داخل غرفة فسيحة المساحة جمعت العديد من الكتب في رفوفها كأنها نوع من المكاتب العريقة, كانت والدة رين تجلس أمام مكتبها بملامح تكاد يغلب عليها الملل, تهتم ببعض معاملات الورقة التي تراكمت عليها في الأونة الأخيرة بينما أشعة الشمس التي تدخل من النافذة تضيف بريقا من جمالا لملامحها

*تنهد*

تنهدت بعدما إستندت بظهرها على كرسيها ثم أخذت تفرك حواجبها محاولتا إبعاد التعب عن عينيها, كان واضحا أنها لم تكن تستمتع بالعمل المكتبي على الإطلاق, مهما كانت عدد المرات التي تقوم به هي فقط لاتستطيع الإعتياد عليه

"لربما سيكون من الأفضل توظيف شخص ما للقيام بهذا بدلا عني مستقبلا"

تمتمت بنبرة مشتكية مع نفسها ثم أخذت تحدق من النافذة التي بجانبها محاولتا إسترجاع القليل من الطاقة لإنهاء ما تبقى من الأوراق أمامها

"همم؟"

بينما تحدق سهوا لمحت ظلا في الأسفل يركض وكأن العالم ينهار من خلفه

"رين؟ ما الذي يفعله؟"

برؤيتها لإبنها قفزت من مقعدها وإقتربت من النافذة للحصول على مشهد أقرب

بالفعل لقد كان رين يركض وكأنه يضع حياته على المحك لأجل ذالك لسبب مجهول

مستغربتا حول سلوكه, أخذت تنظر في الإتجاه الأخر إذا ما كان هناك ما يطارده, لكن لاشيء لم يكن هناك أحد, مما أثار فضول والدته بشكل أكبر

"ما الذي يحدث معه بالظبط في الاسفل؟"

كانت إلى حد ما قلقة عليه أيضا, فمنذ إستيقاظه, كان هذا سلوكا جديدا عليها

لم تعلم ما يجدر بها فعله غير أن تنظر لظل إبنها وهو يبتعد عن أنظارها

"ريـ..."

قبل أن تنادي عليه فجأتا

*صوت فتح الباب*

دخلت إمرأة ترتدي زي الخادمة في أواخر الثلاثينيات إلا أن جمالها يستطيع بسهولها أن ينافس الفتيات في بداية شبابهن, بشعر بني ملتف حول رأسها بشكل جميل, ملامحها كانت هادئتا بشكل يدل على إحترافيتها بينما تحمل في يدها كومتا من الأوراق, كان واضحا أنها أحضرت كومتا من الأعمال الإضافية لسيدتها

"أولينا لقد أتيت في الوقت المناسب"

"هممم؟ هل أن أنهيت الأوراق الأخرى بالفعل سيدتي؟"

بدت متفاجأت أثناء سؤالها وكأنها كانت تسأل عن أمرا يستحيل حدوثه

"لا ليس هذا, أردت أن أسألك عن شيء ما"

"بالطبع, ماذا هناك؟"

"إنه يخص إبني, منذ لحظات رأيته يركض مثل المجنون في الباحة الخلفية, أتملكين أي فكرة عن السبب؟"

"أووه, همم؟ مهلا لحظة؟ سيدتي أتحاولين القول أنه الا يزال يركض حنى الأن؟"

"ما الذي يفترض أن يعنيه هذا"

متعجبا مما قالته طالبت بتفسير

"حسنا...في الحقيقة سيدتي... لقد أبغتني الخادمة أنه خرج للركض كتمرين صباحي...لكن الأمر هو أنها أبلغتني بهذا قبل 4 ساعات"

"أتحاولين القول أنه..."

قبل أن تكمل كلامها لفت إنتباهها شخص يركض خارجا...لقد كان إبنها مجددا وقد أكمل دورتا أخرى حيث لاتعلم عدد لفات الذي وصل إليها الأن

بعدما أخذت نظرتا مقربتا إليه هذه المرة لاحظت أنه كان مبللا تماما من رأسه حتى قدميه بعرقه بينما ملامحه تبدو منهكتا وكأنه سيسقط في أي لحظة

"لما...لما يفعل هذا بنفسه؟"

"لربما أتجاوز حدودي بقولي لهذا لكن...ربما بسبب يأسه؟ لابد أن إكتشاف أنه لايستطيع تعلم السحر كان أمرا صادما بالنسبة له, لهذا الأن هو يحاول تدريب جسده بدلامن ذلك؟ لكن حتى هذا لن يكون ذو فائدة كبيرة بما أنه لايمتلك حتى الموهبة في روح السيف و..."

