عندما عاد رائد إلى منزله، لاحظ أن سرعة الشفاء زادت، فلن تمضي دقائق على عودته إلا واختفت كل العلامات الحمراء والحروق على جسده


غدا صباحا، توجه للمخزن، وجد ايجيستي تنتظره


بمجرد ما رأته قالت "سنباشر تدريبنا في الترابط مع القوى الكونية"


"في الكون الذي نعيش فيه هناك 4 قوى تؤثر على كل ذرة فيه، بما فيها أجسامنا، لكننا فقط لا نشعر بها بطريقة مباشرة، هذه القوى أساسية، فبوجودها وجد الكون، وبدونها لن يوجد هذا الكون، وهي مضبوطة ومتناسبة ومترابطة فيما بينها بشكل مدهش، هذه القوى هي 4: قوى الجاذبية، القوى الكهرومغناطيسية، القوى النووية الكبرى، القوى النووية الصغرى"


"قوى الجاذبية نعرفها، ونشعر بها، وهي القوى التي تجذبنا وتجذب كل الأجسام من حولنا نحو الأرض، والتي بسببها يخلق مفهوم الوزن، والجاذبية حالة عامة متواجدة في كل شيء، وتعتبر هذه القوى هي الأضعف بين القوى الأربعة، رغم أنها أكثر قوى نشعر بها وتؤثر علينا"


"الآن، لكي تترابط مع الجاذبية، يجب أن تتفوق عليها، لهذا أعددت غرفة خاصة، تزيد فيها الجاذبية، طبعا عبر الترابط مع الجاذبية، ستكون أخف، وسرعتك ستزداد أكثر، وقوة جسمك ستصبح أكبر، وهذه أول خطوة أساسية لسحر الخفة"


ايجيستي أعد لرائد غرفة خاصة، فيها مقياس، هذا المقايس يزيد ويضعف الجاذبية في الغرفة


قالت ايجيستي "عليك أن تتجاوز الجاذبية بـ 100 مرة على الأقل، بعدها يمكن القول أن ترابطك مع الجاذبية انتهى"


دخل رائد الغرفة، قام بتشغيل المقياس على ×2 يعني ضعف الجاذبية، فورا سقط على الأرض، لم يستطع تحريك أصبعه حتى، يكاد الضغط يسحقه


قالت ايجيستي "فلتقم بـ 100 شقلبة هوائية بنجاح، بعدها تستطيع أن ترفع المقياس أكثر، لا تتجاوز ×50 هذا يعتبر 100 ضعف"


جاهد رائد نفسه للوقوف، لم يستطع إطلاقا، في نهاية اليوم كل ما تمكن من انجازه، تحريك أصابع يديه وهو ملقى على وجهه أرضا


مرت 6 أشهر، استطاع أخيرا أن يتحرك بسهولة في 100 ضعف من جاذبية الأرض، لقد أخذ منه وقتا كبيرا لتجاوز القوى الأضعف فقط حتى الآن


بعدما انتهى وخرج من الغرفة، شعر أنه كالريشة، عندما ركض، سرعان ما وصل لنهاية المخزن، بدا الأمر وكأنه اختفى، وعندما ضرب الأرض مع أنه ترك مسافة شبر واحد على الأرض، أحدث حفرة كبيرة نسبيا


هذه نتائج مقاومة الجاذبية، وبالتالي الترابط معها


هنا قالت ايجيستي الواقفة خلفه "حسنا لننتقل للترابط مع القو الثانية"


"القوى الكهرومغناطيسية، هي معروفة لدينا ونشعر ببعض تأثيراتها، وهي ببساطة القوى التي تجذب الأجسام المختلفة كهربائيا، وتنفر الأجسام المتماثلة كهربائيا، وهذه القوى على مستوى الذرات، القوى الكهرومغناطيسية أقوى من قوة الجاذبية بمقدار 10 وبعدها 36 صفرا ، وهذا فرق هائل بين القوتين، إلا أنها ليست أقوى القوى، فعلى المستوى الجزيئي هناك قوى أعظم بكثير وهي قوى مركزية في كل شيء"


"القوى الكهرومغناطيسية تظهر للساحر على شكل هالة، فهي الهالة بالنسبة للساحر، ولكي تسيطر عليها، عليك أن تتأمل وتحاول قيادة القوى الغامضة التي تدخل جسدك وتجعلها تحيط بك، كما أن عليك أن تجعل القوى الغامضة تدخل مسرى طاقتك، وتستشعر جيدا، ثم تخزن بعض القوى الغامضة في الفراغ الذي أنشيء في داخلك"


