قالت ايجستي لرائد الذي يجلس أمامها "القوى الغامضة هي المانا، وهذه الكلمة تعني السلطة أو الهيبة حسب اللغات القديمة، أول من اكتشف المانا واستغلها هم شعوب البولين القدماء، ثم وصلت إلينا عبر جزر المحيط النهائي، هنا طورها المستخدمون عبر دراستها بكثافة، حتى وصلوا بها لدرجة الارتقاء"


"عززت المانا، فبدل أن نستخدم لغة آلتورو الأصلية للبولينيين في إلقاء التعويذ، بفضل جهود العباقرة أصبح في إمكاننا استخدام لغتنا في إلقاء ذات التعاويذ، لقد قاموا بالوصول إلى أصل المانا ويقال أن أصلها شجرة غريبة، ثم قاموا بإضافة لغتنا لتلك الشجرة فتمكنا من إلقاء التعاويذ بلغتنا، عبر تغيير نشوء المانا تم تطويرها، كل هذه الجهود اندرجت تحت مشروع سمي بـ "مشروع سكولب" كان قائده أعظم ساحر عرفته البشرية آنذاك "ساحر الموت"، لا يعلم أحد كيف فعلها، حيث أن كل من شاركوا في المشروع قتلوا لاحقا من طرف مجهولين، لكن الفضل كله يرجع لأولئك السحرة"


في واقع الأمر تاريخ المانا كان غامضا أكثر من المتوقع، لا يعرف أحد هل هذه الشجرة حقيقية أم مجرد أسطورة، ولا يعرف أحد مكونات المانا في حد ذاتها وكيف نشأت في المقام الأول، لكن كل ما عرف أن هذه القوى الغامضة طريق للوصول لقدرات خارقة تتلخص في السحر


"للحصول على المانا هناك طريقتان، من خلال الولادة، أي تكون معك منذ الولادة وبالتالي تفعلها فقط، ومن خلال الحرب، وهي الدخول في حرب مع القوى الغامضة حتى تتمكن من قهرها وإرغامها على الدخول في جسدك، وهذا سيجلب آلاما رهيبة للجسد وتشعر كأنك تولد من جديد، فجسد من يملك المانا سريع الشفاء ويفتح مخزنا للطاقة الروحية وبالتالي روحه أقوى، وهنا وجب تدريب الروح أولا، لأن استقبال القوى الغامضة سيجعل الروح الضعيفة تتحطم وبالتالي الموت"


"المانا تتواجد بشكل قوي في الأماكن غير المأهولة، وخاصة على قمم البراكين والجبال الشاهقة، وكذلك في المعابد، وأيضا في الأراضي التي حدثت فيها معارك قوية، وفي أعماق البحار والمحيطات والكهوف تتواجد مانا غير عادية"


"لطالما أخذ من يملكون المانا مسؤولية الحفاظ على التوازن في هذا الكون، لكن هذا لا ينافي وجود بعض منهم جشعين للسلطة فاستعملوها في الشر، وهؤلاء من نحاربهم نحن"


"هناك بعض الأشخاص من قوة المانا التي يملكونها حتى بعد موتهم يبقى وعيهم في جثثهم، ويصبحون جثثا قادرة على السيطرة على المانا، عندما وقعت الكارثة على العالم القديم، يقال أن بعض المقابر مأهولة بالجثث المتحركة بفعل المانا، هؤلاء نجو لكنهم بقوا بين الموت والحياة، على العموم أنا لا اعرف كثيرا بخصوص الجثث المتحركة أو ما نسميه نحن "زومبي" لكن إذا كانوا فعلا موجودين فسيكونون خصما صعبا جدا، لأنهم سبق وماتوا والطرق العادية لن تقتلهم، ناهيك عن خبرتهم من العالم القديم في استعمال السحر"


"من أجل السعي لسحرة أقوى اتبع بعض السحرة طريقة التزاوج، فمن المعروف أن الجيل الآتي من تزاوج ساحرين، سيكون أقوى، وهكذا، لهذا بعض الشعوب من أجل تقوية مستقبلها، انتهجوا هذه الطريقة، فالمانا المتوارثة تكون أقوى بالتأكيد من المانا المكتسبة"


فهم رائد أن المانا شيء يجعل الإنسان خارقا لكنه مجرد طاقة متواجدة في كل مكان بعشوائية، عندما تدخل جسد الإنسان وبعد الترابط مع القوى الكونية، يمكن تخزينها وبالتالي ترجمتها لاحقا على شكل سحر، يمكن اعتبار المانا الوقود الأساسي للسحر


