمل قليلًا، وقد احمرّ وجهه.
“إن ذبحت واحدًا، سأمنحك عشرة أضعاف ثمن الكلب، والسعر مفتوح!”
ألقى رفيقه الجالس بجانبه بالفضة على الطاولة بنظرة متعجرفة.
انتزعها الرجل ذو الثياب الديباجية.
“يا فتى!! يا فتى!! أعطني سكينًا، وأعطني كلبًا، اليوم، سأقطّعه إربًا إربًا!”
أتى عاملان يجرّان كلبًا كبيرًا، وكان العامل الثالث يحمل سكين جزار ملطخًا بالدماء.
“تفضل يا سيدي الضيف!”
هزّ الرجل ذو الثياب الديباجية رأسه.
“أحضروا كلبين آخرين، واحد لا يكفيني لأقتله!”
قطب حاجبيه، وأمسك بسكين الجزار، ثم هوى به دون تردد.
تجمهر الضيوف من الموائد المجاورة حوله في حلقة، وراحوا يراقبون المشهد باهتمام.
بُق!!
تناثر الدم، وظهر جرح بشع على جسد الكلب الأصفر، الذي أخذ يئن، ففي ظل هذا الألم، حتى العقاقير المخدرة لم تعد تجدي نفعًا.
“اقتله، اقتله، اقتله!!”
ظهر الدم، فأثار ذلك حماسة المتفرجين أكثر فأكثر.
“أحضروا المزيد من الكلاب، المزيد!!” صاح الرجل ذو الثياب الديباجية.
أسرع عدة عاملين إلى القفص الحديدي في الفناء الخلفي.
وكان صاحب المطعم يتكئ على النافذة عندما واتته فكرة فجأة.
‘ربما يمكننا إطلاق برامج مشابهة في المستقبل، نسمح فيها للضيوف بذبح الكلاب بأنفسهم ليشعروا بالإثارة. يجب أن أفكر في الأمر مليًا. وأيضًا، يجب أن نزيد من جهودنا في أسر الكلاب الضالة!’
لقد أعماه المال، فراح عقله ينسج الأفكار الشريرة.
ارتسمت على وجهه ابتسامة غريبة تحت ضوء الشموع، كأنه شيطان.
⸻
شاهد غو شانغ هذا المشهد في صمت.
“طوّقوا هذا المكان، لا تدعوا أحدًا يفلت!”
أصدر أمره.
امتثل الأتباع للأمر بصرامة، وانتشروا ليحيطوا بمطعم لحم الكلاب.
قاد غو شانغ عشرة ذئاب رمادية إلى الفناء الخلفي. كان هو في المقدمة، ومن خلفه عشرة ذئاب رمادية. كان الجو غريبًا ومشبعًا بالترقب.
“خمسة كلاب ستكون كافية هذه المرة.”
“لا أعلم، فلنسرع في الأمر.”
فتح عدة عاملين الأقفاص الحديدية، وأمسكوا بالكلاب المخدرة، وبدأوا بجرها بعيدًا.
“اقتلوه.”
كان غو شانغ قد وصل إلى الفناء الخلفي، وأصدر أمره بملامح باردة.
اندفعت الذئاب الرمادية العشرة إلى الأمام دون تردد. كانت حركتها خاطفة، كأنها شياطين في عتمة الليل.
“ذئب!! إنها ذئاب!”
كان أحد العاملين أول من استوعب الموقف، ففرك عينيه بقوة غير مصدق. لماذا يوجد كل هذا العدد من الذئاب هنا؟
“اهربوا، اهربوا!!”
تركوا الكلاب خلفهم، وولوا الأدبار بجنون.
وهل لساقين اثنتين أن تسبقا أربعًا؟
طاردتهم الذئاب الرمادية دون عناء، وفتحت أفواهها لتغرس أنيابها فيهم، فمات العمال الواحد تلو الآخر وسط صرخات حادة.
“اقتلوهم جميعًا، لا تتركوا منهم أحدًا.”
بينما كان يستمع إلى صرخاتهم، أصدر غو شانغ أمره مرة أخرى.
أطلق عواءً منخفضًا.
طوّقت الذئاب الرمادية مطعم لحم الكلاب، واندفعت الكلاب الكبيرة وهي تعوي.
في الخارج.
“ما هذا الصوت؟”
سمع أحدهم صرخة العامل وسأل في حيرة.
“إنهم يذبحون الكلاب في الخلف.”
“ولكن… لماذا يبدو كصوت بشري؟”
كان عدة أشخاص يتناقشون.
“اللعنة، ما الذي يحدث!”
فجأة، صرخ أحدهم.
عندما استدار، رأى ذئابًا رمادية وكلابًا برية تندفع نحوهم.
دبّ الرعب في قلبه فجأة.
انتبه الآخرون أيضًا، وبدأوا بالصراخ والصياح، وعمت الفوضى المكان.
“اهربوا، اهربوا!!”
كان أحدهم يصرخ بجنون ويركض نحو مطعم لحم الكلاب.
من كان أسرع دخل من الباب أولًا، ومن كان أبطأ، أمسك به ذئب رمادي. اندفعت الذئاب التي خلفه وتكالبوا عليه حتى نهشته إربًا.
توالت الصرخات.
أتاهم الهجوم من كل حدب وصوب.
كان الحصار محكمًا لدرجة أنه لم يكن لديهم سبيل للفرار.
وسرعان ما تم القضاء على العمال والضيوف الذين كانوا لا يزالون في الخارج.
لم يتبقَ سوى قلة داخل مطعم لحم الكلاب.
اندفعت الذئاب الرمادية إلى الداخل دون تردد.
“آآآآآه!!!!!”
“لماذا يوجد كل هذا العدد من الذئاب والكلاب؟”
“آتي إلى هنا كل يوم لألتهم الكلاب، فهل ستلتهمني الكلاب اليوم؟”
“قصاص، هذا كله قصاص!”
________________________________
زيوس: ان شاء الله مستقبلا نرى امبراطورية الكلاب 😁