مضى عامان منذ ولادتي.
أصبحت خاصرتي قوية وساقاي قادران على حملي.
وبدأت أتعلم لغة هذا العالم.
بما أنني قررت العيش بجدية، بدأت أحصي ما يمكنني فعله.
ما الذي كان ينقصني في حياتي السابقة؟
دراسة ورياضة ومهارات.
بما أني طفل فهناك القليل لأفعله كدفن وجهي في صدر إحداهن.
وكلما فعلت ذلك بالخادمة، يعبس وجهها. تلك الخادمة لا تحب الأطفال.
بما أني سأمارس الرياضة في وقت لاحق من حياتي، أخذت أبحث عن كتب في المنزل لأتعلم الكلمات.
تثقيف النفس شيءٌ أساسي.
ففي اليابان نسبة التعلم تكاد تصل 111 % إلاّ أن العديد من اليابانيين يجدون صعوبة في نطق الإنجليزية لذا عزفوا عن فكرة السفر للخارج واعتبروا تعلم اللغات الأجنبية مجرد مهارات جانبية.
إذن، هدفي الأول هو تعلم لغة هذا العالم.
ثمة خمسة كتب في المنزل.
هل كتب هذا العالم باهظة الثمن أم أن باول وزينيث لا يقرآن الكتب؟ أو ربما الاحتمالين معًا؟
بالنسبة لي، هو أمرٌ لا يصدق فأنا أملك آلاف الكتب. للأسف، كلها روايات ألعاب.
صحيح أنها مجرد خمسة كتب إلاّ أنها كانت كافية كي أتعرفّ على الكلمات.
لغة هذا العالم شبيهة باليابانية لذا سهل عليّ تعلمها رغم اختلاف الأبجدية كلياً.
لم أواجه أدنى صعوبة في تعلم نطقها. ستتيسّر أموري إن حفظت مفردات كافية. الأهم هو تعلمّ الكلام. كان أبي يقرأ لي محتويات الكتب مرات عديدة، لذا ازدادت حصيلتي اللغوية بسهولة.
لعل السبب يكمن في قدرة هذا الجسد الجيدة في الحفظ.
بعد تعلم القراءة، اكتشفت أن محتوى الكتب مثير للغاية.
لم يخطر على بالي أبدًا أن الدراسة مشوقة هكذا.
الأمر شبيه تمامًا بحفظ معلومة وجدتها في الإنترنت، يستحيل ألاّ تكون مثيرة!
أحقًا اعتقد والدي أن طفلاً رضيعًا سيفهم محتويات الكتاب؟
لم أمانع ذلك طبعًا، لكن أي طفل طبيعي بلغ عامه الأول سيتضايق ويصيح.
الكتب الخمس الموجودة في المنزل هي كالآتي:
1- ] السفر حول العالم.[
كتاب مرشد يحتوي على أسماء بلدان العالم ومعالمها الخاصة.
2- ] طبيعة وحوش فتوى ونقاط ضعفها.[
كتاب يصف الوحوش التي ظهرت في ولاية فتوى وطرق التعامل معها.
4 - ] المرشد في السحر.[
كتاب مرشد يشرح طريقة استعمال الهجمات السحرية من مرتبة مبتدئ حتى مرتبة متقدم.
3 - ] أسطورة بيروجيوس.[
رواية خيالية عن مستدعي يدعى بيروجيوس؛ جاب العالم مع رفاقه لمحاربة آلهة الشياطين وإنقاذ العالم ونصرة الخير ونبذ الشر.
5 - ] السيافون الثلاثة والمغارة.[
رواية تحكي مغامرة ثلاثة سيافين بارعين من مدارس مختلفة جمعتهم الصدف ودخلوا مغارة سحرية. باستثناء الروايتين القتاليتين، تعلمت الكثير من الكتب الثلاثة الأولى، خصوصًا كتاب المرشد في السحر.
محتوى الكتاب جذب جل اهتمامي بما أني جئت من عالم خالٍ من السحر.
تعلمت بعض الأساسيات من قراءة المرشد:
1 ( يصنفّ السحر لثلاثة أنواع عامة.
)سحر القتال( يستخدم لمهاجمة الخصم.