برؤية رائد يفكر، ابتسمت ايجيستي وقالت "لا تقلق، أنت تملك التنين الأزرق في داخلك، المانا الخاصة بك ستكون غير عادية، أيضا لا تحتاج لطريقة الحرب، يمكنك استخدام طريقة الولادة، حيث أن التنين الأزرق في داخلك، وهو مصدر مانا عظيم، يمكنك استغلال ذلك"


"قم بالتأمل والتركيز داخلك، لا تفكر بأي شيء غير التنين الأزرق، عندما يتجسد أمامك، لا تحاول إيقاظه أبدا، بدل ذلك اقترب بهدوء والمسه، هذه اللمسة ستفعل المانا لديك، الأمر بسيط جدا"


تمتم رائد في نفسه "أنت تريدين مني مواجهة كيان يمكنه تدمير البشرية، وتقولين الأمر بسيط؟!"


بغض النظر عن امتعاضه من الفكرة، هو لا يملك الخبرة الكافية، لذلك استمع لكلمات ايجيستي بحذر، أغمض عينيه وحاول استشعار وجود التنين الأزرق داخله


بعد فترة من الوقت، شعر كأنه محلق في الهواء، فتح عينيه ليرى نفسه كأنه يسبح في الكون، كان في ظلام الكون، مع تواجد نجوم لا نهائية تنير المنظر، كواكب عملاقة متناثرة هنا وهناك


أغمض عينيه بسرعة، وحاول أكثر استشعار التنين الأزرق، شعر كأنه يسافر عبر الزمن، كانت سرعته خيالية في الانتقال


بعدها شعر بهواء ساخن يضرب وجهه، فتح عينيه وجد أمامه كهفا يصدر منه صوت غريب، بذكاء رائد غير العادي، استنتج أن الذي أمامه ليس كهفا، إنما منخر الأنف، يبدو أن هذا التنين حقيقته عملاق للغاية حتى أن رائد، يمكنه اعتبار أحد منخريه كهفا يمكنه الدخول إليه، لا عجب أن كيانا مثل هذا يمكنه تدمير البشرية


بدون إضاعة المزيد من الوقت، قام بلمس حافة أنفه


فجأة، تغطى رائد بضوء أصفر، شعر كأن الدماء تتسارع في عروقه، ونبض قلبه يصبح أسرع، كأن هناك شيء ما يتضخم في داخله، بعد التركيز القليل، وجد أن هذا الشيء فراغ يخلق داخله، جسمه كله يرتعش ويهتز، عقله يتوسع أكثر، حواسه تصبح أقوى، كل هذا فقط من تفعيل المانا في جسده، كان هذا لا يصدق على كل المقاييس


بعدها فتح رائد عينيه غير مصدق لما حدث، كان يتفحص جسده، كأنه فعلا أصبح شخصا آخر


بالنظر إلى حالته، أدركت ايجيستي أن رائد فعل المانا في جسمه، وبدأت القوى الغامضة تمتص تلقائيا من جسده، لكن سرعان ما تخرج من جسده مرة أخرى، لأنه لم يتقن كيفية تخزين تلك القوى للآن


قالت ايجيستي، بعد أن أخرجت من اللامكان عامودا حديديا "الآن، فلتجرب، ألكم هذا العامود"


في البداية، استغرب رائد من هذا الطلب الغريب، لكن عندما قام من جلوسه وهم بضرب العامود، شعر بوجود قوة غير نهائية في جسده، وكأنه يمكنه تحطيم كل شيء


شعر رائد بالنشوة، ومع هذا الحماس، سدد لكمة للعامود، هذا الأخير انطوى على الفور وصولا للأرض، لقد استطاع طي عامود من لكمة واحدة؟ كان هذا مفاجأة كبيرة لرائد


ابتسمت ايجيستي وقالت "عندما تتقن تخزين القوى الغامضة، ستتمكن من قطعه أو تحويله إلى رماد حتى"


كانت هذه نتيجة بسيطة لتفعيل المانا فقط، إذا كان تفعيل المانا بهذه الروعة والقوة، فكيف سيكون الحال لو سيطر عليها تماما؟ عقل رائد المنطقي لم يستطع تصور ما سيؤول إليه المآل بعد ذلك


