---
عندما ظهرت شاشة أمام ريو من العدم، تجمّد في مكانه من شدة الصدمة. حدّقت عيناه في الضوء الأزرق البارد المنبعث منها، بينما سقطت السيجارة من بين أصابعه، ولحقت بها علبة الكحول شبه الفارغة، لتصطدم بالأرض وتدور قليلاً قبل أن تستقر بصوت مكتوم.
"ما هذا؟" تمتم بصوت مبحوح وهو يخطو خطوة للأمام. لم يكن هناك ما يبرر وجودها... شاشة، تطفو في الهواء وسط غرفته التي بالكاد كانت تتسع للفوضى التي تعمّها.
مدّ ريو يده المرتجفة بتردد نحو الشاشة، وعندما عبرت من خلالها كما لو أنها دخان، تجمد الدم في عروقه.
ثم... بدأت الشاشة تتموّج.
في لحظة، تحولت إلى دوامة صغيرة. كل شيء فيها كان غير طبيعي. الرياح التي انبعثت منها لم تكن مجرد تيارات هواء، بل كأنها قوة تحاول ابتلاع كل شيء.
الأوراق تطايرت، الستائر تمزقت، والأثاث المهترئ انقلب فوق بعضه. شعر ريو بأن قلبه يكاد يخرج من صدره، وارتد إلى الخلف، عيناه تتسعان في ذعر، وكأن غريزته تصرخ: "اهرب!"
بوام!
دوّى الانفجار فجأة، كما لو أن العالم قد انشق من قلب الغرفة. سقط ريو أرضًا وذراعاه تغطيان رأسه بلا وعي.
كان هناك ضوء ذهبي ساحق... أقوى من أن تُحتمل رؤيته، فغمض عينيه بشدة، والأسى يضغط على صدره. لم يكن يعرف إن كان ما يراه حلمًا أم كابوسًا.
مرت دقائق... أو ربما ثوانٍ طويلة.
وعندما فتح عينيه أخيرًا، كان كل شيء قد تغيّر.
غرفته، التي لطالما بدت كمكب نفايات لشخص بائس، أصبحت الآن كأنها خرجت من ساحة معركة. الجدران متشققة، الأرضية مغطاة بالأنقاض، والهدوء الغريب الذي خيّم على المكان كان مرعبًا بحد ذاته.
وفي منتصف الفوضى... كانت تطير فتاة صغيرة بحجم كف اليد.
ترتدي رداءً قصيرًا، وعقدًا يلمع حول رقبتها، وتضع تاجًا صغيرًا على رأسها. شعرها الذهبي القصير كان يتوهّج بهدوء، وكل جزء منها يشعّ بضوء ذهبي ناعم يلامس ما حولها كلمسة ملاك.
تجمّد ريو في مكانه، أنفاسه تتلاحق، وعقله يرفض تصديق ما يراه.
هل جننت؟ هل هذا تأثير الكحول؟ أم أنني... مت؟
لكن قبل أن ينهار في تساؤلاته، سمع صوتًا ناعمًا يتردد مباشرة داخل رأسه:
[مرحبًا أيها المضيف، ومبروك لك، لقد حصلت على نعمة "الكون الحقيقي".]
[أنا مرشدتك الصغيرة والمحبوبة... إيفا.]
[تم تعييني من قِبل الكون الحقيقي من أجل مساعدتك وشرح ما لا تفهمه.]
شعر ريو بالجنون من كثرة الكحول. أراد التأكد أنه لا يهلوس، فقرص فخذه بقوة.
"آه!" تألم بشدة. هذا ليس حلمًا، ولا هلوسة. هو مستيقظ... وحاضر بكل حواسه.
ابتلع ريقه بصعوبة، ثم قال بصوت مرتعش: "من... أنتِ؟"
خرج صوته يحمل مزيجًا من الصدمة والرعب، إذ تخيّل لوهلة أن هذا الكائن أمامه قد يكون وحشًا.
