السلام عليكم و رحمة الله و بركاته





"آآه , إذن لقد مرت 15 سنة منذ قدومي لهذا المكان اللعين بالفعل ,لقد مر الوقت بسرعة حقا ,على الأقل أنا لست نادما على حياتي هاته و لكن هذا مؤسف للغاية أظن أن هذه هي النهاية "



وقف شاب متوسط البنية ذو شعر أسود قصير وحواجب مقوسة على أعقاب ساحة لامتناهية المساحة و حدق بزوج من العيون الداكنة و العميقة في الشخص الواقف أمامه ثم تحسر بحزن, من عينيه انبعتث كمية ضئيلة من نية القتل الباردة و اللا محدودة , تمنى فقط لو أنه كان أقوى قليلا ,فقط قليلا ,كل هذا هذا لكي يقتل هذا الشخص أمامه و ينهي مرارة حزنه المتأصل و يطفئ لهيب الإنتقام الذي زادت حرارته مع مرور السنين.





"لابد أنك متفاجئ " كسر الشخص الطويل ذو الحواجب السميكة الواقف أمامه الصمت القاتل و تحدث بصوت أجش تردد صداه عبر مئات الأميال " فكيف لهذا الوغد السكير أمامك و الذي لم يكن سوى حثالة في حياته السابقة أن يصل لهذا المدى ,في الحقيقة أنا أيضا تفاجئت حين اكتشفت مدى موهبة ابني البار, لكن للأسف أنت قد ظللت الطريق و اخترت الانتقام لتلك العاهرة." توقف الرجل عن الحديث فجأة و رفع رأسه و حدق ناحية السماء السوداء الخالية من أثر الضياء ثم رفع يديه و اطلق شعاعا اخترق الشفق المتألق في الجو و اذ بالسحاب الداكن يتفرق و يكشف عن الشمس الدموية الحمراء ,ثم تابع بصوت بارد اخترقت برودته العظام " لذا فأني انا دونالد ريسك الملقب ب"الكارثة البشرية" ,هنا و الآن في ساحة العدم يوم 03 لوكس 558 ,أحكم عليك بالسقوط في هاوية الجحيم و مرارة العيش لبقية حياتك التي انقضت الآن.

لو امعنت النظر فستلاحظ حشدا من مئات الآلاف من مخلوقات غريبة مختلفة الأحجام و الأشكال تحيط بالرجل الطويل و تعابير الحماس و الشوق بادية على وجهها , نعم شوق القتل و التعذيب...شوق الدماء ,شوق الوحشيةو الفتراس, متحمسين ينتظرون أوامر سيدهم للإنقضاض على الشاب و تحويله الى غبار, قد لا يكون مصطلح "وحوش" أو "شياطين" كافيا لوصف مدى بشاعتهم ,الأمر الجلي أن هذه الكائنات الوحشية كانو بشرا من قبل.






بعد إصدار الحكم ,سقط عمود من السماء و سحق جثة الشاب و حوله لأشلاء , احتوت نظراته الأخيرة على كمية شوق و حنين اعتلت السماء ,ابتسم ابتسامة ساحرة و منهكة عبرت عن نضاله الشاق لسنوات و سنوات و قال بنبرة من الحزن الممزوج بالراحة و الاسترخاء" لقد حاولت ما في وسعي لكني لم أستطع الإنتقام ,أنا آسف يا أمي و لكني سآتي اليك حادرا رأسي و خالي الوفاض"

أصبحت ملامح ريسك بدون تعابير ,و شكلت زوايا شفتاه ابتسامة ساخرة ,استدار ناحية تابعيه و قال بصوت خافت للغاية"ما الموهبة الوحشية ,السماء غير عادلة حقا ,35...خمسة وثلاتون سنة من الخداع و الاحتيال , خمس و ثلاتون سنة من المعاناة ليلا و نهارا لأصل إلى ما أنا عليه الآن و لكن طفل ساذج لم يكد يجرب حتى قسوة الحياة استطاع مواجهتي الند بالند و القضاء على ثلتي قواتي " خرج فجأة صفان من الدماء من زوايا فمه و تنهد للحظات ثم صفق بيديه و اختفى من مكانه فجأة كأنه لم يكن هناك من قبل ,تبعته الأعداد اللامتناهية من الجنود و أصبحت الساحة المكثظة قبل ثواني مهجورة بدون أي أثر للحياة.