قبل أن تنهي كلامها قاطعتها

" ... "أولينا

"نعم سيدتي"

"لقد كنت محقة, أنت تتجاوزين حدودك"

قالتها بنبرة باردة

"أرجو المعذرة سيدتي..."

لم تكن نبرتها مفاجئة للخادمة لكن لم تستطع إخفاء هلعها عند إعتذارها, كانت تعرف تماما أي نوع من الأشخاص هي هذه المرأة أمامها

"يمكنك الأنصراف"

"حاضر سيدتي"

بعد مغادرة الخادمة ظلت السيدة تحدق نحو النافذة بملامح فارغة تخفي حزنا عميقا بينما تتذكر كلمات الخادمة منذ قليل

لم يكن ما قالته الخادمة أمرا خاطئا لكنها لاتستطيع إلا أن تشعر بالغضب عندما يتكلم شخصا ما بدنيوية تجاه إبنها

"في نهاية الأمر, لا أزال عاجزتا عن تغير أي شيء لك"

.....................

وبالذهاب لرين تجده يضع كل قوته في الركض إلا أن ملامحه لم تكن تستمتع بذالك بالأحرى كان غاضبا لسبب ما

[اللعنة اللعنة اللعنة اللعنة اللعنة اللعنة]

[هذا الجسد الملعون]

[لماذا؟....لماذا بحق الجحيم لاأستطيع فتح البوابة الأولى]

كان يصرخ داخل نفسه بهذه الكلمات

ربما بسبب قلت إنتباهه أو قلت حظه تعثرث قدمه وسقط على الأرض

بعد سقوطه لم يسارع للنهوض بل أخذ هذه الفرصة لتهدئة أفكاره

في العالم السابق كل ما تطلبه الأمر هو الركض حتى تخور قواك وبعدها يأتي ذالك الإحساس كتدفق الأندرينالين.. كل ما عليه فعله عندها هو قيادة ذالك التدفق نحو البوابة لفتحها...لكن هذا الجسد...هذا الجسد الملعون لايهم العدد المرات التي يحاول فيها القيام بذالك الأمر كان وكأنه يحاول كسر الإسمنت بذراعيه

الأمر بدا وكأن البوابة مختلفة عما كانت عليه في عالمه السابق

[همم؟ مختلفة؟]

فجأتا ظهر وميض في عينيه

[أجل بالطبع البوابات مختلفة, حسب ما ذكر الكتاب كان هنا ثلاث أنواع من الأجساد]

الجسد الفاني: أو بعبارة أخرى الجسد العادي الذي يملكه الجميع

الجسد الخالد السماوي: هو جسد غريب وكأنه خلق لتقنية البوابات 13 إذا بدأها فسيستطيع فتح البوابات بسهولة أو على الأقل بنصف جهد صاحب الجسد الفاني

الجسد الدامي الشيطاني: هو عكس الجسد السابق بل هو جسد مجنون تماما, فتح بوابة واحدة كتحريك الجبال

وبالطبع دون الحاجة للتعمق أكثر كان واضحا بالنسبة لرين أي جسد يملك الأن

"الجسد الدامي الشيطاني"

فقط إدراكه لهذا جعله يجعر بالدوار حقا

لربما لم تكن السموات رحيمة بالدرجة التي كنت أظنها

بالطبع لم تكن الطريق مسدودة بالنسبة لرين فبعد كل شيء قبل أن يدمر الكتاب قام بحفظه بأكمله, حتى الجزء المتعلق بتدريب الجسد الدامي الشيطاني, لكن فقط التفكير في تلك الطريقة جعله يتنهد, لقد كانت طريقة مجنونة مناسبة لإسمها

