128 - وصول الجميع إلى طائفة المهيمن

الفصل 128: وصول الجميع إلى طائفة المهيمن

أصبح "إيثان" الآن يعرف أكثر أو أقل عن هذا الكون.

وبمجرد أن غادرت "ميليسا"، شعر بعدة هالات قوية تتجه نحو طائفة المهيمن من جهات مختلفة.

تمتم قائلاً: "إذن كبار هذا العالم قرروا أخيراً الاستجابة للدعوة... لنرَ ما سيحدث."

بدأ يُصنّف القادمين حسب مستويات قوتهم، ولاحظ أن من بينهم ثلاثة أشخاص يملكون هالة توازي قوة ألف شمس تقريباً.

فكّر في نفسه: "ألم تقل ميليسا إن أقصى ما يوجد هنا هو مزارعو عالم الماهايانا، وأن ما فوق ذلك لا يمكن بلوغه إلا في العوالم العليا؟ هل هؤلاء جاءوا من العالم العلوي؟"

كانت تلك الهالات مهيبة لدرجة أن الشيوخ والتلاميذ في الطائفة شعروا بها أيضاً.

في سفينة طائرة تابعة لطائفة "القدر السماوي"، كان هناك ثلاثة أشخاص: شابة فاتنة ترتدي رداءً أرجوانياً، شاب وسيم يرتدي السواد، و"الشيخ كلاين".

جلس "كلاين" بهدوء، يحدّق في الأفق وكأنه غارق في التفكير العميق.

أما الفتاة، واسمها "ليلي"، فهي الابنة المقدسة للطائفة، وكانت تقف خلفه بنظرة مفعمة بالإعجاب، بل وبالهوس الواضح، فـ"كلاين" لم يتجاوز أوائل الثلاثينات بعد.

قالت بصوت ناعم: "سيد كلاين، هل تظن أننا سنجد شيئاً قيّماً في هذه الرحلة؟"

أجابها بهدوء دون أن ينظر إليها: "من يدري؟ علينا أن نأمل في أفضل النتائج."

انضم الشاب الآخر إلى الحديث، واسمه "داميان"، وهو الابن المقدس الأول للطائفة ومرشحها الأبرز لكرسي السيادة. وعندما علم أن "الشيخ كلاين" سيأخذ اثنين من التلاميذ معه، تطوع بالانضمام بنفسه، إذ كان مهتماً بالخبر. فقد سمع عن الشياطين من قبل، والآن وقد قيل إن أحدهم قُتل، أراد أن يرى الشخص الذي فعلها، حتى وإن كان الخبر مجرد إشاعة.

قال "داميان" بابتسامة ساخرة: "ما زلت أظن أن هذه مجرد شائعة أطلقها ذلك الطائفة طلباً للشهرة."

اكتفى "كلاين" بابتسامة غامضة ولم يُجب.

أما في السفينة الطائرة لطائفة "تنين اللهب"، وهي إحدى أقوى الطوائف في القارة الوسطى، فقد كانت هناك امرأتان وشاب. إحداهن كبيرة في السن وتشع هالة قوة ألف شمس، وهي "الشيخة آنا". أما الشابة فكانت ترتدي رداءً أحمر قانٍ وعليه شعار التنين، واسمها "إيما". أما الشاب فكان بثوب أبيض.

التفتت "آنا" نحو "إيما" وقالت: "يا إيما، أنا واثقة أن الكثير من الطوائف سيرسلون نخبتهم إلى هذه الرحلة. وحتى لو كان الخبر كاذباً، ستلتقين بالكثير من العباقرة. وبما أنكِ الوريثة القادمة لسيادة الطائفة، فعليكِ أن تبني شبكة علاقات في كل أنحاء العالم. أفهمتِ ما أعنيه؟"

أومأت "إيما": "أفهم، يا شيخة آنا."

أما الشاب، واسمه "فاريان"، فقد ابتسم بتملق: "الأخت الكبرى ستكون النجم الساطع بين كل الحاضرين، ولن تحتاج حتى إلى التعريف بنفسها، فسوف يتقاطرون حولها كما تتقاطر الفراشات نحو النور."

لم تُجب "آنا" ولا "إيما". فقد كانتا تكرهان شخصيته الخالية من العمق. الجميع يعرف أن سبب مكانته كابن مقدس هو أن عمه شيخ في الطائفة.

