"وجدناك أخيراً"

خمسة ظِلال ظهرت خلف شوفين وجماعتِه، ابتسم نحو راموليا لأن كِليهِما قد سبق وشعرا بِوجود الخمسة قبل فترة، استدار شوفين نحوَهم وسأل بِبرود

"مَن هؤلاء الحمقى ؟"

قالت راموليا

"أطفال مِن عشيرة وادي الرياح"

ضحِك أحدُهم وقال بِسعادة

"مِن أين أنت يا صغيرة ؟
ما رأيكم أن تذهبي معنا وتتركي هذا المشلول ؟"

قال آخر

"فتاة بمثل جمالِك.. سيَعتني بها الأخ سومراي جيداً"

نظرَت إليه راموليا بِبرود وسألته

"سومراي هذا.. هل هو قوي ؟"

تهلّلت وجوه الخمسة وظنّوا بأنها ستذهب معهم، أجاب أحدُهم بسعادة وفخر

"قوي جداً، لقد اخترَق مؤخراً إلى مستوى تقوية الروح"

تصفح شوفين اليافعين الخمسة وكانوا جميعاً في مستوى تعزيز الجسد، استدار وقال

"أقتليهِم يا راموليا، ليس لدي وقت أضيّعه على الحشرات"

تغيّرت ملامِح الخمسة ولم يفهموا ما يقوله هذا المشلول، أما راموليا فقالت بِبساطة

"أنا لا أقتُل اليافعين، سيكون عيباً أن يتنمّر الكِبار على الصغار"

قاطعها قبل أن تُكمِل

"ستفعلين من اليوم فصاعداً، لا مكان للأخلاق في العالم الذي نحن ذاهبون إليه"

التفت إلى ريكو ثم قال

"أتركي أحدَهم إلى ريكو، لا تدَعا أحداً على قيد الحياة"

عبس ريكو لأنه لم يسبِق له القتل من قبل، أما راموليا فقد اسودّ وجهُها لأن عليها الآن أن تُغيّر قناعاتِها بعد أن تغيّر جسدُها وتدريبُها، لكنّها لم تكُن لِتُخالِف أمرَه بسبب معرِفتها بأنه عندما يتحدّث بجدّية فلا شيء سيُغيّر رأيه، لذلك قالت لريكو

"ريكو.. اِختر واحداً ودَع الأربعة الآخرين لي"

كل هذا.. والخمسة واقفون مثل الأغبياء، مشلول وطفلة في العاشرة وقرد.. أي كلامٍ كبيرٍ هذا الذي يخرُج من أفواهِهم ؟

لكن تعابيرُهم تغيّرت فجأة عندما ارتفعت هالة راموليا وريكو، وبِغضّ النظر عن أن ريكو في قمّة مستوى تعزيز الجسد ولديه هالة وحشية بعد استهلاك الكثير من دماء الجوهر من الوحوش القوية، بغض النظر عنه.. كانت هالة راموليا في قمّة مستوى تقوية الروح، وكانت هالتُها تخنِق الخمسة، وقبل أن يُقرّروا إن كانوا سيُقاتلون أم يهربون.. قفز ريكو على أضعفِهم وغرس مخلِبه في عنُقِه فصرخ بأعلى صوتِه، وفي نفس الوقت.. هاجمَت راموليا على الأربعة الآخرين وفاجأتهم بِهجماتِها الكاسحة والمسمومة.

مِن وجهة نظر شوفين.. ليس بين جميع الموجودين في الفراغ أي شخصٍ يخاف منه إلا مِن خُدع ذلك الكيان القديم، وذلك لأن جميع المُشاركين في مسابقة الصيد أضعف بكثير من راموليا، ناهيك عنه هو، لذلك قرّر ألا يُضيّع الوقت على أحدٍ لِأن أمامَه أموراً أكثر أهمّية.