[لربما من الأفضل أن أخذ إستراحة, فبعد كل شيء لاأزال لا أعلم الكثير عن هذا العالم]

قالها في نفسه وكأنه يحاول إيجاد أعذار تبعده عن تفكير عن ما ينتظره

"سيدي الصغير هل إنتهيت؟ إذا لم تكن كذالك فمن فضلك أسرع وإنتهي لأنني لا أستطيع تحمل إزعاج رئيسة الخدم بإيقافك أكثر"

قالها صوت بجانبه بنبرة مشتكية بينما كان غارقا في تفكيره, وبالطبع كان واضحا أن صاحب الصوت هو الخادمة أرييل

"أجل لقد إنتهيت, شكرا على قلقك على سلامتي"

رد عليها بنبرة ساخرة بينا يحاول النهوض

"سلامتك ليست ضمن أولوياتي داخل هذا المنزل, فبعد كل شيء أنا خادمة ولست مربيتك"

"..."

لم يجد ما يقوله, قبل أن يلتفت ويتوجه للحمام بهدف الإستحمام لاحظ أن الخادمة ترتدي ملابس أنيقة غلى غير العادة

"ذاهبة لمكان ما؟"

قالها بينما يتفحص فستانها الأخضر

"أجل, لقد حصلت ثلاث ساعات إستراحة هذا اليوم سأذهب وأقضيهما في التبضع حول المدينة"

قالنها بنبرة متلهفة وسعيدة, يبدو أنها لاتحظى بكثير من العطل

"المدينة هاه..هممم.."

تمتم رين بهذه الكلمات بينما يفكر, هذا جعل أرييل تشعر بالقلق, أجل لقد كانت قلقة حول ثلاث ساعات خاصتها

"بالمناسبة أرييل..."

"لا"

قبل أن ينهي كلامه قاطعته بقوة

"هاه؟ لكنك لم تسمعي ما كنت سأقوله"

"أعلم تماما ما تفكر فيه, تظن أن هذه فرصتا مناسبة لإستخدامي لمرافقتك حول المدينة"

"أووه...جيد أنك تتفهمين الأمر"

"أتفهم مؤخرتك *****"

"إذن سأستحم وأستأذن والدتي, يمكنك إنتظاري لن أتأخر أكثر من 30 دقيقة"

تجاهل لعناتها بعدما قالها وأخذ يبتعد نحو المنزل

سماع كلماته جعلها ترغب في البكاء, بعدما قال أن سيستأذن من سيدة المنزل أصبح ملزما عليها مرافقته

"ثلاث ساعات خاصتي...."

تمتمت بهذه الكلمات بنبرة حزينة

.............................................................

بعد 30 دقيقة خرج كلاهما من المنزل

في بداية الأمر كانت والدته ممانعتا لخروجه بالطبع لكنه أقنعها بأنه لربما مواجهة العالم الخارجي ستكون تجربتا مفيدتا له

"ماذا تريد أن نفعل سيدي الصغير"

قالتها أرييل بنبرة باردة معها قليل من الغضب

"هل أنت غاضبة؟"

سأل بنبرة غبية بعدما إلتفت نحوها

"غاضبة؟؟ بالطبع لا سيدي الصغير"

"مرافقتك أهم بكثير من ثلاث ساعات التي بذلت جهدا كبيرا للحصول عليها سيدي الصغير"

"ليس الأمر وكأنني كنت أنتظر هاذا اليوم سيدي الصغير"

"أتمنى أن تكون سعيدا فقط سيدي الصغير"

لقد كانت غاضبة

ظلت تتذمر طوال الطريق مرارا وتكرارا مما جعل رين يسأم سريعا من مرافقتها

"ليس الأمر وكأنه عليك مرافقتي تستطيعين الذهاب والإستمتاع بثلاث ساعات خاصتك"

قالها بنبرة ساخرة

"أتحاول قتلي؟ لو علمت والدتك أنني تركتك بمفردك لربما لن يتم التعرف على جتتي حتى لو وجدوها"

"المعذرة؟"

تفاجأ بكلماتها

"أه لا أعني أنها ستعاتبني بقسوة"

أصلحت كلماتها بنبرة متوترة

"..."