عاد الصوت الناعم يهمس في ذهنه:
[أيها المضيف، من ذا الذي يجرؤ على وصف شخص مثلي بالوحش؟]
اتسعت عينا ريو. هل... هل تقرأ أفكاري؟!
[نعم، أستطيع قراءة أفكارك، لأنني مرتبطة بك، أيها المضيف. ومن غير اللائق أن تنعتني بالوحش.]
"آسف..." تمتم بخجل وارتباك.
[من الجيد أنك تعترف بخطئك.]
"من... أنتِ؟"
[أنا إيفا، مرشدتك الصغيرة والمحبوبة.]
اقتربت إيفا من ريو، وظلّت تطير أمامه بخفة، تحيط بها هالة ذهبية هادئة تنثر شرارات ساحرة كلما رفرفت بجناحيها الشفافين.
"من أين ظهرتِ؟ وما عملك معي؟"
[أنا مرشدتك، ومديرة "روليت الحظ" على مستوى SSS.]
لم يفهم ريو شيئًا من كلامها.
[حسنًا، دعني أشرح لك. لقد اختارك "الكون الحقيقي" لتحصل على نعمته. وتتمثل هذه النعمة في "روليت الحظ".]
"لكن... لماذا أنا؟" لم يكن ريو شخصًا مميزًا، بل هو الأضعف بين المستيقظين في هذا العالم.
[هذا لأنك مميز.]
"أنا؟!" أشار إلى نفسه بذهول.
[نعم، أنت. والسبب هو أنك أضعف شخص في هذا العالم.]
سقط ريو على الأرض، كأن أملًا صغيرًا في قلبه ان يكون مميز لكنها قد انكسر. كان يودّ أن يكون مميزًا، ولو قليلًا...
[قد تعتقد أن ذلك أمر سيئ، لكن الحقيقة أنك الوحيد القادر على تحمّل القوة التي ستمنحها لك "روليت الحظ".]
شعر ريو بقليل من السعادة... لكنه سرعان ما فكر في شيء:
ماذا لو كانت الأشياء التي سأحصل عليها قمامة؟
[أنت مخطئ. كل ما ستحصل عليه عناصر أسطورية لا يحلم بها أحد.]
"ومن هو الكون الحقيقي؟ وماذا سأحصل عليه؟"
[سؤال جيد. بالنسبة لـ"الكون الحقيقي"، فأنت لا تمتلك بعدُ السلطة لتعرف كل شيء عنه.]
[أما العناصر... فيمكن تقسيم "روليت الحظ" إلى قسمين: القسم الأول معلومات، قد تكون أحيانًا عديمة الفائدة وأحيانًا تمنح أشياء مميزة كمعلومات خاصة. أما القسم الثاني، فهو روليت على مستوى SSS، والذي يمنحك بطاقات لشخصيات قوية، وتصبح قدراتهم ملكك. لكن كل شيء يعتمد على حظك.]
شعر ريو بصدمة كبيرة. عالمه انقلب بالكامل. "هل يمكنني الحصول على قوة من مستوى SSS؟ هذا... رائع!" لم يكن تركيز ريو على القسم الأول، بل كان عقله عالقًا عند روليت الشخصيات القوية.
[نعم، لكن كما قلت، كل شيء يعتمد على حظك. لكن يمكنك التأكد أن كل الشخصيات على مستوى SSS، رغم أن مستويات القوة قد تختلف.]
"لم أفهم."
[دعني أشرح. يمكنك الحصول على شخصية تتميز بالقوة، كما يمكنك الحصول على شخصية تتميز بالعلم.]
أومأ ريو برأسه مشيرًا إلى أنه بدأ يفهم.
"تقصدين يمكنني الحصول على شخصية بارعة في القتال بالسيف، كما يمكنني الحصول على شخصية بارعة في الطب، أليس كذلك؟"
[نعم، هذا ما أقصده. لكن لا تقلق، كلهم يتميزون في مجالاتهم.]
