"أنا ... أتحدّاك"

وسسسسسس~

صمت الجميع عندما قامت سويكا الجريحة بِتحدّي رفيقها شوفين، ولم يعلموا ما يحدُث بالضبط، ألم يكونا رفيقين ؟
هل هذه هي نهاية علاقتِهما لأنه لم ينهض للاطمئنان إليها ؟
وهل تستطيع القتال أصلاً بهذا الجرح البليغ ؟
لابد أنها ستنتهي بِالبكاء على كتِفه، إنه مشهد يستحق المشاهدة

وقف شوفين مباشرة وتقدّم إليها ثم نظر نحو الحكم، تنهّد الحكم وأعطاهما الإشارة لِأنه ليس مِن شأنه أن يسأل المقاتلين إن كان بِخير أو إن كان يستطيع القتال، وبِمجرد إعطاء الإشارة.. قال شوفين

"أستسلم"

هآآآآه~ ؟

فتح الجميع أفواههم بينما ضحِك البعض وفهِموا ما يفعله شوفين، حيث كان قبل قليل قد طلب من سويكا عبر التخاطر أن تستحمِل قليلاً ثم تقوم بتحدّيه، والآن استسلم لها وحصلَت تلقائياً على كرسيِّه، بعدها.. نظر نحو الثلاثيني المنحرف وقال

"أنا أتحداك"

عمّت الضجة في الجمهور وبدأ الناس يتساءلون إن كان هذا قانونياً، إلا أن الأمر في يد الحكم، وبِما أنه لم يعترِض.. فليس هناك أي خطأ، ارتجف الثلاثيني المنحرف وندِم على بجاحتِه مع رفيقة هذا الوحش الغريب، وحتى يتفادى المشكلة.. قال وهو يبتعد عن الكرسي

"أنا أستسلم"

ضجّت الجماهير مرة أخرى وبدؤوا يناقشون هذا الحدث الغريب، وللأسف أن شوفين لن يستطيع أخذ ثأر حبيبته بسبب دهاء الثلاثيني المنحرف، إلا أن الصمت قد ساد مرة أخرى عندما قال الحكم

"يجب أن يبدأ النزال قبل أن تستسلم، إلا إذا كُنت تريد ترك المسابقة نهائياً فيُمكنك المغادرة"

عبس الثلاثيني وبدأ يشك في أن الحكم يتودّد إلى شوفين، بينما كان القدماء يعلمون هذا القانون الذي يمنع اللعِب في المسابقة، لذلك توجّب على الثلاثيني المنحرف أن ينتظر حتى ينتهي الحكم من إعطاء الإشارة قبل أن يُعلِن انسحابه، صعد إلى الحلبة وبقي في مكانٍ بعيد عن شوفين حتى يستخدِم سُرعتَه في حال أراد شوفين مُباغتتَه، لم يُحاوِل شوفين الاقتراب منه وإنما انتظر إشارة الحكم، عبس الحكم وعلِم بِأن شيئاً ما سيحدُث، لذلك ركّز على الاثنين وقال

"إبدآ"

"أستسـ.."

بووووووم~

في لمحة عين.. سمِع المشاهدون ثلاثة أصوات، الأول صوت الحكم وهو يعطي الإشارة، والثاني صوت الثلاثيني المنحرف وهو يستسلم، والثالث صوت انفجار على مستوى حِزام الثلاثيني المنحرف، كل هذا وشوفين لم يتحرّك من مكانِه.

ساد صمتٌ حقيقي هذه المرة ونزل العرق البارِد من جِباه المقاتلين، ففي وقت سابق شاهدوا شوفين يوقف سكدير دون أن يتحرك من مكانِه، والآن قام بِتفجير شخصٍ بعيد دون حركة واحدة أيضاً، فكيف لا يخافون منه ؟

نظرَت سويكا نحو الثلاثيني المنحرف وقد انقسَم جسدُه إلى اثنين، وبقي نصفُه العلوي واعياً بِما يحدُث لكنه لا يملِك القوة لإصدار كلمة واحدة، وكل ما كان يفعله هو تحريك عينَيه لرؤية قاتِله لآخر مرة، وفي هذه اللحظة

بووووووم~

بووووووم~

بووووووم~

حدثت ثلاث انفجارات أخرى جعلَت جسدَه مُجرّد قطعٍ صغيرة مُنتشرة هنا وهناك، ما جعل الناس يتقزّزون وبعضهم يتقيّؤون ما أكلوه قبل أيام، لكن الأكثر تأثراً هم الملوك والأقوياء، ففي الانفجار الأول لم يكونوا منتبهين لذلك لو يروا الهجوم، لكنهم هذه المرة كانوا منتبهين جيداً، ومع ذلك لم يعلموا أو يفهموا كيف فعلها شوفين بينما لا يزال في مكانِه.

