الفصل الخمسمائة وأربعة عشر: التواصل، والفهم، ثم الإنجاز

____________________________________________

نشأت بين الأفعى الصغيرة وبينه ألفة قوية، وذلك بفضل ختم الأفعى السماوي، كما أن هوة القوة التي تفصل بينهما لم تكن بالغة الاتساع، وهو ما أتاح لغو شانغ أن يوظفها في تحقيق مآربه كافة من خلال تلك الأفعى السوداء الصغيرة.

"اقتل." همس غو شانغ بكلمته، فالتوت الأفعى الصغيرة في حركة خاطفة، وغرست أنيابها في جسد سيدها. لم يدر بخلد ذلك القائد قط أن الكنز الذي صقله للتو سينقلب عليه بمثل هذه الضراوة، فقد كانت الأفعى تحمل سمًّا فتاكًا، وما إن غرزت أنيابها حتى انقلبت عينا الرجل وسقط أرضًا، فلا يُدرى أحيٌّ هو أم ميت.

بمصرعه، سادت الحيرة والارتباك صفوف الجنود خلفه، فرمقهم غو شانغ بنظرة هادئة، ثم قال بصوت ثابت: "من أراد منكم الحياة، فليغادر هذا المكان في غضون ثلاثة أنفاس، ومن أراد الموت، فليتقدم." وما إن أتم كلماته حتى مد يده في الهواء، فقَفَزت الأفعى الصغيرة من تلقاء نفسها واستقرت في راحة كفه.

قال أحدهم وقد علا صوته اليأس: "يا سيدي، نحن أيضًا في موقف لا نحسد عليه، فإن غادرنا على هذا النحو وعدنا لنُبلّغ بما جرى، فلن ننجو من الموت، فأوامر عائلة تشو صارمة، ولقد ضاقت بنا السبل حقًا."

هز غو شانغ رأسه واستدار في صمت، ثم بحركة خفيفة من يده، تدفقت بضع قطرات من دمائه وسقطت مباشرة على الحراس الواقفين في المقدمة. وفي طرفة عين، تبدلت ماهيتهم وأضحوا من ’أبناء الدم‘ المخلصين لغو شانغ، ثم ألقى إليهم أمره ببرود قائلًا: "تولوا أمر البقية."، وتراجع في هدوء ليجلس على مقعد قريب.

تحرك أولئك الذين تحولوا بسرعة خاطفة، وأخذوا يحولون بقية الحراس إلى رفاق لهم الواحد تلو الآخر، ولم يستغرق الأمر سوى وقت وجيز. في تلك الأثناء، شرع غو شانغ يغوص في أعماق الذكريات التي استوطنت عقله، مستخلصًا منها معلومات دقيقة عن هذا العالم الذي وجد نفسه فيه.

كان اسم صاحب هذا الجسد هو آنو، وقد ابتاعته عائلة تشو مع أخته منذ نعومة أظفارهما، وعمل خادمًا لديهم لأكثر من عقد من الزمان. كانت عائلة تشو تتمتع بمكانة مرموقة في تلك الأنحاء، ويمكن اعتبارها من الطبقة ذات الامتيازات، إلا أنها ظلت بعيدة عن القوة السائدة في هذا العالم، إذ لم تكن قد اطلعت بعد على أساليب ترويض الوحوش البرية، واقتصر نفوذها على ما تملكه من موارد وفيرة وأعداد غفيرة من الأتباع.

كانت لآنو في حياته أمنيتان اثنتان؛ الأولى هي أن يحمي نفسه وأخته من الجوع والظلم إلى الأبد، أما الثانية فكانت أغرب، إذ تمنى الزواج من الابنة الكبرى لعائلة تشو. قبل عامين، كان آنو مجرد سائس خيل لدى الابنة الكبرى، يتولى مسؤولية إطعام جيادها الكثيرة، لكن الحال تغير قبل فترة وجيزة، حين خسرت الابنة الكبرى رهانًا مع السيد الشاب للعائلة، فأُرسل آنو إلى هذا المكان.

ففي نهاية المطاف، كانت مهارة آنو في تربية الخيول مشهودة بين جميع خدم عائلة تشو، وكان جواد الـ ’ما لونغ‘ سلالة فريدة من الخيول، ورغم أنه لم يرقَ لمنزلة الوحوش ذات القوى الخارقة، إلا أن ثمنه كان باهظًا للغاية، وقبل أيام قليلة، حدث خطبٌ ما في رعايته أدى إلى نفوقه.

وفقًا لخبرة غو شانغ، لم يكن هناك سوى تفسيرين محتملين؛ إما أن الجواد كان على وشك النفوق بالفعل ولم يفعل آنو سوى تسلم مهمة خاسرة، أو أن أحدهم دس له السم سرًا ليلفق له التهمة، وكان الهدف الحقيقي من ذلك هو أخته. وكان يميل إلى الاحتمال الثاني أكثر، فغاية السيد الشاب من كل هذا كانت واضحة وضوح الشمس.

"هاتان الأمنيتان مقبولتان." أومأ غو شانغ برأسه، وقد اتضحت له الصورة كاملة. ثم رفع بصره ليرى أن أتباعه هناك قد أتموا مهمتهم بالفعل.

’أن يمتلك هذا الرجل قوة من هذا القبيل فجأة، فهذا يعني أن عائلة تشو قد تواصلت مع بعض أصحاب القدرات. لقد أصبحت الأمور مثيرة للاهتمام.‘ فكر غو شانغ وهو يلقي نظرة على جثة القائد الملقاة أرضًا، ثم هز رأسه برفق.

أخذ يلاعب الأفعى الصغيرة في يده وأردف قائلًا: "اذهبي، أريدكِ أن تتسللي إلى عائلة تشو وتسيطري عليها بأكملها في أسرع وقت ممكن." فطالما أن القوى الخارقة في هذا العالم لم تتدخل، فإن أبناء الدم هؤلاء تحت إمرته لا يُقهرون، لكن غو شانغ شعر في قرارة نفسه أن الأمور لن تكون بهذه البساطة أبدًا.

2025/11/11 · 12 مشاهدة · 648 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025