"يا لها مِن غبية، أتساءل إن كان غباؤها سيؤثّر على مشروعي أيضاً"

استغربَت فانتين من كلام شوفين وظنّت بأنه يتحدّث عنها، إلا أنه قال عندما انتبَه إلى استغرابِها

"أتحدث عن المرأة التي صنعَت هذا المكان، فمَع أنها استخدمَت تقنياتٍ قوية إلا أن تصميماتها تعاني من الثغرات، مثل هذا الباب الواضح أمامنا.. لا يجب أن يكون بهذا الوضوح، أليس كذلك ؟"

قال هذا بينما يشير إلى جدارٍ أسود لا فرق بينَه وبين باقي الجدران الأخرى، صمتَت فانتين لأنها لم تستطِع رؤية الباب الذي يتحدّث عنه، ابتسم شوفين ولم يقل شيئاً آخر حتى لا يُحرجَها أكثر، وصل الاثنان إلى الجدار فسدّد شوفين لكمةً خفيفةً نحو منطقةٍ معينة، سقطَت الأجزاء المكسورة فظهرَت آلية التحكم في الباب، سحبها شوفين بِقوةٍ فسقط الباب أرضاً وظهر ضوء النهار.

خرج الاثنان وكان الباب يقود إلى سفح الجبل، وما هي إلا ثوانٍ قليلة قبل أن يخرُج الجميع ويتفرقوا، خرج كاراكان أيضاً مع مجموعتِه وحنَى رأسه قليلاً نحو شوفين قبل الانصراف بِسرعة وكأنه يهرُب بِحياتِه، نظر شوفين إلى منطقةٍ بعيدة ثم قال

"دعينا نبحث عن مكانٍ جيد للمبارزة"

غادر الاثنان قبل أن يظهر ساسما ويلتفّ حوله أتباعُه وأتباع هاميون، وكان ينظر نحو شوفين بِحُرقةٍ بِسبب الإهانة التي تعرّض لها، فلو تركَه شوفين يَنسحِب فقط لكان الأمر عادياً، لكن سرقة خاتمِه وجميع أملاكِه أمرٌ لا يُغتفَر، ومع ذلك.. نظر إلى أتباع هاميون وقال لهم

"اِذهبوا واشتكوا إلى كِبار عشيرَتِكم، أما أنا فلا أُخطِّط لِلتورّط معه"

قال هذا ثم غادر مع أتباعِه، نظر أتباع هاميون في بعضِهم البعض وبدؤوا يتساءَلون حول ما سيفعلونَه حتى اقترَح أحدُهم قائلاً

"أنا أملِك تميمة مُراسلة، سأُخبِر أبي بِما حدث وهو مَن سيُخبِر الشيوخ"

...

في مِنطقةٍ قريبة.. وقف شوفين و فانتين بعيداً عن بعضِهم البعض واستعدّا للمُبارزة فأخرجَت فانتين سيفَها مِن غِمدِه ثم قالَت

"أنا أستخدِم فنون السيف، وأنت ؟"

قال بِنبرةٍ حكيمة

"السيّاف الحقيقي لا يحتاج إلى سيف"

لم تهتمّ فانتين بِما قالَه وإنما رفعَت سيفَها وجعلَته يُطلِق كمّيةً من الأشعّة اللامِعة ثم قالَت

"هذا هو سيف النور، ويعتمِد على تقنيةٍ توارثَتها عشيرتي منذ زمنٍ بعيد"

أومأ شوفين وهو ينظُر إلى السيف حيث كان يستخدِم نوعاً هجيناً مِن أنواع الطاقة النورانية، رفع يدَه وقال

"دعيني أرى ما الذي يقدِر عليه سيفُك"

استفزّها قول شوفين لأنه كان واقفاً أمامها بِاستهتارٍ واضعاً يدَيه خلف ظهرِه، لذلك أطلقت موجةً قوية مِن طاقة سيفِها نحو السماء قبل أن تتحول إلى عشراتٍ من السيوف الضوئية، سقطَت السيوف على شوفين بِسرعةٍ كبيرة حتى اعتقدَت فانتين بِأن شوفين قد استهان بِها ووَقع تحت وطأة هجومِها، إلا أن اعتقادَها هذا قد اختفى عندما بدأت السيوف تترامى على الجانبين وكأن هناك شيئاً خفياً يدفعها.