قرر رين تجاهل الأمر فلربما يكون هذا أحد تذمراتها المبالغ فيها

"فقط دليني على أقرب مطعم أو مقهى وبعدها تستطيعين التجول كما تريدين سأنتظر ساعتين لأجلك مارأيك؟"

كان رين يريد فقط مكانا هادئا

"...."

أخذت نفكر معمقا في الأمر بالرغم من خوفها من سيدة المنزل إلا أنها لاتريد تخلي عن وقت إستراحتها

"ستنتطرني أليس كذالك؟"

"أجل"

"لن تغادر المقهى أو تقوم بعمل مجنون قبل عودتي أليس كذالك؟"

[ما الذي تقصده بعمل مجنون]

"أجل"

"لن تلاحق فتاة جذبت إنتباهك إلى الحمام أليس كذالك؟"

"أجـ...مهلا, ماذا؟؟ ما الذي يفترض أن يعنيه هذا؟ أهو شيء إعتدت القيام به؟"

لكنها كانت تركض بالفعل في الإتجاه الأخر متجاهلتا سؤاله

"ستجد مقهى على بعد بنايتين من هنا على اليمين, وتذكر لاتلاحق أي فتيات إلى أن أعود"

"..."

[لربما سمعتي أسوء مما أتوقع...]

قالها في نفسه بينما أصابه صداع خفيف فقط من محاولة تخيل الأمر

[لاتفكر في الأمر, فقط لاتفكر في الأمر]

قالها وكأنه يحاول مواسات نفسه ثم شق طريقه

الشوارع لم تكن مزدحمة ولم يكثرث أحد بأمره لقد مرت ثلاث سنوات بعد كل شيء هذا جعله يحظى بقليل من الإرتياح على سمعته

على بعد بناية واحدة وجد مقهى

"ألم تقل بنايتين؟ لربما أخطأت بسبب تسرعها"

قرر عدم التفكير في الأمر أكثر ودخل المقهى

...........................................................................

داخل المقهى كان الجو هادئا فقط الطاولات منتشرة هنا وهناك, لم يكن هناك اي زبون

لكنه لم يكن خاليا تماما, كان هناك شخص واحد فقط...فتاة في بداية العشرينات بشعر اخضر قصير وعينان سوداوتان تخفيان حزنا عميقا, ترتدي ملابس النادلة تبدو إلى حد ما رثة وقديمة

كانت تقوم بمسح الطاولات الواحدة تلو الأخرى لا تعلم كم مرتا قامت بمسحهم لكنها لم تتوقف كلما توقفت تندفع إليها ذكريات حزينة ذكريات تشق صدرها

"أبي..."

تمتمت بهذه الكلمة مما جعل رؤيتها تصبح ضبابيتا مجددا ومعها إنجرفت دمعت على خدها, لا تعلم كم مرتا حدث لها هذا هذا اليوم لكنه ليس بقدر الأيام السابقة على الأقل, أيام ظلت عيناها تمطر إلى أن جفت

"ليس مجددا, ليس الأن"

قالتها بينما تفرك عيناها مرارا وتكرارا

"ترررن"

كان هذا صوت جرس الباب بعد فتحه...مما يعني ان هناك زبون

"يمكنك الجلوس أينما تريد سأعود بعد قليل وأخد طلبك"

كانت من البداية تواجه المدخل بظهرها, لم تستطع الإلتفات نحو زبونها الأول لهذا اليوم بوجه حزين وتعيس كان هذا سيجلب الحظ السيء فقط

أخذت طريقها نحو المطبخ وضربت وجهها بالماء لتهدئة نفسها

"هذا مقهى والدي...لن أسمح بتدمير سمعته الأن بسبب حزني"

"فيوووووه"

هدأت نفسها بينما تنظر في المرآة وحاولت وضع إبتسامة واضحة قدر المستطاع وتوجهت نحو الزبون الذي إتخذ مقعدا قرب النافذة مكانا له

"ماذا أحضر لك سيدي؟"

قالتها بنبرة محترمة محاولتا إضافة قليل من البهجة إليها

الفتى كان منشغلا بالنظر نحو النافذة كل ما كانت تراه هو شعره الأسود

"أه أجل...كوب قهوة من فضلك"

