في صباح اليوم التالي تم أخذ السجين رين هارفيلد لغرفة طبية...والتي هي غرفة الإعدام

بسبب كون العالم متقدما وحضاريا...لم يعد الكرسي الكهربائي والمشنقة شيئا يستخدم في الإعدام بل الإبرة المخدرة, لذالك الموت بها يكون سريعا بلا ألم وكأنك تغط في نوم عميق

في الواقع حتى لو كان مسموحا بهذه الطرق لن يستخدموها...فبعد كل شيء من كان هذا الذي سيعدمونه؟ لقد كان رين هارفيلد, نصل الشيطان, أخطر شخص عرفته البشرية..لاأحد يعرف خطورته الحقيقية غير المسؤولين الكبار في الأمن

إستند بظهره على السرير بينما أخذ شرطيان يكبلانه من الجانب ببطء وربطو جهاز نبض القلب متجنبين قدر الإمكان النظر في عينيه وعرق بارد ينزل من ظهورهم

بعد إنتهائهما تنفسا صعداء برتياح أخيرا ثم أسرعو بالخروج من الغرفة...كان الأمر بالنسبة لهم كتفكيف قنبلة موقوتة

لم يمر الكثير حتى دخل طبيب بينما يحمل إبرتا صغيرة في يده

تقدم الطبيب بضعة خطوات بإلتجاه السجين قبل أن يتوقف وينظر من النافذة السوداء بخوف

كان واضحا أنه قلق لا بل مرعوب, فقد كان بمفرده في هذه الغرفة مع هذا السجين بينما البقية تنظر من النافذة

تلك النافذة السوداء هي نافذة ذات إتجاه واحد مما يعني تستطيع الرؤية من الخارج فقط

بلع الطبيب ريقه بصعوبة وجلس في كرسي قريب من السجين وأخذ يتحقق من إبرته, ويتحقق مجددا, يبدو أنها طريقته لتخفيف توتره

في الأخير إستجمع شجاعته وأمسك بيد السجين مستعدا لغرس الأبرة في الوريد...إلا أنه توقف بقلق بينما يلقي نظرتا على ملامح السجين

"أسرع..."

قالها السجين رين كونه لم يعد يتحمل كل هذا التأخير بنبرة منزعجة

"آآآه..أجل!..أجل!..حاضر!"

إستعاد الطبيب تركيزه ودفع الإبرة عميقا في ذراع السجين...بعدما أنهى عمله أخذ يسرع خارجا وكأن حياته تعتمد على ذالك

لم يهتم رين بما يحدث وأخذ يغلق عينيه منتظرا موته بينما يفكر مع نفسه

[هذه هي النهاية...]

[يقال أن الحياة مثيرة للاهتمام بسبب وجود نهاية لها , تشويق عدم معرفتك موعد نهايتها هو ما يشعرك بانك حي]

[أعتقد أن الأمر سيء بالنسبة لي هنا, أعلم طريقة ووقت وفاتي *تنهد*]

"بيييب!...بيييب!...بييب!" (صوت جهاز نبض القلب)

[لكن هذا ليس مهما...على الأقل سيتوقف ذالك الشعور]

لم يكن في قلبه خوف من الموت بل يتوق إليه بسبب كونه لم يعد يتحمل العيش مع ذالك الشعور الكريه

"بيييب!...بيييب!..بييب!" (صوت جهاز نبض القلب)

[أتسائل كيف يبدو الجحيم؟ لأن شخص مثلي لن يذهب للنعيم بكل تأكيد]

قالها بنبرة مازحة مع نفسه

"بيييب!...بيييب!.بييب!" (صوت جهاز نبض القلب)

[أتسائل إذا كان هذا الشعور سيختفي أخيرا هناك]

"بيييب!......بييب!" (صوت جهاز نبض القلب)

[هاااه... أعتقد أن علي الإنتظار فقط...]

"بيييييييييييييييييييييييييييييييييييب!!!" (صوت جهاز نبض القلب)

"..."

عم الصمت فجأتا

[همم؟.. لم أعد أستطيع سماع جهاز النبض...]

[هل يعني هذا أنني مت؟]

[إذن...ماذا الأن؟]

"...."

[غريب...أشعر بشعور دافئ مشابه لضوء الشمس]

"*توييك*...*توييك*"(صوت زقزقة العصافير)

[ماهذا!؟...يبدو كزقزقة العصافير..هل هذا يعني أنه حتى العصافير تذهب للجحيم؟]

[أتسائل ما الذي فعلته؟ هل سرقت حبة قمح؟ أو ربما دودة؟]

[مهلا ما الذي أقوله؟ هناك شيء خاطئ!]