بعد الانتهاء منه.. اتّجه نحو كرسي سويكا وكانت معها راموليا، أمسك سويكا ووَضع يدَه على ظهرِها ثم دعمَها باستخدام الطاقة من الوريد الروحي لأنها مُساعِدة على التئام الجروح، بقي هو وراموليا قرب كرسي سويكا حتى نهاية اليوم ولم يجرؤ أحدٌ على تحدّيهم حتى وإن كانت سويكا جريحة ولا تستطيع الدفاع عن كرسيها، ببساطة.. لأنهم قد رأوا وحشية شوفين ضد من يؤذي رِفاقه.

انتهى النزال وأعلن الحكم الكراسي العشرة وكان سكدير بينهم أيضاً وعلى وجهِه نظرة الخوف من شوفين، تقدّم الحكم وأعطى رموزاً فضية لأصحاب الكراسي حيث سيقومون بِاستخدامها للعبور عبر البوابة، وقبل أن ينصرِف الحاضرون إلى الأماكن المخصصة للسكن.. نهض شوفين وقال بِصوتٍ مُرتفِع

"السيدات والسادة، لدي مقعدان للبيع"

وسسسسس~

ساد الصمت وظن البعض بأنهم لم يسمعوه جيداً، هل يعني هذا بأن الفتاتَين لن تذهبا معه ؟
هل هما مجرد أوراق يستخدِمها ويرميها ؟

التفت شوفين نحو الحكم وقال له

"إذا كان أعلى جبل يرغَب في تنظيم مزادٍ مصغّر فسأمنحكم عشرة في المائة من الأرباح، أقبل الحجارة الملوّنة والكنوز على حد سواء، ما لم تكُن تقنياتٍ قتالية أو مصفوفات لأني لستُ بِحاجة إليها"

قال أنه يقبل الحجارة الملوّنة لأنه لا يريد الحجارة البيضاء بِسبب كونها مجرد نفايات في القارة العظمي، صمت الحكم قليلاً قبل أن يقول

"حسناً.. سأحرِص أنا على طلبِك شخصياً"

نظر الأمير رامان نحو الملكة ندمين بِاستغراب، أليس هذا مثل ما فعله معهم في دولة سمريان ؟
هل يُعقل بأنه وحش مالٍ لا يشبع ؟

...

في الليل.. اجتمع الأغنياء مِن جميع الدول وبدؤوا يعرِضون أموالهم وكنوزَهم حسب استطاعة كل واحدٍ منهم، لكن شوفين كان يطلب أكثر وأكثر، ولن يتوقّف حتى يشعُر بأنهم لن يدفعوا أكثر، بعد ساعة ونصف.. انتهى بيع المقعد الأول لِحاكم أقوى دولة، وكان في البداية يُريد شراء مكانَين بِهذا السعر والذي كان أكثر من عشرين ألف حجر أحمر ومائة حجر برتقالي، بالإضافة إلى عددٍ من الكنوز المختلفة بين الحبوب والأسلحة وغيرِها، لكن شوفين كان جشِعاً جداً وباع له مقعداً واحداً فقط.

في الحقيقة.. هو لم يكُن جشِعاً وإنما كان يعلم قيمة مكانٍ عبر البوابة، وسبق له المعاناة لِأجلِه في دولة سمريان، لذلك لم يهتم وهو يرفع السعر.

خزّن أمواله ومنح الشارة للحاكم فسلّمها مباشرة لِفتاةٍ في العشرين من عمرها، لها ظفيرة سوداء طويلة وعينان رمادِيتَين بِشكلٍ غريب، وكانت هذه الفتاة قد شاركَت في القتال للحصول على مكانٍ فارغ إلا أنها لم تنجح، ومن تصرّف حاكم أعلى دولةٍ معها.. لاحظ شوفين بأنها تعني له الكثير، وهذا هو السبب في دفعهِ لِمثل هذا المبلغ الضخم.

انتهى بيع المقعد الأول وبقي مقعد واحد فقط، لكن المُزايِدين كانوا متردّدين بِسبب ارتفاع سعر المكان السابق، وبعد صمت طويل.. تقدم ملك ثالث أقوى دولة نحو شوفين وقال له

"أنا بالتأكيد لا أحمل ما يكفي لِشراء المكان، لكني أحتاج إليه كثيراً، لذلك أتساءل إذا كان السيد شوفين سيقبل ما معي من أموال وسأضيف إليها نسخة من كتاب قديم"

قطّب شوفين جبينه قليلاً ثم سأل

"أي نوع من الكتب هو ؟"

عبس الحاكم قليلاً ثم قال بإحراج

"لقد جلبه أحد أسلافنا منذ الف سنة، وقال بأنه يحتوي على معلومات مهمة وتُقدّر بِالكثير، لكن.."

ابتلع ريقه ثم أكمل

"لكنه مكتوبٌ بِاللغة القديمة، وحتى سلفي لم ينجَح في فكّ رموزِه"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

2020/01/17 · 565 مشاهدة · 975 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024