شعرت أن حالتي النفسية لم تكن مرتاحة حينها حتى طعم أفخم النبيذ كان مرا

"سأثبث كم كنت غبيا وأحمقا بهذه الأفكار"

لسبب ما كنت أعامل الأمر على أنه تحدي, بهذه الفكرة أخذت رحلتي إلى ذالك العنوان

...

كنت أمام ذالك المنزل المدون في العنوان...لم يكن بالشيء الكبير مجرد منزل متوسط في وسط المدينة...قبل أن أطرق الباب أخذت أجهز نفسي...أعني ماذا تظن؟ فأنا أزور عائلة شخص قتلته, لابد على الأقل من إظهار تعابير حزينة

"دق دق دق"

طرقت الباب ثلاث مرات بينما أستطيع سماع أصوت الأطفال يلعبون ويمرحون في داخل المنزل

لم يمر وقت طويل حتى فتحت إمرآة عجوز تبدو في السبعينات الباب

"من تكون؟"

برؤيتها أن الشخص الذي أمامها لايبدو مألوفا على الإطلاق كان طبيعيا منها أن تسأل هذا السؤال, لذا أجبت

"أنا صديق مقرب لكلاي شوسين"

أجل هذا كان إسمه...وأعلم أيضا أنني أتفوه بالهراء, لكن من هنا ليكذبني؟

"صديق إبني؟ لكن لما يزورني صديقه؟...هل...هل حدث شيء ما لإبني؟"

ما إن ذكرت إسمه حتى ظهرت معالم القلق على ملامحها لسبب ما

لذا وبسرعة قمت بفتح حقيبة النقود لأظهر لها كمية النقود الضخمة تلك...في الواقع أنا لم ألمس ولو ورقة نقدية واحدة من الحقيبة منذ أخذتها من تاجر المخدرات ذاك

وقلت بنبرة يملؤها الحزن والأسف

"أنا أسف...لكن...لكن إبنك قد مات"

بدأت الأم ترتعش بدون توقف بسماعها هذا الخبر لسبب ما... لكنني أكملت على أي حال

"قبل أن يلفظ أخر أنفاسه...طلب مني تقديم هذا المال لكم و..."

قبل أن أكمل جملتي إنهارت المرأة العجوز على الأرض غير قادرة على الوقوف مجددا, كأن قدميها لم يعودا يتحملان وزنها وبدأت الدموع تنهمر كالأمطار من عينيها

لم أفهم سبب بكائها...مهلا هل كانت مصدومة؟ هل هذا بسبب كمية المال الكبيرة؟, هذا ما فكرت به حينها...

"أمي...ما الذي حدث لك؟...أجيبيني"

هلعت فتاة بشعر أسود طويل تبدو في منتصف الثلاثينيات من الباب نحو المرأة العجوز بمعالم قلقة وبدأت بمساعدتها على النهوض, يبدو أنها والدتها

برؤيتها أن والدتها لاتجيبها نظرت نحوي بمعالم قلقة

"ما الذي حصل لها؟...لما إنهارت فجأتا؟"

بعد صمت قصير أخبرتها نفس ما أخبرت المرأة العجوز لكن هذه المرة تأكدت من إظهار المال جيدا...لكن

"طااااخ"

ضربت الفتاة الحقيبة بيدها حتى سقطت على الأرض ثم أخذت تنظر إلي بنظرات حادة بينما بدأت عيناها بالإحمرار وكأنها تحاول منع نفسها من البكاء

لم أفهم لما تنظر إلي بهذه طريقة...أنا متأكد أنني لم أقل أني من قتله, أليس كذالك؟

لذا أعدت ما قلته مرتا ثالثة وبتفاصيل أدق...لربما هي فقط لم تسمعني جيدا

"كما أخبرتك سابقا, هذا المال كان طلب كلاي الأخير وبصفتي صديقه أخذت على عاتقي السفر وإحضاره.."

"لانحتاج تلك الأوراق اللعينة"

قبل أن أكمل كلامي قاطعتني بغضب والدموع غمرت عيناها, يبدو أنها لم تعد قادرتا على منع نفسها أكثر

هاه؟ أوراق لعينة؟ ما الذي تعنيه؟ أنا حقا لم أفهم لهذا تابعت تحديق نحوها بستغراب

"إذا كانت تعجبك يمكنك الحصول عليها...تلك الأوراق القذرة كانت سببا في موت أخي...لاأريد حتى لمسها, أشعر بالقرف وأنا أنظر إليها فقط"

كانت تصرخ بغضب والدموع قد رسمت نهرا على خديها وتتوقف بعد كل جملة كأن أنفاسها إنقطعت, بعدما إنتهت أخذ جسدها يرتجف بشدة بينما أخفظت رأسها للأسفل...

