"أستسلم"

قالها الأربعيني بِصوت واضح لأنه خاف أن يقتله شوفين قبل الاستسلام، عبس جميع الحاضرين لأنهم لم يفهموا ما حدث حتى اعتقدوا بأنه هجوم روحي، لكن الخبراء استطاعوا رؤية أن شيئاً خفياً قد كان يقوم باحتجازه، إلا أنهم مثل الجميع لم يعرفوا ما كان لأن الخيوط كانت تقريباً مندمجة مع نور النهار.

سأله شوفين قبل أن يُطلِق سراحه

"ما هو اسمك ؟"

قال

"سكدير"

ابتسم شوفين وأرخى قيودَه وهو يقول

"قتلتَ زملائي وأنا أخذتُ كنوزَك، لا تبحث عن الثأر حتى لا أبحث عنه أنا أيضاً"

قال هذا ثم اتّجه نحو الكرسي الذي ربِحه، فهِم الحاضرون مباشرة بِأن الاثنين كان بينهما بعض المعرفة، لكنهم لم يهتموا بهذا بِقدر اهتمامِهم بقوة شوفين الغريبة.

استمرّت القتالات حتى أرسل شوفين رسالة إلى راموليا

"الكرسي الثالث"

تقدّمت مباشرة نحو الكرسي الثالث دون أي شك أو تردّد مع أن صاحِبه كان في قمّة مستوى تهئية الوعاء، تحدّتهُ تحت تعجّب الجميع لأنها مجرد طفلة صغيرة، قام الشخص الطويل على الكرسي وهو ينظر نحو راموليا، اقترب منها وقال

"لا تكوني سخيفة يا صغيرة"

عبست في وجهِه وقالت

"دَع الحديث للنساء"

قالت هذا وهي تُطلق هالة مسمومة تُشعِر بالتآكل، عدّل الطويلُ وقفتَه واستعدّ، أعطاهم الحكم الإشارة فبدأت راموليا بالهجوم مباشرة واستخدَمت عُنصري النار والجليد في تشكيل دوامة قوية تتجه نحو خصمِها

.:: زوبعة القفل السام ::.

ابتسم الطويل ورفع يدَه فصدّ هجومها بِسهولة عبر درعٍ من الرياح، وقبل أن يُهاجِم.. أطلَقت عدّة هجمات مُشابِهة حتى صار المكان الذي يقف فيه الرجل الطويل مليئاً بالجليد المُشتعل، وقبل أن يُلاحظ.. كان الجليد قد تشكّل على قدمَيه وثبّته على الأرض، وهذا هو القفل الذي سمّت به تقنيتها، غضِب الرجل الطويل وأطلق هالَته فتحطّم القفل وتحرّر من مكانِه، لكنّه في هذه اللحظة.. شعر بأن شيئاً ليس في محلّه، تصفّح الجليد المحترق حوله فلاحظ بأنه يُطلِق السمّ في الهواء

.:: زوبعة الخلاص الناقم ::.

كتم أنفاسه مباشرة ثم أطلق هجوماً باستخدام عنصر الرياح فتناثر الجليد المسموم بعيداً عنه، أوقف الهجوم ثم رفع يده

.:: سيف الرياح الصالحة ::.

تشكّل سيف طويل في يدِه وكان مصنوعاً من عنصر الرياح، اتّجه مباشرة نحو راموليا بِسيفه الطويل، رفعت راموليا كِلتا يديها وشكّلت درعاً من الجليد بالاعتماد على سلاح السوارَين، اصطدم سيف الرياح بالدرع الجليدي ونقصت قوته كثيراً، لكنه نجح في كسر الدرع في الأخير، وبعد تلاشي القطع الجليدية.. استقبل هجوماً من راموليا بالسيف الأحمر الخفيف الذي أعطاه لها شوفين قبل فترة، لم تهجُم بالسيف مباشرة وإنما قامت بِضخّ كمية من الجليد الناري عبرَه وقامت بزِيادة قوته عبر السِّوارَين، انطلق هجومها نحو الرجل الطويل لكنه لم يكن يستهدِف جسده أو سيفه، بل لوّحت به فقط في الهواء

.:: ألف جرح سام ::.