قال رائد في نفسه "هذه القوة أسهل نسبيا من الجاذبية رغم أنها أقوى"


جلس رائد، ودخل في حالة تأمل، شعر فورا بالفراغ الذي داخله، كان يتساءل ما هو هذا الشيء، لكن الآن عرف أنه مخزن الطاقة الداخلية، التي تتكون من طاقة غامضة تجري مع طاقته الشخصية، ثم يفصل جزء منها ويخزنه في فراغه، لقد كان متسرعا في الكلام، قيادة الطاقة كما يهوى أصعب بكثير من القيام بجهد عضلي


بعد محاولات عديدة، قدرت بـ 3 أشهر، سيطر على الطاقة الغامضة جزئيا، كل ما استطاع فعله، جعلها تلف جسدها، وتسير في طاقته، التخزين يسير أبطأ بكثير، في يوم كامل يخزن ما مقداره 20 قطرة من الطاقة الداخلية، كانت كمية لا تستحق الذكر


رغم ذلك وضحالة النتيجة إلا أنه تمكن من الترابط مع القوى الكهرومغناطيسية، ونتيجة لذلك شعوره أصبح أكثر حدة، يمكنه اكتشاف أشخاص وراء الجدار، وعلى مسافة معينة


بعدها انتقلوا للقوى الثالثة، القوة النووية الكبرى


قالت ايجيستي "هي قوة موجودة في مراكز ذرات كل شيء وتتحكم بالمركز، وهي أكبر من القوة الكهرومغناطيسية، فبدون هذه القوة لما تواجدت مادة في الكون، إلا بعض الغازات، وهذه القوى أقوى ب100 ضعف عن القوة الكهرومغناطيسية، رغم ذلك نحن لا نشعر بها، لأن تأثيرها محدود جدا، بحيث يعد تأثيرها بعدا جزئيا فقط، والطاقة النووية التي يستخدمها علماء هذا العصر في المفاعلات هي نفسها القوة النووية الكبرى المخزنة في نواة الذرات أو مراكز الذرات"


"لهذا عليك تحرير هذه القوى المختزنة داخلك، وهذا ما يوفر لك طاقة غنية، وسرعة تجميع عالية بالنسبة للقوى الغامضة، ويوفر لك تحكما عاليا في الطاقة الداخلية، وبالتالي في السحر"


"لكن لفعل ذلك تحتاج أيضا لتعلم القوة النووية الصغرى فهي أساس تحرير القوة النووية الكبرى، وهذه القوى الصغرى أعقد شيء في القوى الأربعة، باستخدامها ستحصل على شيء كالإنفجارات في جسدك، لكن بعدما تتحملها، ستتغير طاقتك الداخلية وتصبح أكثر إشعاعا، وبالتالي تغذي هالتك بشكل أكبر، ومنه تتحكم أكثر بالسحر، وهذان القوتان متلازمتان، بالترابط معهما يمكنك أخيرا استخدام نوعية الطاقة اللازمة للسحر"


"ادخل في حالة تأمل، واستشعر أصغر أجزاء جسدك، واستشعر أصغر أجزاء محيطك، بعدها قم بإدخال طاقتك لهذه الأجزاء التي استشعرت بها، ستنفجر تلك الأجزاء، وبالتالي ستشعر بألم لا يطاق في كل جسدك، ولكن بعدما ينتهي الألم، يمكنك بجدارة البدأ باستخدام السحر"


الطريق ليصبح ساحرا، كان مليء بالمكافآت التي لم يتوقعها رائد، فكيف إذا تمكن من استخدام السحر؟


قوته الجسدية ازدادت بشكل كبير، شعوره وحواسه وسرعته في مرحلة لا تصدق، هو حتى لم يستخدم أي سحر، لكن سرعته كانت تخول له الاختفاء نسبيا، وقوته تحطيم الخرسانات وبعض المعادن، وشعوره إدراك ما يحدث وراء الجدار، معرفة عدد وهيئة أشخاص لا يراهم فعليا وتفصل بينها مسافة معتبرة، كان هذا تحولا خارقا قبل أن يبدأ حتى تعلم السحر


