---

هل تعرف معنى أن تكون فاشلًا في عالم لا يعترف إلا بالموهبة؟ أن تعيش بين أناس يعتبرون أنفسهم قمم التفوق، لا لأنهم مميزون حقًا، بل لأن وجودك بجانبهم يجعلهم يبدون كذلك.

في هذا العالم، حسنًا، مجرد كونك مستيقظًا يعني أنك أحد نخبة أفراد العالم الذين يحظون بالاحترام والتقدير أينما كانوا.

بالطبع، ليس الجميع كذلك، فهناك استثناءات، وأنا أحد هذه الاستثناءات.

فأنا معروف بأنني عار على المستيقظين.

حيث عندما خضعت لعملية الاستيقاظ، كنت أتصور أنني سوف أرتفع وأحظى بحياة أفضل، حتى لو لم أكن مصنفًا من رتبة B أو أعلى، كنت سأرضى بأي شيء.

لكن القدر سخر مني ورفع إصبعه الأوسط في وجهي.

امتلكت نقطة مانا واحدة فقط.

هذا لم يكن مقنعًا. كيف يمكن لي، الذي استيقظ، أن يمتلك نفس كمية المانا التي يمتلكها البشر العاديون؟

بل حتى هناك بشر عاديون يمتلكون كمية أكبر مني! بسبب ذلك، لم أستطع الانضمام إلى أي فريق تطهير زنزانات أو نقابة من أجل رفع مستواي. سمعت كل أنواع الإهانة والسخرية، ورأيت كل أنواع الابتسامات المزدرية ممن كانوا حولي.

رأيت الوجوه الحقيقية لجميع من اعتبرتهم أصدقاءً أو عائلةً أو أحبةً.

حينها أدركت شيئًا: البشر أسوأ من الوحوش أنفسهم.

البشر يتنكرون في هيئة لطيفة، لكن عندما لا تمتلك قيمة، يظهرون وجوههم الحقيقية... وحوش.

---

في غرفة مظلمة ذات إضاءة خفيفة كان مصدرها شاشة تلفاز صغيرة، ينبعث منها وميض باهت متقطع، يرقص فوق الجدران المتهالكة، ويضخم شعور الكآبة المنتشر في الأرجاء.

كانت الغرفة تشبه إلى حدٍّ ما مكب نفايات، انتشرت فيها علب مشروبات غازية، علب كحول فارغة، أكياس طعام سريع التحضير مبعثرة، وملابس متسخة كأنها لم تُغسل منذ شهور، تتراكم في الزوايا مثل جثث منسية.

رائحة الغرفة خانقة، مزيج من الهواء العفن، الكحول الرخيص، ودخان السجائر المتصاعد كسحب رمادية ثقيلة تتماوج ببطء في فضاء الغرفة الضيق.

لون الجدران كان باهتًا، شاحبًا، وقد التصقت بها بقع صفراء وبنية من الرطوبة والدخان، مما جعل المكان يبدو وكأنه منسي منذ زمن بعيد.

على الأريكة المهترئة أمام التلفاز، جلس شاب يبلغ من العمر 25 عامًا.

شعره الأسود الطويل كان أشعثًا ومبعثرًا، يتساقط فوق عينيه الغارقتين بالسواد.

بشرته الشاحبة، بلونها الرمادي الباهت، كانت تشبه جثة موضوعة في غرف حفظ الموتى حيث لم يتعرض الي اشعة شمس منذ زمن.

بطنه المنتفخ كان يبرز تحت قميص متهالك ملطخ ببقع مشروبات قديمة.

أصابع يده اليمنى القابضة على سيجارة مرتجفة قليلًا، كأنها تصرخ من فرط الضعف، وفي يده الأخرى علبة كحول شبه فارغة.

كانت عيناه تحدقان في شاشة التلفاز بعينين خاليتين من أي شرارة حياة، أشبه بدمية فقدت الروح.

كان التلفاز يعرض نشرة أخبار:

{اليوم قام فريق من نقابة النمر الأبيض بإنهاء زنزانة من رتبة A}

{اليوم ظهرت زنزانات في أنحاء البلاد، كما أن الأمر كذلك في أنحاء العالم}

{هل سوف نشهد كارثة أخرى من جديد؟}

{تقوم الآن جمعية المستيقظين بعقد اجتماع من أجل تحليل الأمر}

{آخر أخبار جين كيم: تم ترقيته إلى مستوى A، ويُعتبر أصغر مستيقظ في الدولة. هل يمكن أن نشهد ولادة أصغر مستيقظ من مستوى S على مستوى الدولة والعالم؟}

ظلت نظرة ريو خاوية، لكنه عندما ظهر الخبر الأخير، ارتجف جفنه، وشد قبضته على السيجارة بقوة حتى تساقط بعض الرماد على بنطاله.

الغضب الغائر في عينيه كان واضحًا كوميض نار مشتعلة تحت طبقة من الجليد.

العجز، الغيرة، والحقد، كلهم اجتمعوا في نظرة واحدة. ازداد الأمر سوءًا حين ظهرت على الشاشة صورة جين كيم، شاب وسيم ذو هالة باهرة، وبجانبه فتاة ذات جمال يفوق الوصف، كانت تبتسم له بثقة وكأنها لا ترى أحدًا سواه.

لكن كان هناك شيء غريب... إن وضعت الشاب الجالس في الغرفة والشاب على شاشة التلفاز جنبًا إلى جنب، ستلحظ تشابهًا غريبًا بينهما، كأنهما نسختان من بعضهما البعض.

نفس ملامح الوجه، نفس لون العينين، نفس الانحناءة البسيطة في طرف الفم عند التحدث.