عبسَت وقامت مباشرةً بتوجيه ضربتِها الثانية وكانَت عبارةً عن سيفٍ عملاق من الضوء، نزل السيف العملاق بِسرعة على رأس شوفين الذي كان يبدو تحتَه مثل النملة، إلا أن السيف اختفى فجأة وكأن الفراغ قد ابتلعَه، ولو كان أحدٌ في المنطقة الفارغة في أركادية لرأى ما حدث، حيث سقط السيفُ هناك بدل أن يسقُط على شوفين، لكن الغريب هو أن مصفوفةً غريبة ظهرَت تحتَه قبل أن يصل إلى الأرض فتوقّف عن الحركة ودخل في حالة جمودٍ مع أنه مصنوع من الضوء، وذلك لِأن تلك المنطقة الفارغة مُخصصةٌ لاستقبال الهجمات القوية، فإما يسمَح لها شوفين بِالاندثار وإما يجعلُها في حالة جمودٍ زمني باستخدام تلك المصفوفة الغريبة، بالإضافة إلى عدّة استخداماتٍ أخرى لِهذه المنطقة الفارِغة.

عبسَت فانتين عندما رأَت هجومَها الخارِق يَختَفي دون أثر، قفزَت عالياً وصرخَت على شوفين

"هذا هو هجومي الأخير"

ارتفعَت عالياً وأخرجَت كميةً كبيرة مِن طاقة سيف النور فتشكّلَت عشراتٌ من السيوف العملاقة مثل تلك السيوف الصغيرة التي قام شوفين بِتحريفها عن طريقها في وقت سابق، ابتسم شوفين لِأن هذه الفتاة لا تتعلّم مِن أخطائها، بقي شوفين واقفاً مكانَه واستقبل السيوف كلّها فبدأَت تختفي أيضاً وتظهَر في المنطقة الفارغة بِـ أركادية وكأنها في معرضٍ للسيوف، وأثناء اختفاء السيوف العملاقة.. نزلَت فانتين مِن الأعلى وهي تُوجّه سيفَها نحو شوفين، ومع ذلك.. لم يهتمّ بِها ولم يُحرّك يدَيه حتى وصلَت إليه، وقبل أن يصطدِم بِه سيفُها.. أطلَق جسدُه ذبذباتٍ قوية جعلَت سيف فانتين يرتدّ بِقوّةٍ ولا يستطيع الاختراق، ولولا أنه مصنوعٌ مِن معدنٍ صلب لَكان قد تحوّل إلى العديد من القِطَع المُتناثرة.

ارتدّت فانتين مع سيفِها وقُذِفَت بعيداً، سقطَت على الأرض وكان هجوم السيوف العملاقة قد اختفى، نظرَت باستغرابٍ نحو شوفين ثم ابتسمَت وقالت

"أنت أقوى مِمّا اعتقدت، حتى أني لم أُدرِك كيف فعلتَها"

ابتسم شوفين ولم يشرَح لها وإنما قال

"دعينا نتجوّل قليلاً، توجد الكثير من الآثار القديمة التي أرغَب بزِيارتِها"

نظرَت إليه باستغرابٍ لاعتقادِها بأنه يُحاوِل التغزّل بِها، إلا أنه كان هادئاً مِثل بِركةٍ قديمة، لذلك أومأت وتبِعَته لأنها أصلاً لا تملِك أي مكانٍ تذهب إليه، وبعد نصف ساعة.. كان الاثنان قد وصلا إلى سهلٍ واسع مليء بِالرمال الخضراء وبعض الأعشاب البرّية، اختار شوفين مكاناً وجلَس على الأرض فاستغربَت فانتين وسألته

"هل أنت مُتعب ؟"

ضحِك وأشار إليها للجلوس بينما يُخرِج خواتِم التخزين التي سرقَها قبل ساعة، نظرَت إليه فانتين باستغرابٍ أكثر قبل أن تجلِس أيضاً وتنظُر إلى ما يفعلُه، بدأ شوفين يتصفّح الخواتِم وينتقي مِنها بعض الأغراض مثل السيوف وأحجار الطاقة والحبوب الطبية، ناهيك عن التقنيات القتالية الكثيرة، استمرّ في هذا العمل حتى تكوّن جبلٌ مِن الكنوز على يمينِه، بعدَها.. قام بِتخزين ما انتقاه في خاتمٍ فارِغ ورماه نحو فانتين ثم قال

"دعيني أتصفّح سيفَك"