[الآن، هل ترغب في تجربة السحب؟ السحب الأول مجاني. بعده ستحتاج إلى المال مقابل كل محاولة.]
دون تفكير، قرر ريو المخاطرة. لم يكن يملك شيئًا ليخسره. وإن كان ما قالته صحيحًا، فقد تكون هذه فرصته الوحيدة للارتقاء.
"أسحب من روليت الحظ على مستوى SSS."
فجأة، ظهرت عجلة ضخمة أمامه، تدور وتلمع بألوان براقة، ومكتوب عليها أسماء متعددة:
زيوس، أودين، ثور، أوفيس، وغيرهم... شعر ريو بصدمة عارمة. هل... هل هذه الشخصيات الأسطورية في حضارة قديمة التي كان جميع يعتبرونهم الاسياد .
هل سوف يحصل علي قوتهم ؟! هل سأصبح سيدًا مثلهم؟.
لكن شعر ان هذا منطقي في نهاية إيفا عرفت انه مديرة رواليت حظ علي مستوي SSS .
يجب ان تعرف في هذا العالم لا يوجد مستيقظ من رتبة SSS التي تلقب ايضا بي الاسياد.
لكن قبل أن يستوعب أكثر، كانت إيفا قد حرّكت العجلة، وبدأت تدور بسرعة كبيرة. لم يعرف كم استغرق الأمر، لكن السرعة بدأت تتباطأ تدريجيًا... حتى توقفت عند اسم واحد:
[مبروك! في أول سحب لك، حصلت على بطاقة "هرقل"، بطل أوليمبوس!]
كان ريو مصدوم حيث كان قد حصل علي هرقل في بداية شخص صعد الي قمة بعد ان سقط منه و خاض عديد من تجارب و مغامرة و يمتلك قوة كبيرة .
فجأة، ظهر شعاع ذهبي ساطع، فرفع ريو يده ليحجب الضوء عن عينيه بسرعة. وعندما أبعدها، رأى بطاقة ذهبية، مرسوم عليها رجل ضخم مفتول العضلات، صدره مكشوف، يرتدي سروالًا بسيطًا وقفازات جلدية، وعلى رأسه خوذة مصنوعة من جمجمة أسد، وشعره الأحمر يشتعل كأنه لهب.
قبل أن ينطق بكلمة، تحولت البطاقة إلى خيوط ذهبية اخترقت جسده.
في تلك اللحظة، شعر ريو بطاقة تجري في عروقه. في البداية كان الأمر مريحًا... ثم تحول إلى حرارة حارقة، ترتفع مع كل ثانية حتى بدت وكأنها تقف به قرب سطح الشمس. شعر بعظامه تتحطم وتُعاد تشكيلها، وجسده يُعاد صقله من جديد.
لم يحتمل الألم، ففتح فمه وزأر بقوة، كأن بركانًا انفجر داخله، وانبعثت منه طاقة هائلة سحقت بقايا الأثاث ونسفت الفوضى من حوله.
ولولا أن إيفا فعّلت حاجزًا لحماية المنزل، لانفجر كل شيء.
مرّ الوقت ببطء. ربع ساعة مضت قبل أن يبدأ الألم في التلاشي تدريجيًا.
عندما اختفى الألم، كان ريو لا يزال مستلقيًا على الأرض، يلهث بصعوبة. ورغم كل ما مرّ به، لم يُغمَ عليه. فبالنسبة له... ألم القوة لا يُقارن بألم الخيانة، الخذلان، والازدراء.
وبعد دقائق من الصمت، وقف ريو بصعوبة، جسده كله يرتجف، لكن عينيه... كانتا تشعّان بشيء جديد.
فجأة، تكلّم ريو بصوتٍ حماسي: "هذا حقيقي... أشعر بقوة تجري في كل عروقي... أشعر أنني قادر على تدمير جبل بلكمة واحدة! أين...؟"
بالطبع، هذا مجرد خيال، لكنه في الواقع يستطيع تدمير منزل بسهولة.
