الفصل 109: يقظة الروح
"شيء من الأساطير؟ ألستُ واقفاً أمامك كدليل حي؟"
قال المتسول.
أجابه إيثان: "وماذا تريد مني؟ هل تنوي قتلي لأن الطعام لم يكن على ذوقك؟"
ارتعش فم الرجل من الغيظ.
"أيها الفتى، لقد أعجبتني شخصيتك. أريد أن أمنحك فرصة، إن كنت محظوظاً فقد يتغير قدرك. اسمي فلكن، أنا شيخ من طائفة السيادة العظمى. سأصطحبك إلى هناك، وإذا تمكنت من إيقاظ روح، حتى ولو كانت حمراء، فسأسمح لك بخدمتي. هل لديك الجرأة لتغتنم هذه الفرصة؟"
ابتسم إيثان في نفسه: "إذن رحلة الزراعة تبدأ بروح الروح... لقد نسخت بالفعل الشيفرة الجينية لأهل هذا العالم، ربما أستطيع إيقاظ واحدة."
ثم نظر إلى المتسول وقال بثقة: "ولمَ لا أجرؤ؟ خذني إلى الطائفة أيها العجوز، ربما أصبح سيد الطائفة يوماً ما، وسأعتني بك حينها."
ارتعش فم المزارع بشدة. عادةً إذا علم أحدهم بوجود مزارع، فإنه يسجد له فوراً ويعبده كالإله، لكن هذا الشاب يتحدث ببرود غريب. فكّر في نفسه: "من الأفضل أن توقظ شيئاً فوق المستوى الأزرق، وإلا ستقضي حياتك في حمل الماء إلى حقول الروح عقاباً على قلة الاحترام." ثم أطلق شخيراً ساخطاً.
عندها أخرج قارباً من خاتم الفضاء، وكبر حجمه في الهواء. كان وعاء روحياً متقدماً للسفر السريع.
اندهش إيثان لرؤية القارب. بدا كمزيج من التقنية والسحر في آن واحد، مما زاد من غموض عالم الزراعة بالنسبة له. لكنه سيكتشف الحقيقة قريباً.
ثم صعد إلى القارب قبل المزارع نفسه وكأنه ملكه.
شتمه فلكن في سرّه: "ألم تكن مرعوباً قبل لحظات؟ كيف تحولت هكذا فجأة؟" لكنه لم يوبخه، بل قرر منحه الفرصة أولاً. وإن فشل، فسوف يطرده بهدوء. كان ذا طبيعة طيبة، لكنه لو لم يكن كذلك لربما تعرّض لتحقيق عنيف كان سينهي حياته. ولهذا وُجد القول: "كن لطيفاً مع الناس دوماً."
انطلق القارب محلّقاً في السماء، ثم اختفى، فقد كان يسير بسرعة مذهلة—لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر في الثانية.
قال إيثان: "أيها العجوز! هل يمكنك أن تحدثني قليلاً عن عالم الزراعة؟ فأنا لا أعرف عنه شيئاً."
رد فلكن: "أولاً، عليك أن توقظ روح الروح. هناك مراتب لها من الأدنى إلى الأعلى: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، الأرجواني، والبنفسجي الغامق. كلما ارتفعت رتبة الروح، ازدادت قوتها، وزادت قدرتها على امتصاص الطاقة ومنحك تعزيزات أخرى.
أما مراتب الزراعة فهي: تنقية الجسد، تنقية الطاقة، النواة الذهبية، الروح الجنينية، القصر الأرجواني، صعود الفراغ، تخطي الكارثة، الماهاريانا . كل مرتبة تنقسم إلى تسع مستويات. هذا كل ما تحتاج معرفته الآن، وإذا اجتزت الاختبار ستعرف المزيد."
أومأ إيثان، فلم يخرج الأمر عن توقعاته، فلم يسأل أكثر.
بعد وقت قصير، وصلوا إلى سلسلة جبال شاسعة. بدأ القارب بالهبوط.
قال الشيخ فلكن: "لقد وصلنا. سيأخذك أحدهم إلى قاعة الإيقاظ."
أومأ إيثان، لكنه في داخله مسح الجبال بحواسه، فوجد أنها أكبر من الأرض نفسها، والطائفة تقع على قمة أعلى جبل فيها. كما رصد هالات طاقة هائلة، بعضها يفوق قوة 5 شموس.
فكّر: "يجب أن أضع مقياساً للقوة لاحقاً."
حين حط القارب على الأرض، أسرع عدد من الشبان والشابات لتحية الشيخ: "مرحباً بعودتك، الشيخ فلكن."
كانوا يرمقون إيثان بنظرات فضولية.
أخرج فلكن حجراً وأعاده فوراً، ولم يفهم إيثان ما فعل.
ثم تقدمت فتاة ترتدي ثوباً أزرق، وانحنت باحترام: "مرحباً بعودتك يا معلمي."
أومأ لها، ثم التفت إلى إيثان قائلاً: "خذي هذا الشاب إلى قاعة الإيقاظ."
أثار الأمر دهشة الحاضرين، فالشيخ فلكن جاء بنفسه ليجلب هذا الغريب! من يكون يا ترى؟
قال: "هذه ميكا، ستأخذك إلى القاعة. أتمنى لك النجاح."
ثم ابتسم ابتسامة غامضة، واختفى.
رمق إيثان ميكا، كانت في منتصف العشرينات، ذات ملامح آسرة وقوام ممشوق، تشع هالة لطيفة، لكنها قوية—بقوة لا تقل عن 500 مليون طن.
حيّاها قائلاً: "تشرفت بلقائك، أنا رايان. سأكون تحت رعايتك."
أومأت بابتسامة خفيفة، ولم يبالِ إيثان فهو ليس هنا لمغازلة الفتيات.
بدأت ميكا السير، وتبعها إيثان حتى وصلا إلى قاعة واسعة.
قالت: "يمكنك دخول تلك الغرفة، الشيخ تريفور سيشرف على العملية. سأنتظرك هنا."
دخل إيثان الغرفة، فرأى شيخاً مسناً، بقوة تقارب فلكن، يقرأ شيئاً وهو جالس.
رفع رأسه ونظر إلى إيثان: "من أحضرك إلى هنا يا فتى؟"
"الشيخ فلكن."
أومأ تريفور وقال: "حسناً، اجلس هناك." وأشار إلى دائرة منقوشة بالرموز.
جلس إيثان متربعاً، وتمتم الشيخ بكلمات غامضة ثم ضغط على الدائرة، فأضاءت النقوش وتدفقت طاقة غريبة إلى جسده.
تتبع إيثان مسار هذه الطاقة كعادته، حتى وصلت إلى قلبه، وفجأة—بوم!
بدأ شيء غريب يتشكل... وسرعان ما تكوّنت سيف صغير، وما إن ظهر حتى شرع في ابتلاع الطاقة كالثقب الأسود.
ظل تريفور متكاسلاً وهو لا يتوقع شيئاً من هذا الفتى العادي المظهر، لكن فجأة—بوم! امتصت الروح طاقة الروح في دائرة نصف قطرها 100 كيلومتر بسرعة الضوء، وتوهجت النقوش بلون بنفسجي داكن.
اتسعت عينا الشيخ رعباً... فمنذ تأسيس هذه الطائفة لم يوقظ أحد روحاً بنفسجية، حتى السلف الأعظم كان يملك روحاً أرجوانية فقط.
لكن ما لم يكن يعرفه هو أن...