انطلقت من سيفِها عشرات الإبر الجليدية المُحترِقة واتّجهت نحو الخصم الطويل، لم يملِك الوقت للتراجُع لأنه كان يتقدّم للأمام، لذلك استخدم الطاقة التي صنع بها سيفَه وحوّلها إلى درعٍ من الرياح، تناثرت الإبر بِسبب الرياح وابتعدت عنه، ومع ذلك.. واصلت راموليا هجومها وكأنها لا تخشى استنزاف طاقتِها، وبينما كان الخصم الطويل يُدافِع.. كانت هي تستخدِم طاقتها الروحية للتحكّم في إحدى الإبر التي سبق وطارَت بعيداً، وبعد بضع ثوانٍ.. اتّجهت الإبرة من خلف الخصم وجرحته قليلاً في أذنِه عبر ثغرة خفية.

لم يهتم في البداية لِمجرد جرح بسيط، لكنّه ندِم على اعتِقادِه لأنه بدأ يشعُر بالسمّ ينتشِر في أذنِه بسرعة كبيرة، وإذا لم يتوقّف للتركيز على إخراجِه عبر طاقتِه الداخلية فقد يحدُث ما لا تُحمد عُقباه، عبس وقال رغماً عنه

"أستسلم"

تنهّدت راموليا بصعوبة وكانت هذه هي أولى معارِكها الحقيقية في جسدِها الجديد، ورغم تعبِها إلا أنها كانت سعيدة حيث استغلّت ثغرات الخصم وأجبرَته على الاستسلام.

غادر الخصم الطويل لِعلاج نفسِه حتى يعود للقتال مرة أخرى، بينما توجّهت راموليا للكرسي الثالث وهي تنظر نحو شوفين، أومأ شوفين ثم قال عبر التخاطُر

"سويكا.. الكرسي السادس"

نظرت سويكا نحو الكرسي السادس وكان عليه ثلاثيني يبدو من شكلِه وملابِسه بِأنه مُنحرف، ابتلعَت ريقها وتقدّمت نحوَه وقالت

"أنا ... أتحداك"

أجبرت نفسها على الكلام رغماً عنها، وذلك لأنها تجربتُها الأولى خارج عشيرتها ولا تعلم الكثير عن العالم الخارجي، نظر إليها الثلاثيني المنحرف وتلألأت عيناه قبل أن يضحك ويقول

"سأعطيك هذا الكرسي مجاناً مقابل قضاء الليلة في سريري، ما رأيك ؟"

سقطت كلِماته مثل البرق على قلبِها لأنه ذكّرها بِمشكلتِها الرئيسية والتي تسبّب فيها قلبُها البدائي، شعر شوفين بارتجاف قلبِها فقال لها عبر التخاطر

"لا تهتمي للأمور التافهة، ركّزي على القتال فقط"

تنهّدت ثم نظرَت نحو الحكَم فطلب من الثلاثيني المنحرف أن يُقاتِل أو ينصرِف، نزل الثلاثيني المنحرف عن الكرسي واتّجه بِكسلٍ نحو سويكا، استعدّت وجهّزت هجومَها الأول بينما تُلاحظ ما سيفعله الخصم، لكنّه تقدّم نحوَها دون أي دفاع، عبسَت وشغّلت مصفوفة قوية على راحة يدِها وكانت مخصصة لإطلاق هجوم مائي قوي، ومع ارتفاع طاقتِها.. لاحظ الجميع بأن طاقتَها أكبر بِكثير من تدريبِها، وذلك لأنها تعتمد على المصفوفات مع أنها تبدو مثل أي تقنية عادية، ومع ذلك.. لا زال الثلاثيني المنحرف يبدو وكأنه غير مُهتمّ.