تحرّك ريو بخطى سريعة نحو زاوية مظلمة في المنزل، حيث تنتشر الفوضى وتتناثر الأشياء هنا وهناك.
بدا وكأنه يبحث عن شيء وسط كومة من القمامة. كانت إيفا تتبعه بهدوء، تنظر إليه باستغراب دون أن تنطق.
"أين... أين تلك الساعة اللعينة؟!" كان ريو يرمي الملابس المتسخة وعلب الطعام الفارغة جانبًا، يبحث بعينين مشتعلتين بالتركيز عن ساعة محددة.
هذه ليست ساعة عادية، بل هي ساعة خاصة بالمُستيقظين، يمكنها إظهار حالة المستخدم، ليفهم إلى أي مستوى قد وصل.
[أيها المضيف، عمّ تبحث؟]
دون أن ينظر، أجاب ريو بنبرة ضيقة الصدر: "أبحث عن ساعة المستيقظين... أريد أن أرى حالتي."
[أعتقد أن المضيف لا يحتاج إليها، يمكنه عرض حالته عبر شاشة الحالة الخاصة بالنظام.]
توقف ريو فجأة عن الحفر في الفوضى، رفع رأسه ببطء ونظر إلى إيفا بعينين متسعتين قليلاً: "حقًا؟"
أومأت إيفا بابتسامة صغيرة وهادئة.
"إذن... أظهر حالتي."
وفجأة، ظهرت أمامه شاشة شفافة معلقة في الهواء، ينبعث منها ضوء أزرق خافت، تعرض حالته:
[الاسم: ريو كيم
العنوان: لا يوجد
المستوى: 0
القوة: 25
المانا: 21
الصفة: قوة خارقة - مستوى SSS (من هرقل - التقدّم: 0.01%)
الامكانيات:غير محدود
المهارات: عين حقيقية]
اتسعت عينا ريو بدهشة، وهو يحدّق في الأرقام التي لم يرها منذ خمس سنوات... منذ لحظة استيقاظه الأولى.
"القوة... كانت 5، والآن أصبحت 25!" نبضات قلبه تسارعت وهو يقرأ البيانات مرارًا. القوة تمثل القدرة الجسدية: السرعة، التحمّل، المرونة، والقوة الخام.
أما المانا، التي كانت نقطة واحدة فقط... وأكبر نقطة ضعفه بل عاره في الماضي، فقد ارتفعت بشكل مذهل إلى 21 نقطة.
كما أنه حصل أخيرًا على صفة... "قوة خارقة" مستمدة من شخصية أسطورية: هرقل.
في هذا العالم، إضافةً إلى أهمية المانا، تعتبر الصفة عنصرًا حاسمًا في تحديد مصير أي شخص. عندما استيقظ ريو، لم يكن يملك صفة، وهذا زاد من يأسه.
لكن سؤالًا راوده، تجعّد حاجباه قليلاً وسأل: "إيفا... لماذا يوجد شريط تقدم على قوة هرقل؟ ولماذا لا توجد أي مهارة واحدة تخصّه؟"
[حسنًا، أيها المضيف، ذلك لأنك ما زلت ضعيفًا. جسدك حاليًا غير قادر على تحمّل قوى شخصٍ يُعدّ من القمم. تحتاج إلى التدريب ورفع مستواك حتى تتمكن من اكتساب مهارات هرقل.]
توقفت للحظة ثم تابعت:
[كما أنك تمتلك مهارة "العين الحقيقية"، والتي تسمح لك برؤية المعلومات المخفية.]
عندما سمع تفسير إيفا، هدأ قليلًا، وبدأ يفهم الأمور بشكل أوضح. نظر إلى الشاشة من جديد، هذه المرة بعين مليئة بالتصميم، مدركًا أن مهارة "العين الحقيقية" ستكون سلاحه الأساسي ضد الأعداء، واستكشاف و فهم اسرار الزنزانات حيث هناك كنوز مخفية ، وحتى فهم الأسرار خلف الأسلحة المجهولة.