الفصل الأربعمائة والحادي عشر: استدراك
____________________________________________
نهض الشاب تشين فنغ من مجلسه، وخرج من غرفته بخطى وئيدة، ثم ما لبث أن عجّل في سيره حتى بلغ غرفة متهالكة. وبعد أن تردد لبرهة، طرق الباب، فجاءه صوتٌ كسولٌ من خلفه متسائلًا: "من الطارق؟".
تغيرت ملامح تشين فنغ وقد استشعر قدرة التطهير التي ما تزال تسري في جسده، فدفع الباب بعزم ودلف إلى الداخل.
'إن هذا الأحمق الذي بالداخل هو من تسبب في كل شيء'، هكذا حدث نفسه وهو يتأمل المكان، 'لقد خرج باحثًا عن طعامٍ نقي، لكنه عثر على شجرة فاكهةٍ موبوءة، فأكل من ثمارها وجلب ما تبقى معه إلى هنا. وبعد عودته، تفشى الداء في جسده، ثم انتقلت العدوى إلى رفاقه واحدًا تلو الآخر'.
عندها استشعرت وحوش المشاعر في الخارج تلك الأنفاس المماثلة، فشنّت هجماتها المتتالية، وهكذا يمكن القول إن هذا الرجل هو من تسبب في دمار هذا المكان أكثر فأكثر.
'بحساب الوقت، لم يمضِ على عودته سوى ثلاثة أيام'، تابع تشين فنغ تفكيره، 'وإن سارت الأمور في مجراها الطبيعي، فسوف يتفشى الوباء في جسده بعد أربعة أيام، وحينها ستبدأ التغيرات بالظهور ليلًا'.
جزّ تشين فنغ على أسنانه وهو يخطو إلى داخل الغرفة، فوقع بصره على الفور على الرجل الكهل المضطجع فوق الفراش.
رأى الرجل الكهل تشين فنغ، فرفع رأسه ونظر إليه في حيرةٍ، قائلًا: "شياو فنغ، كيف وجدت الوقت لتأتي إلى هنا؟".
قال تشين فنغ بملامح خالية من أي تعبير: "يا عمي، لم أرك منذ مدة، وقد قلقت على حالتك الصحية. صادف أن لدي بعض الوقت اليوم، فأتيت لأطمئن عليك"، ثم اقترب من فراش الرجل وجلس برفق.
بدا الرجل الكهل مستغربًا، فعلاقته بتشين فنغ لم تكن على ما يرام قط. 'من الواضح أن هذا الفتى لم يأتِ إلى هنا إلا لغاية أخرى'، وفكّر في هذا، فلم يتمالك نفسه من إحكام قبضته على لحافه.
'ما الذي أملكه هنا ويستحق طمع الآخرين؟'، ثم تذكر على الفور، 'أجل، إنها تلك الثمار التي جلبتها معي من الخارج قبل ثلاثة أيام'.
ورغم أنهم يقطنون في جبلٍ شاهق، إلا أن جلّ النباتات هنا قد أصابها الوباء ولم تعد صالحةً للأكل. لم يكن لديهم سوى بعض الأعشاب البرية النظيفة ليسدوا بها رمقهم، لذا كانت الثمار القليلة التي يخفيها هي الشيء الوحيد المختلف الذي يمكنه أن يحسن المذاق ويعدل المزاج.
'إن تجرأ على انتزاعها مني، فلا يلومنّ إلا نفسه على قسوتي'، وبينما كان غارقًا في أفكاره، انحنى تشين فنغ فجأة وخفض رأسه قائلًا: "يا عمي، أرى أن مظهرك شاحبٌ جدًا، امدد يدك، سأجس نبضك وأفحصك بعناية".
حين سمع الرجل كلامه، أدرك أن هناك خطبًا ما، لكنه تذكر أن بجوار تشين فنغ رفيقًا ذا مهارات طبية عالية، فلم يشك في الأمر كثيرًا، ومدّ يده اليمنى ببطء.
الأهم من ذلك أنه لاحظ بالفعل أن جسده يزداد ضعفًا يومًا بعد يوم، خاصة أنه لم يعد يملك القوة لفعل أي شيء. كان يظن أن السبب هو الثمار التي أكلها، لكن مذاقها كان شهيًا بحق.
عندما رآه يمد يده، لم يعد تشين فنغ يخفي مقصده، فاستخدم قدرة التطهير مباشرةً، ومررها على يده اليمنى لبرهة. لكنه في هذه المرة، دُهش حين وجد أن انطباعه عن قدرة التطهير يختلف تمامًا عما كان يتخيله.
ففي السابق، كان استخدامها يتطلب شروطًا مسبقة كثيرة، كان أحدها دمه هو. أما الآن، فبمجرد أن فكر في الأمر، انطلقت القدرة مباشرةً دون أن تستهلك من دمه شيئًا على الإطلاق، وفضلًا عن ذلك، اكتشف أنه بات بوسعه الاستغناء عن تلك الإيماءات المعقدة التي كانت ضرورية في الماضي.