لكن ما لا يعرفه أحد هو أن "فاريان" يخفي سراً مظلماً… فهو في الحقيقة تجسيد لـ"أسموديوس"، أحد شياطين الخطايا السبع الكبرى.

وبينما كان يتصنع الابتسامة الودودة، كان يضحك في داخله بوحشية: "هاهاها… يا له من أحمق ذلك بيلزبوب! نزل إلى هذا العالم منذ مدة قصيرة، وها هو قد هلك. تابوت السلف سيصبح لي لا محالة."

كان يعلم أن الخبر صحيح، وجاء خصيصاً ليقتل الشخص الذي تجرأ على قتل تجسد "بيلزبوب"، لأنه قد يشكل عقبة أمام خططه.

لقد أرسل "أسموديوس" هذا التجسد منذ سنوات، وقتل "داميان" الحقيقي وحل مكانه، وكان يجمع المعلومات عن مكان التابوت. وتوصّل إلى أن المكان المرجح هو "المنطقة المحرمة".

لكن هذه الحقيقة عقدت الأمر كثيراً، إذ حتى جسده الرئيسي لا يمكنه دخول تلك المنطقة وأخذ ما يريد، فهي مأوى ذلك الكائن القديم.

أما سبب يقين "عالم الشياطين" بأن جسد السلف ما زال موجوداً بعد مليارات السنين، فهو سيفه المرتبط بروحه. فقد أرسله السلف عائداً إلى عالم الشياطين في لحظة إحساسه بالخطر، وكان ينبغي أن يتحطم السيف إن فني وجوده كلياً… لكنه لم يتحطم.

وهذا دليل قاطع على أن الجسد ما زال موجوداً، أو أن صاحبه ما زال حياً — والاحتمال الثاني مستبعد تماماً، إذ يعرف الجميع ما حدث آنذاك.

لذلك كان "أسموديوس" ينتظر اللحظة المثالية لدخول المنطقة المحرمة، وكان يظن أن هذه اللحظة ستأتي قريباً. لكنه قبل شهرين شعر بوجود تجسد "بيلزبوب" هنا، فتوتر قليلاً، لكنه فكر في إمكانية التعاون معه. غير أن الأمر تغير أمس… فقد شعر أن تجسد "بيلزبوب" قد اختفى من هذا العالم.

ولأن "بيلزبوب" لم يتمكن من الشعور به، كان السبب أن "أسموديوس" يعيش داخل المصفوفة العظمى لطائفة "تنين اللهب"، وهي من صنع "العالم الخالد العلوي".

قررت نحو خمسين طائفة إرسال من يمثلها للتحقق من الخبر، إذ لم تكن أي طائفة غبية لدرجة أن تتجاهل الأمر.

وسرعان ما وصل الجميع إلى محيط طائفة المهيمن، وأمكنهم رؤية بعضهم البعض.

خمسون سفينة طائرة أو أكثر كانت تحلق في السماء، بانتظار أن يخرج أهل الطائفة ويدعوهم للدخول.

قال شيخ عجوز وهو يحدق نحو سفينة طائفة "تنين اللهب" بصوت منخفض: "تلك العجوز الشمطاء جاءت بنفسها، هه؟"

سمعته "الشيخة آنا"، فحدقت فيه بنظرة قاتلة، وقالت باحتقار: "ولمَ لا؟ أليست لديك الجرأة لتأتي وأنت شيخ عجوز مثلها؟"

احمرّ وجه العجوز غضباً وكاد يرد بحدة، لكن صوتاً ساخراً آخر انبعث من سفينة أخرى: "يبدو أن طفلين عجوزين يستمتعان بوقتهما!"

كان المتحدث رجلاً في منتصف العمر، لكن هالته أقوى من الاثنين معاً، فتوقفا عن الشجار فوراً وسط صمت محرج من الحاضرين.

بعد لحظات، خرج "زيريليث" وبعض شيوخ طائفة المهيمن من البوابة، وقال "زيريليث" باحترام: "أنا زيريليث، السلف الثاني لطائفة المهيمن. أرحب بجميع الضيوف في طائفتنا المتواضعة."

2025/08/15 · 244 مشاهدة · 840 كلمة
Abdesselam
نادي الروايات - 2025