أما أنا...حسنا...لاأعلم بالضبط ما الملامح التي كانت على وجهي..الشيء المتأكد منه هو أنني ومجددا شعرت بذالك الشعور الغريب...ذالك الشعور الذي أحسست به وأنا أنظر لإبتسامة ذالك الرجل في ذالك الوقت وهو يلفظ أخر أنفاسه...ولا لم يكن الندم بل الحسد والغيرة...أجل أنا حسدت ذالك الرجل الذي مات على يدي...غريب أليس كذالك؟...لكنني أعرف السبب الأن...إمتلك هذا الدفئ الذي لم أحظى به في حياتي ولم أظن أنه موجود حتى رأيته بأم عيناي...أجل...فهمت أخيرا سبب إبتسامة ذالك الرجل...إبتسامة شخص مرتاح...مرتاح لأنه يعلم أن هناك من سيحزن على موته

يقال أنك لاتشعر أنك فقدت شيئا ما حتى ترى شخصا اخر يستمتع به, أعتقد أن نفس المبدأ ينطبق معي

[لربما طلبه بإرسال المال كان بهدف إبلاغ عائلته بخبر موته فقط...كي يتوقفو عن إنتظاره]

[كل هذا لأجل عائلته...]

[غريب...لكن لسبب ما لايمكنني أن أقول عنه سخيف]

ما إن أدركت نفسي مجددا حتى وجدت أن الفتاة والمرأة العجوز قد أغلقا الباب بالفعل, إذا كنت تتسائل بشأن حقيبة النقود فهي ما تزال ملقاتا على الأرض

"...."

أستطيع سماع نواحهم من هنا...أصوات لعب الأطفال التي سمعتها في البداية أستبدلت بأصوات البكاء والحزن

[لأجل شخص واحد...لأجل عائلتهم]

ظللت واقفا أمام الباب لمدة من الزمن...أفكر...وأفكر مجددا...لما أنا أحسدهم مجددا؟...لسبب ما وأنا أفكر بهذا الموضوع شعرت أن هناك فجوتا داخل صدري, فجوة تتسع ببطء جعلتني أشعر بالبرد في جميع أنحاء جسدي

في أخير جمعت المال الذي على الأرض ووضعته في الحقيبة مجددا, وأخذت نظرتا تفحصية وشاملة لهذا المنزل

رأيت نافذتا مفتوحتا في الطابق الثاني...بدون أن أفكر مجددا رميت الحقيبة لتدخل مباشرتا من تلك النافذة...وإلتفت مغادرا المكان

تتسألين لما لم أخذ المال؟...حسنا حتى أنا لست متأكدا لماذا...لكنني شعرت أنني إذا ما لم أتخلص من الحقيبة فسأشعر بشعور أسوء من الذي أشعر به الأن...وأيضا أنا لم أكن محتاجا لذالك المال فأنا أملك حاليا ما يكفيني لأعيش حياتي كاملتا خمس مرات متتالية بدون الحاجة لأي عمل أخر

بعدما غادرت أخذت طريقي لأحد الفنادق

كي أنسى هذا الشعور ذهبت وطلبت أفخم وأغلى شراب يملكونه...لكن ومجددا ما زال طعمه مرا

بقيت على هذا الحال لأسبوعين متتاليين مغلقا على نفسي في غرفتي

هاتفي يرن ويرن لكنني لا أجيب, ليس لأنني لا أستطيع بل لأنني لم أعد أكثرث

فلابد أنها فقط مهمة من أحد ما...لن يتصل بي أحد لأنه قلق بشأني يتصلون بي لأنهم يحتاجونني

لم يكن هذا أمرا غريبا فلطالما كان الأمر هكذا

*تنهد*

"لما لا أملك عائلتا أنا أيضا؟"

وفجأتا وبينما أفكر بهذا الإتجاه تذكرت شيئا كنت قد وضعته طي نسيان

"مهلا أنا...أنا ما أزال أملك عائلتا في وطني الأم..."

فقط هذا الأمل جعل تلك الفجوة في صدري تنغلق قليلا

"أجل كنت أكرههم في صغري...لكن هذا الشعور إختفى منذ زمن طويل, وأيضا لاأظن أن تصرفاتهم نحوي ستظل نفسها إلى هذا اليوم...فبعد كل شيء لقد مرت عشرون سنة أو ربما أكثر منذ أن غادرت المنزل"

بهذه الفكرة في عقلي أخذت رحلتا أخرى إلى وطني الأم...اليابان

××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

إنتهى الفصل الثالث~~~

تأليف Satou

2018/02/02 · 1,289 مشاهدة · 933 كلمة
Satou
نادي الروايات - 2024