[ماتهاتن كاسبر , 03 لوكس 558 من التقويم الإيراكسي]




أعتقد أن كلمات الرجل دوغلاس حكيمة للغاية "أفضل أن أكون صادقاً مع نفسي حتى لو عرضني ذلك لتكبد السخرية من الآخرين بدلاً من أن أكون كاذباً مع نفسي وأكبدها اشمئزازي منها" . الحياة غريبة حقا ,فاينما ذهببت -من جبال فلوريدا الى أراضي النيل العتيقة -,فستجد مختلف الأناس من مختلف الأنواع, و لكن قلما تجد أشخاصا يعيشون حياتهم بصدق . قد لا أكون شخصا نبيلا ولا يمكن وصفي على أني بطل أيضا لكني على الأقل عشت حياتي بصدق و بدون نفاق, سعيت لتحقيق هدفي و ناضلت لوصوله و رغم أنني فشلت في النهاية الا انني لست نادما على الإطلاق لأنني بذلت جهدي لأنال ما استحق .


عانيت كثيرا في حياتي السابقةو لكن تلك المعاناة كانت السبب في ما أنا عليه الآن, لذا أنا لم أحتقرها قط على الإطلاق و لو سألتني فيما اذا كنت أرغب في تكرارها من جديد فسأجيبك ب"نعم بالتأكيد أرغب فرصة أخرى " و لكن أنا أعلم مسبقا أن هذا مستحيل لأن فرصة كهذه تأتي مرة واحدة في العمر و أنا قد سبق و أن أهدرتها بالفعل.


يدعى هذا المكان بالأرض الساقطة ,نعم انها كما يوحي اسمها تماما ,أرض ساقطة عفى عنها الزمن , أرض ساقطة ملئها النفاق و الغدر و الخيانة و البشاعة , هنا يسود قانون واحد وهو "البقاء للأكثر دهاءا و شرا و قوة " ,هنا القوة ليست هي كل شيئ بل العقل و الذكاء هما من يصنعان الفوارق ,لو خفضت حذرك هنا لمجرد ثانية واحدة فحسب فسيكون الأمر كفيلا بقتلك مئات ,لا بل آلاف المرات, أما عن كيف نجوت حتى الآن فتلك قصة أخرى قد أسردها لاحقا , أما الآن فكل اهتمامي صب على هذا المربع الأسود أمامي ,قد يظن البعض أن هذا مفترق الطرق الذي يحوز فيه البطل على أداة سحرية تغير مصيره و تجعله لا يقهر تحت السماوات ,و لكن لأكون صريحا أرى أن الأمر طفولي جدا ,لطالما تسائلت ما المميز في قصة شخص تقليدي اكتشف قواه الكامنة و أنقذ العالم بتدمير شيئ سحري ما للقضاء على الشرير الرئيس ,ثم النهاية السعيدة .



أنا الآن على ما أعتقد في المكان الملقب بهاوية الجحيم و هذا المربع الأسود أمامي يدعى بمقصلة العالم السافل ,هنا فقدت أمي للمرة الثانية تواليا .ماتت أمي أمام عيناي مرة أخرى و على يدي نفس الشخص كل ما في الأمر أن هذا حدث في عالم مختلف عن السابق, و هنا بالضبط أقسمت على أنني ساقتل ذلك الوغد ريكس مهما كلفني الأمر,شخص مثله لا يستحق أن أدعوه بوالدي ,




سلكت طريق الغدر و السفالة بهدف الوصول اليه ,استخدمت أشنع الوسائل و أبشع الطرق لشق طريقي اليه , قد يظن البعض أنني أبالغ و لكن هذه هي الحقيقة ,أنا ماتهاتن كاسبر غيرت الاسم الذي ورثته من ذلك السافل اللعين , اشتهرت بلقب الجزار ذو الوجوه العديدة" ,حزت على هذا اللقب بعد المجزرة التي قمت بها إزاء كل من حلفائي و أاعدائي و التي انتشرت حينها كانتشار النار في الهشيم ,مبدأي هو "الغاية تبرر الوسيلة" ووفقا لهذا المبدأ قتلت آلاف و مئات الأبرياء و لكن ها أنا ذا الآن على مشارف نهايتي ,لحظات قليلة و سأصبح من طيات النسيان

تبا لكم جميعا ,لو صدف و أن حصلت على فرصة جديدة فسأفني هذا العالم القذر عن بكرة أبيه.

"أيها الشاب لقد نلت إعجابي حقا ,هل تود فرصة أخرى؟"



كانت هذه هي آخر الكلمات التي سمعتها قبل أن تنتهي حياتي اللعينة هاته ,لقد كان هذا حقا أكثر الأصوات شرا من بين كل ما سمعته طيلة حياتي ,شعرت بخوف لم أشعر به قط حتى وأنا مقبل على موتي.









--------------------------------------------------------

تأليف : Bee


2018/06/21 · 488 مشاهدة · 1073 كلمة
Bee
نادي الروايات - 2024