قالت ايجيستي "يجب أن تتدرب أولا على جسدك الجديد، بعدها يمكننا مباشرة الترابط مع القوى الكونية"


لاحظ رائد أن سرعته ارتفعت أيضا، كما أن ردة فعله أصبح أسرع، كان الحماس يغمره بشدة


قام رائد بتسديد بضع لكمات في الهواء، شعر كأنه يستطيع ضرب الهواء، كل لكمة يسددها كانت تخلف صوتا وتحرك الهواء قليلا، كل ركلة ينفذها، كأنها سيف قاطع يقطع الهواء


حتى أن ايجيستي رمت عليه بعض السكاكين فجأة ودون سابق إنذار، ردة فعله فاجأته، أمسك السكاكين، لم يكتفي فقط بمراوغتها ولكن بإمساكها أيضا


الصخرة السابقة التي كانت توضع على بطنه، قام بتحطيمها بلكمة واحدة


قالت ايجيستي "قوتك زادت بشكل كبير، قبل التقدم في التدريبات عليك زيادة دقتك أيضا"


بدأت ايجيستي برمي حبات فاصوليا خضراء، وكان على رائد ضرب كل حبة منها بأصبع واحد من أصابعه، ممنوع عليه أن يستخدم لكمته


طبعا رائد في البداية لم يستطع إصابة كل الحبات، لكن مع مرور الوقت استطاع فعل ذلك


انتقلت ايجيستي لتدريب دقة آخر، أتت برزم في كل رزمة 100 حبة رز، كان على رائد أن يمسك كل حبة بيديه فقط، كانت ايجيستي ترمي كل رزمة كاملة، أي 100 حبة دفعة واحدة، ويجب على رائد أن يمسك الـ 100 حبة دون أن تسقط أي واحدة منها


بعد محاولات فشل كثيرة، استطاع رائد فعلها


طبعا هذا أمر مستحيل على الأشخاص العاديين، ولكن منذ أن تم تفعيل المانا، أصبح جسده يفوق الأشخاص الطبيعيين


كان الهدف من تدريبات الدقة، أن يوزان قوته وسرعته وأن يعرف مواضع استعمال درجات مختلفة من القوة


فلو خرج بقوته غير المسيطر عليها هذه، من الممكن أنه بدل أن يفتح بابا قد يكسره كله، بدل أن يمسك كأس ماء ليشرب قد يكسر الكأس، لكن تدريب الدقة يخوله السيطرة على قوته


بعد انتهاء من الدقة، انتقلت ايجيستي لتدريب الصلابة، يجب أن يعي رائد مدى صلابة جسده، فلا يتهور كثيرا ويظن أنه لا يقهر


قامت بضربه عدة مرات بعواميد خشبية، تكسرت كلها في حين لم يشعر رائد بأي ألم، وكانت تعابير الفرح والغرور بادية عليه، لذا أرادت ايجيستي أن تمحي تلك التعابير لكن تدريجيا


بعدها عواميد حديدية، كل العواميد تم طيها، مع ذلك شعر رائد ببعض الوخز، وهذا زاده غرورا ما دام جسده أقوى من الحديد


في هذا الوقت، استخدمت ايجيستي سحرها، قامت بضربه بسوط من الماء المكثف، ترك السوط أثرا أحمر على جسد رائد، وأصدر رائد صوت "آآآ"


برؤية هذا تغير تعبيره، لكن استمرت ايجيستي في جلده بسوط الماء، بعدما توقفت تنفس الصعداء، لكن لم يدم الأمر طويلا، ها هي تخرج سوطا من النار، وتجلد به رائد، هذه المرة كانت رائحة لحم مشوي ملأت المخزن


تجهم رائد بشدة، في حين سقطت ايجيستي من الضحك على تعابيره، لكن سرعان ما أدرك رائد أن لجسده حدود، أن تزداد قوته لا يعني أنه لا يقهر


فهم أخيرا معنى تدريبات ايجيستي الإضافية، وفهم سبب عدم انتقالها مباشرة إلى الترابط مع القوى الكونية


هي كانت تريد منه أن يدرك حجم قوته، ليعرف كيف يستغلها دون تهور


بعد هذا نطقت ايجيستي قائلة "ارتح الآن، غدا نواصل تدريبنا، سأعلمك الترابط مع القوى الكونية"

2017/08/01 · 435 مشاهدة · 1411 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024