فجأة، قطع رنين هاتف محمول الصمت الثقيل في الغرفة.

حرك ريو نظره ببطء، كأن جسده يرفض الطاعة، نحو مصدر الصوت، ليرى إشعار بريد جديد.

المرسل؟ جين كيم.

نفس اسم الشاب الذي يلمع على شاشة التلفاز.

قد يبدو الأمر كتشابه أسماء للوهلة الأولى، لكن لا. إنه هو. السبب بسيط: لأنهما توأمان. ريو كيم وجين كيم. ريو هو الأكبر بثوانٍ معدودة عن جين.

أما لماذا أصبحا مختلفين بهذا الشكل؟ كانا في البداية متساويين.

لكن عند الاستيقاظ... كل شيء تبدل. أحدهما حصل على 20 نقطة مانا، والآخر بالكاد امتلك نقطة مانا واحدة.

ومن هنا، بدأ الانفصال أحدهما ارتقى إلى السماء، والآخر غرق في الوحل.

أحدهما رفعه الجميع فوق أكتافهم، والآخر دهسته أقدامهم دون رحمة.

حدق ريو في الرسالة، كانت الكلمات القليلة أمامه كصفعة على وجهه:

[تم إرسال المال، آه، أيضًا، من الأفضل أن لا تحضر حفل عيد الميلاد.]

ضغط على هاتفه بقوة، حتى تصدعت الشاشة قليلًا. كانت قبضته ترتجف من شدة الغضب والإهانة.

فهو لم يختر هذه الحياة القذرة، لم يختر أن يعيش في هذه العزلة والظلام.

ولكن هذا الوغد الذي تظاهر يومًا بأنه أخوه، عائلته، أجبره على العيش كالكلب المسعور بعيدًا عن الأنظار، حتى لا يجلب العار على سمعته اللامعة.

تنهد ريو بصوت مبحوح، أشبه بأنين رجل ميت يحاول أن يتنفس. قال بصوت أجش، مملوء بالمرارة:

"كأنني أريد أن أحضر إلى مكان تتجمع فيه ذئاب بيضاء ذات عيون زرقاء."

كان من وضح غضب في عيونها.

"لو أنني لم أمتلك نقطة مانا واحدة، لو أنني دخلت إلى زنزانة ورفعت مستواي، لو أنك تكلمت وأخبرت الجميع أنك تريد أخاك معك ليرفع مستواه، لكن أنت... أنت!"

قام برمى الهاتف من غضب، وغرس أظافره في كف يده حتى اخترقها وتساقطت الدماء.

كان يضغط على أسنانه وأوردته ظاهرة وعيناه تبدوان وكأنهما ستنفجران.

"لو أحصل على فرصة واحدة... فرصة لا أكثر... سوف أثبت للجميع ما أستطيع فعله!"

أخذ نفسًا عميقًا وهدأ.

"من سوف يعطيني فرصة وأنا عارٌ على المستيقظين في هذا العالم؟"

أسند رأسه على الحافة وحدق في السقف القديم.

مستيقظون... لطالما أردت أن أكون واحدًا منهم.

ينظر إليك الجميع كأنك بطل منذ أن كنت طفلًا، لكن ماذا أستطيع أن أفعل وأنا لا أستطيع أن أعمل حتى كحامل في فريق مستيقظين؟

---

بدأ الأمر قبل خمسين سنة، حيث في عام 2050 ظهرت أول بوابة في العالم.

بدأ عداد البوابات في الانتشار في العالم، حاول الجميع معرفة ماهية هذه البوابات، واجتمع أكبر العلماء والباحثين، لكن لم يُكشف عن طبيعتها حتى ظهر الصدع وظهرت الوحوش، وبدأت المجزرة.

كانت الأسلحة الحرارية تعمل في البداية، لكن مع استمرار ظهور الوحوش أصبحت أقوى وأخطر.

لم يكن أمام البشرية شيء يمكن فعله. وبينما كان العالم يسير نحو الخراب، ظهرت أولى مجموعات المستيقظين في العالم، وبدأوا في الدفاع ضد الوحوش.

وهكذا بدأت البشرية في استرجاع مكانتها وشن الهجوم ودخول الزنزانات، واكتشفوا أنه من خلال قتال هذه الوحوش يمكنك الارتقاء بمستواك واكتساب القوة، ويمكنك الحصول على مهارات وأسلحة من الزنزانات.

طوال خمسين عامًا مازالت البشرية تقتال وتطور نفسها. ومن أجل زيادة نسبة الإيقاظ، ابتكر واحد من المصنفين من رتبة SS جهاز إيقاظ، وكانت النتائج إيجابية.

في الحقيقة هذا أمر طبيعي، ففي النهاية المصنفون من رتبة SS يُطلق عليهم أنصاف الأسياد، حيث يوجد 12 مستيقظًا من رتبة SS، أما رتبة SSS فلم توجد بعد، ويمكن القول أن هذه رتبة أسطورية لا وجود لها، وأطلق عليها اسم الأسياد.

---

بينما كان ريو ينظر إلى السقف، كان في الخارج ضوء يتجه نحو منزله. فجأة اخترق الضوء الجدران واتجه نحو ريو الذي رفع رأسه بالكاد، حيث دخل الضوء جسده.

لكن على عكس المتوقع، لم يكن هناك صوت ألم أو شيء من هذا القبيل... لا شيء. كان الأمر كأنه وهم.

"هل كنت أتخيل؟" تمتم ريو.

فجأة ظهرت شاشة أمام عينيه...

---

2025/04/29 · 54 مشاهدة · 1162 كلمة
General_13
نادي الروايات - 2025