أمسكَت الخاتم باستغرابٍ قبل أن تُخرِج سيفَها، أمسكَه وبدأ يتصفّحُه لِبعض الوقت قبل أن يُخرِج حُزمةً من طاقة الصف الراقص ويبدأ بِرسم مصفوفةٍ مُعقّدة على نصلِه وكانت عِبارةً عن نقوشٍ غريبة تزيد مِن جماليَتِه، أرادَت الاعتراض في البداية لِأن هذا السيف يعني لها الكثير، لكنها توقّفت عندما رأت جدّيتَه، انتهى أخيراً من الرسم ثم سلّمه لها وقال كلمة واحدة

"جرّبيه"

قطّبت حاجِبيها قليلاً قبل أن تُخرِج بعض النور مِنه، وحينها.. شعرَت بِأن التحكّم في طاقة النور كانت أكثر سهولةً بِكثير من السابق، وهذا سيجعل هجماتِها أكثر حِدّة، لكن تعابيرَها تغيّرة فجأةً ووَقفت بِسرعةٍ ثم ابتعدَت عن شوفين وعمّمَت طاقتَها حول السيف، وبعد ثوانٍ قليلة.. تحوّل السيف إلى طاقةٍ نورانية ولم يعُد عِبارةً عن معدِن، احمرّ وجهُها من الإثارة لِأن هذا هو ما يُعرف بِسيف النور الحقيقي الذي تُعرَف بِه عشيرتُها، وهذا يعني بِأنها قد صارَت في مقام الشيوخ ويُمكِنها التحرّر مِن صِفة التابِـع، كما أنها ستكون حرّةً للخروج من العشيرة للبحث عن القوة والحظ، ودون أن تشعُر.. كانت عيناها قد صارتا رطبتَين بِالدموع رغم أنها تتصنّع الصلابة.

مسحَت عينيها خُفيةً ثم استدارَت نحو شوفين وانحنَت باحترامٍ وهي تقول

"شكراً لك.. سيد شوفين، لا أعرِف كيف أرد لك هذا الجميل العظيم"

ابتسم وأشار لها للجلوس ثم أخرَج كميةً من الأعشاب من الخواتِم المسروقة وبعض الأعشاب الأخرى مِن حديقة الأعشاب في أركادية ثم قال

"ليس عليك ردّ الجميل لِأن هذا هو ردّي أنا لِجميلِك"

اتّسعَت عيناها وتذكّرَت بِأنها قد حاولَت الدفاع عنه أمام هاميون والآخرين، ما يعني بِأن شوفين شخصٌ يُقدّر الأفعال الحسنة مهما كانت بسيطة، لكن هذا لم يكُن كل شيءٍ حيث أضاف قائلاً

"اِجلسي.. سأمنحُك هديةً أخرى"

قال هذا وهو يتصفّح بعض الأعشاب النادرة قبل أن يُخرِج شُعلتَه الروحية الصفراء ويبدأ بِصقلِها، استغربَت فانتين أكثر من السابق لِأن شوفين ليس خبيراً في المصفوفات فقط وإنما خبيرٌ في الكيمياء أيضاً، وهذا جعلَها تضحَك على نفسِها لأنها حاولَت الدفاع عنه لِأنه بالتأكيد وحشٌ قديم يتنكّر في هيئة شابٍ صغير، واصلَت مُراقبتَه لِأكثر مِن نصف ساعةٍ حتى انتهى أخيراً من صقل حبّتَين باللون الأحمر، ألقى إحداهُما إلى فانتين بينما ابتلَع الأخرى وهو يقول

"هذه جيدة لِتعزيز القِوى البصرية، إن لم تنفَعكِ فلن تضرّك"

أغلق عينَيه مُباشرة وبدأ يمتصّ الحبة فابتلعَتها هي أيضاً وجلسَت لاستيعابِها، وبعد ساعتَين.. فتحَت عينَيها ونظرَت نحو شوفين باستغرابٍ لِأن طريقة رؤية الأشياء صارَت أكثر وضوحاً من السابق، كان شوفين قد انتهى مِن صقل الحبّة قبل فترةٍ وكان يُراجِع الفوائد التي حصل عليها، ولأنه يملِك عينَين خاصّتَين فقد كانت الفوائد التي حصل عليها أكبر من فانتين، لكنّه للأسف لا يزال بعيداً عن تفعيلِهما وإرجاعهِما إلى ما كانتا عليه في الماضي.

وقف شوفين وهمّ بالانصراف فسألته فانتين

"أين سنذهب الآن ؟"

ابتسم وقال

"سنذهب للصيد"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك..
1- ما الذي يصلُح له معرِض السيوف في المنطقة الفارغة بِـ أركادية ؟
2- هل يُخطّط شوفين لِضمّ فانتين إلى رِفاقِه ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/20 · 806 مشاهدة · 1286 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024