فتح عينيه بسرعة لكن الضوء القوي كاد يعميه لذا أخذ يفتح ويغلق عينيه كي يعتاد على الضوء

بعدما إعتاد أخير على الضوء رأى سقفا أبيض اللون فوقه بينما ضوء الشمس الدافئة مسلطة عليه من النافذة التي بقربه

بعد النظر جيدا وجد نفسه مستلقي على سرير واسع وناعم

[ما الذي يجري؟...هل هذا هو النعيم؟]

[علي إلقاء نظر أوضح من على النافذة...آه..لكن لما توجد نافذة وسرير في النعيم على أي حال؟]

وبينما يحاول أن يستند بيده للنهوض والنظر من النافذة...فشل

[هاه!؟]

لقد شعر أن جسده ثقيل جدا

إلا أنه لم يستسلم وحاول مجددا بقوة أكبر بكلتا ذراعيه هذه المرة...وبعد مدة تكاد تقول طويلة إستطاع النهوض أخيرا إلا أنه الأن فقط جالس على السرير وأنفاسه تكاد تنقطع من التعب

"هففف!..هففف..!"

[ماخطبي بحق الجحيم!؟...أشعر بالتعب الشديد فقط من محاولتي للنهوض؟..]

قبل أن يلتقط أنفاسه بالكامل ينصدم بشخص جالس مثله بشكل مقابل معه خلف ذالك الزجاج...لا بل أدرك أن ذالك لم يكن زجاجا بل مرآه

[هل...هل هذا أنا!؟]

قالها بينما يحرك يده

...سبب عدم تصديقه هو أن ذالك الإنعكاس كان لشخص شاب بشعر أسود طويل يصل للأرض بعينان حمراوين كأنهما مصبوغان بالدم لكن هذا ليس فقط ما صدمه فمعضم هذه الملامح أدركها بنفسه دون الحاجة للمرآة كشعره الطويل بل ذالك الجسد الهزيل وكأنه لم يتناول أي شيء منذ أشهر

[بحق الجحيم!...ما الذي يعنيه هذا؟]

غير مصدق مايراه أخذ يحاول النهوض والإقتراب من المرآة...لكن ما إن حاول النهوض حتى سقط أرضا بقوة, نظرا لكون قدميه غير قادرين على حمله

لكن هذا ليس نهاية الأمر, فبمجرد نزوله عن سريره حتى أصبح تنفسه صعبا جدا وكأن في حلقه رمال

شعر بالعجز شديد, شعر بالموت يقترب مجددا

[ماهذا الهراء!؟...هل هذه مزحة من السماوات!؟]

قالها بعجز داخل نفسه

فجأتا فتح باب الغرفة دخلت إمرأة في العشرينات أو ربما أكثر ترتدي زيا يشبه زي الخادمة بشعر أصفر ذهبي وعينان زرقاوين تحمل دلوا ومنشفتا صغيرة في يدها يبدو أنه بدافع الإستحمام

كانت ملامحها باردة وهادئة كأنها معتادة على هذا الأمر, إلا أن ملامحها تغيرت مباشرتا بعد رؤيتها للفتى الممدد على الأرض وهرعت نحوه غير مهتمة بالدلو الذي سقط بدوره على الأرض

"سـ..سيدي!...سيدي الصغير!!"

"هل أنت بخير!؟...هل إستيقظت أخيرا"

قالتها بهلع وهي تساعده على العودة إلى سريره

"مـ...ا...ء"

لكن ليس لديه الوقت للرد عليها أو الحديث معها فقد أحس بحلقه جافا جدا لدرجة أن التنفس فقط يؤلمه وكل مايريده ويطلبه هو الماء

ما إن وصل لسريره حتى أحس بالتحسن لسبب ما

"سيدي الصغير, لايجب أن تغادر سريرك فبدون أحجار التغذية هذه لربما قد تموت"

ليلاحظ أخيرا أن هناك أربعة أحجار سوداء تحوي كتابات غريبة تشع باللون الأخضر, واحد في كل ركن من السرير

لكن هو ليس له إهتمام في هذا الأن

"الما...ء"

قالها بصعوبة وبصوت خافت

"الماء!؟ أه أسفة! سيدي الصغير سأحضره حالا"

أدركت مايريده بعد الإنصات جيدا وهرعت مسرعتا خارجا, وما هي إلا ثوان قليلة حتى عادت بكوب من الماء في يدها

تفضل سيدي...سأذهب لأعلم السيدة بخبر إستيقاظك

قالتها بينما قدمت الكوب له ثم غادرت مسرعتا

عندما إلتقط الكوب من يدها أحس وكأن هذا الكوب يزن طنا وبدأت يده ترتعش من الوزن, إلا أنه يضغط بقوة خوفا من إنزلاق الكوب

رشفة بعدها رشفة وببطئ, بعد إنتهائه إنتابه شعور غريب وكأنه قام بإنجاز عظيم

"فيوووه..."