)سحر الشفاء( يستخدم لمعالجة المتلقي.
)سحر الاستدعاء( يستخدم لاستدعاء شيء.
ثلاثة أنواع سهلة الفهم. لكل منها استخدامات متعددة، لكن حسب المرشد فقد تم تطوير السحر من أجل الحروب، ما زالت استخداماته شبه معدومة خارج نطاق المعارك والصيد.
2 ( الطاقة لازمة لتفعيل السحر.
بوسعك استخدام السحر ما دمت تملك الطاقة السحرية.
ثمة طريقتان لاستخدام الطاقة.
> استخدام الطاقة المخزنة في جسد المستخدم.
> استخراج الطاقة من مصدر آخر به طاقة مخزنة.
طريقتان لا ثالث لهما.
على سبيل المثال، الطريقة الأولى كمولدّ منزلي، والثانية كبطارية.
كان الناس في الماضي يستخدمون طاقات أجسادهم في السحر.
ومع تعاقب الأجيال، تعمقت الأبحاث وتطور السحر وازدادت صعوبته وتضاعفت معه مقادير الطاقة اللازمة.
لم يعنِ الأمر أصحاب المخزون الوافر من الطاقة وإنما أصحاب المخزون الضئيل الذين لم يعد بمقدورهم استخدام السحر المتطور.
وهكذا، فكرّ سحرة الماضي بطرق أخرى في استخراج الطاقة من مصادر خارجية لتحقيق متطلبات السحر. 4 ( ثمة وسيلتان لتفعيل السحر.
> الترانيم.
> الدوائر السحرية.
لا حاجة للشرح، صحيح؟ لتفعيل السحر، إما أن تنطق الترنيمة أو ترسم دائرة سحرية.
رسم الدوائر السحرية كان رائجًا في قديم الزمان، لكن الترانيم حلتّ مكانه.
في الماضي السحيق، أبسط ترنيمة كانت تستغرق حوالي دقيقة أو دقيقتين.
لم تكن الترنيمة طويلة جدًا إلاّ أن هذه الطريقة ليست فعالة في المعارك.
أما الدوائر السحرية فهي تسمح بتكرار استخدامها بما أنها مرسومة.
تعاقبت السنين وتمكنّ أحد السحرة من تقليص زمن الترنيمة فأصبحت الترانيم هي الرائجة.
أقصر ترنيمة الآن تستغرق خمس ثوانٍ، أيْ من السهل استخدام الترانيم في السحر القتالي البسيط.
لكن إن لم تكن الظروف مواتية، تتم الهجمات السحرية المعقدة عبر الدوائر السحرية.
3 ( مخزون طاقة كل شخص يتحدد عند ولادته.
لو أننا في لعبة RPG لازداد مخزون الطاقة بترقية مستوى اللاعب، لكن الأمر مختلف في هذا العالم.
هنا، يبدو أن الجميع محاربون وهذا الوصف يشعرني بالغرابة...
ماذا عني؟ هممم.
قدر الطاقة يتحدد بالوراثة على ما يبدو.
مقدرة أمي على إلقاء السحر تعطيني بصيص أمل في امتلاك قدر محترم من الطاقة الكامنة.
الأمر مقلقٌ بعض الشيء. لا أعتقد أن المواهب تنتقل بالجينات.
على أية حال، بدأت أجرب أبسط السحر.
المرشد يحتوي على كلا الطريقتين؛ الترانيم ودوائر السحر، لكني بدأت بالترانيم لأنها الرائجة ولاستحالة أن أرسم دوائر السحر.
على ما يبدو، كلما ازداد السحر تعقيدًا، زاد زمن الترنيمة.
كما أن بعض السحر المعقد يتطلب رسم الدوائر السحرية بالإضافة إلى لفظ الترانيم.
هذا لا يهمني الآن.
ولكن...
يبدو أن بمقدور الساحر الماهر استخدام السحر دون لفظ الترنيمة.
ترنيم صامت أو ترنيم مختصر، شيءٌ من هذا القبيل.