حركاتُه اللامُبالية هذه جعلَت سويكا غير مرتاحة، لذلك قرّرت الهجوم عليه قبل أن يصِل إليها، أطلقَت الهجوم وتكوّن تيار مائي قوي واتّجه نحو الخصم، وفي هذه اللحظة.. اختفى من مكانِه وكأنه شبح، ومثل هذه الحركة لم يُظهِرها في قتالاتِه السابقة لذلك لم يعلَم عنها شوفين، اختفى مِن مكانِه اعتماداً على السرعة، وفي لمحة عين.. كان قد وقف خلف سويكا وأمسكها بِذراعيه من الخلف في حركة منحرفة، أرادت التحرّر منه إلا أنها لم تستطِع، وما زاد حالتَها سوءً هو أنه كان يُعامِلها مثل لعبة بين يدَيه وبِطريقة منحرِفة، يهمِس في أذنها ويُحاوِل لعق عنقها، ناهيك عن أنه مُلتصِقٌ بها، وهذا هو أكثر ما تكرهُه وتُحاوِل الهروب منه، ويبدو بأنها قد سقطَت فيه مِن أول قتالٍ خارج العشيرة.

في الحقيقة.. كان هذا هدف شوفين حتى يدفع سويكا إلى الأمام، وذلك لأنه قد لاحظ انحراف الخصم فقام بِترشيحه لها حتى، وحتى إن لم تهزِمه فستخرُج على الأقل بِعزيمة كبيرة تُساعدُها على الاجتهاد في تدريبِها المستقبلي، لكن شوفين أهمل إمكانية استخدام الثلاثيني المنحرف للسرعة، وهذه هي النقطة القاتلة لِسويكا في الوقت الحالي، لذلك تنهّد وطلب منها الاستسلام.

سمعت سويكا طلب شوفين عبر التخاطر، لكنّها لم تستسلِم وإنما اغرورَقت عيناها وهي تجمع كل طاقتِها وتُطلِق بِها مصفوفة نحو الأرض في المكان الذي تقِف فيه بِغرض التحرّر من المُنحرِف الذي يُمسِكها من الخلف، وفي نفس اللحظة.. قامت بِتفعيل الدرع الشفاف الذي أعطاه لها شوفين.

.:: اللغم الماكر ::.

وبدون مقدّمات.. انفجرَت الأرض تحتَهما وكأنه هجوم انتحاري، قُذِفت سويكا بعيداً بينما استخدم الثلاثيني المنحرِف سُرعته للابتعاد عن التفجير، ومع أنه سريعٌ إلا أن التفجير قد سبّب له بعض الجروح السطحية وأفسد ثِيابه وتسريحة شعرِه، وهذا جعلَه غاضباً جداً لِدرجة أنه انقضّ عليها حتى قبل أن تصِل إلى الأرض بعدما دفعها الانفجار، استغلّ الثلاثيني سُرعتَه للوصول إلى ظهر سويكا بينما يُخرِج خِنجراً من حِزامِه، وبِضربة مائلة.. قطع ظهر سويكا بِما يملِك من قوة بُغية قتلِها وهو يصيح

"موتي يا عاهرة"

لحُسن الحظ أن سويكا تلبِس درعاً قوياً، ومع ذلك.. استطاع الخِنجر تجاوُز الدرع وسبّب لسويكا جُرحاً عميقاً من كتِفها الأيمن حتى الجهة اليسرى، صرخَت بِقوة وسقطَت خارج المنصة فأعلَن الحكم عن الفائز.

قفزت راموليا من كرسيها نحو سويكا ورفعَتها إليها، تفحّصت جُرحها وكان عميقاً ويحتاج إلى العناية، لذلك ضخّت إليها بعض الطاقة وساعدَتها على توقّف الدماء، انتهَت من الإجراءات الأولية ثم نظرَت إلى شوفين الذي لم تتغيّر ملامِحه وكأن سويكا لا تعني له شيئاً، اختلَطت المشاعر في قلب راموليا ولم تعُد تعرِف إن كان شوفين يهتم حقاً برِفاقه أم لا، لكن سويكا تحمّلت الجرح ووَقفت بصعوبة ثم اتّجهت نحو المنصة، أرادت راموليا دعمَها إلا أنها رفضت ذلك، اتّجهت نحو شوفين بصعوبة وقالت

"أنا ... أتحدّاك"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

2020/01/17 · 574 مشاهدة · 1190 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024