"بوووم!"

قبل أن يتنهد برتياح حتى, إنفجر الباب بصوت فتح قوي

"إبني!!"

بدون أي سابق إنذار دخلت إمرآة غاية في الجمال بشعر أسود حريري وعينان حمراوين بسرعة بينما تنهار الدموع من عينيها غير مصدقة ماتراه

"أخيرا! أخيرا! إستيقظت!...لقد كنت قلقتا حقا...إعتقدت أنني فقدتك بالفعل"

قالتها بينما تعانقه بقوة وكأنها تتأكد إذا ما كان هذا حلما

[ما الذي تتحدث عنه هذه المرأة؟ وما الذي تعنيه بإبني؟...وأيضا تبا ستسحقينني!]

لتتركه أخيرا بينما تنظر له بعيون مائعتين بالدموع

بقي رين ينظر بإستغراب للمرأة التي تدعوه إبني بنظرات تفحصية

[لاتبدو دموعها مزيفة...لكن لماذا؟...أنا لاأعرفها]

بينما هو مايزال حائرا مع نفسه تابعت المرأة أمامه كلامها

"كل يوم...كل يوم..كل يوم...طرال ثلاث السنوات هذه وأنا أدعو وأنتظر إستيقاظك"

"هاه!؟ ثلاث..سنوات!؟"

قالها جهرا بدون أن يدري لكن مع ذالك كان صعبا ومؤلما بسبب حلقه

"أجل...لقد مرت ثلاث سنوات وأنت في غيبوبة"

وفجأتا أصبحت ملامحها غاضبة ومظلمة بينما أكملت

"بسبب تلك العاهرة!!...بقيت في غيبوبة طوال ثلاث سنوات"

"...."

لم يقل شيئا ردا عليها...بقي صامتا يفكر مع نفسه

[ما الذي يجري هنا؟ أشعر وكأنني بدأت أقرأ قصتا من المنتصف...أولا من المفترض أن أكون ميتا...وأين هذا المكان؟ وأيضا ما الذي حدث لجسدي!؟]

أسئلة كثيرة جعلت رأسه يؤلمه

"إبني ما الخطب؟...شيلي! أرسلي رسالة للطبيب كي يحضر حالا"

قالتها بنبرة قلقة مخاطبتا الخادمة بينما تنظر للفتى الذي يمسك رأسه

"آه..لكن سيدتي..أنت تعلمين أن اليوم هو فحص الطبي للأميرة...حتى أنه أرسل رسالتا يبلغك بهذا سابقا"

"هل أبدو لك مهتمتا بما يقوله ذالك العجوز!...نفذي الأمر!, أخبريه إذا لم يأتي في ظرف ساعة واحدة فاليعتبر متجره محطما!"

قالتها بملامح غاضبة... برؤية الخادمة لهذه الملامح إرتجفت وأحنت رأسها

"حاضرة سيدتي"

أما رين إلتفت لينظر لإنعكاسه في المرآة ثم للمرأة أمامه ليفهم الأمر أخيرا

"لقد فهمت...هذا ليس جسدي...إذن..."

نظر مباشرتا للمرأة التي تنظر له بحنان

"أ..مي...؟"

حاول قولها بقليل من العاطفة لكن حلقه يؤلمه بشدة لذا لم يستطع

"نعم إبني...ما الأمر؟"

بسماعها ندائه لأول مرة طوال ثلاث سنوات إلتفتت نحوه بقلق وبتسامة دافئة على ملامحها وكأنها تنتظر أن ينطق بطلبه

لكنه لم يرد عليها بل أحتى رأسه للأسفل وبسبب شعره الطويل لم يعد في إستطاعتك رؤية ملامحه مما جعل المرأة قلقة قليلا معتقدتا أنه أصبح محبطا

لكن... خلف ذالك الشعر الطويل إبتسامة عريضة إرتسمت على ملامحه

[السماوات رحيمة حقا]

قالها بينما يضع يده على صدره...حيث أدرك أن ذالك الشعور الكريه قد إختفى وإستبدل بشعور دافئ وغريب, مما جعل إبتسامته تتسع لتصبح إبتسامة مخيفة

[لقد حصلت عليها...]

[أخيرا حصلت عليها...]

[هاهاهاها أخيرا حصلت على عائلة]

×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××

الفصل السادس إنتهى~~~

تعليق صغير لن يضر هيا >-<

تأليف satou

2018/02/04 · 1,485 مشاهدة · 1346 كلمة
Satou
نادي الروايات - 2024