لكن لماذا يتطلبّ أن يكون الشخص ماهرًا كي يستغني عن الترنيم؟
قدر الطاقة اللازم لإلقاء السحر لا يتغير، ولو ارتفع مستواي فلن يزداد المخزون أيضًا....
أو ربما القصد أنه كلما زادت مهارة الشخص، تقل الطاقة المستخدمة؟
لا، حتى إن انخفض قدر الطاقة المستخدمة، فلا حاجة لاستباق الخطوات.
........ لا يهم، سأجرب أولاً.
أمسكت الكتاب بيدي اليسرى، ثم رفعت يدي اليمني وقرأت الكلمات.
" هب ماءَك العظيم لعبدك المحتاج، ولتتدفقّ نقاوته الخالصة هاهُنا 『 كرة الماء 』 "
أحسّ بتجمع الدماء في يدي اليمنى.
أشعر وكأن دمي يُمتص.
بدأت تتشكل أمام يدي اليمنى رصاصة ماء بحجم قبضة يد.
" مذهل!"
لم ألبث أن ذهلت حتى سقطت رصاصة الماء وبللت الأرضية.
مذكور في الكتاب أن رصاصة الماء يفترض أن تطلق، لكنها سقطت في مكانها.
لربما يفشل السحر بسبب فقدان التركيز.
ركزّ، ركزّ........
إحساس تجمع الدم في يدي اليمنى. نعم، نعم، هذا الإحساس..... همممم.
رفعت يدي اليمنى مجددًا وأخذت أسترجع ذلك الإحساس وأتخيلّه في ذهني.
لا أدري كم أملك من طاقة، لكن سأفترض أنّ عدد محاولاتي محدود.
ركزّ، واجعل كل محاولة ناجحة.
أولاً، عليّ تخيلها وتكرارها مرة تلو أخرى في ذهني، ثم أنفذّها على أرض الواقع.
لو فشلت، سأتخيلها من جديد حتى أتمّكن منها في ذهني.
هكذا كنت أتمرن على كل حركة جديدة في ألعاب القتال. لم أفشل قط في تنفيذ هجمات مركبّة.
لن أواجه مشكلة إذا استعملت هذه الطريقة... أو هذا ما أرجوه.
" شهـ.....ـيـق"
أخذت نفسًا عميقًا.
أرسلت الدم المتدفق من أطراف قدميّ وقمة رأسي إلى يدي اليمنى بواسطة ذلك الإحساس لجمع الطاقة. ومن ثم ،تخيلت إطلاقها من راحة يدي...
بحذر، بحذر. مع كل نبضة، استجمعها ببطء ....
ماء، ماء، ماء، رصاصة ماء، كرة ماء، كرة الماء، سروال الماء....
تباً، خالطتها مشاعر شريرة. من جديد.
ركزّ، اعصر الماء ليخرجججج.......
" ياه!"
صحت بعفوية كراهب يتدرب، وخرجت رصاصة الماء.
" ماذا.....؟"
*طش .*
سقطت رصاصة الماء بسرعة فور اندهاشي.
" ........ آه".
ماذا... لم أنطق الترنيمة للتو، صحيح؟
لماذا...؟
كل ما فعلته هو استرجاع إحساس تلك التعويذة وتقليده في ذهني.
لكن هل محاكاة تدفق السحر ألغى أهمية الترنيمة؟
هل الترنيم الصامت بهذه البساطة؟
أليس من المفترض أن تكون تقنية عالية المستوى؟
" إذا كانت سهلة التطبيق، فما فائدة الترنيمة؟"
حتى شخص غشيم مثلي بإمكانه أداء الترنيم الصامت.
تركيز الطاقة في أنامل يدي وتحديد شكلها في ذهني.
هذا كل شيء.
في هذه الحالة، لا حاجة أبدًا للترنيم، يمكن للجميع اتباع هذه الطريقة.
)............ لحظة(
هل الترنيم هو مفتاح لتفعيل السحر؟
لا حاجة لمحاكاة شعور تجمع الدم، يمكنني إكمالها بصوتي.
لعل الأمر كذلك.
مثل سيارة ذات ناقل حركة آلي، إذا استبدلنا الناقل بآخر يدوي، ستظل السيارة تعمل.