استمرّ القتال بين راموليا والأربعة لِأقلّ مِن دقيقة، وذلك لِأنها خبيرة قديمة ولا يُمكن لليافعين أن يُجاروها في القتال حتى وإن كانت أضعف منهم، فما بالك وهي أقوى ؟

انتهت منهم وكانوا جميعاً يتلوّون مِن الألم بِسبب السم الذي لا يزال يخترِق أجسادَهم من أماكن التقاء الضربات، خاصة أنهم مجرد تافهين في مستوى تعزيز الجسد ولا قِبل لهم على مقاومة السموم التي اختارها شوفين بِنفسه، لكن راموليا توقفت عندما سقطوا أرضاً ولم تقتُلهم، نظر إليها شوفين بِغضب فقالت بِبرود

"ليس معي سلاح، ولا أريد تلطيخ يديّ بالدماء"

عبس شوفين قليلاً ﻷنها تستطيع قتلهم بطرقٍ عديدة، ومع ذلك.. أخرج سيفاً خفيفاً طولُه أقل من متر، له نصل رقيق ومِقبض أحمر جميل، رمى السيف نحو راموليا وكأنه مجرد قمامة، لكن الهالة التي خرجت من السيف كانت ساحقة وجعلت الأربعة على الأرض يصرخون في وقت واحد وكأن كلباً قد عضّ مُؤخّراتِهم

"سلاح سُفلي متوسّط"

أمسكَت راموليا ذلك السيف الخفيف ثم نظرت نحو الأربعة بتعابير قبيحة وقالت

"الآن يجب أن تموتوا، لا يُمكن أن يَعرف أحدٌ حول هذا السلاح"

كانت راموليا قد حذّرت شوفين مِن إظهار الأسلحة السفلية التي معه، لكنه أخرجَه الآن حتى يضغط عليها وتقتُل الأطفال الخمسة رغم تردّدها، وصارت هي التي ترغب بقتلهم بشدة حتى وإن أراد شوفين تركَهم على قيد الحياة.

أمسكت اليسف الخفيف وضخّت فيه هالتَها فتحول إلى سيف من النار والجليد وبث هالة قوية جداً لأنه من نوع التعزيز الذي يزيد مِن قوّة صاحبِه، ابتلَع الأربعة ريقَهم وعلِموا أنهم لن ينجوا من الموت، لكن.. وقبل أن تقترب إليهم راموليا.. لعن شوفين بعبارة غير مفهومة

"وغد"

توقفت راموليا لِجزء من الثانية بسبب صراخ شوفين قبل أن تُدرِك بأن هالة قوية تحيط بالأربعة على الأرض، وفي لمحة عين.. بدؤوا بالاختفاء داخل هالة ضبابية، اندفع شوفين بسرعة ونحَر اثنين منهم باستخدام خيط النور، فهِمت راموليا جزءً مما يحدث فاندفعت وقطعت الثالث إلى جزئين، لكن الرابع كان قد اختفى قبل أن يصلوا إليه، ونفس الشيء حدث مع الخامس الذي كان يتقاتل مع ريكو وكانت الدماء تسيل من كل شبر من جسدِه.

تجمّدت راموليا وبدأت تتذكّر بأنها سبق ورأت مثل هذه الحالة، وفجأة ساد الرّعب على وجهِها ونظرت إلى شوفين، ومع أنه كان هادئاً نسبياً إلا أن الغضب كان بادياً عليه، قالت راموليا بِتردّد

"هل هذا.."

أومأ شوفين بِرأسه وقال

"لقد قام ذلك اللعين بإخراجِهم، والآن ستعرِف العشائر بأن معكِ سلاحاً سفلياً"

اسودّ وجهُها لأن ما فكّرت فيه كان صحيحاً، والعواقب ستكون غير متوقعة من الآن فصاعداً، صرخت على شوفين بِغضب

"هل تعلم ما الذي فعلتَه الآن ؟
كيف سنَنجو من اجتماع العشائر علينا ؟
كيف سيكون حال عشيرة القمر الأحمر بعد ما حدث ؟"

تنهد شوفين بِصعوبة ثم قال بِهدوء

"لا تقلقي، لكلّ شيء حلّ، لكن.. بِما أن الأمور قد وصلت إلى هذا الحدّ، فيجب علينا القيام بِمذبحة داخل هذا الفراغ"

2020/01/12 · 644 مشاهدة · 805 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024