قلها بينما يلتفت نحوها

"؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"

تجمدت

"هممم؟ أليست متوفرة هنا؟"

سأل رين بينما يحاول فهم تصرفها الغريب

"أجل...أعني...لا...أعني...نعم, نعم كوب قهوة بالطبع لحظة واحدة"

قالتها بينما تتراجع للخلف بنبرة متوتره ثم ركضت نحو المطبخ

"ما خطبها؟"

أصابته الحيرة لبعض الوقت لكنه سريعا ما فقد إهتمامه وعاد للنظر عبر زجاج النافذة, في نهاية الأمر لم يكن هذا من شأنه

داخل المطبخ كان الفتاة تمشي وتعود بخطوات سريعة بينما تتمتم مع نفسها

"إنه هو...إنه هو... تلك العينان العمراوتان...إنه هو...ألم يمت...مهلا ألم تقل الشائعات أنه كان في غيبوبة؟ إذن هل إستيقظ بالفعل و لما هو هنا؟ هل هو هنا لإزعاجي مجددا ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟؟ ماذا أفعل؟؟؟"

"مهلا لربما لو بقيت أنتظر هنا سيرحل بمفرده"

لا هذا لن ينفع...هذا لن يوقفه

"أبي لم يعد هنا....لا أحد يستطيعي حمايتي منه"

ومجددا أصبحت رؤيتها ضبابية بتذكر أبيها

"لما يحدث هذا معي في أول يوم أفتح فيه المقهى بعد 9 أشهر"

"أبي ماذا أفعل"

[دائما إبتسمي للزبون إبنتي, لكن إذا أزعجك أحدهم فقومي بركله بقوة بين ساقيه]

تذكرت فجأتا كلمات والدها الحكيمة

"أجل لايجب أن أظهر ضعفي, أجل ركلة في المنتصف هاكذا وهاكذا ثم هكذا"

بينما كان رين ينتظر قهوته الفتاة كانت في المطبخ تتدرب مرارا وتكرارا على ركله بين فخديه

بعد نصف ساعة وبنظرة حازمة على وجهها أمسكت كوب قهوة وتوجهت نحوه

"تـ..تفضل سيدي"

قالتها بعدما وضعت كوب القهوة لكنها لم تكن تنظر في وجهه بل بين ساقيه تنتظر فقط أن يقف كي تركله

"أوه...حسنا شكرا"

قالها رين ثم تجاهلها وأخذ رشفتا من قهوته...لكنها لم ترحل لا تزال واقفتا هناك تنتظر الفرصة

"أهناك شيء أخر؟"

قالها رين يملامح مستغربة غير عالم أن رجولته في خطر

"آه لا... لاشيء سيدي...مـ.من فضلك إستمتع بوقتك"

أخيرا أدركت أنها كانت تتصرف بطريقة غريبة وتراجعت إلى منضدة الإستقبال

"غريب...لما يتصرف وكأنه لا يعرفني؟ ما الذي يخطط له؟"

كانت لاتزال لاتثق به بالأحرى تصديق أن الفضائين يهجمون على الأرض سيكون أسهل من تصديق أن هذا الفتى تغير

لذا قررت مراقبته عن بعد, فبعد كل شيء لايوجد زبائن غيره

أما بالنسبة لرين فلم يكن يهتم بشيء سوى قهوته والنظر من النافذة,ظل يحدق في هدوء في كل من يمر ويذهب, بالفعل كان الأمر كأنه سافر إلى الماضي لاسيارات لا شاشات تلفاز لا هواتف, الأطفال يلعبون بما يجدون سواء الحجارة أو عصا خشبية, البالغون يضحكون مع بعضهم سواء كان السبب نكتة حكاها أحدهم أو إعترافا لمغامرة غبية إختبروها, كان الوضع ببساطة مسالما جدا

بينما يرشف قهوته جذب شيء ما إنتباهه...كانت فتاتان الأولي بشعر وردي كزهور الربيع وعينان كريستاليتين ترتدي تنورتا أنيقة و قصيرة أما الثانية فترتدي ملابس الخادمة بشعر أسود إلا أن جمالها لم يكن بعيدا عن جمال الفتاة أمامها