دخل رائد في حالة تأمل، استشعر أصغر الأجزاء وفعل تماما كما أخبرته ايجيستي، فجأة شعر أن جسده كان على وشك الانفجار، إنفجارات متتالية دوت في مختلف أنحاء جسده، الألم الذي صاحبها كان مريعا، أكبر من أي ألم واجهه في حياته


صر على أسنانه، وبدأ يتصبب عرقا، بعد ساعات هدأ أخيرا وتنفس الصعداء، في تلك المحنة كان على وشك أن يفقد وعيه عدة مرات، لكنه أدرك أن فقدان وعيه سيجعل مقاومته تضعف وبالتالي انفجار قلبه وعروقه، لذا جاهد نفسه عدة مرات على البقاء واعيا


بعدما انتهت المحنة المؤلمة، استلقى على ظهره يتنفس بصعوبة، لقد كان يشهق ويزفر بسرعة، والعرق يتصبب منه كالمطر


بعدما ارتاح قليلا وعاد تنفسه لطبيعته، قالت ايجيستي "الآن عليك أن تتدرب على جسدك الجديد، وعليك أن تستوعب أكثر القوى الغامضة حتى تزيد من طاقتك الداخلية المخزنة والتي ستستعملها لاحقا لاستخدام السحر"


منذ أن بدأ رائد تدريباته للسيطرة على القوى الكونية إلى ختامها، لزمه الأمر عاما كاملا ليترابط نهائيا مع القوى الكونية


كان يشعر وكأنه ملك الكون، تنفسه تغير، ونظره تغير، وسمعه تغير، ولمسه للأشياء تغير، حتى أنه أمكنه ملاحظة هالات الأشياء الجامدة من حوله


هذا أثار الدهشة في قلبه، لقد أصبح كإنسان خارق كما كان يقرأ في قصص الخيال، وهذا كله مجرد تمهيد ليستطيع جسده استيعاب الطاقة الداخلية واستخدام السحر


خلال هذا العام، مارس تدريبات تنفس، وتأمل ليستقطب القوى الغامضة ويحولها إلى طاقة داخلية ويخزنها في فراغه، أصبحت سرعته في فعل ذلك كبيرة جدا، حيث في نهاية يوم واحد، أمكنه ملأ ذلك الفراغ بأكمله، ثم في اليوم القادم، يقوم بدفع جسده ليتجاوز حدوده، فتنفذ طاقته الداخلية


كان يستقطب الطاقة يوما ثم يفرغها في اليوم الموالي ثم يعيد شحنها في اليوم القادم وهكذا حتى أتم العام، وكل ذلك حتى يعتاد جسمه سحب الطاقة المحيطة وتحويلها فتكون العملية أسرع مع مرور الوقت


بعد نهاية العام، كان بإمكانه ملأ فراغه 4 مرات في اليوم الواحد، وهذه نتيجة خارقة اندهشت منها ايجيستي حتى


بعدها خيرته ايجستي بين دراسته أو الدخول لعالم الأقوياء، العالم الفعلي الذي بقي مدفونا ويجهله أغلب الناس العاديين، عالم الموت والحياة


بالنظر إلى المعطيات، وكونه مضيفا للتنين الأزرق، ليس أمامه خيار آخر إلا أن يكون أقوى، وإلا سيستهدف من قبل آخرين ويقتل


لذا ترك دراسته، وتوجه ليصبح أقوى، في الواقع هذا لم يكن خيارا في حالته، بل كان مفروضا عليه، كان كمن يخيره بين موته وحياته


قرار رائد، لم يلقى ترحيبا من عائلته، لكن لأن إرادته أصبحت أصلب، مكث على رأيه، حتى أخيرا ومع سريان الوقت، قبل عائلته الأمر


وجد رائد عملا ليتخفى تحته، كان يعمل مصمما الكترونيا في أحد الشركات


في الواقع الشركة وبمن فيها جزء من رابطة التنين، لقد كان العمل مجرد غطاء له، ليتصرف بحرية أكثر


طبعا، كان كل فرد في رابطة التنين يأخذ أجرة على عمله وعلى اشتراكه، ورائد لم يكن استثناء، لقد كانت أجرته 3 ملايين عملة ذهبية


وكان مبلغا لا بأس به، صحيح لا يؤمن له أن يشتري منزلا أو ما شابه ذلك، لكن كشخص عازب كان مبلغا أكثر من كاف

2017/08/02 · 412 مشاهدة · 1351 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024