" لفظ الترنيمة سيطلق السحر تلقائياً."
ثمة فوائد متعددة في استخدام الترنيم.
أولاً، إنها سهلة.
من الأسهل تأديتها بمجرد لفظ الترنيمة عوضًا عن شرح كيفية تجميع الدماء في الأوعية الدموية وما إلى ذلك.
راحة للمعلم والطالب، وبالاستمرار في طريقة التعليم هذه مرة تلو أخرى، ستصبح الترنيمة هي اللب.
ثانياً، إنها مناسبة.
من البديهي أن سحر القتال صنع للقتال.
من الأسرع لفظ الترنيمة عوضًا عن إغلاق عينيك والتعصرّ أثناء التركيز.
الأمر ببساطة، إما أن تسخّر كامل قوتك وأنت تتخيلها بصورة واضحة أو تسخّر كامل قوتك وأنت تلفظها.
" لا بد أن الأمر يختلف من شخص إلى آخر، ربما هناك من يفضلون طريقة على الأخرى"....
قلبّت صفحات الكتاب بسرعة ولم أجد شيئًا عن الترنيم الصامت.
هذا غريب. لم يكن الأمر صعبًا حسب تجربتي.
ربما هذه موهبة خاصة أمتاز بها عن الآخرين.
ربما يمكن تفسيرها على النحو التالي.
في العادة يبدأ الساحر كمبتدئ حتى يصل إلى الاحتراف، والجميع يتبعون طريقة لفظ الترانيم.
بعد نطق الترانيم آلاف المرات، تتعود أجسادهم على الطريقة اللفظية وتعجز عن الترنيم الصامت.
ولأن الفكرة غير منتشرة فهي لم تذكر في الكتاب المرشد.
" إنه تفسير معقول!"
إذن هذا يعني أنني شخص غير عادي.
أليس هذا رائعً ا؟
أشعر وكأنني أغش.
" لقد استخدموا وسيط جرم دون غناء الأوراتوريو؟!"
" لكن كل ما فعلته هو استخدام الوسيط كالمعتاد وفتحت البوابة ". )اقتباس من رواية Tasogare-iro no Uta Tsukai (
أو شعور من هذا القبيل؟
مذهل! الحماس يغمرني.
أوه، لا، لا، اهدأ، امسك نفسك.
لقد خدعني مثل هذا الشعور في السابق.
صرت مغرورًا لأن مهاراتي في الحاسب كانت تفوق مهارات الشخص العادي وشعرت حينها أنني فوق الجميع، وبالنهاية أصبحت عارًا على البشرية.
عليّ التواضع. لا يجب أن أرى نفسي أفضل من الآخرين، جلد الذات مهم.
أنا غشيم، غشيم فحسب.
إنها ضربة حظ، مجرد حظ مبتدئين. لست بشخص موهوب. عليّ الاجتهاد أكثر.
جيد. سأعتمد أولاً على لفظ الترنيمة، وبناءً على الإحساس المجربّ، سأتدرب على الترنيم الصامت بصورة متكررة.
سأتبع هذا المنوال في التعلمّ.
" إذن، هياّ نكمل."
عندما مددت ذراعي الأيمن، شعرت بخمول طفيف وكأنيّ أحمل ثقلاً على كتفي.
إنه شعور الإجهاد.
هل تركيزي الشديد هو السبب؟
لا، كانوا يعدّوني لاعب محترف في ألعاب الأونلاين )مدّاح نفسه(.
بوسعي الاستمرار في الصيد لستة أيام متتالية من دون نوم لو أردت.
تركيزي لن يذهب بعد محاولتين فقط.
" أيعقل أن مخزون طاقتي قد استهلك...؟"
يا إلهي…
إذا كان مخزون الطاقة يتحدد منذ الولادة، أيعني هذا أن طاقتي تكفي فقط لإطلاق رصاصتين مائيتين؟!
أليس هذا قليلاً جدًا؟!
هل السبب في كوني مبتدئ؟ أم فقر كفاءتي في استخدام الطاقة؟
لا، هذا غير معقول؟!
حاولت تسخير السحر مرة أخرى للتأكد، ولكن أغمي علي .
Dark_King