كان واضحا أن الفتاة الأولي من النبلاء وخادمتها ترافقها...تماما مثله وارييل بعد خروجهما...حسنا تقريبا

إبتسامتهما خطفت العديد من الأنظار إليهما سواء شبابا أو أطفالا بعضهم أخذ يلوح لهما حتى,

"يبدو أنها كانت معروفتا في هذا الحي"

قالها رين غير مكثرث بالأمر أكثر بينما إستعد لأخذ رشفة أخرى من فنجانه, لكن حدث شيء غريب

بينما كانت الفتاة تبتسم وتلوح للناس بدورها, وقعت عيناها على الفتى الذي يحتسي فنجان القهوة من النافذة وتجمدت إبتسامتها بل وتوقفت عن المشي

"سيدتي الصغيرة؟"

الخادمة وجدت توقفها مفاجئا وغريبا ونادت عليها لكنها لم ترد وأخذت تمشي بإتجاه المقهى, وبالضبط لتلك النافذة الزجاحية

بينما كان يحتسي رين قهوته شعر أن أشعة الشمس حجبت عنه بواسطة ظل غريب...إلتفت ليجد منظرا كان ليجعل طفلا بكائا يخرس

زوج من العينان الحادتين تنظر له بكراهية وكأنها أحد الأرواح الشريرة

للحظة لم يعلم رين ما يجري الفتاة التي تنظر له هكذا كانت هي الفتاة المحبوبة والمبتسمة منذ لحظات, الفتاة ذات الشعر الوردي لكنها الأن تنظر إليه وكأنه ألد أعدائها

[هل إحتساء القهوة يعتبر تهديدا ياترى؟]

لم يجد سببا أخر...فهو لم يستفزها أو يتحدث معها بل هو لا يعرفها حتى

ظلت نظراتها عليه لبضع ثوان قبل أن تتحرك

بعدما إعتقد رين أنها ذهبت أخيرا

"ترننن تترن تنتنتننن"

فتح الباب بقوة مما جعل الجرس على الباب يرن بقوة ايضا

هذا الصوت القوي جعل صاحبة المقهى تقفز من مكانها...

"أيها السميييين الملعووووون"

صرخت بهذه الكلمات بلهجة غاضبة بعدما فتحت الباب

"..."

رين بالطبع لم يكن سمينا...فما الذي تتحدث عنه, هذا سؤال رن في عقل رين بلا جواب, وبالطبع لم يكن هناك احد في المقهى غيره والنادلة صاحبة المقهى

"أنت أنت أنت أنت أنت أنت"

كانت تقولها مرارا وتكرارا كالمجنونة في كل خطوة تقرب فيها منه

"بااااااااااااااااااام"

بعدما وصلت صفعت الطاولة بقوة مما جعل شقوقا خفيفة ترسم عليها, لكن رين لم يهتم بذالك كل ما همه هو إنقاذ كوب القهوة الذي كاد أن يسكب على الارض, إنقاذه جعله يشعر وكأنه قام بإنجاز مهم, خصوصا لأنه يملك جسدا هشا الأن

فيوووه

تنهد بإرتياح ورفع وجهه بإتجاه الفتاة الغاضبة

"المعذرة لكن هل أعرفك؟"

قالها ببتسامة هادئة على ملامحه

سؤال واضح وبسيط إلى أنه كان كفيلا بدفع الفتاة لدرجة الجنون, هذا إذا لم تكن وصلت لتلك المرحلة بالفعل

"لاتعرفني هاه, هاكذا ترد, هكذا تجاوبني, أيها السافل الملعون بعدما دمرت حياتي هذا ما لديك لتقوله"

في هذه اللحظة تدمرت الطاولة تماما على الأرض وبقي رين يجلس في مقعده هادئا, حاملا كوبه

...

[جديا من هذه الفتاة؟ ألا تستطيع أن تقدم نفسها على الأقل؟ ثم ما الذي تعنيه بدمرت حياتها؟ لكن بالتفكير بالأمر مجددا لربما يكون السبب هو صاحب الجسد السابق]

[والأن ما العمل؟]

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

نهاية الفصل



2020/08/20 · 615 مشاهدة · 2516 كلمة
Satou
نادي الروايات - 2024